كيف عالجت الدراما المصرية والإسرائيلية «حرب أكتوبر»؟

وسط مطالب بإنتاج أعمال سينمائية وتلفزيونية «جديدة ومُكثفة»

دموع في عيون وقحة (الشرق الأوسط)
دموع في عيون وقحة (الشرق الأوسط)
TT

كيف عالجت الدراما المصرية والإسرائيلية «حرب أكتوبر»؟

دموع في عيون وقحة (الشرق الأوسط)
دموع في عيون وقحة (الشرق الأوسط)

رغم إنتاج الدراما المصرية عدداً كبيراً من الأعمال السينمائية والتلفزيونية المرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي، وخصوصاً حرب أكتوبر (تشرين الأول)، فإن سينمائيين مصريين يرون أن هذه الأعمال تعد قليلة نسبياً، مقارنة بحجم المعركة والتضحيات التي بذلت فيها.
ومن أبرز الأعمال الفنية المصرية التي تناولت حرب أكتوبر والتمهيد لها فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» بطولة محمود ياسين وحسين فهمي، و«بدور» بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين، و«أغنية على الممر» بطولة صلاح السعدني، و«العمر لحظة» بطولة ماجدة وناهد شريف، و«الطريق إلى إيلات» بطولة عزت العلايلي ونبيل الحلفاوي، و«48 ساعة في إسرائيل» بطولة نادية الجندي، وأخيراً «الممر» بطولة أحمد عز وإياد نصار، وهو الفيلم الذي صاحبته ضجة كبيرة في مصر، لدى عرضه في دور السينما قبيل عرضه على القنوات الفضائية بفترة قليلة، وسط حالة احتفاء شديدة بقصته إذ تناول إحدى قصص حرب الاستنزاف التي أعقبت نكسة عام 67.


أفيش فيلم «العمر لحظة» (الشرق الأوسط)

الناقدة ماجدة خير الله، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يتم إنتاج أعمال مصرية تطرقت لحرب أكتوبر على فترات متباعدة جداً، لذلك فإن إجمالي عددها يعد قليلاً إذا ما نظرنا إلى كم التفاصيل الدرامية والإنسانية المتعلقة بهذه الحرب، لذلك تلجأ الشاشات المصرية والعربية إلى عرض بضعة أعمال كل عام في هذه المناسبة في تكرار لافت».
وتفضل خير الله مشاهدة فيلم «الرصاصة لا تزال في جيبي» لأنه عرض الحرب بشكل ممتاز وتأثيرها النفسي والاجتماعي على المجتمع المصري، كذلك «حتى آخر العمر» بطولة محمود عبد العزيز ونجوى إبراهيم، الذي تناول زاوية إنسانية ممتازة بعيداً عن مشاهد المعارك.
ويتفق الناقد المصري أندرو محسن، مع خير الله في أن عدد الأعمال التي قدمت عن حرب أكتوبر «ليست كافية»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كل عام تقريباً يتم تقديم عمل فني عن الحرب العالمية الثانية بزوايا ومعالجات مختلفة وبطولات جديدة»، مشيراً إلى أن «صعوبات الإنتاج التي كانت تواجه أي منتج يتصدى لإنتاج عمل عن الحرب، لم تعد موجودة لأن الأمر كان مكلفاً للغاية، ولكن المعادلة في الوقت الراهن تغيرت كثيراً فلم تعد هناك معوقات إنتاجية بقدر وجود سيناريو ومعالجة جديدة لبطولات الحرب، وأعتقد أن هذا هو العائق الحقيقي في الوقت الراهن، وأرى أن هذه الحرب تحتاج لمزيد من الأعمال الفنية وهناك أبطال يستحقون أن تروى حكاياتهم».


فيلم الطريق إلى إيلات (الشرق الأوسط)

ولم تخل الدراما المصرية من المسلسلات التي عرضت بطولات الحرب بشكل مميز وفق نقاد، ومنها «الثعلب» بطولة نور الشريف، و«رأفت الهجان» بطولة محمود عبد العزيز، و«السقوط في بئر سبع» بطولة إسعاد يونس وسعيد صالح، و«دموع في عيون وقحة» بطولة عادل إمام، و«العميل 1001» بطولة مصطفى شعبان.
في المقابل، لم يخل الفن الإسرائيلي من الأعمال التي تعرضت لحرب أكتوبر وتناولت آثار الهزيمة عليهم اجتماعياً ونفسياً ويتجاوز عددها ١٢ عملاً، وفق متابعين، وأبرزها «يوم الحساب» بطولة جورج عوفاديا، و«عيون كبيرة» بطولة وإخراج أوري زهير، و«بوبا» بطولة زائيف رفياح، وكذلك مسلسل «ساعة الإغلاق» من إخراج يارون زيلبرمان، والذي تم عرض أول حلقة منه في أكتوبر 2020 على شبكة HBO بعد إذاعة أول حلقة على التلفزيون الإسرائيلي، وبحسب متابعين مصريين فإن الدراما الإسرائيلية تناولت حرب أكتوبر على استحياء، إذ اكتفى كثير منها بعرض الآثار النفسية السلبية.
ويعد تناول دراما البلدين لحقيقة دور المصري أشرف مروان في الحرب، محل خلاف كبير بين الجانبين، فبينما تراه إسرائيل «ملاكاً أنقذ إسرائيل» فإن مصر تؤكد أنه رجل وطني قدم خدمات جليلة لمصر خلال الصراع وخصوصاً في فترة الحرب، وتسبب فيلم «الملاك» الذي تبنى الرواية الإسرائيلية، وعرض قبل نحو عامين عبر نتفليكس في حدوث سجال كبير بين مصر وإسرائيل، وجسد دور مروان في فيلم «الملاك» الممثل الهولندي من أصل تونسي مروان كنزاري، ولعبت ميساء عبد الهادي وهي من فلسطينيي الخط الأخضر دور زوجته منى ابنة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (1956 - 1970)، والفيلم من إخراج الإسرائيلي أرييل فرومن.
إلى ذلك، قال الدكتور أحمد فارس، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، لـ«الشرق الأوسط»: «تناولت بعض الأعمال الإسرائيلية حرب أكتوبر باعتبارها صدمة ومفاجأة للجيش والمجتمع الإسرائيلي، وتعاملت مع الهزائم التي لحقت بالجيش الإسرائيلي خلال الساعات الأولى من الحرب على أنها (انكسارات)، كما زعمت وجود تضحيات من قبل بعض الكتائب، حيث تعاملت الدراما معهم على أنهم ضحوا بأنفسهم من أجل عدم تفكك المجتمع الإسرائيلي من الداخل بسبب الحرب التي كانوا يعتبرونها (نهاية إسرائيل)». ويضيف فارس «أن بعض الكتاب الإسرائيليين تعمدوا تكريس فكرة أن إسرائيل لم تهزم في الحرب، معتبرين أن الحرب أدت في النهاية إلى توقيع اتفاقية سلام مع مصر».


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،