كلوز أب

- مهرجان
انطلق قبل يومين مهرجان لندن السينمائي عارضاً نحو 50 فيلماً طويلاً وقرابة 15 فيلماً قصيراً موزعة في ستة برامج بينها المسابقة الرسمية التي تتألف من ثمانية أفلام بينها الفيلم الدنماركي «نزوح» للسورية سؤدد كعدان (نشرنا نقده هنا قبل أسابيع قليلة) و«الملعونون لا يبكون» للمغربي فيصل بوليفة، وهو إنتاج فرنسي - بلجيكي مشترك.
الأقسام الباقية هي «مسابقة الفيلم الأول» و«مسابقة الفيلم التسجيلي» و«مسابقة للأفلام الإلكترونية» (تجريبية وافتراضية) و«مسابقة الفيلم القصير».
لا يتوسط مهرجان لندن حضوراً في الصف الأول بين المهرجانات الكبرى. هو مهم لقاطني لندن ومن يزورها رغبة في مشاهدة أفلام كثير منها سبق وعُرض في مهرجانات أخرى، بما فيها أفلام متسابقة في القسم الرئيسي بينها «أرجنتينا» 1985 لسانتياغو متري و«سانت أومير» لأليس ديوب والفيلمان الدنماركي والفرنسي - البلجيكي المشار إليهما. ما يمنع انتقال «لندن فيلم فستيفال» من الصف الثاني إلى الأول حقيقة أنه لا يستطيع استقبال الأفلام في عروضها الأولى عالمياً كونها مرتبطة بمهرجانات من حجم فينيسيا وكان وبرلين. أيضاً لأن موقع المهرجان الزمني في خريطة المهرجانات يأتي في الربع الأخير من العام بعدما تكون الأفلام القوية شهدت عروضها في مهرجانات أخرى. صحيح أن مهرجان تورونتو بدوره يأتي في الربع الأخير من السنة أيضاً، لكنه ينطلق في الوقت الصحيح كمفتاح لموسم الجوائز في الولايات المتحدة في الفترة ذاتها وما بعدها.

- كتاب
في غضون عامين وضع الزميل أمير العمري عدداً لا بأس به من الكتب التي نشرتها له دور لبنانية ومصرية وأردنية. هذا ليس استسهالاً منه لفعل الكتابة والتأليف، بل تعبيراً عن جهد كبير يقوم به ليوفر للقارئ مؤلّفات كانت عماد الحركة الثقافية السينمائية في عقود سابقة.
أحد هذه الكتب الأخيرة التي صدرت له «السينما المصرية والأدب: قصة حب». عنوان لافت يمهّد العمري للأفلام العشرين التي يتناولها الكتاب بمقدّمة توضّح للقارئ الطموح والتحدي الذي أبداهما الزميل لإنجاز كتاب يختلف عن كتب سابقة صدرت عن العلاقة بين الأدب والسينما.
لا يضيع العمري الوقت في تحليل هذه العلاقة في مقدّمة الكتاب، بل يتناول طروحاتها المختلفة خلال نقده للأفلام العشرين التي اختارها ومن بينها «النظارة السوداء» لحسام الدين مصطفى (1962) و«البوسطجي» لحسين كمال (1968) و«ليل وقضبان» لأشرف فهمي (1972). هذه الأفلام وسواها كلها مصرية، وهذا مبرر طبعاً بحضور الرواية المصرية المواكب، تاريخياً، لانتشار الفيلم المصري.
المهم في هذا المجال هو أن المؤلّف في استعراضه النقدي لكل فيلم يفتح الباب بين المصدر الروائي وبين النتيجة الفيلمية على مصراعيه. يقرأ في أعمال نجيب محفوظ («السراب» لأنور الشناوي) وإحسان عبد القدّوس («شيء في صدري» لكمال الشيخ) وفتحي غانم («الجبل» لخليل شوقي) شارحاً مناطق اللقاء ومناطق الاختلاف ومعايناً النتائج بإلمامه النقدي الشاسع.
طبعاً، هناك مجال لاختلاف في التقييم بين ناقد وآخر وهذا طبيعي. ما يخرج عن الصحة احتمال تساؤل البعض عن أفلام ينتقد غيابها، لكن المعروض في جوهره كافٍ على أكثر من نحو. النماذج المطروحة مهمّة وللناقد حرية الاختيار إلا إذا ادعى أنه سيحيط بكل فيلم تم اقتباسه عن رواية ولم يفعل.

- استعادة
على كثرة ما يتم إنتاجه اليوم من أفلام رعب فإن العودة لبعض الجذور في تاريخ السينما أمر مهم لأكثر من سبب بينها أنه فعل كاشف عن اختلاف الأسباب التي كانت تؤدي إلى تفعيل الفزع بين المشاهدين عما باتت عليه اليوم.
في Night of the Living Dead لجورج أ. روميرو (1968) حكاية بسيطة القوام بالأبيض والأسود حول زومبيز يحيطون ببيت صغير في ريف بعيد راغبين في التهام سبعة أفراد لجأوا إلى ذلك المنزل للاحتماء.
محاولات الزومبيز لاقتحام البيت هي الخطر المباشر الذي تتوزّع عيوننا حول احتمالاته وكيف ينبري المحتجزون في داخله عملية الدفاع عنه.
لكن ما هو موازٍ لهذا المصدر من الخوف والإثارة يقع داخل البيت وعلى عدّة أصعدة: لدينا رجل أسود يحمل تاريخه من سوء الفهم وسوء الثقة به معه أينما حل. رجل أبيض لا يخفي عنصرية دوافعه وفوقها أنانيّته ومحاولاته البائسة للبقاء حيّاً حتى ولو فرّط في سلامة الآخرين. وفوق ذلك كله، ابنته المستلقاة في غرفة تحت أرضية والتي سنكتشف أنها مصابة بالداء وستنهض متحوّلة إلى أحد المرضى بالآفة.
حين محاولة نقل هذا الفيلم إلى الحاضر، فإن بساطة هذا التكوين (المعقّد من الداخل من دون تكلّف) ستتعرّض لمحاولات إقحام المَشاهد المفزعة بما أفرطت التقنيات الجديدة في توفيره. وبينما ينمو الخوف في ذلك الفيلم ببطء ويرتفع بلا توقف، سيعمد فيلم حديث ما إلى فعل الصدمات من البداية ما يفقد الفيلم التأثير المطلوب.