الأطباق بالزهور... قيمة غذائية بلمسات عصرية

طريقة لتحويل الطعام إلى لوحات فنية

الأطباق بالزهور... قيمة غذائية بلمسات عصرية
TT

الأطباق بالزهور... قيمة غذائية بلمسات عصرية

الأطباق بالزهور... قيمة غذائية بلمسات عصرية

لا شيء يجعل المنزل أكثر إشراقاً وبهجة من الزهور النضرة، وهكذا أيضا الأمر بالنسبة لطعامك!؛ فالزهور التي ننظر إليها دوماً كجزء جميل من حديقة البيت أو اللمسة الزاهية التي تعانق المزهرية لتضفي على المكان أجواء من الأناقة والحياة أصبحت تعرف طريقها جيداً إلى مائدتك لتشكل عنصراً أساسياً لطبق السلطة أو وصفة سمك السالمون أو كعكة عيد الميلاد أو بسكويت الصباح وربما مشروبك المفضل أو حتى كوب الماء المثلج.
وعلى الرغم من أن استخدام الزهور في الطبخ يعود إلى العصور القديمة حيث عرفتها الحضارات اليونانية والصينية والرومانية، فإنها بقيت دائماً كلاسيكية، وأحيانا كان يتم الاكتفاء بها كعنصر جمالي تزدان بها الأطباق في عديد من المأكولات في جميع أنحاء العالم، إلى أن ازدادت انتشاراً راهناً حتى أصبحت هناك قائمة تضم نحو 100 زهرة صالحة للأكل حول العالم.
وتتمتع هذه الزهور بقيمة غذائية مرتفعة لاحتوائها على العديد من العناصر والمعادن والفيتامينات، وعلاوة على تميزها بقدر كبير من المواد المضادة للأكسدة وفق الشيف سعيد سعد شحاتة الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تحولت الزهور الصالحة للأكل إلى سمة عصرية حديثة في الطهي، وقدم الطهاة عدداً لا يحصى من الأطباق منها، في محاولة للعودة إلى التقاليد المنسية، وخلق وصفات جديدة ومثيرة للاهتمام».


وأضاف شحاتة «يمكن للزهور الطازجة تعزيز أي طبق بلمسات من البهجة و الروح الصيفية، لاسيما أن تنوعها يجعلها طريقة بسيطة وأنيقة لرفع قيمتها الغذائية وتزيين جميع أنواع الوجبات، من السلطات والمقبلات إلى الأطباق الرئيسية والحلويات وصولاً إلى المشروبات»، وأردف: «إنها تعطي أي طبق طعماً خاصاً، وشكلاً جميلاً فاتحاً للشهية؛ لذلك يحمل الاحتفاء باستخدامها في الطبخ دعوة للسعادة والاستمتاع بالطبيعة على طبق من الطعام».
ويلفت إلى أنه: «عندما تتخذ قرارك باستخدامها فإنه ينبغي شراؤها من مكان موثوق به ذي خبرة في التعرف على الزهور الصالحة للأكل، كما أنه ينبغي أن تتأكد من عدم رش أي مبيدات فطريات أو كيماويات عليها، لأنها ستجعلها غير آمنة للاستهلاك، وإذا لم تكن متأكداً تماماً من أن الزهرة آمنة للأكل، فلا تخاطر بذلك، لأنها قد تكون خطراً على صحتك، كما ينبغي ألا تعاني من الحساسية منها.
وإذا كنت تزرع الزهور في حديقتك فتأكد من أنك لا تقطف الزهور التي نمت على جانب الطريق، أو في أي مكان آخر أكثر تعرضا للملوثات كعوادم السيارات.
وحاول قطف الأزهار القريبة من التفتح أو التي تفتحت مؤخراً، ويفضل أن يتم ذلك في الصباح الباكر عندما تكون الأزهار باردة وناضرة، حيث سينخفض مذاقها ورائحتها مع مرور اليوم».
لكن ما هي الزهور الصالحة للأكل؟ يجيب الشيف شحاتة قائلا: «تتعدد الأنواع ومنها زهور الجرجير وهي صغيرة ذات مذاق حار وزهور الروزماري ومذاقها أقل حدة من النبتة والمارغريتا وتتمتع بطعم لاذع ولكنها ذات مظهر رائع، و(روز) التي تعرف بالورد البلدي لها مذاق عطري هادئ وألوان متعددة».
ومن الزهور الأكثر استخداما هي اللافندر، ويفضل في الطهي، بسبب تميز براعمه بالرائحة الرائعة، كما أنه يحتوي على نكهة مركزة للغاية، لذا فإن القليل منه يكفي في الطبخ، لاسيما في الكريمة المخفوقة أو الآيس كريم أو رشه فوق الفطائر الساخنة، وفي الزبدة، أو بعض أنواع الحلوى، أو لتحلية قهوتك اليومية، كما أن لونه المُحبب للكثيرين يجعله اختياراً مثالياً لتزيين الأطباق. أو رشه فوق الفطائر، كما تستقبل الهندباء بداية الأيام الدافئة، ويمكن استخدام أوراقها الصغيرة في أطباق اللحوم والأسماك.
وتعتبر زهور الثوم المعمر ذات المذاق الرائع، من الأنواع المفضلة لدى كثيرين، فيمكن استخدامها في الأطباق الحادقة، أما إذا أردت طبق سمك لا تنساه فليس أفضل من إضافتها إليه لتحقيق مهمتك.
ويتحدث شحاتة عن «الزهرة الثلاثية أو زهرة الثالوث؛ هو الاسم العربي للبانسي أو البانسيه تلك الزهرة التي تتميز بالرقة وتشكيلة الألوان المميزة، وتقدم كجزء من المقبلات أو في الحلوى المفضلة كما أنها تبدو أنيقة إذا قمت بتجميدها إلى مكعبات ثلج، وأضفتها إلى مشروبك الصيفي».
وعلى مدونتها الغذائية تستطيع أن تجد وصفات لذيذة من الأكلات المصنوعة من الزهور، إنها شيف مريم مراد، التي تقدم على سبيل المثال طريقة عمل سلطة البانسي والمكونة من تشكيلة خضراوات وورق ريحان وليمون وملح وفلفل وكوب جوز محمص وجبن فيتا مفتتة وبقدونس وشبت إلى جانب كوب كامل من زهور البانسي الطازجة.

سباغيتي مع السمك
 

وتقودك مراد، إلى التمتع بكثير من الجرأة في الطهي حين تقدم وصفة معكرونة بأزهار الكوسة أو تناولها مقلية في بعض الزيت، أو محشوة بجبن الماعز، أو مطحونة لإضافتها إلى طبقك الرئيسي المفضل. أما إذا كنت من محبي إضافة الريحان إلى الطعام فتذكرك الشيف أنك ببساطة تستطيع الحصول على زهوره أيضا، وتقول: «إنها رائعة على السلطات وتقدم أيضاً كإضافة إلى المعكرونة وأطباق الفاكهة، بالإضافة إلى أنها مقبلات شهية، وقد يكون من الصعب لعشاق البطاطس مقاومة وصفتها لسلطة بطاطس مع أزهار الثوم المعمر والبيض المسلوق أو حلوى ميني بانسي بالفيولا».
إذا قدر لك التوجه إلى طريق (القاهرة الإسكندرية الصحراوي) فيمكنك زيارة مكان هو قطعة من الجمال والفائدة أيضاً في حالة ما إذا قررت الطهي بالزهور، فستجد نفسك داخل «أزاهير» وهي أول مزرعة في مصر متخصصة في زراعة الزهور الصالحة للأكل، والتي تمد الطهاة وعشاق الأطباق المحتوية على الزهور باحتياجاتهم منها.
وهناك ستشاهد «الورد المحمدي» الكامل الملائم لتزيين كل أطباقك ومشروباتك، ومنحها طابع الحب والفخامة، أو زهور«الفراشة الزرقاء» التي تكسب طعامك اللون الأزرق النقي، وقد تجذبك زهور الأقحوان المجففة بلونها البرتقالي الجذاب، والمناسبة لتزيين الشوكولاتة بأنواعها. وتزيين الأطباق الحلوة والحادقة بالإضافة إلى صنع الشاي لاسيما عند إضافتها إليه مع زهور اللافندر.
ويتحدث حاتم فتح الله، مدير المزرعة لـ«الشرق الأوسط» عن أن «فكرة التخصص في إنتاج هذه الزهور قد يكون غريباً لكنه مفيد للغاية»، وقال: «أصبح لدينا جمهور واسع من مصر والمنطقة العربية، وربما لا يعرف البعض أن هناك بعض الزهور التي تصلح للأكل وتتمتع بمذاق رائع في مصر وليست التي يتم استيراد بذورها فقط، وفي مقدمتها زهور البانسيه والقرنفل والياسمين وزهور الثوم».


مقالات ذات صلة

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».