واقعة مذيع «الجزيرة» تعيد ترتيب مثلث القاهرة ـ برلين ـ «الإخوان»

منصور في انتظار قرار قاضي التحقيق.. ومصر تتأهب لتسلمه

مظاهرة ترفع صور مذيع «الجزيرة» أحمد منصور في برلين أمس وتطالب بالإفراج عنه عقب اعتقاله على خلفية مذكرة توقيف دولية أصدرتها مصر وتطالب فيها بتسليمه (أ.ب)
مظاهرة ترفع صور مذيع «الجزيرة» أحمد منصور في برلين أمس وتطالب بالإفراج عنه عقب اعتقاله على خلفية مذكرة توقيف دولية أصدرتها مصر وتطالب فيها بتسليمه (أ.ب)
TT

واقعة مذيع «الجزيرة» تعيد ترتيب مثلث القاهرة ـ برلين ـ «الإخوان»

مظاهرة ترفع صور مذيع «الجزيرة» أحمد منصور في برلين أمس وتطالب بالإفراج عنه عقب اعتقاله على خلفية مذكرة توقيف دولية أصدرتها مصر وتطالب فيها بتسليمه (أ.ب)
مظاهرة ترفع صور مذيع «الجزيرة» أحمد منصور في برلين أمس وتطالب بالإفراج عنه عقب اعتقاله على خلفية مذكرة توقيف دولية أصدرتها مصر وتطالب فيها بتسليمه (أ.ب)

بينما ينتظر مذيع قناة «الجزيرة» الفضائية أحمد منصور نتائج العرض على قاضي تحقيقات ألماني للبت في قرار توقيفه بناء على مذكرة دولية مصرية، تواصل السلطات المصرية تحركاتها من أجل التنسيق مع نظيرتها الألمانية للنظر في إجراءات تسليمه المحتمل، بينما تتحرك جماعة الإخوان، التي ينتمي إليها منصور، لمحاولة ممارسة «وضع ضاغط» على السلطات الألمانية من أجل سبيل إخلاء منصور.
وبحسب دبلوماسي مصري رفيع تحدث لـ«الشرق الأوسط» فإن «الواقعة بحد ذاتها يجب تثمينها، كونها تعد تغيرا حاسما وأولا من نوعه في موقف السلطات الألمانية بالوقوف في صف الإدارة المصرية ضد جماعة الإخوان منذ ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013، إلا أنه لا يجب في ذات الوقت الاندفاع وراء تطلعات زائدة عن الحد أو القفز إلى نتائج فيما يخص منصور»، بحسب قوله.
وكانت سلطات مطار برلين الدولي قد أوقفت منصور، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والبريطانية، مساء أول من أمس خلال رحلة عودته من برلين في طريقه إلى الدوحة، التي يقيم فيها منذ وقت طويل، على متن طائرة الخطوط القطرية. وذلك على خلفية مذكرة توقيف دولية أصدرتها مصر وتطالب فيها بتسليمه، وذلك على خلفية صدور حكم غيابي ضده العام الماضي من محكمة مصرية بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة الاشتراك في تعذيب محام في ميدان التحرير عام 2011.
وبينما أشارت السلطات الألمانية إلى أن هناك عدة تهم في مذكرة التوقيف، وأن منصور في انتظار قرار يتخذه القاضي إما بإخلاء سبيله أو البدء بإجراء تسليمه، طالبت قناة «الجزيرة» بالإفراج الفوري عن منصور، وأن ألمانيا يجب ألا تسمح لنفسها بأن تصبح «أداة في حملة القمع التي تستهدف حرية الصحافة». في حين تتحرك الجهات الأمنية في القاهرة، عن طريق الإنتربول المصري، لمتابعة تسلم منصور، في حال إقرار قاضي التحقيقات الألماني للإجراء.
وأوضح مصدر بالإنتربول المصري لـ«الشرق الأوسط» أن «التحرك الألماني جاء وفقا لمذكرة دولية بطلب مصري بحق منصور، وهو من ضمن عشرات المطلوبين من جماعة الإخوان في تهم وقضايا تتعلق بالعنف، وصدر في كثير منها أحكام قضائية غيابية»، مؤكدا أن «هناك نشرات الإنتربول الحمراء التي تدعم الموقف المصري، ونحن في مصر لا نتحرك بشكل عشوائي، وكل إجراءات طلب تسليم المتهمين والمدانين تسير وفق القوانين الدولية المنظمة لتلك الأمور، وجميع المرفقات سليمة تماما».
وأفاد المصدر الأمني أن الإجراء الطبيعي في هذه الحالات هو أن ينظر قاضي التحقيقات الأجنبي في أمر التوقيف، وإذا ما رأى أنه يسير وفق القانون الدولي ويتفق معه، يأمر بتسليم المتهم، وإذا رأى غير ذلك فله أن يصرفه. موضحا أن مصر متأهبة بالملف الكامل لمنصور لتسليمه إلى السلطات الألمانية في أي وقت، حال طلب الاطلاع على أي معلومات خاصة بأسباب طلب توقيفه. وعلى صعيد الرؤية الدبلوماسية، يرى دبلوماسي مصري رفيع، عمل سابقا في أوروبا، أنه لا يجب استباق الأمور إلى نتائج تتصل بقرار حول تسليم منصور إلى مصر، قائلا إن «الأمر حتى الآن لا يزال يقع تحت سيادة السلطة القضائية الألمانية، والتي لا تخضع قراراتها لأمور سياسية».
لكن الدبلوماسي ثمن الخطوة التي اتخذتها السلطات الألمانية بتوقيف منصور، قائلا إنها خطوة أعمق من مجرد القبض على منصور نفسه أو تسليمه للقاهرة، ومن شأنها أن تقلب شكل العلاقة الثلاثية بين القاهرة وبرلين وجماعة الإخوان، والتي كانت تتمثل حتى أشهر قليلة مضت في خلاف صارخ بين الموقفين المصري والألماني منذ ثورة 30 يونيو، ومساندة شبه كاملة لموقف الإخوان، والذين يحظون بمكانة خاصة في ألمانيا، والتي تعد المركز الثاني للتنظيم الدولي في أوروبا بعد بريطانيا، إضافة إلى وجود واسع للجالية الألمانية التي تؤيد مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ويوضح الدبلوماسي المصري أن هناك تغيرا ملموسا في شكل العلاقات بين مصر وألمانيا، ظهر جليا في زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي إلى برلين ولقائه مع المستشارة أنجيلا ميركل.. لكن آثار الخلاف ظهرت أيضا فيما أثاره شخصية مثل رئيس البوندستاغ (البرلمان) من رفض لقاء مفترض مع السيسي، إلى جانب عدد من التظاهرات في الشوارع ضد الزيارة. ويوضح ذلك المشهد على اتساعه أن الخط السياسي الألماني تجاوز الخلاف الحاد، لكن جانبا من خطوطه لا تزال باقية في دهاليز الدبلوماسية، بحسب قوله.
وبينما تحاول جماعة الإخوان ممارسة ضغط شعبي على الحكومة الألمانية من خلال تدشين ما قالت إنه «عريضة دولية» لجمع التوقيعات من أجل مطالبة المستشارة ميركل بإخلاء سبيل منصور.. أكد الدبلوماسي المصري قائلا: «لا شك أن شكل العلاقة بين القاهرة وبرلين تغير.. وكذلك بين الإخوان وبرلين. في اعتقادي أن أوروبا لم تعد ملاذا أمنا للجماعة كما كانت خلال السنوات السابقة».
من جهته، قال المحامي البريطاني سعد جبار منسق فريق الدفاع عن أحمد منصور، إن منصور احتجز على نحو مفاجئ في مطار برلين أول من أمس حين حاول ركوب طائرة الخطوط الجوية القطرية المتجهة إلى الدوحة. وأوضح جبار: «هذا تطور خطير للغاية.. ومثير للقلق، كنا نعلم أن المصريين في طريقهم لنصب هذا الفخ للتحرش بصحافيينا، وهذا ما حدث».
وقال: «في القضية الكثير من المفاجآت والملابسات، وأولها أن هناك أدلة على أن منصور لم يكن على قائمة الإنتربول يوم 2 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ثانيا: أنه لا توجد اتفاقية بين مصر وألمانيا لملاحقة المرحلين أو المطلوبين». وأعرب عن اعتقاده أن الفصل في قضية منصور سيكون صباح اليوم بحضور أحد كبار ممثلي النيابة العامة الألمانية إلى مطار برلين، حيث يحتجز منصور. وتوقع المحامي البريطاني أن تفرج النيابة الألمانية عن منصور من باب حفظ ماء الوجه. وقضية منصور هي الأحدث في سلسلة قضايا في مصر اتهم فيها صحافيون من «الجزيرة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».