المؤسسات الدائنة ترفض مقترحات أثينا وتقدم تعديلات قاسية

تسيبراس هاجمها واتهمها بعدم الرغبة في التوصل لاتفاق

المؤسسات الدائنة ترفض مقترحات أثينا وتقدم تعديلات قاسية
TT

المؤسسات الدائنة ترفض مقترحات أثينا وتقدم تعديلات قاسية

المؤسسات الدائنة ترفض مقترحات أثينا وتقدم تعديلات قاسية

هاجم رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس الذي يوجد في بروكسيل منذ مساء الثلاثاء بهدف تجهيز الاتفاق مع الدائنين، موقف المؤسسات الدائنة الثلاثة وخصوصا صندوق النقد الدولي لرفضهم مقترحات قدمتها أثينا لسد عجز الميزانية، وذلك قبيل الاجتماع المهم بوزراء مالية دول منطقة اليورو لبحث إنقاذ اليونان من الإفلاس.
وفي تصريح منسوب إلى رئيس الوزراء اليوناني وتم نشره على حسابه في «تويتر»، أعرب فيه عن استيائه تجاه موقف صندوق النقد الدولي بالنسبة للإجراءات المالية المتكافئة التي قدمتها الحكومة اليونانية قائلا: «إما أنهم لا يريدون التوصل إلى اتفاقية وإما أنهم يخدمون مصالح معينة في اليونان».
وأدلى تسيبراس بهذه التصريحات قبيل الاجتماع مع رؤساء المؤسسات الثلاث الدائنة لليونان وهي المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ولم يحدد بيان يوناني المقترحات التي يشير إليها تسيبراس وما هي المؤسسة التي يلقي عليها باللوم في تعثر المحادثات. ونقل المسؤول عن تسيبراس قوله «عدم قبول تدابير تعويضية لم يحدث من قبل. سواء في آيرلندا أو في البرتغال أو في أي مكان.. هذا الأسلوب الغريب لا يعنى سوى واحد من أمرين: إما أنهم لا يريدون التوصل لاتفاق أو أنهم يخدمون مصالح معينة في اليونان».
وأجرى تسيبراس عدة جولات من المحادثات أمس، الأربعاء، مع ممثلين لمقرضي بلاده، وذلك قبيل اجتماع وزراء مالية دول منطقة اليورو، ويأمل جميع الأطراف أن يتم خلاله التوصل لحل لإنقاذ اليونان من الإفلاس. كما أصدر مكتب تسيبراس بيانا جاء فيه أن رئيس الوزراء سوف يلتقي رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في بروكسل قبل ساعات فقط من اجتماع مجموعة اليورو، في محاولة لحث المقرضين على التوصل لحل وسط هذا الأسبوع بشأن اقتراحات الإصلاح الاقتصادي التي تقدمت به أثينا للمؤسسات يوم الاثنين الماضي.
ويمكن وصف المفاوضات التي يقوم بها رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس مع رؤساء المؤسسات التي تمثل الدائنين، بالحرجة إذ إنها لا تجري وسط أجواء إيجابية تماما، وهدف الدائنين هو استكمال النقاش حول المسألة اليونانية في اجتماع وزراء مالية مجموعة اليورو وعدم تحويل الأمر إلى اجتماع القمة.
ووفقا لمسؤول أوروبي فإنه تمت دعوة رئيس مجموعة اليورو يرون ديسلبلوم لاطلاع رؤساء الحكومات حول نتائج اجتماع المجلس، وبحسب المسؤول فإن مجموعة اليورو، إذا دعا الأمر، مستعدة لأن تجتمع طوال الليل، لأن الهدف هو التوصل إلى اتفاقية.
ومع أن هوة الخلاف لم يتم ردمها تماما، فقد تم تنظيم اجتماع تحت مظلة المفوضية الأوروبية يعتبر بمثابة «جلسة استماع» مهمة للسياسي اليساري المتشدد تسيبراس، بينما ما زالت المفاوضات «صعبة» بحسب دبلوماسي، قبل خمسة أيام على انتهاء مهلة تسديد شريحة قرض لصندوق النقد الدولي بقيمة 1.6 مليار يورو، مما يغذي المخاوف من تخلف أثينا عن التسديد.
وصرح وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس الذي يرافق تسيبراس «دخلنا في المرحلة النهائية في المفاوضات ونأمل أن تكون الأخيرة، وقدمت اليونان الاثنين مقترحات جديدة ترتكز إلى زيادة الضرائب وتولد بعد تطبيقها في 2015 و2016 مدخرات بقيمة 8 مليارات يورو». واعتبر الدائنون هذه الاقتراحات إيجابية نسبيا في سبيل إبرام اتفاق.
وعلى الرغم من الترحيب باستئناف الحوار البناء شدد الأوروبيون وصندوق النقد على أن الطريق ما زالت طويلة قبل الاتفاق. ولفتت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أنه ما زال ينبغي «العمل بشكل مكثف» مع اليونان. وبينما وافقت أثينا على مبدأ ميزانية يبلغ فائضها الأولي (الميزانية الإجمالية من دون كلفة الدين) 1 في المائة للعام الحالي و2 في المائة العام المقبل، والذي شكل مطولا عثرة في المفاوضات، ما زالت لديها مشكلة في توزيع مختلف نسب ضريبة القيمة المضافة وإصلاح نظام التقاعد.
وأفاد مصدر مقرب من المفاوضات أن الدائنين طلبوا من أثينا زيادة ضريبة القيمة المضافة على الفنادق والمطاعم إلى 23 في المائة، مما يطال بشكل أساسي السياح الأجانب ويجيز تحقيق الأهداف المالية، مع الإبقاء على نسبتها البالغة 13 في المائة للكهرباء و6 في المائة للأدوية، وهما نقطتان حساستان في بلد أنهكته 6 سنوات من الانكماش ويشهد بطالة واسعة النطاق تصل في صفوف الشباب إلى أكثر من 60 في المائة.
وفي حال إبرام اتفاق في الساعات الـ48 المقبلة فسوف تختتم المفاوضات الشاقة المستمرة منذ خمسة أشهر وتخللتها اجتماعات طارئة ومفاوضات قدمت في كل مرة على أنها الفرصة الأخيرة، لكن يبقى على رئيس الوزراء اليوناني الذي انتخب على أساس معارضته لخطة التقشف، إقناع أعضاء البرلمان اليوناني، الأمر الذي يبدو دقيقا، بينما ينبغي أن تتخذ برلمانات أخرى من بينها الألماني، قرارها حول أي اتفاق في الأيام التالية لإبرامه.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.