تقترب أيام معرض «الرياض الدولي للكتاب» من النهاية، ولا تزال أروقته مكتظة بالحضور، وقاعات ورش التدريب ومنصات الأمسيات الحوارية والفنية غامرة بالعناوين، التي تناولت مختلف القضايا والموضوعات التي تمس الحراك الفكري والإبداع العربي، وتشهد على ازدهار فصول الثقافة في منصة «الرياض للكتاب».
وشهدت فعاليات البرنامج الثقافي الذي حشدته هيئة الأدب جزءاً من التظاهرة الثقافية للكتاب، حضوراً من المهتمين بصنوف الأدب والفكر، وأمسيات فنية وفقرات موسيقية وغنائية، على المسرح الرئيسي للمعرض الذي احتضن لثلاث ليالٍ، أمسيات فنية من التراث الغنائي لتونس، ضيف شرف المعرض العام الحالي، بالإضافة إلى ليلة غنائية توهجت فيها الفنانة السعودية الصاعدة أروى، في غناء وصلات من عيون الشعر العربي المغنّى، فضلاً عن عروض الباليه، والموشحات الأندلسية، والعروض المسرحية، التي زيّنت مسارح ومنصات معرض الكتاب، ومن أبرزها مسرحية «هما» إحدى روائع الأديب الراحل غازي القصيبي.
وفي المقابل، استثمرت المقاهي العامة في مدينة الرياض، في توفر المعرض على أسماء لامعة في فنون الأدب والفكر والسرد والشعر، واستقطبتهم للمشاركة بالتزامن مع ليالي «معرض الكتاب»، عبر صالونات «الشريك الأدبي»، وهي المبادرة التي أطلقتها لإغناء الفضاءات العامة في السعودية بمواسم الثقافة والكتاب، كما شهد المعرض ولأول مرة في العالم العربي، إطلالة الكاتبة الحائزة على جائزة نوبل، سفيتلانا أليكسييفيتش أمام جمهورها المُلهَم بكتاباتها.
وغلبت على الجلسات التي فتحت أبواب النقاش لموضوعات ثقافية على مصراعيها، موضوعات الرواية، والبحث عن تسلط المكان في الرواية، وأعمال المرأة في كتابة روايات الجريمة، وعالمية الأدب العربي.
فضلاً عن فصول ثقافية أخرى، تناولتها الندوات الحوارية، وشملت قضايا الإعلام الجديد، والترجمة، والسينما، وأسئلة المثاقفة، فيما دارت جدالات مفتوحة حول موضوعات الصحافة ومستقبلها والبعد الثقافي فيها، وعن المسرح في بعديه المحلي والعربي. كما وجدت مبادرات وزارة الثقافة فرصتها في الظهور والوصول إلى المجتمع، ومن ذلك مبادرات ترجم والوكيل والأدبي والنشر الرقمي وإشاعة الأدب، ومبادرات من مؤسسات سعودية وعربية معنية بالترويج للحوار بين الثقافات والتسامح والتنوير.
ولم يخلُ جناح تونس، ضيف شرف الدورة الجديدة لـ«معرض كتاب الرياض»، من الزائرين الذين يجدون حفاوة الاستقبال على الطريقة التونسية، ويقفون على ملامح التجربة الثقافية التونسية، التي احتفى كتاب الرياض بدورها النهضوي في التاريخ العربي، وبمئوية السينما التونسية، وبالتراث الغنائي الذي لا يزال كثير من ملامحه الثقافية والاجتماعية مشجعاً لاكتشافه بالنسبة إلى السعوديين.
وقال خالد الحربي، أحد زائري المعرض، إن هذه الدورة الجديدة تتميز بالتوسعة التي حظي بها الموقع، والأريحية التي وجدها المتوافدون والمتجولون بين أروقته، وأن الأسعار كانت متفاوتة بين دار وأخرى، لكنها لم تسلم على الأغلب من المبالغة في الأسعار، فيما قال الكاتب رائد العيد، إن «معرض الكتاب» هو فرصة للتذكير بأن القارئ هو المحرك الرئيسي لعوالم الكتب، وهو من بيده إماتة كتاب أو إشاعته، أكثر من دور الكاتب أو الناشر.