استنكار واسع بمجلس الأمن للاستفتاءات في الأقاليم الأوكرانية المحتلة

الولايات المتحدة ستقترح قراراً لإدانة روسيا

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ف.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ف.ب)
TT

استنكار واسع بمجلس الأمن للاستفتاءات في الأقاليم الأوكرانية المحتلة

المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ف.ب)
المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ف.ب)

شهدت جلسة مجلس الأمن الخاصة بأوكرانيا تنديداً واسعاً بالاستفتاءات التي أجرتها في أربعة أقاليم أوكرانية تحتلها القوات الروسية، وانتقدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، بشدّة خطوات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لسلخ مناطق من أوكرانيا وضمها إلى روسيا، معلنة أن بلادها ستقترح مشروع قرار لإدانة موسكو للتصويت عليه مطلع الأسبوع القادم.

واشنطن: بوتين يعمل لإهانة ميثاق الأمم المتحدة
وجّهت ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة لمجلس الأمن (الثلاثاء) خاصة بأوكرانيا، انتقاداً شديد اللهجة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أنّه رغم اجتماع قادة من أكثر من 100 دولة من جميع أنحاء العالم في نيويورك الأسبوع الماضي لإعادة تأكيد التزامهم بميثاق الأمم المتحدة وبالكثير من المبادئ الأساسية التي يدعمها هذا الميثاق: السيادة، وسلامة الأراضي، والسلام، والأمن، «اختار بوتين، بدلاً من حضور الأسبوع الرفيع المستوى (للأمم المتحدة)، الإعلان عن تجديد جهود التجنيد في روسيا، وأصدر تعليماته للمناطق الخاضعة للسيطرة العسكرية الروسية للاستعداد لاستفتاءات مفاجئة غير مشروعة»، في إشارة إلى الاستفتاءات التي أجرتها روسيا أمس، في أقاليم أوكرانيا التي يسيطر عليها الجيش الروسي من أجل ضمّها إلى أراضيها. وأضافت غرينفيلد: «أرسل (بوتين) مبعوثاً (إلى الجمعيّة العامة) ليهدد باستخدام الأسلحة النووية في دولة غير نووية، بهدف تأمين مكاسب عسكرية غير مشروعة لروسيا». ورأت أنّ «بوتين لا يحترم هذه الهيئة (الأمم المتحدة)، وقد عمد خلال أهم أسبوع رفيع المستوى للأمم المتحدة (الأسبوع الماضي)، لإهانة الميثاق الذي يحدد المبادئ التي ندافع عنها جميعاً بشكل جماعي: السيادة، وسلامة الأراضي، والسلام والأمن».

استفتاءات تحت تهديد السلاح
وقالت: «ينوي بوتين ارتكاب فعل صُمم ميثاق الأمم المتحدة لمنعه بوضوح، وهو محاولة من دولة عضو في الأمم المتحدة للاستيلاء على أراضي دولة أخرى بالقوة». ورأت أنّ «روسيا تُجري استفتاءات زائفة، في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الروسي ووكلائه (في أوكرانيا)، ما يجبر الناس على التصويت تحت تهديد السلاح، ثم تستخدم (روسيا) هذه الاستفتاءات لمحاولة إضفاء مظهر من الشرعية على محاولات روسيا لضم أراضي دولة أخرى ذات سيادة». وأشارت إلى أنّه «مع نجاح أوكرانيا في استعادة السيطرة على المزيد من أراضيها التي استولت عليها روسيا بشكل غير شرعي، وكشف المزيد من الفظائع التي ارتكبتها روسيا، تندفع روسيا لإخفاء خسائرها العسكرية وجرائم الحرب التي ارتكبتها»، عبر تنظيم الاستفتاءات الأخيرة في أوكرانيا.

رفض أميركي لنتائج الاستفتاءات الروسية
وشجبت نتائج «هذه الاستفتاءات الزائفة»، التي «لا تمثل بأي حال من الأحوال تعبيراً شرعياً عن إرادة الشعب الأوكراني». وحيّت مجهود الشعب الأوكراني في الدفاع عن أراضيه قائلة: «إن إرادة الشعب الأوكراني واضحة كل يوم، وهم يقاتلون ببسالة من أجل وطنهم، ما داموا يحمون سلامة أراضيهم، ويدافعون عن سيادتهم. لقد أظهر الشعب الأوكراني بالفعل أنه لن يقبل أبداً الخضوع للحكم الروسي». وحضّت مجلس الأمن والمجتمع الدولي على القيام بالأمر نفسه (الدفاع عن سلامة أوكرانيا في وجه الهجوم الروسي).
وأوضحت غرينفيلد أنّ «الولايات المتحدة لن تعترف أبداً بأي منطقة تحاول روسيا الاستيلاء عليها أو ضمها، على أنها أي شيء آخر غير كونها جزءاً من أوكرانيا». وحثّت على عدم الاكتفاء فقط بالنداءات المتكرّرة باحترام ميثاق الأمم المتحدة في الاجتماعات الكثيرة في مجلس الأمن، بل «يجب أن نتحلى بالشجاعة للدفاع عن هذا الميثاق. وهذا يعني الدفاع عن أوكرانيا وضحايا الفظائع الروسية. إنه يعني امتلاك الشجاعة للتنديد بالعدوان (الروسي) ومحاولات التوسع الإقليمي الصريح عندما نراه. إنه يعني إظهار اهتمامنا بالسلام من خلال مطالبة روسيا باحترام ميثاق الأمم المتحدة».

واشنطن لقرار يدين موسكو
وأشارت إلى أنّ بلادها ستطرح على جدول أعمال مجلس الأمن قراراً يُدين «الاستفتاءات الزائفة» (التي أجرتها روسيا في أوكرانيا)، ويدعو الدول الأعضاء إلى عدم الاعتراف بأي تغيير في وضع أوكرانيا، ويلزم روسيا بسحب قواتها من أوكرانيا، محذّرةً من خطورة قبول نتائج الاستفتاءات الزائفة في روسيا، ما سيفتح باباً لاضطرابات غير متوقّعة لا يمكن إغلاقه.
وعن احتمال استخدام روسيا حق النقض لتعطيل مشروع القرار الأميركي المرتقب إلى مجلس الأمن، قالت غرينفيلد: «إذا اختارت روسيا حماية نفسها من المساءلة هنا في المجلس، فسننظر بعد ذلك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لإرسال رسالة لا لبس فيها إلى موسكو. يجب على العالم أن يقف معاً ويدافع عن ميثاق الأمم المتحدة». وقالت غرينفيلد في كلمة وجّهتها إلى الصحافيين، إنّ الولايات المتحدة تسعى مع ألبانيا لعرض القرار (الذي يُدين الاستفتاءات الروسية) على الجمعيّة العامة للأمم المتحدة للتصويت عليه في أواخر الأسبوع الحالي، أو مطلع الأسبوع القادم كحدّ أقصى.

زيلينسكي: ليس لروسيا الحق بامتلاك أسلحة نووية
من جهته، حذّر الرئيس الأوكراني في مداخلة مسجّلة، من أن روسيا تضع العالم على حافة «كارثة إشعاعيّة»، مؤكداً أن موسكو تغضّ الطرف عن دعوات الانسحاب من محطة زابوريجيا». كما تطرق إلى ما وصفه بالابتزاز النووي الذي تمارسه روسيا والذي «أصبح الرواية الثابتة للمسؤولين الرّوس ومطلقي الدعاية. هذا يثبت أن روسيا ليس لديها حق في امتلاك أسلحة نووية»، إذ تهدد ضمان سلامة العالم.

استفتاءات مزوّرة للسيطرة على أراضي دولة أخرى
وأعاد الرئيس الأوكراني المطالبة بأهمية إقصاء روسيا من مجلس الأمن الدولي، وضرورة فرض «جزاء صارم» ضدها، وشدد على أن الاستفتاء الروسي «مخزٍ، ونحتاج لرفض دولي له»، مشيراً إلى أن «روسيا تحتقر ميثاق الأمم المتحدة وتنتهك قواعد النظام العالمي». كما أشار إلى أن سعي روسيا لضمّ المناطق الأوكرانية المحتلة هو «انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة» ومحاولة لسرقة أراضٍ تابعة لدولة أخرى.
وأشارت روز ماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، في إحاطتها أمام مجلس الأمن إلى أنّ التصويت ﺑ«الاستفتاءات» في أقاليم دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، تم في مراكز اقتراع وتم أيضاً تحت ضغط سلطات الأمر الواقع الذين، «تنقلوا برفقة جنود من منزل إلى منزل تحمل صناديق الاقتراع».

الأمم المتحدة ملتزمة بالكامل بسيادة أوكرانيا
ولفتت ديكارلو إلى أنه لا يمكن اعتبار الإجراءات الأحادية من جانب روسيا قانونية بموجب القانون الدولي، مضيفةً أن روسيا «تهدف إلى إضفاء قشور من الشرعية» على محاولة الاستيلاء بالقوة على أراضي دولة أخرى، «فيما تدّعي تمثيل إرادة الشعب». وقالت: «اسمحوا لي أن أكرر هنا أن الأمم المتحدة تظل ملتزمة التزاماً كاملاً بسيادة أوكرانيا ووحدتها واستقلالها وسلامتها الإقليمية، داخل حدودها المعترف بها دولياً، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة». وأضافت أنّ الاتحاد الروسي «بصفته القوة المحتلة» ملزم بموجب القانون الإنساني الدولي باحترام قوانين أوكرانيا في إدارة الأراضي المحتلة.

الصين تحذّر
قال المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة زانغ جون، إنّ «الصين أخذت علماً بالتطوّرات الأخيرة للوضع في أوكرانيا... إنّ موقفنا واقتراحنا بشأن كيفية النظر إلى قضية أوكرانيا ومعالجتها متّسق وواضح. وهذا يعني أنّه ينبغي احترام سيادة كل الدول وسلامة أراضيها»، وحذّر من أنّ «العزل والعقوبات (ضد روسيا) ستؤدي فقط إلى نهاية مميتة».

روسيا تتهم أوكرانيا بالإخلال بالاتفاقات
من جهة أخرى، دافع فاسيلي نيبينزيا، مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة في كلمته عن الاستفتاءات، وقال إنه منذ عام 2014 ركّزت كييف على تدمير سكان هذه المناطق الذين لا يحبّونهم «بدعم من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة»، مشيراً إلى أنّ اتفاقات مينسك (التي وُقّعت في سبتمبر (أيلول) 2014 لإنهاء الحرب في دونباس)، نصّت على وقف إطلاق النار بين كييف ودونباس وأعطت دونباس وضعاً خاصاً، ونصّت على احترام دستور جديد، لكن السلطات في كييف «نكثت» بكل هذه الاتفاقات.

اتهام الغرب بالازدواجية
وانتقد نيبينزيا ما وصفها بالمعايير المزدوجة، مشيراً إلى تجربة كوسوفو التي نالت استقلالاً «دون استفتاء» ولم يمنع القانون الدولي كوسوفو من الإعلان عن الاستقلال، على حدّ تعبيره. وقال: «نستمع اليوم إلى موقف مخالف من الولايات المتحدة والدول الغربية وهو ما يثبت ازدواجية المعايير». وأكد أن بلاده ستواصل «الدفاع عن مصالح أراضينا وحمايتنا. فهذا يجري في دمائنا، وتلك الدعاية الغربية لن تنجح، فلا يمكن لهم أن يتخطّوا حدودنا إلا إذا ما أضعفونا وقسّمونا، وهذه هي السياسة التي يسعون لتحقيقها في روسيا».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.