ويليامز.. لأول مرة يعتذر

بعد أن نقل إلى وظيفة أخرى

المذيع الأميركي المشهور بريان ويليامز
المذيع الأميركي المشهور بريان ويليامز
TT

ويليامز.. لأول مرة يعتذر

المذيع الأميركي المشهور بريان ويليامز
المذيع الأميركي المشهور بريان ويليامز

لأول مرة، ليلة الجمعة، في نشرة الأخبار المسائية اليومية نفسها التي كان يقدمها في تلفزيون «إن بي سي»، قال المذيع الأميركي المشهور بريان ويليامز إنه آسف على نشر أكاذيب في الماضي بأنه كاد يقتل خلال تغطيته للغزو الأميركي للعراق. وقال إن رفضه أو تردده في الاعتذار كان من أسباب تدهور المشكلة التي انتهت بإيقافه عن العمل، ثم إرساله في إجازة استمرت شهورا.. ثم، أخيرا، تعيينه مذيعا في تلفزيون «إم إس إن بي سي» الإخباري، التابع للشركة نفسها.
في فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الشركة أن المعلومات التي نشرها ويليامز كانت «غير دقيقة». وصار واضحا أن عددا من العسكريين، خاصة الذين كانوا معه في طائرة الهليكوبتر التي تعرضت لنار العراقيين، هم الذين نفضوا الغبار عما حدث قبل أكثر من عشر سنوات. هذا بالإضافة إلى عدم رضا عدد كبير من العسكريين عن الطريقة التي غطى بها بعض الصحافيين الأميركيين غزو العراق، ثم احتلاله لثماني سنوات.
عمل بريان ويليامز كمقدم أخبار في تلفزيون «إم إس أن بي سي» بين عامي 1996 و2004. وبعد ذلك رقي إلى القناة الرئيسية، «إن بي سي». وخلال سنوات قليلة صار من أشهر مذيعي نشرات الأخبار المسائية. لهذا، تعتبر إعادتها إلى شبكته القديمة تخفيضا لمكانته، ولراتبه.
وأعلنت الشركة أن ويليامز سيحل محله في تقديم النشرة المسائية لتلفزيون «إن بي سي» ليستر هولت، وهو صحافي أسود يقارب عمره الستين عاما، وكان يقدم النشرة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وكان حل محل ويليامز في تقديم النشرة منذ فبراير الماضي.
وكان بريان ويليامز، الذي، أيضا، قارب الستين من العمر، تعرض لعقوبة تأديبية أوقفت راتبه لستة شهور.
بدأت المشكلة في يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما قال ويليامز، في مقابلة تلفزيونية، إن الهليكوبتر التي كان فيها تعرضت لهجوم صاروخي من جانب العراقيين. لكن، بعد تصريحات انتقادية من عسكريين كانوا معه في الطائرة، قال إنه كان داخل هليكوبتر أخرى كانت وراء تلك التي تعرضت للهجوم. أدى ذلك إلى فتح تحقيق داخلي في القناة، نتج عنه تعليق مهام ويليامز. حدث ذلك بعد فترة وجيزة من تجديد عقده (مقابل عشرة ملايين دولار سنويا).
حسب نتائج التحقيق، الذي شمل فترة تزيد على عشر سنوات «أدلى ويليامز ببعض التصريحات غير الدقيقة عن دوره وتجاربه المرتبطة بتغطية ميدانية للأحداث (في العراق)».
ويوم الجمعة الماضي، قال مسؤول في الشركة إن «بريان لديه فرصة الآن لاستعادة ثقة الجميع. لقد جعله عمله الممتاز على مدى 22 عاما يستحق هذه الإمكانية». وأخيرا، يوم الجمعة، أبدى ويليامز، الذي سيتولى مهامه الجديدة في أغسطس (آب) «أسفه» لما فعل.
ونقل بيان أصدرته شركة «إن بي سي» عن ويليامز قوله: «صرحت بأمور لم تكن صحيحة. خذلت زملائي في (إن بي سي)، والمشاهدين. الآن، أنا مصمم على استعادة ثقتهم. أنا ممتن لحصولي على فرصة للتمكن من تغطية الأحداث مجددا».



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».