«مرارة الغلاء» لم تمنع رواج «حلاوة المولد» بمصر

المشترون يحاولون التوازن بين الكمية والجودة

«مرارة الغلاء» لم تمنع رواج «حلاوة المولد» بمصر
TT

«مرارة الغلاء» لم تمنع رواج «حلاوة المولد» بمصر

«مرارة الغلاء» لم تمنع رواج «حلاوة المولد» بمصر

رغم مرارة ارتفاع الأسعار التي يعاني منها الملايين في مصر وحول العالم، جراء أزمة التضخم العالمية، فإنها لم تمنع رواج «حلاوة المولد» في مصر، إذ تشهد محال بيع الحلويات حالياً إقبالاً لافتاً من الجمهور، بحسب أصحاب محال تجارية ومتابعين.
وللتكيف مع ارتفاع أسعار الحلوى العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي، لجأ كثير من الزبائن إلى شراء الأنواع التي يحبونها فقط، بدلاً من شراء العلب الجاهزة التي ربما تضم أصنافاً غير محببة للبعض، بحسب محمد الدسوقي، موظف مقيم بمنطقة فيصل (الجيزة) الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا وأسرتي المكونة من 5 أفراد نحب أصنافاً محددة من حلوى المولد، على غرار (الفولية والسمسمية والحمصية، بجانب الملبن)، لذلك قمت بشراء مزيج منها بنحو 160 جنيهاً مصرياً (الدولار الأميركي يعادل 19.5 جنيه مصري)». مشيراً إلى أن «تزامن موسم بداية المدارس مع موسم المولد النبوي الشريف ضاعف من الأعباء، لذلك حرص على تذوق الحلوى والاستمتاع بها وإدخال البهجة على أطفاله، ولو بكميات قليلة»، مضيفاً: «هذا موسم لا نستطيع نسيانه أو تجاهله بعدما تعودنا عليه سنوات طويلة».
وتتفاوت أسعار بيع حلوى المولد في مصر، فبينما تبدأ أسعار علب الحلوى بـ65 جنيهاً بالمناطق الشعبية، والريفية، فإنها تتجاوز 500 جنيه في المناطق الراقية وبعض المحال الشهيرة حسب الكمية والأنواع.
وأمام ضغوط ارتفاع الأسعار وشراء المستلزمات الدراسية، اضطر كثيرون إلى شراء كميات قليلة من المحال التجارية الشهيرة التي اعتادوا شراء الحلوى منها كل عام. بحسب سامية عطية، الموظفة في إحدى شركات القطاع الخاص، التي تقول: «كنا نشتري نحو 3 كيلو كل عام، لكن هذا العام خفضنا الاستهلاك لكيلو واحد فقط، بـنحو 220 جنيهاً، لأننا نهتم بالجودة في المقام الأول».
وتتميز مدينة طنطا (وسط دلتا مصر) بشهرتها الواسعة في صناعة حلوى المولد النبوي والأصناف الأخرى مثل «المشّبك»، وتضم عشرات المصانع اليدوية والآلية التي توزع منتجاتها على أقاليم مصرية عدة. وتقدم عشرات المنتجات التي تلقى إقبالاً من الجمهور، بجانب حفاظها على الطابع التراثي للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، إذ تحرص على بيع الأحصنة للأولاد، والعرائس للبنات كنوع من نشر البهجة في البيوت المصرية.
ووفق اللواء صلاح العبد، أمين صندوق غرفة القاهرة التجارية، فإن هناك توجهات لأعضاء شعبة الحلويات بتخفيض أسعار حلوى المولد النبوي، مشيراً في تصريحات تلفزيونية إلى أن «أسعار حلوى المولد زادت بمقدار يتراوح من 7 إلى 10 في المائة نظراً لزيادة سعر السكر وبقية الخامات».
من جهتها، حاولت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية توفير كميات من الحلوى بأسعار تناسب الأسر المصرية المتوسطة والفقيرة؛ حيث طرحت في مجمعاتها الاستهلاكية التي يبلغ عددها 1300 مجمع، علب حلوى بأسعار ‏تنخفض عن السوق الخارجية بنسبة 25 في المائة، بحسب الوزارة التي أضافت في بيان لها أن «أسعار الحلوى تبدأ من 65 جنيهاً للكيلو الواحد، وتنتهي بـ230 جنيهاً للعبوة زنة 3 كيلوغرامات».
ويعد موسم شراء حلوى المولد في مصر من أهم مواسم رواج بيع الحلوى على مدار العام؛ حيث يشهد انتعاشة لافتة في عمليات التصنيع والبيع، بحسب السيد النادي، صحاب محل لبيع الحلوى بمدينة طنطا، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «إن طنطا تتميز دون غيرها من المدن الأخرى بصناعة أصناف مميزة ومتنوعة من الحلوى، كما تشهد إدخال أصناف جديدة ومحدثة من الحلويات كل عام»، مشيراً إلى أن «الزبون يفضل الحلوى اللذيذة خفيفة الوزن»، لافتاً إلى أنه «يجري بيع أصناف من الحلوى غير صلبة ومغلفة بأكياس صغيرة مثل البسبوسة والهريسة لمنح فرصة لتناولها لمن لا يفضلون الحلوى الصلبة».
ووفق تقرير، نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي، فإن معدل استهلاك الفرد من المحاصيل السكرية قد شهد انخفاضاً قدره 300 غرام في عام 2020 الذي شهد استهلاك الفرد 5.5 كيلو مقابل 5.8 كيلو عام 2019. كما تم زراعة 336 ألفاً و140 فداناً بقصب سكر بإجمالي إنتاج 15 مليوناً و860 ألفاً و450 كيلوغراماً في 2020.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».