غروندبرغ يغادر صنعاء من دون تعليق على شروط الحوثيين لتمديد الهدنة

الميليشيات تناور في رواتب الموظفين بعيداً عن موارد ميناء الحديدة

غروندبرغ يغادر صنعاء من دون تعليق على شروط الحوثيين لتمديد الهدنة
TT

غروندبرغ يغادر صنعاء من دون تعليق على شروط الحوثيين لتمديد الهدنة

غروندبرغ يغادر صنعاء من دون تعليق على شروط الحوثيين لتمديد الهدنة

غادر المبعوث الأممي هانس غروندبرغ صنعاء (الخميس)، بعد زيارة استمرت ليوم واحد التقى فيها، بحسب ما أعلنته الميليشيات الحوثية، رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، دون أن يعلق على الشروط التي وضعتها الجماعة الانقلابية للموافقة على توسيع الهدنة الإنسانية والعسكرية التي ينتهي تمديدها الأحد المقبل.
ومع تصاعد المخاوف من عدم تمكن المبعوث الأممي إلى اليمن من إقناع الميليشيات الحوثية بخطته الرامية إلى توسيع بنود الهدنة وتحسينها، تأمل الدوائر الدبلوماسية الغربية والأميركية في أن تكلل جهوده بالنجاح، تمهيداً للبدء في إطلاق عملية مفاوضات تشمل الجوانب الأمنية والاقتصادية وصولاً إلى تسوية شاملة للنزاع اليمني، تنهي انقلاب الميليشيات على التوافق الوطني.
وفي هذا السياق، أوردت وسائل إعلام الجماعة الحوثية أن رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط التقى غروندبرغ والفريق المرافق له، وأنه «جرى خلال اللقاء مناقشة جهود الأمم المتحدة لتوسيع الهدنة».
وبحسب النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، تحدث المشاط عن صرف رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين، وإلغاء القيود على مطار صنعاء وميناء الحديدة وعن عائدات النفط في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، دون أن يتطرق إلى مصير الأموال الطائلة التي تجنيها جماعته من عائدات موانئ الحديدة وتسخرها للمجهود الحربي.
ونسبت المصادر نفسها إلى المشاط تأكيده أن «صرف مرتبات جميع موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين مطلب أساسي (...) وإذا لم يتحقق ذلك وتتحسن مزايا الهدنة فلن تقبل الجماعة بتوسيعها».
وكان المبعوث الأممي هانس غروندبرغ زار الرياض والتقى قادة الشرعية اليمنية ومسؤولين سعوديين، قبل أن يتوجه إلى سلطنة عمان ليلتقي هناك مسؤولين عمانيين إلى جانب لقائه المتحدث باسم الميليشيات الحوثية محمد عبد السلام فليتة.
وإذ يسعى المبعوث إلى انتزاع موافقة على خطته لتوسيع الهدنة، لا تزال الميليشيات الحوثية ترفض تنفيذ التزامها السابق بفك الحصار عن مدينة تعز، رغم مضي ستة أشهر على سريان الهدنة التي أبرمت في الثاني من أبريل (نيسان) لمدة شهرين وتم تمديدها مرتين.
وتعهد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، في وقت سابق، بأن المجلس والحكومة لن يعارضا أي اتفاق يعود بالنفع على الشعب ويسهم في تخفيف معاناته، لكنه شدد على أهمية أن يقوم المجتمع الدولي بإلزام الميليشيات الحوثية بالوفاء بالتزاماتها وفي مقدمتها إنهاء حصار تعز وفتح الطرقات والالتزام بصرف رواتب الموظفين من عائدات ميناء الحديدة بموجب اتفاق ستوكهولم. ونفى العليمي أن يكون الذهاب نحو خيار السلام يعني «التفريط بالثوابت الوطنية ومبادئ النظام الجمهوري، ومرجعيات الحل الشامل المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، خصوصاً القرار 2216».
وقال: «سنذهب في هذا السياق مع أشقائنا وأصدقائنا إلى دفع الميليشيات الحوثية للتعاطي الإيجابي مع المبادرات الحكومية السابقة لسداد رواتب الموظفين في جميع أنحاء البلاد، وفقاً للكشوف التي كانت قبل الانقلاب عام 2014».
وأكد العليمي أن «طرق تعز وغيرها من المحافظات ستفتح عاجلاً أم آجلاً بالسلم أو بالإرادة الشعبية العارمة»، وأن مجلس القيادة الرئاسي «ماضٍ في تحقيق التطلعات على طريق استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، واستئناف العملية السياسية، ودورة الحياة الاقتصادية، والمشاركة الواسعة في إعادة إعمار وتنمية البلاد».
وبحسب مراقبين يمنيين، تحاول الميليشيات الحوثية الحصول على أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والسياسية؛ حيث باتت تناور لمقاسمة الحكومة الشرعية عائدات النفط في المناطق المحررة بذريعة صرف الرواتب، دون الحديث عما تجنيه من أموال طائلة من موارد الحديدة والضرائب والجمارك والزكاة ومختلف الإتاوات والرسوم التي تقوم بتحصيلها في مناطق سيطرتها، حيث الكتلة السكانية الأكبر.
ويترقب اليمنيون ومعهم المجتمع الدولي أن يتمكن غروندبرغ من التوصل إلى نتيجة إيجابية بخصوص تحسين الهدنة، أو على الأقل إعلان تمديدها ببنودها الحالية قبل حلول الثاني من أكتوبر (تشرين الأول).
وكان المبعوث أبدى مخاوفه من عودة القتال، مجدداً، وقال في بيان: «نحن نقف عند مفترق الطرق، حيث بات خطر العودة إلى الحرب حقيقياً»، داعياً الأطراف إلى «اختيار النهج البديل الذي يعطي الأولوية لاحتياجات الشعب اليمني».
وأكد أنه في كل مباحثاته «شدد على أهمية التمديد لفترات زمنية أطول لإتاحة الفرصة أمام اليمنيين لإحراز تقدم على نطاق أوسع يستوعب الأولويات ويوفر مساحة للإعداد للتوجه نحو مفاوضات سياسية شاملة، بما في ذلك وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني».
ويعول المبعوث الأممي على دور إيجابي لإيران التي زارها أخيراً في سياق سعيه للضغط على الحوثيين للقبول بخطته لتوسيع الهدنة، لكن مراقبين يمنيين يرون أن طهران لا يعنيها السلام في اليمن بقدر ما يهمها الإبقاء على الميليشيات الحوثية مصدراً لتهديد دول الجوار وطريق الملاحة الدولية في جنوب البحر الأحمر.
ورغم الفوائد التي يتحدث عنها المبعوث جراء الهدنة اليمنية الهشة، فإن تقارير الجيش اليمني أفادت بأن الميليشيات الحوثية ارتكبت مئات الانتهاكات خلال الأشهر الماضية على الصعيد العسكري، وهو ما تسبب في مقتل وجرح نحو 1200 مدني وعسكري.


مقالات ذات صلة

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.