نازحون من الرمادي نادمون على تركهم بيوتهم ومدينتهم

يعيشون في خيام بدائية في ظل ظروف جوية قاهرة.. وبلا خدمات

أطفال عراقيون نازحون يجلسون فوق أكياس مساعدات غذائية قدمها برنامج الغذاء الدولي في مدرسة ببغداد استخدمت كملجأ للنازحين من محافظة الأنبار (أ.ب)
أطفال عراقيون نازحون يجلسون فوق أكياس مساعدات غذائية قدمها برنامج الغذاء الدولي في مدرسة ببغداد استخدمت كملجأ للنازحين من محافظة الأنبار (أ.ب)
TT

نازحون من الرمادي نادمون على تركهم بيوتهم ومدينتهم

أطفال عراقيون نازحون يجلسون فوق أكياس مساعدات غذائية قدمها برنامج الغذاء الدولي في مدرسة ببغداد استخدمت كملجأ للنازحين من محافظة الأنبار (أ.ب)
أطفال عراقيون نازحون يجلسون فوق أكياس مساعدات غذائية قدمها برنامج الغذاء الدولي في مدرسة ببغداد استخدمت كملجأ للنازحين من محافظة الأنبار (أ.ب)

أكد مجلس محافظة الأنبار أن الأسر النازحة والمهجرة داخل المحافظة تمر بأزمة إنسانية كبيرة نتيجة عدم اهتمام الحكومة المركزية بها، فيما ناشد المنظمات الدولية بإيصال الغذاء والماء والدواء لتلك الأسر المنكوبة.
وقال المتحدث باسم المجلس عيد عماش الكربولي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسر النازحة والمهجرة في مدن حديثة والخالدية والعامرية ونواحي البغدادي والرحالية والنخيب والحبانية يمرون بأزمة إنسانية كبيرة في أول أيام شهر رمضان المبارك»، عازيًا السبب إلى «عدم اهتمام الحكومة المركزية بهم، وسط غياب تام لوزارة الهجرة والمهجرين واللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين».
وأضاف الكربولي أن «الأسر النازحة والأهالي من سكان تلك المدن والنواحي في محافظة الأنبار يعيشون في ظل نقص حاد في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب والمواد الطبية وحليب الأطفال وحالتهم الإنسانية يرثى لها نتيجة عدم وصول متطلبات العيش لهم من قبل الجهات المختصة وعدم الاهتمام بهم».
وناشد الكربولي المنظمات الدولية الإنسانية والخيرية والعربية والمحلية «إيصال الغذاء والماء والدواء للأسر المنكوبة في تلك المناطق لأنها تمر بحياة قاسية وتحتاج إلى متطلبات العيش للبقاء على قيد الحياة».
وفي أحد مخيمات النزوح في ناحية الحبانية شرق مدينة الرمادي رصدت «الشرق الأوسط» الحالات الصعبة التي يعيشها النازحون تحت أشعة الشمس الحارقة وهم يعيشون داخل خيام معدومة كليًا من الخدمات الأساسية.
النازح ناجي علوان (69 عاما) من أهالي مدينة الرمادي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «أوضاعنا مأساوية فنحن نعيش في مخيم للنازحين في مدينة الحبانية 30 كم شرق الرمادي والخيام منصوبة على أرض ترابية ودرجات الحرارة عالية جدًا وهناك نقص كامل بل انعدام للخدمات حيث لا يوجد ماء يكفي النازحين رغم أن الماء يصلنا في عبوات بلاستيكية والماء حار جدًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى 50 درجة مئوية».
وأضاف علوان: «نحن نعيش أيام رمضان المبارك ولا من مسؤول حكومي زارنا أو تفقد أحوالنا وكذلك المنظمات الإنسانية التي تخشى الوصول إلينا نتيجة مخاطر الطريق، أنا بحاجة إلى أدوية ورعاية خاصة، وهناك الكثير من أقراني كبار السن توفوا نتيجة هذه الظروف القاسية، أدعو الله أن يعين هذه الأسر على ما تعانيه من عطش وجوع في ظل غياب المسؤول».
النازحة ماجدة عبد الله قالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعيش حالة الموت البطيء مع عذاب وقهر وحزن على أطفالنا، فبعد أن تركنا مجبرين بيوتنا وجيراننا خشية التعرض للقتل على يد مجرمي (داعش)، وجدنا هنا في هذا المخيم من هم أكثر إجرامًا فلا أحد يهتم لنداءاتنا وتوسلاتنا حينما نطلب مساعدات بسيطة وضرورية كالغذاء والماء والدواء، ولم يحترموا حرمة هذا الشهر الفضيل شهر رمضان، الكل هنا يعيش حياة مأساوية، وأقولها لكم بصراحة نحن نادمون لأننا خرجنا من بيوتنا ووضعنا ثقتنا بهكذا حكومة فاشلة ومسؤولين يسرقون الأرواح قبل أن يسرقوا الأموال».
وأضافت النازحة ماجدة عبد الله: «الأمر هذا يشبه تمامًا ما قامت به إحدى (المنظمات الإنسانية) التي جاءت مع القوات الأمنية إلى حيث مخيمنا وقدمت لنا صندوقا كارتونيا يحتوي على منظفات!! رغم أننا لا نمتلك الماء لغسيل الملابس أو للتحمم، الأعداد الكبيرة من النازحين التي تراها هنا في هذا المخيم تشكو إلى الله حالها مع حلول شهر رمضان في هكذا أجواء حارة زادت من معاناتنا وجميعنا ينتظر أن يأتي لنا المنقذ الشريف الذي ينتشلنا من هذا الحال الصعب، ومطالبنا تقتصر على توفير أبسط مقومات الحياة للنازحين بعد أن أصابنا اليأس من تحرير مدننا».
أما النازح صلاح عبد سليم (40 عاما) من أهالي مدينة الرمادي فقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «ما نعانيه الآن سببه ليس (داعش) فقط وإنما المسؤولون الحكوميون سواء في الأنبار أو بغداد، فبعد أن كنا أصحاب مضايف نفتحها بوجه كل من يشرفنا من أهلنا العراقيين من الجنوب والوسط والشمال أصبحنا الآن نعيش في البراري ونساؤنا وأطفالنا وكبار السن منا يتوسلون من أجل أن يجلب لهم طعام أو ماء أو دواء، هذا المشهد هو وصمة عار على الحكومتين المركزية والمحلية».
وأضاف سليم: «نحن دخلنا في حرمة أيام شهر رمضان المبارك ولم تهتز ذمة وضمير أي أحد من المسؤولين لزيارة هذه العائلات المنكوبة ولم يتذكرنا أحد بوجبة إفطار أو سحور أو حتى جاء لينقل معاناتنا إلى أسياده».
من جانبه، عزا نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي عدم توفير ما يستحقه النازحون من خدمات أساسية لعدم قدرة الحكومة المركزية على توفير ما يحتاجه هؤلاء في أربع محافظات عراقية.
وقال العيساوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة المركزية عاجزة تمامًا عن توفير معيشة تليق بالنازحين خصوصًا مع العجز في الميزانية المالية للعراق وهبوط أسعار النفط الذي يعتبر المصدر الاقتصادي الوحيد للعراق مع صرف المليارات من خزين الدولة على الحرب ضد (داعش)».
وأضاف العيساوي: «إن مسألة النازحين وملفهم تعجز الحكومة العراقية على تنفيذه وتحقيق عيش كريم يليق بهم، والآن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري يسافر إلى هنا وهناك من أجل المساعدة في تقديم العون لنازحي العراق الذين تجاوزوا الأربعة ملايين نازح، واليوم ومع حلول شهر رمضان المبارك لا يمكنني أن أعد النازحين بأي شيء مع هكذا وضع مالي متدهور، وأدعو الله أن يكون بعونهم ويزيدهم صبرًا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.