الحكومة العراقية تتخذ إجراءات للحد من انهيار الدينار أمام الدولار

محافظ البنك المركزي نفى إمكانية إفلاس الخزينة بسبب الظروف

الحكومة العراقية تتخذ إجراءات للحد من انهيار الدينار أمام الدولار
TT

الحكومة العراقية تتخذ إجراءات للحد من انهيار الدينار أمام الدولار

الحكومة العراقية تتخذ إجراءات للحد من انهيار الدينار أمام الدولار

أكد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق اتخاذ الحكومة سلسلة إجراءات تهدف إلى الحد من الارتفاع الكبير في أسعار صرف الدولار مقابل الدينار خلال الفترة الماضية.
وفي حين نوه العلاق بوجود أهداف أخرى لم يكشف عنها تقف خلف عمليات المضاربة التي أقلقت الشارع العراقي وسط تضارب أنباء بشأن قدرة خزينة الدولة على الاستمرار في صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين البالغة مليارات الدولارات شهريا في ظل عدم استقرار أسعار النفط، فقد كشف عن طرح سندات محلية بقيمة 5 مليارات دولار لتوفير السيولة النقدية للدولة.
العلاق وفي مؤتمر صحافي عقده ببغداد أمس على أثر اجتماع خلية الأزمة الحكومية برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي لمواجهة تداعيات انخفاض سعر صرف الدينار، أكد أن «البنك المركزي يملك عملة أجنبية هي ضعف العملة المحلية الموجودة في السوق، وما حصل في الأيام الماضية يؤشر على أن هذه المحاولات تنطوي على نوع من المضاربة وجني أرباح، وقد تنطوي أيضا على أهداف أخرى لا أريد الدخول في تفاصيلها». وأضاف العلاق: «إننا نستطيع الاستجابة لطلب الدولار مهما بلغ حجمه، ولا توجد مخاوف على تأثير سعر الصرف» مشيرا إلى أن «الاحتياطي المالي للبنك المركزي رقم متغير، واليوم يبلغ بحدود 68 مليار دولار، وحجم الكتلة النقدية للدينار 40 تريليون دينار».
وبشأن الجدل الدائر حول استقلالية البنك المركزي العراقي، قال العلاق إن «هذا الأمر مهم جدا في الحفاظ على رسم سياسية البنك وقراراته، ولا نستطيع أن نقول بأن هناك ضغطا مباشرا، فما زالت استقلالية البنك لدى أغلب الجهات محترمة، ولكن تحدث بعض الضغوطات والتصريحات التي تؤثر على عمل البنك، ومنها من مجلس النواب، التي لا تأخذ الطريقة الصحيحة، مما يخلق أجواء من الخوف في القطاع المصرفي، وهو حساس جدا في تعاملاته».
وبرر العلاق زيادة الطلب على الدولار «بسبب حجم الاستيرادات الكبيرة، وهجرة رؤوس الأموال، وحتى القطاع الخاص أصبح يستثمر في بلدان أخرى». وأشار العلاق إلى أن «سعر صرف الدولار اليوم (أمس) هو 1250 دينارا للدولار الواحد (125 ألف دينار للمائة دولار)، وأتوقع أن العمليات الجديدة لبيع العملة من دون 8 في المائة ضرائب ورسوما، ستؤدي إلى انخفاض له، ومتأكدون من ذلك». ونفى فرضية إفلاس الدولة العراقية، قائلا إن «العراق دولة نفطية تصدر حاليًا أكثر من 3 ملايين برميل، ونملك احتياطيا نقديا من العملة الأجنبية في البنك 68 مليار دولار»، مؤكدا أن «العراق ليس دولة مفلسة، وإنما هناك مشكلة في توفير السيولة، ولكن الأمر لا يصل إلى حد يهدد تأمين رواتب الموظفين، وما زلنا لم نستنفد كل المصادر والموارد التي تغطي العجز، ونعمل بشكل وثيق جدا لسد أي مشكلة في هذا المجال»، مستبعدًا «إمكانية دفع رواتب الموظفين بالدولار»، وأكد أن البنك المركزي لن يقبل بتدويل الاقتصاد العراقي، مشددا أن «الدينار العراقي ما زال قويا».
وكشف العلاق عن «موافقة خلية الأزمة على مقترح في خلية الأزمة سيتولاه البنك المركزي وهو أن وزارة المالية ستقوم بإصدار سندات بالدولار الآجل بقيمة 5 مليارات دولار تطرح للجمهور ويكون سعر الدولار بالسعر الرسمي مطروحا منه نسبة معينة يشتريها الجمهور وتدفع له بالدولار بعد سنة بسعر الدولار الرسمي ناقصا منه نسبة معينة تقترب من نسبة الفائدة»، مؤكدا: «لقد تمت الموافقة على هذا المقترح، وكلف البنك المركزي فيه باعتباره المستشار المالي للحكومة بإدارة هذه الإصدار، وسنباشر فورا بطرح هذه السندات للجمهور كونها ستحقق لنا مصدرا ماليا جيدا».
من جهته، أكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء والنائب السابق لمحافظ البنك المركزي، مظهر محمد صالح، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «البنك المركزي بالفعل لا يزال يملك احتياطيا قويا بالعملة الأجنبية والمحلية، وقادرا على المحافظة على استقرار السوق من خلال فرض السياسة النقدية السليمة». وأوضح أن «العملة الأجنبية تغطي مرتين العملة المصدرة، حيث يتلقى البنك المركزي يوميا عملة أجنبية عن مبيعات النفط، وهذا بحد ذاته مصدر اطمئنان». وأوضح صالح أن «قيام البنك المركزي بتمويل الموازنة المالية للعام الحالي 2015 بستة تريليونات دينار عراقي سينعكس إيجابيًا على الدولة للخروج من الضائقة المالية التي تمر بها البلاد».
في السياق نفسه، أكد الخبير الاقتصادي باسم جميل بطرس، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يمر به الاقتصاد العراقي الآن من هزات يتمثل بارتفاع الدولار وهبوط الدينار، وبصرف النظر عن الإجراءات الخاصة بالمعالجة، فإنما هي تمثل الحالة التي تعانيها الدول الريعية عندما ترتفع وارداتها ولم تخلق تنوعا من مصادر أخرى زراعية أو صناعية أو غيرها، وذلك بعدم التفكير بالأيام المقبلة»، مشيرا إلى أن «ذلك يعود إلى الإدارة العشوائية للاقتصاد العراقي؛ حيث إن غالبية الملفات الاقتصادية يديرها سياسيون وليسوا متخصصين في الاقتصاد».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.