مجلس الأنبار: أسلحة أميركية ستوزع قريبًا على أبناء العشائر

سياسيون وشيوخ عشائر ينتقدون الخطط الأمنية

مجلس الأنبار: أسلحة أميركية  ستوزع قريبًا على أبناء العشائر
TT

مجلس الأنبار: أسلحة أميركية ستوزع قريبًا على أبناء العشائر

مجلس الأنبار: أسلحة أميركية  ستوزع قريبًا على أبناء العشائر

أثار التخبط الحكومي في معارك تحرير الأنبار، وتمدد تنظيم داعش في مدنها وبسط سيطرته على مساحة تزيد على 90 في المائة من أرضها قلق الأهالي والمسؤولين في الأنبار، الذين أكدوا أنّ الخطط الأمنية المتبعة لا ترقى لمستوى الدفاع، ناهيك بالتحرير، معتبرين أنّ الحكومة الاتحادية وأجهزتها الأمنية، باتت عاجزة عن تحرير أي من مناطق المحافظة.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار، فرحان محمد، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع الخطط التي اعتمدت عليها القوات الأمنيّة العراقيّة خلال حربها ضد تنظيم داعش في المحافظة لم ترتق إلى المستوى المطلوب وأثبتت فشلها، خصوصًا بعدما تمكن التنظيم الإرهابي من بسط سيطرته على مدينة الرمادي ثم استطاع خلال الفترة التي أعقبت سيطرته على مركز المدينة، أن يحصن نفسه وأن يفتح طرق الإمداد مع سوريا لإدامة زخم المعركة». وأضاف محمد أن «عمليات القوات الأمنية ضد مسلحي تنظيم داعش لا تشكل شيئا، قياسا بقوة التنظيم الإرهابي في المحافظة، وإن الوضع الأمني في الأنبار بات خطيرًا جدًا، وعلى الحكومة أن تجد حلاً سريعًا، وأن تضع خططًا تتناسب مع حجم تلك المخاطر».
بدوره، انتقد الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي شيخ عشائر البو فهد في محافظة الأنبار الفوضى في التخطيط لمعارك الأنبار وتعدّد القيادات وتبديل المناصب. وقال الفهداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع المعارك التي خاضتها القوات الأمنية المشتركة في محافظة الأنبار عكست مدى التخبط الكبير في التخطيط الحكومي، من خلال القيام بمحاولات للقتال ليس لها قيمة معنوية خلال المعركة». وأضاف الفهداوي أن «القوات الحكومية المشتركة لم تنفذ لحد هذه اللحظة أية عملية أو هجوم له تأثير قوي على إحدى جبهات تنظيم داعش الإرهابي، على الرغم من أن التنظيم في طور الانتهاء من بناء التحصينات، فكيف إذا ما أنهى تحصيناته في مدن المحافظة بشكل كامل».
إلى ذلك، اعتبر عضو مجلس عشائر الأنبار، عبد الله الذيابي، أنّه «بات واضحًا أنّ القوات الحكومية العراقية بكافة تشكيلاتها، غير قادرة على تحرير المحافظة من داعش». وقال الذيابي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مسؤولية سقوط مدن الأنبار وبالأخص مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار وقتل المئات من أهالها وتشريد الآلاف تتحملها الحكومة المركزية وحدها لأنها هي التي أسقطت المحافظة بيد مسلحي تنظيم داعش». وأضاف الذيابي: «إن سياسات الحكومة التي اتبعتها، من خلال تهميش دور العشائر والإصرار على دخول ميليشيات الحشد الشعبي، منحت مسلحي تنظيم داعش الفرصة الذهبية للسيطرة على مدن الأنبار، وإن استمرار تلك السياسات إلى حد الآن وعدم وضع خطط ترقى إلى مستوى الخطر، منحت تنظيم داعش فرصة لتثبيت نفسه في المحافظة، وأصبح أمر تحريرها عبارة عن ترويج إعلامي لا غير».
من جانب آخر، كشف عضو خلية الأزمة في محافظة الأنبار غانم العيفان عن قرب وصول أسلحة وعتاد أميركي تم منحه من قبل واشنطن للمحافظة بشكل مجاني، مشيرًا إلى أن الدفعة الأولى «تتكون من أسلحة متوسطة وحديثة ستوزع على أبناء العشائر». وقال العيفان في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الأسلحة وصلت إلى الحكومة المركزية في بغداد، وسيتم توزيعها من قبل الجهات الأمنية المختصة على أبناء العشائر قريبًا».
من جهته، كشف عضو في مجلس محافظة الأنبار أن مسألة إنشاء قاعدة عسكرية أميركية في الأنبار، وهو ما أعلنت عنه الإدارة الأميركية مؤخرا، لم تحسم بعد. ونفى العيساوي وجود جنود أميركيين في الأنبار، باستثناء المستشارين والمدربين الموجودين في قاعدة الحبانية شرق الرمادي، وفي قاعدة عين الأسد إلى الغرب من المدينة. وقال العيساوي لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد أي اتفاق رسمي معلن بخصوص إنشاء قاعدة حتى هذه اللحظة، ولا علم لدي إذا ما كان هناك أي اتفاق سري بخصوص ذلك، رغم أن من الضروري أن تتم مختلف الاتفاقيات التي تخص محافظة الأنبار من خلال مجلس المحافظة حصرًا لأنه الممثل الشرعي والوحيد للأنبار».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم