«الألغام البحرية».. أداة قتل جديدة ضد المدنيين في سوريا

الدالاتي: النظام لجأ إليها نتيجة نقص المواد الأولية التي توقفت روسيا عن تصديرها له

«الألغام البحرية».. أداة قتل جديدة ضد المدنيين في سوريا
TT

«الألغام البحرية».. أداة قتل جديدة ضد المدنيين في سوريا

«الألغام البحرية».. أداة قتل جديدة ضد المدنيين في سوريا

تحوّلت «الألغام البحرية» إلى أداة قتل جديدة يستخدمها النظام السوري في حربه ليس فقط ضد المعارضة العسكرية بل ضدّ المدنيين بشكل أساسي. فبعد الكيماوي والبراميل المتفجرة وغيرها من الأسلحة الممنوعة دوليا، بدأ طيران النظام المروحي بقصف عدد من المناطق بما يعرف بـ«الألغام البحرية» التي تستخدم عادة في المعارك والمناورات البحرية تحت الماء مستهدفة الغواصات والسفن الحربية.
وتعرف هذه الألغام بقدرتها التدميرية التي تؤدي إلى إحداث أضرار كبيرة وعلى مساحات واسعة في مكان إلقائها؛ إذ يخترق معظمها سقف المنزل لينفجر في داخله، وتبقى نسبة عدم انفجارها أقل بكثير، مقارنة مع البراميل المتفجرة. وفيما يبدي أبو أحمد العاصمي، ممثل المنطقة الجنوبية في مجلس قيادة الثورة، تخوفه من أن يعمد النظام إلى حقن هذه الألغام بمادة الكلور واستهداف المدنيين بها، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ الهدف الأساسي من استخدام هذا النوع من السلاح، هو إحداث أكبر قدر ممكن من التدمير في وقت أقل، من خلال اعتماد سياسة الأرض المحروقة وقتل أكبر عدد من المدنيين بأقل كلفة ممكنة. في المقابل، يرى رامي الدالاتي، عضو المجلس العسكري في الجيش الحر، أنّ النظام يعاني نقصا حادا في المواد الأولية، ولا سيما مادة الـ«c4» والبارود الأسود التي تصدّر إليه من روسيا، ويستخدمها في صناعة الذخائر في معامل الدفاع الموجودة في مناطق عدّة بما فيها البراميل المتفجرة، مضيفا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا معلومات تؤكد أن موسكو لم تعد ترسل إليه هذه المواد منذ نحو أربعة أشهر، وهذا مؤشر لافت».
ولفت الدالاتي إلى أن النظام لديه فائض في الألغام البحرية التي تستخدم فقط في البحر، لكن في ظل عدم وجود أي عمل للقوات البحرية اليوم في سوريا، لجأ إلى سدّ النقص لديه باستخدام هذه الألغام، مضيفا: «عرفنا من متخصصين أن هذه الألغام تتلف بعد فترة نتيجة الرطوبة العالية، لذا فضّل اليوم النظام الاستفادة منها في سياسة القتل التي يعتمدها». ويشرح العاصمي أن الطائرة يمكنها أن تحمل ما بين 20 و30 لغما بحريا يبلغ وزن كل منها ما بين 50 و60 كلغ، ولا يتجاوز قطرها نصف المتر، بينما لا يمكنها أن تحمل أكثر من 4 أو 5 براميل متفجرة يبلغ وزن كل برميل منها نحو 200 كلغ. وهذا ما أكده ناشطون، إذ كان مستغربا بالنسبة إليهم عدد الألغام الكبير الذي تلقيه المروحيات في الطلعة الواحدة، مقارنة مع البراميل المتفجرة التي لم يكن عددها يتجاوز الخمسة، ليؤكد في ما بعد خبراء متفجرات في الجيش الحر أن السلاح الجديد الذي بدأ النظام باستخدامه هو الألغام البحرية.
وفيما تشير بعض المعلومات إلى أن هذه الألغام تصنع في مطار جبلة في اللاذقية، يؤكد الدالاتي أنها تصل إلى النظام جاهزة من روسيا، لافتا إلى أنها تحدث انفجارا كبيرا حيث تقع، وإذا لم تنفجر قد تؤدي إلى إلحاق الأذى بالمدنيين في وقت لاحق عندما تنفجر. ويقول الدالاتي: «إنّ الثوار يعملون في معظم الأحيان على تفكيكها والاستفادة من البارود الموجود في داخلها لاستخدامها». ويعتبر اللغم البحري سلاحا فتاكا، وهو عبارة عن مستوعب للمواد المتفجرة الخطيرة شديدة الانفجار من أجل خرق وتدمير الغواصات والسفن. وتشير التقديرات إلى امتلاك النظام ما لا يقل عن 6 آلاف لغم، يخزنها في مقر سلاح البحرية.
وفيما يقول ناشطون إن النظام استخدم هذا السلاح الجديد مطلع الشهر الماضي، على أطراف مدينة معرة النعمان، يشير آخرون إلى أن استخدامه كان للمرة الأولى في الخامس من شهر يونيو (حزيران) الحالي وسط مدينة الرستن، حيث استهدف الطيران المروحي المصلين أثناء ذهابهم إلى المساجد لأداء صلاة الجمعة، وكانت الرستن تستهدف بشكل دائم طوال الأشهر الأخيرة بالبراميل المتفجرة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».