مخاوف من تحوّل الميليشيات المحلية إلى صداع جديد للحكومة الأفغانية

كابل تسلح آلافًا من المقاتلين وقدامى «المجاهدين» لمواجهة خطر طالبان وتمدّدها نحو الشمال

عناصر من الميليشيات المحلية التابعة للحكومة الأفغانية في قندز (أ.ب)
عناصر من الميليشيات المحلية التابعة للحكومة الأفغانية في قندز (أ.ب)
TT

مخاوف من تحوّل الميليشيات المحلية إلى صداع جديد للحكومة الأفغانية

عناصر من الميليشيات المحلية التابعة للحكومة الأفغانية في قندز (أ.ب)
عناصر من الميليشيات المحلية التابعة للحكومة الأفغانية في قندز (أ.ب)

لجأت الحكومة الجديدة في أفغانستان إلى خيار تسليح الميليشيات المحلية، وخاصة في ولايات تقع في الشمال الأفغاني، وجاءت هذه الخطوة في أعقاب شنّ حركة طالبان أكبر وأعنف هجوم لها في الموسم الحالي للمعارك. وكذلك بعدما تنفيذ آلاف من مقاتلي طالبان ومسلحين يدّعون الانتماء لتنظيم «داعش في أفغانستان وباكستان» هجمات جماعية ضد مقرّات للشرطة الأفغانية والإدارات المحلية في كل من ولايتي كندوز وبدخشان الواقعتين في أقصى شمال البلاد قرب الحدود مع دول آسيا الوسطى (السوفياتية سابقًا) مطلع الشهر الماضي.
يذكر أن الولايتين المذكورتين كانتا على وشك السقوط بيد طالبان إثر مواجهات دامية مع الجيش النظامي والشرطة الحكومية لولا التدخل السريع من قبل «أمراء الحرب» السابقين وقادة «المجاهدين» السابقين، الذين سبق لهم أن قاتلوا طالبان، وكانوا سدًا منيعًا أمام بسطها سيطرتها الكاملة على شمال أفغانستان في نهاية تسعينات القرن الماضي. أكثر من 30 ألف مسلح ينتمون لـ«أمراء الحرب» تسلّحوا من جديد للدفاع عن مناطقهم عقب توسيع المعارك وتمدّدها إلى شمال أفغانستان بعد انسحاب القوات الدولية من معظم المناطق الأفغانية نهاية العام الماضي.
يقول حاجي ايماق، وهو مسؤول محلي وزعيم قبلي في ولاية كندوز، إن طالبان «اقتربت إلى تخوم الولاية إثر هجوم عنيف لمقاتليها على المنطقة وفرار مئات من عناصر الجيش الأفغاني من ساحة القتال. ومن ثم، لم يكن أمام (حكومة الوحدة الوطنية) من خيار غير طلب الدعم من (أمراء الحرب) الذين لديهم خبرة واسعة في الحرب ضد طالبان. وبالفعل، جرى توزيع آلاف قطع الأسلحة المتنوّعة على نحو 30 ألف عنصر محلّي للوقوف إلى جانب الجيش الأفغاني في حربه ضد طالبان وداعش». وتابع: «التجربة أثبتت أن هؤلاء المسلحين المحليين يتمتعون بخبرة كبيرة في قتال الشوارع والأزقة، وبتجارب في حرب العصابات تعلمّوها إبان الحرب ضد القوات السوفياتية السابقة، وكانت النتيجة إخفاق هجوم طالبان على كندوز وصدّ حملتهم العسكرية التي وصفت بالأعنف منذ رحيل نظام طالبان. وعندها، اضطر مقاتلو طالبان و(داعش) للانسحاب من كل المناطق التي أخضعها التنظيمان لسيطرتهما في كندوز، التي تعد من الولايات الاستراتيجية الموقع».
وفي ولاية بدَخشان المجاورة، بعدما شنّت طالبان حملتها الربيعية في مديرية وردوج وقتلت وذبحت العشرات من عناصر الجيش الأفغاني طالب أعضاء في البرلمان من الولاية الحكومة بتسليح ميليشيات محلية، وتوفير كل التسهيلات لها لمقاتلة طالبان كخيارٍ مؤقت.
فكرة تسليح الميليشيات - أو الشرطة المحلية أو ما يطلق عليها أفغانيا «أربكي» - جاءت أيام حكم الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي عام 2010 عندما صعّدت طالبان من عملياتها في جنوب البلاد وشرقها، بحيث اضطرت الحكومة آنذاك إلى خيار توزيع السلاح على الميليشيات للدفاع عن مناطقهم. لكن تورّط تلك الميليشيات في أعمال النهب والسرقة والخطف التي طالت رجال الأعمال والمسؤولين وارتكابهم جرائم حرب، وفقا للتقارير وتنفيذ إعدامات ميدانية خارج إطار القانون أجبرت الحكومة على مراجعة قرارها الرامي إلى تسليح الميليشيات، بحيث نزعت أسلحة آلاف المقاتلين عام 2012. غير أن عشرات الآلاف ظلوا يمارسون مهامهم ضمن الشرطة المحلية في بعض المناطق.
منظمة «مجموعة الأزمات الدولية» أعربت في تقرير جديد لها بخصوص الحرب في أفغانستان وقضية تسليح الميليشيات عن قلقها الشديد تجاه مسألة توزيع الأسلحة على هذه الميليشيات قائلة بأن ميليشيات الشرطة الأفغانية التي تعتمد عليها الحكومة في عمليات الأمن في بعض مناطق الدولة فاقمت العنف وزادته سوءًا في بعض المناطق.
وتضم «الشرطة المحلية الأفغانية»، الأقل تكلفة والخطيرة في الوقت نفسه، حاليا 30 ألف مقاتل تقريبًا، وهي ميليشيا تتكوّن من مقاتلين محليين في المقاطعات التي لا تخضع لسيطرة الحكومة بشكل كبير. وحسب «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير فإن «برنامج الشرطة المحلية الأفغانية لم يحسن الأمن في الكثير من المناطق، بل فاقم الصراع في عدد من المقاطعات». وفي بعض المناطق، اتهمت «مجموعة الأزمات الدولية» الميليشيات بارتكاب انتهاكات خطيرة، منها الاغتصاب والخطف والابتزاز والإعدام خارج نطاق القضاء والاتجار بالمخدّرات. كذلك جاء في التقرير أن الأمر «الأكثر شيوعًا أن تسمع شكاوى بأن الشرطة المحلية الأفغانية تلحق الأذى بأفراد الشعب الذين يفترض أن تحرسهم»، مضيفا أن مثل هذه الحالات يمكن أن «تثير الصراع العرقي والطائفي بدلاً من أن تخمده»، وكانت الحكومة اليابانية أنفقت مئات ملايين الدولارات خلال السنوات العشر الماضية لنزع وجمع السلاح من الأيادي غير مسؤولة ضمن برنامج أممي أطلق عليه اسم «دي دي آر»، لكن تشديد هجمات طالبان في السنة الجارية ومحاولتها السيطرة على بعض المناطق لم يترك - على ما يبدو - للحكومة الأفغانية أي خيار سوى تسليح المقاتلين المحليين لحراسة مناطقهم والتصدّي لخطر طالبان المتزايد. ويقول محمد حنيف، وهو خبير في الشأن الأفغاني، بأن حكومة الرئيس أشرف غني ترتكب أخطاء كبيرة جراء تسليح الميليشيات المحلية وتوزيع السلاح على أشخاص غير مسؤولين. وأضاف أن ذلك «قد يكون حلاً مؤقتًا لكن على المدى الطويل، سيعد ذلك خطرًا أكبر من خطر طالبان، لأن الميليشيات المسلحة ستلجأ لاحقًا إلى ابتزاز الحكومات المحلية، وعرقلة مشاريع التنمية في مناطق نفوذها، كما أنها سترتكب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق المرأة وحقوق الإنسان». وأردف «إن التجارب السابقة أثبتت أن هذه الميليشيات تخرج عن سيطرة الحكومة، بسبب ضعف إمكاناتها ومواردها، وتصبح قوة خارجة عن القانون وهذا ليس في مصلحة المؤسسات الشرعية للبلاد».
التقارير المستقلة تشير حاليًا إلى أن الحكومة الأفغانية وزّعت بالفعل الأسلحة الخفيفة والثقيلة، ومرة أخرى، على عشرات الآلاف من المقاتلين المحليين كانوا أعضاء في أحزاب «المجاهدين» السابقين في المناطق الريفية والقرى النائية في البلاد، بهدف مواجهة زحف طالبان إلى مراكز المدن الرئيسية التي تسيطر عليها طالبان، ولا سيما، في مناطق الشرق الأفغاني وجنوبه، وحاليًا في مناطق شمال أفغانستان. وفق التقارير تعاني مناطق الشمال في الوقت الراهن من تداعيات نقل المعركة إليها من الجنوب وسط محاولات طالبان الضغط على الحكومة من خلال توسيع المعارك ضدها وتشتيت قواها الأمنية. وللعلم، يبلغ عدد القوات الأمنية الأفغانية الرسمية من الجيش والشرطة وجهاز الاستخبارات نحو 350 ألف عسكري، جرى تدريبهم على أيدي المدربين الأميركيين والأوروبيين خلال السنوات العشر الماضية ليكونوا بديلاً للقوات الدولية التي انسحبت قواتها المقاتلة من أفغانستان مع نهاية عام 2014.
وفيما يتعلّق بولاية خوست، في شرق أفغانستان قرب الحدود مع باكستان، التي تعتبر حديقة خلفية لمقاتلي شبكة حقاني المقربة من تنظيم القاعدة، فإن تجربة تسليح ميليشيات محلية لم تكن ناجعة بل أثرت سلبًا على سلطة القانون وأداء الحكومات المحلية. إذ أقدم عدد من مسلّحي هذه الميليشيات على خرق القانون وارتكاب أعمال إجرامية بحق المواطنين، ما وسّع الهوة الموجودة أصلاً بين المواطن والحكومة. وهكذا، استفادت حركة طالبان الساعية إلى توسيع نفوذها عبر كسب عقول المواطنين وقلوبهم. ويقول الخبراء الأمنيون إن الميليشيات المسلحة غير المسؤولة التي أنشئت لمواجهة طالبان «أساءت إلى الحكومة وجعلت من طالبان البديل الأفضل في كثير من المناطق التي تشهد التوترات الأمنية ومعارك باستمرار».
ويضيف الخبراء أن الإدارة الأفغانية «ترتكب أكبر غلطة لها من وراء تسليح هذه الميليشيات لأن الأمر سيسبب صداعا وأزمة جديدة للحكومة لن تتمكن من التخلص منه، وأن تسليحها يزيد الطين بلة، خاصة أن أفغانستان تشهد انتشارًا واسعًا للسلاح، وأن المجموعات المسلحة ستستغل الوضع لصالح أعمال تخريبية بحجة محاربة طالبان في مناطقها». ثم إن هناك عاملاً إقليميًا آخر قد يدخل على الخط - وفقًا للمراقبين - بعد تزايد الأنباء عن انتشار مقاتلي «داعش» في مناطق بالشمال الأفغاني قرب حدود دول آسيا الوسطى، ومن المحتمل أن تبادر دول آسيا الوسطى، بما في ذلك روسيا الاتحادية ذاتها، إلى توزيع السلاح على مواطني شمال أفغانستان لكي يحاربوا «داعش» إذا فكر قادة التنظيم المتطرف بشنّ هجمات على مصالح روسية في دول آسيا الوسطى، وقد ينعكس ذلك سلبًا على أمن أفغانستان نفسها التي تنوي نزع سلاح الميليشيات، أو درجها في الإطار الشرعي، ضمن المؤسسات الأمنية الرسمية على حد تعبير الخبراء الأفغان.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.