«أطباء بلا حدود» تحذر من نقص الوقود في سوريا بفعل حصار «داعش»

البرلمان الأوروبي يرفض نشر صور تكشف جرائم الأسد

«أطباء بلا حدود» تحذر من نقص الوقود في سوريا بفعل حصار «داعش»
TT

«أطباء بلا حدود» تحذر من نقص الوقود في سوريا بفعل حصار «داعش»

«أطباء بلا حدود» تحذر من نقص الوقود في سوريا بفعل حصار «داعش»

حذرت منظمة أطباء بلا حدود أمس (الأحد) من تداعيات نقص الوقود على الخدمات الطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة في شمال سوريا، والتي يمنع تنظيم داعش وصول الإمدادات إليها بعد سيطرته على عدد كبير من آبار النفط.
وقالت المنظمة في تقرير إن «مرافق صحية عدة ومنظمات إنسانية اضطرت لوقف عملها أو تقليص نشاطاتها بسبب النقص الحاصل في الوقود الضروري لتشغيل المولدات الكهربائية ووسائل النقل».
وأوضحت المسؤولة عن برامج المنظمة في سوريا دنيا دخيلي لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف، أن هذا النقص في الوقود مرتبط «بالمعارك الدائرة بين المجموعات المسلحة في شمال سوريا»، في إشارة إلى الاشتباكات بين تنظيم داعش من جهة وتحالف جبهة النصرة وفصائل إسلامية أخرى.
ومع سيطرته على آبار النفط ومصافي التكرير الواقعة في شرق البلاد، بات التنظيم المتطرف يتحكم بالموارد النفطية والمحروقات ويمارس الضغط على خصومه الذين هم في حاجة ماسة إلى الوقود.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية عن فصائل معارضة، أن «داعش» يتبع هذه المنهجية لإضعافهم.
وبحسب تقرير «أطباء بلا حدود»، أطلقت الإدارات الصحية في حماه (وسط) وإدلب (شمال غرب) نداء استغاثة في 15 و16 يونيو (حزيران)، وناشدت مستشفيات في مناطق أخرى المساعدة، في وقت حذر فيه الدفاع المدني السوري من إمكانية وقف نشاطاته الإغاثية في حلب (شمال) وحماه وإدلب واللاذقية (غرب) بسبب النقص في الوقود.
وقالت دخيلي إنه من المحتمل أن تغلق مستشفيات عدة أبوابها، مضيفة أن «حياة الكثير من السوريين أكثر عرضة للخطر. ولا غنى عن الوقود لتشغيل مضخات مياه الشفة والحاضنات المخصصة للمواليد الجدد وعمليات الإغاثة عبر سيارات الإسعاف».
وأوضحت أنه إذا بدأت المنظمة بتقديم الوقود «فلن يكون لهذا تأثير إلا على المدى القصير». وقالت: «ندعو كل الأطراف في النزاع السوري إلى السماح بتوفير إمدادات الوقود بشكل دوري داخل البلاد لتلبية الاحتياجات الكبرى والفورية للسكان».
وتدير منظمة أطباء بلا حدود خمسة مرافق طبية داخل سوريا، وتقدم دعما مباشرا لأكثر من مائة عيادة ومركز صحي ومستشفى ميداني.
في سياق آخر، كشفت صحيفة بريطانية، الجمعة الماضية، أن البرلمان الأوروبي رفض إقامة معرض لصور قام بتهريبها ضابط منشق عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، توضح التعذيب والتصفيات الجسدية داخل أقبية المخابرات.
وأكدت صحيفة «غارديان» أن البرلمان «اكتفى بعرض قليل من الصور ضمن قاعة صغيرة»، ولم يتح الحضور لعموم المواطنين، حيث امتنع من إقامة المعرض داخل صالته الرئيسية التي يقام فيها حاليا معرض بمناسبة الذكرى السنوية لمحرقة اليهود.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم البرلمان الأوروبي، أن «سبب الرفض هو اختصاص القاعة بالمعارض المتعلقة بالفعاليات الثقافية»، مشيرة إلى أن «المراسلات التي اطلعت عليها، أوضحت أن السبب الحقيقي يتمثل في رفض البرلمان، عرض الصور كونها منفرة ووحشية»، بحسب وصفهم.
وأكد مصدر دبلوماسي للصحيفة، أن «تلك الصور بمثابة رسالة قوية، للتذكير بالتعذيب الممنهج والمقتلة الدائرة في سوريا»، مضيفا: «أقل ما يجب على البرلمان الأوروبي فعله هو الإفصاح عن الحقيقة. إن عدم السماح بإقامة المعرض، سوى في غرفة اجتماعات صغيرة، يثير تساؤلات بشأن مدى عدالة المسؤولين عن هذا القرار».
واستضافت الأمم المتحدة معرضا مماثلاً في مارس (آذار) الماضي، وعرضت فيه 30 صورة من أصل 55.000 صورة. وقام المصور العسكري السابق الذي فر من سوريا «قيصر» بتهريب الصور في وسائط تخزين إلكترونية.
وعلى الرغم من أن منظمي المعرض في الأمم المتحدة قد وضعوا لافتات في أرجاء قاعة العرض تحذر من «بشاعة الصور»، فإن المسؤولين وقتها قالوا، إن «المجتمع الدولي يجب ألا يغض الطرف عن الأعمال الوحشية الموثقة التي ترتكبها الحكومة السورية في السجون والمشافي».
وأكد مندوب الائتلاف الوطني السوري المعارض لدى الاتحاد الأوروبي موفق نيربية في بيان، أن «الصور التي التقطها المنشق عن النظام السوري من قبل (قيصر) تقدم دليلا ناصعا، تعززه الأمم المتحدة، على حملة الأسد الممنهجة للقتل والتعذيب، وهي شهادة مهمة على معاناة السوريين على أيدي الديكتاتورية الوحشية». ودعا المندوب الاتحاد الأوروبي إلى أن «يترجم دعمه لحماية حقوق الإنسان في سوريا إلى أفعال، وأن يسمح بإقامة معرض عام لعدد ضئيل من صور (قيصر)».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.