اختبار منزلي جديد يقيس مستوى الحماية ضد «كوفيد-19»

الطبيب هوغون لي (مستشفى الأطفال ببوسطن)
الطبيب هوغون لي (مستشفى الأطفال ببوسطن)
TT

اختبار منزلي جديد يقيس مستوى الحماية ضد «كوفيد-19»

الطبيب هوغون لي (مستشفى الأطفال ببوسطن)
الطبيب هوغون لي (مستشفى الأطفال ببوسطن)

على الرغم من الحصول على لقاح «كوفيد-19» ومعززاته، فإن الخوف من الإصابة يمثل هاجساً لدى كبار السن وأصحاب الأمراض الذين قد يحتاجون قبل اتخاذ قرار الذهاب إلى حفل زفاف أو حفلة موسيقية أو زيارة عائلية، التأكد من أن لديهم مستوى مقبولاً من الحماية ضد «كوفيد-19».
حتى فترة بسيطة، كان السبيل الوحيد للتأكد من ذلك، هو إجراء اختبار «بي سي آر» الذي يحتاج لوقت طويل حتى تظهر نتيجته، والبديل الذي أصبح متاحاً لكن لا يوصى بالاعتماد على نتيجته بشكل كبير لعدم دقته الكافية، هو اختبارات المستضدات المنزلية. ولحل هذه المشكلة توصل فريق بحثي يقوده الطبيب هوغون لي، من مستشفى الأطفال ببوسطن، إلى اختبار منزلي جديد أكثر دقة.
وخطرت فكرة هذا الاختبار إلى هوغون لي، عندما كان لديهم في مارس (آذار) 2020 طفل مصاب بورم دماغي، ستجرى له عملية زرع الخلايا الجذعية، وكان المريض مصاباً بأعراض السعال ومشكلات في حاسة الشم، وكان أحد أفراد أسرته مريضاً بـ«كورونا» في المنزل، ولم يكن معروفاً ما إذا كان المريض مصاباً أم لا، ولأن عملية الزرع تتطلب من الأطباء القضاء على الجهاز المناعي، حتى لا يقاوم الجهاز ما يتم زرعه، أصر لي على تأجيل العملية، للتأكد من عدم إصابة المريض بـ«كورونا».
يقول لي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمستشفى في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي: «في النهاية، تلقى الطفل عملية الزرع التي كان في أمَس الحاجة إليها؛ لكن فقط بعد أسبوع من الانتظار لإجراء اختبار سلبي لـ(بي سي آر) وعلاج أعراض شبيهة بنزلات البرد». وتساءل الدكتور لي وقتها: «لماذا الاختبارات محدودة للغاية؟ وما الاختبارات الأخرى التي سنحتاجها للتغلب على هذا الوباء؟ وهل يمكن تطوير اختبار سريع لمعرفة مقدار المناعة التي يتمتع بها شخص ما ضد (كوفيد-19)؟».
في ذلك الوقت، كان معظم العلماء يبحثون عن اختبارات يمكنها معرفة ما إذا كان شخص ما مصاباً بـ«كوفيد-19» نشيط ومُعدٍ. وأدت هذه الجهود إلى اختبارات المستضدات المنزلية التي نستخدمها اليوم.
وبدلاً من ذلك، قرر الدكتور لي التركيز على اختبارات تحييد الأجسام المضادة الأكثر دقة، التي تشير إلى ما إذا كان شخص ما قد طور مناعة واقية من الفيروس، إما بواسطة التعرض المباشر للفيروس وإما من التطعيم.
كانت مثل هذه الاختبارات موجودة بالفعل؛ لكنها كانت بحاجة إلى موظفين مدربين ومختبرات بمعدات متخصصة، وأراد الدكتور لي إجراء اختبار سريع ودقيق يمكن لأي شخص استخدامه، ونظراً لافتقاره إلى الخبرة في تطوير الاختبارات، قام بالتواصل مع الخبراء المتخصصين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وبعد عدة محاولات، توصل الفريق إلى مجموعة اختبار بسيطة باستخدام شرائط ورقية مستوحاة من اختبارات الحمل المنزلية؛ حيث يخلط المستخدمون قطرة من دمائهم من وخز الإصبع، مع محلول يحتوي على جزء من بروتين «سبايك» لفيروس «كورونا»، وهذا الجزء، المسمى «RBD»، هو الذي يستخدمه الفيروس لغزو أجسامنا، عبر الالتصاق بمستقبلات «ACE2» بالخلايا البشرية.
وبعد ذلك، يضع المستخدمون بضع قطرات من هذا الخليط على شريط الاختبار، وينتظرون 15 دقيقة، ويراقبون خطين على الشريط؛ حيث يلتقط أحد الخطين ببساطة بروتين «RBD» الفيروسي العائم من المحلول، ويلتقط الخط الثاني الأجسام المضادة التي حيَّدت هذا البروتين، ما يعيق قدرتها على بدء العدوى، وكلما كان هذا الخط أقوى، زادت مستويات الأجسام المضادة المعادلة، وكانت الحماية أفضل ضد «كوفيد-19».
ولتقييم أداء الاختبار الجديد، استخدمه الطبيب لي وزملاؤه على عينات دم من 63 شخصاً أصيبوا بفيروس «كورونا»، و30 لم يصابوا به. وبالنسبة لأولئك الذين أصيبوا بالعدوى، وجدت التجارب أن الاختبار كشف عن الأجسام المضادة المعادلة، بدقة مماثلة لتلك الموجودة في الاختبارات المعملية الحالية.
ويشير الطبيب لي إلى أن «الاختبارات الأولية التي غمرت السوق في عام 2020 حددت أي جسم مضاد مرتبط بأي جزء من بروتين (سبايك)، بغض النظر عما إذا كان الجسم المضاد سيمنع العدوى بالفعل، وتبين أن هذه الاختبارات لم تكن دقيقة للغاية».
وفي تجربة ثانية، اختبر الفريق 30 عينة مأخوذة من شخصين قبل تطعيم «كوفيد-19»، وفي عدة نقاط زمنية بعد ذلك؛ بلغ مستوى الأجسام المضادة المعادلة ذروته بعد حوالي 7 أسابيع من جرعة اللقاح الأولى، ثم بدأ في الانخفاض ببطء. ويعتقد لي أنه يمكن تحديث بروتين «RBD» مع ظهور متغيرات جديدة لفيروس «كورونا»، مع الحفاظ على الاختبار الحالي، ويتصور مستقبلاً تطبيقاً لكاميرا الهاتف الذكي من شأنه أن يساعد في تفسير النتائج، من طريق قياس شدة خَطَّي الاختبار.
ويأمل الفريق البحثي في الدخول في شراكة مع شركة يمكنها تصنيع مجموعة أدوات الاختبار بكميات كبيرة، والحصول على موافقة من إدارة الغذاء والدواء. وإذا وصل إلى السوق فيمكن للأشخاص استخدام الاختبار للتحقق من مستوى المناعة لديهم قبل السفر أو حضور الأحداث الكبيرة؛ خصوصاً إذا كانوا معرضين لخطر متزايد للإصابة بالمرض ومضاعفاته.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».