من السهل معرفة السبب الذي يجعل جاك غريليش يصف نفسه بأنه شخص عادي؛ فجناح مانشستر سيتي يعرف جيداً أنه يجذب كثيراً من الاهتمام، وأن بعض هذا الاهتمام جيد وبعضه الآخر سيئ، لكن لم تكن هناك أي علامة على الغرور أو الغطرسة أثناء لقاءه مع وسائل الإعلام في «سانت جورج بارك» مؤخراً.
يقول غريليش وهو يفكر فيما إذا كان قد أصبح أكثر قدرة على تحمُّل الانتقادات في السنوات الأخيرة: «لدى الناس الكثير ليقولوه، سواء كان ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يقوله النقاد أو ما شابه ذلك». ويضيف: «إنها أكبر رياضة في العالم، ويريد الجميع التحدث عنها، لذلك يتعين عليك فقط أن تسير مع التيار».
في الحقيقة، لا يوجد سوى عدد قليل للغاية من اللاعبين الذين يمكنهم إمتاع الجماهير بنفس الشكل الذي يفعله غريليش، ولا بد أن هناك الكثير من الضغوط على غاريث ساوثغيت لكي يجعل قائد أستون فيلا السابق عنصراً أساسياً في خط هجوم المنتخب الإنجليزي. ورغم كل الضجة المثارة حول غريليش، هناك أشخاص يشككون في أحقية اللاعب في حجز مكان أساسي بالفريق. وقد تكون الفترة الحالية حاسمة للغاية في المسيرة الكروية للاعب البالغ من العمر 27 عاماً. لقد كان يلعب بحرية كبيرة مع أستون فيلا، لكن هناك شعوراً بأنه لم يعد نفس اللاعب، منذ انضمامه لمانشستر سيتي مقابل 100 مليون جنيه إسترليني، العام الماضي.
يتطلع غريليش للمشاركة مع منتخب إنجلترا في المونديال المقبل (رويترز)
يقول غريليش عن ذلك: «في أستون فيلا كنتُ ألعب بحرّية أكبر. أما في مانشستر سيتي، فهناك عمل جماعي ونظام أكبر، وبالتالي كان من الواضح أنه يتعين علي أن أغيِّر طريقة لعبي بعض الشيء». ويسارع غريليش إلى التأكيد على أنه يتمتع بعلاقة جيدة مع المدير الفني جوسيب غوارديولا، مشيراً إلى أنه لم يرَ أبداً أي شخص لديه فهم أفضل لكرة القدم من المدير الفني الإسباني. ومع ذلك، يعرف غريليش جيداً أنه ما زال هناك مجال للتطور والتحسُّن.
لم يكن عامه الأول في مانشستر سيتي سهلاً، رغم أنه أنهاه بطلاً للدوري الإنجليزي الممتاز، وشعر بالارتياح بعد تسجيل هدفه الأول هذا الموسم في المباراة التي انتهت بفوز مانشستر سيتي على وولفرهامبتون بثلاثية نظيفة في الجولة الأخيرة قبل فترة التوقف الدولي.
فهل سيكون هذا الهدف، الذي أحرزه من مسافة قريبة من المرمى بعد استقبال كرة عرضية رائعة من كيفن دي بروين، بمثابة نقطة تحول بالنسبة لغريليش؟ من الواضح أن غريليش حريص على القيام بعمل أفضل في الثلث الأخير من الملعب هذا الموسم، خاصة أنه لم يكن راضياً عن إحرازه لستة أهداف وصناعة أربعة أهداف أخرى، الموسم الماضي، وشارك غريليش بديلاً أمام إيطاليا، في دوري الأمم الأوروبية بميلانو، وغاب عن المباراة أمام ألمانيا. لقد بدا غريليش مستمتعاً، بعد سماعه أن الناقد الرياضي غرايم سونيس كان ينتقده على الراديو هذا الأسبوع. وقال نجم مانشستر سيتي: «لا أعرف ما مشكلته معي. إنه يقول دائماً أشياء سلبية عني. أنا أحاول ألا أسمع ما يقوله عني، لكن من الصعب عدم سماع ما يقوله عندما يظهر على قناة (سكاي سبورتس)، وهي التعليقات التي تظهر في كل مكان وحول ملعب التدريب في بعض الأحيان».
ويضيف: «لقد كان لاعباً رائعاً، وفاز بكثير من البطولات، لكني لا أعرف ما مشكلته معي. أنا أعرف قدراتي جيداً، وأعلم أنه اعتاد أن يقول أشياء عني، من قبيل أنني لا أنقل الكرة بشكل أسرع، لكن عندما ألعب تحت قيادة مدير فني، مثل جوسيب غوارديولا، ويطلب مني الاحتفاظ بالكرة بقدر ما أستطيع والتحرك بالكرة في كل مكان، فهذا هو ما سأحاول القيام به». ويتابع: «أنتقد نفسي بشدة. وأعلم أنه كانت هناك بعض المباريات، خاصة في النصف الثاني من الموسم الماضي، التي لم أكن فيها في أفضل حالاتي. لقد استعدتُ لياقتي، وشاركت بشكل قوي في فترة الاستعداد للموسم الجديد، ثم تعرضت للإصابة في المباراة الثانية للأسف. لكنني سأعمل جاهداً على استعادة لياقتي البدنية، لأنني أعرف أنني لست جاهزاً بنسبة 100 في المائة حتى الآن. لكني أعرف أن الناس سيساندونني دائماً».
وتطرق الحديث إلى استمتاع غريليش خلال العطلة الصيفية الأخيرة، حيث ظهرت صور له وهو يشرب الكحول، وهو ما دفع البعض للتشكيك في احترافيته. يقول غريليش: «أنا مجرد شخص عادي. أشعر وكأنني أفعل ما يفعله كثير من لاعبي كرة القدم الآخرين، لكن في بعض الأحيان أحظى بمزيد من الاهتمام عندما أكون في عطلة في إيبيزا أو فيغاس». ويضيف: «بعد ذلك كنت أضع صوراً لي أثناء عملي أيضاً، ولا أعرف ما إذا كان كثيرون قد تحدثوا عن ذلك أيضاً أم لا. لقد حاولت أن أستعيد كامل لياقتي البدنية قدر الإمكان، وشعرت بأنني نجحت في ذلك بالفعل، ورأيت المدير الفني يتحدث عني بشكل جيد عدة مرات. أنا أعرف كم أنا محترف في واقع الأمر».
ويتفق غريليش مع حقيقة أن المنتخب الإنجليزي يواجه كثيراً من الضغوط بعد مواجهتَي إيطاليا وألمانيا في دوري الأمم الأوروبية. ويتذيل المنتخب الإنجليزي مجموعته في دوري الأمم الأوروبية برصيد ثلاث نقاط من ست مباريات فشل في الفوز فيها جميعاً. وهذه هي المرة الأولى في أكثر من مائة عام التي تفشل فيها إنجلترا في الفوز في ست مباريات رسمية متتالية. لكن غريليش يصر على أن الانتقادات التي تعرض لها ساوثغيت بعد هذه النتائج كانت زائدة عن الحد.
يقول غريليش: «لقد كانت الانتقادات قاسية للغاية، خاصة أن الجميع رأى في كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية مدى جودة هذا الفريق ومديره الفني».
ويرفض غريليش فكرة أن ساوثغيت يلعب بطريقة سلبية للغاية، ولا يتفق مع وجهة النظر القائلة إن المدير الفني لا يفضل الاعتماد على اللاعبين المتميزين. وكما هو الحال مع ساوثغيت، فقد تعلم غريليش كيف يتعامل مع الانتقادات. إنه يستمع إلى الأشخاص المهمين، لكنه يتجاهل المتصيدين والمشككين على وسائل التواصل الاجتماعي. يقول غريليش: «عندما انتقلت إلى مانشستر سيتي، علمت أن الأمر لن يكون سهلاً إلا إذا بدأت بالطريقة التي بدأ بها إيرلينغ هالاند مسيرته مع الفريق. هذه هي الطريقة الوحيدة التي لن أتعرض فيها للانتقادات. لن أجلس هنا وأقول إنني لن أتأثر بأي شيء أبداً، لأن مثل هذه الانتقادات تؤثر على اللاعب في بعض الأحيان. وكان يتعين علي أن أتعلم كيفية التعامل مع هذه الانتقادات».