«التجارة العالمية» لا ترى خياراً أمام المصارف المركزية سوى «زيادة الفائدة»

مراجعات سلبية مرتقبة في التوقعات المقبلة

المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا (رويترز)
المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا (رويترز)
TT

«التجارة العالمية» لا ترى خياراً أمام المصارف المركزية سوى «زيادة الفائدة»

المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا (رويترز)
المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا (رويترز)

حذرت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا الثلاثاء بأن العالم مقبل على «ركود عالمي» في وقت يواجه «أزمات متعددة»، مشيرة إلى أنها تتوقع انخفاض توقعات التجارة العالمية لعام 2022 عن النسبة الحالية البالغة ثلاثة بالمائة.
وقالت أوكونجو إيويالا لدى افتتاح المنتدى العام السنوي للمنظمة في جنيف إن التوقعات كانت تشير من قبل إلى «انتعاش في مرحلة ما بعد الوباء». وتابعت: «لكن علينا الآن أن نواجه بوادر ركود قادم» مشددة على أنه «ركود عالمي»، مؤكدة: «أعتقد أن هذا ما نتجه إليه. لكن في الوقت نفسه، علينا أن نبدأ التفكير في الانتعاش. علينا العودة إلى النمو». لكنها شددت على أن الوضع «صعب جدا» إذ يواجه العالم «أزمات متعددة»، ذكرت منها انعدام الأمن والصدمات المناخية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهي برأيها «صدمات خارجية متزامنة» تضع العالم في موقع هشّ. وأضافت: «علينا التفكير في ما يترتب علينا القيام به، في السياسات الواجب اتباعها للعودة إلى النمو».
ورأت أوكونجو إيويالا أن الأمر الأكثر إلحاحا على المدى القريب هو معرفة «كيفية ضمان الأمن الغذائي» في العالم، مبدية قلقها كذلك حيال مسائل الوصول إلى الطاقة.
وتوقعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي الاثنين أن تواصل دول العالم دفع ثمن باهظ للحرب على أوكرانيا، وخفّضت بشكل واضح توقعاتها للنمو العالمي العام المقبل في مواجهة آثار أكثر استدامة مما كان متوقعًا، فضلا عن زيادة المصارف المركزية معدلات الفائدة لاحتواء التضخم.
وعلقت أوكونجو إيويالا على هذه المسألة الأخيرة فقالت إن «المصارف المركزية لا خيار لها في الواقع» سوى زيادة معدلات الفائدة بسبب التضخم... لكنها لفتت إلى أن هذه الزيادة لها «مفاعيل خطيرة» على الدول النامية التي ستواجه ارتفاعا في أعباء خدمة ديونها. كما شددت على أهمية أن تحدد المصارف المركزية إن كان التضخم ناجما عن الطلب القوي أو عن أسباب بنيوية من جهة العرض. وحذرت بأنه «إذا كان الأمر يتعلق بعوامل على ارتباط بالعرض لا يمكن السيطرة عليها، عندها فإن الاستمرار في زيادة معدلات الفائدة سيأتي بمفعول عكسي». وأشارت أيضا إلى أنها تتوقع انخفاض توقعات التجارة العالمية لعام 2022 عن النسبة الحالية البالغة ثلاثة بالمائة، لأسباب، من بينها الحرب الروسية الأوكرانية وأزمتا الغذاء والطاقة الناجمتان عنها. وأوضحت لرويترز في مقابلة: «نحن في منتصف مراجعة توقعاتنا الآن لكنها لا تبدو واعدة للغاية. كل المؤشرات تشير إلى أرقام في اتجاه النزول. بشكل عام تبدو التوقعات قاتمة» دون إعطاء تقديرات دقيقة.
وكانت منظمة التجارة العالمية قد خفضت بالفعل توقعاتها لنمو التجارة العالمية هذا العام في أبريل (نيسان) الماضي إلى ثلاثة بالمائة من 4.7 بالمائة. وتوقعت تسجيل نمو بنسبة 3.4 بالمائة في عام 2023.



محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
TT

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

في جلسة حوارية مع المخرج المصري محمد سامي، استضافها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» في دورته الرابعة، تحدَّث عن مسيرته الإبداعية التي أسهمت في تجديد الدراما التلفزيونية العربية، مستعرضاً دوره، مخرجاً ومؤلّفاً، في صياغة أعمال تلفزيونية لاقت نجاحاً واسعاً. أحدث أعماله، مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، حصد إشادة جماهيرية كبيرة، ما عزَّز مكانته واحداً من أبرز المخرجين المؤثّرين في الساحة الفنّية.

في بداية الجلسة، بإدارة المذيعة جوزفين ديب، وحضور عدد من النجوم، مثل يسرا، ومي عمر، وماجد المصري، وأحمد داش، وشيماء سعيد، وبشرى؛ استعرض سامي تجربته مع بدايات تطوُّر شكل الدراما التلفزيونية، موضحاً أنّ المسلسلات في تلك الفترة كانت تُنتج بطريقة كلاسيكية باستخدام كاميرات قديمة، وهو ما رآه محدوداً مقارنةً بالتقنيات السينمائية المتاحة.

التجديد في الدراما

وبيَّن أنّ أول تحوُّل حدث بين عامي 2005 و2008، عندما برزت مسلسلات أثَّرت فيه بشدّة، من بينها «بريزن بريك» و«برايكينغ باد». ومع إطلاق كاميرات «رِدْ وان» الرقمية عام 2007، اقترح على المنتجين تصوير المسلسلات بتقنيات سينمائية حديثة. لكنَّ الفكرة قوبلت بالرفض في البداية، إذ ساد اعتقاد بأنّ الشكل السينمائي قد يتيح شعوراً بالغرابة لدى الجمهور ويُسبِّب نفوره.

رغم التحفّظات، استطاع سامي إقناع بطل العمل، الفنان تامر حسني، بالفكرة. وبسبب الفارق الكبير في تكلفة الإنتاج بين الكاميرات التقليدية وكاميرات «رِدْ»، تدخَّل حسني ودعم الفكرة مادياً، ما سرَّع تنفيذ المشروع.

وأشار المخرج المصري إلى أنه في تلك الفترة لم تكن لديه خطة لتطوير شكل الدراما، وإنما كان شاباً طموحاً يرغب في النجاح وتقديم مشهد مختلف. التجربة الأولى كانت مدفوعة بالشغف والحبّ للتجديد، ونجحت في تَرْك أثر كبير، ما شجَّعه على المضي قدماً.

في تجربته المقبلة، تعلَّم من أخطاء الماضي وعمل بوعي أكبر على تطوير جميع عناصر الإنتاج؛ من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي. هذه الرؤية المُبتكرة ساعدت في تغيير نظرة الصناعة إلى التقنيات الحديثة وأهميتها في تطوير الدراما.

وأكمل سامي حديثه بالتطرُّق إلى العلاقة بين المخرج والممثل: «يتشاركان في مسؤولية خلق المشهد. أدائي بوصفي مخرجاً ركيزته قدرتي على فهم طاقة الممثل وتوجيهها، والعكس صحيح. بعض الممثلين يضيفون أبعاداً جديدة إلى النصّ المكتوب، ما يجعل المشهد أكثر حيوية وإقناعاً».

متى يصبح المخرج مؤلِّفاً؟

عن دورَيْه في الإخراج وكتابة السيناريو، تحدَّث: «عندما أتحلّى برؤية واضحة للمشروع منذ البداية، أشعر أنّ الكتابة تتيح لي صياغة العمل بما يتوافق تماماً مع ما أتخيّله. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الكاتب؛ إنه تعاون دائم. عندما أكتب وأُخرج، أشعر بأنني أتحكّم بشكل كامل في التفاصيل، ما يمنح العمل تكاملاً خاصاً».

ثم تمهَّل أمام الإشارة إلى كيفية تحقيق التوازن بين التجديد وإرضاء الجمهور: «الجمهور هو الحَكم الأول والأخير. يجب أن يشعر بأنّ العمل له، وأنّ قصصه وشخصياته تعبِّر عن مشاعره وتجاربه. في الوقت عينه، لا بدَّ من جرعة ابتكار لتحفيز عقله وقلبه».

وبيَّن سامي أنّ صناع السينما حالياً يواجهون تحدّياً كبيراً بسبب تطوُّر جودة الإنتاج التلفزيوني، ولإقناع الجمهور بالذهاب إلى السينما، ينبغي تقديم تجربة مختلفة تماماً، وفق قوله، سواء على مستوى الإبهار البصري أو القصة الفريدة.

في ختام الحوار، عبَّر عن إعجابه بالنهضة الثقافية والفنّية التي تشهدها السعودية: «المملكة أصبحت مركزاً إقليمياً وعالمياً للإبداع الفنّي والثقافي. مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، على سبيل المثال، يعكس رؤية طموحة ومشرقة للمستقبل، وأشعر بالفخر بما تحقّقه من إنجازات مُلهمة».

محمد سامي ليس مخرجاً فحسب، وإنما مُبتكر يعيد تعريف قواعد الدراما التلفزيونية، مُسلَّحاً برؤية متجدِّدة وجرأة فنّية. أعماله، من بينها «نعمة الأفوكاتو»، تُثبت أنّ التجديد والإبداع قادران على تغيير معايير النجاح وتحقيق صدى لا يُنسى.