سيارتان مفخختان وسط تهزان صنعاء وإب.. والتحالف يدمر مخزن أسلحة في الجوف

عمليات للمقاومة في إقليم آزال تستهدف الميليشيات في صنعاء وذمار ومأرب

مسلح حوثي يرتدي الزي العسكري يعاين مكان انفجار سيارة استهدفت الميليشيات الحوثية أمس قرب صنعاء القديمة (أ.ب)
مسلح حوثي يرتدي الزي العسكري يعاين مكان انفجار سيارة استهدفت الميليشيات الحوثية أمس قرب صنعاء القديمة (أ.ب)
TT

سيارتان مفخختان وسط تهزان صنعاء وإب.. والتحالف يدمر مخزن أسلحة في الجوف

مسلح حوثي يرتدي الزي العسكري يعاين مكان انفجار سيارة استهدفت الميليشيات الحوثية أمس قرب صنعاء القديمة (أ.ب)
مسلح حوثي يرتدي الزي العسكري يعاين مكان انفجار سيارة استهدفت الميليشيات الحوثية أمس قرب صنعاء القديمة (أ.ب)

تأخذ التطورات في اليمن منحى جديدا، وذلك بالتزامن مع فشل مشاورات جنيف التي رعتها الأمم المتحدة خلال الأيام القليلة الماضية، وقد تمثلت هذه التطورات في التفجيرات التي تشهدها العاصمة وعدد من المحافظات، إضافة إلى العمليات المتزايدة للمقاومة الشعبية في صنعاء والمناطق المحيطة بها، وانفجرت، أمس، سيارتان مفخختان في العاصمة صنعاء ومحافظة إب، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن السيارة الأولى انفجرت بجوار مسجد قبة المهدي بصنعاء القديمة، المقابل لمبنى جهاز الأمن القومي (المخابرات)، وحسب مصادر رسمية فقد أسفر الانفجار عن مقتل شخصين، على الأقل، وعن أضرار مادية بالغة، أما الانفجار الثاني فقد وقع في منطقة الدائري في مدينة إب، بوسط البلاد. وقالت مصادر محلية إن الانفجار استهدف مقر تجمع الحوثيين في إب وإن الانفجار أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، حيث هرعت سيارات الإسعاف إلى المكان، قبل أن يقوم المسلحون الحوثيون بإغلاق المنطقة بطوق أمني، وجاءت هذه التفجيرات، بعد التفجيرات التي وقعت الأربعاء الماضي في صنعاء بأربع سيارات مفخخة، وقد أدانت كثير من القوى السياسية هذه التفجيرات، وحمل حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع صالح مسؤولية هذه التفجيرات، في الوقت الذي اعتبرت كثير من الأوساط السياسية والاجتماعية اليمنية أن هناك أطرافا تسعى إلى تأجيج صراع طائفي في اليمن، واتهمت بعض الأوساط إيران صراحة بالتورط في مثل هذه العمليات، التي قال البعض إنها مشابهة كثيرا للعمليات التي تجري في العراق وسوريا، وقد بدأ الوضع الأمني في العاصمة صنعاء يشهد انفلاتا ملحوظا، خلال الأيام القليلة الماضية، رغم القبضة الأمنية القوية التي تفرضها ميليشيات الحوثيين وقوات صالح والأجهزة الأمنية على العاصمة منذ سبتمبر (أيلول) المنصرم، وحتى اللحظة.
وفي التطورات الأخرى، كثف طيران التحالف غاراته على المواقع التي يتمركز فيها المسلحون الحوثيون والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في عدد من المناطق اليمنية، وحسب معلومات ميدانية، فقد استهدف الطيران عددا من المواقع حول مدينة عدن في ظل المواجهات الدائرة هناك بين الحوثيين وقوات صالح من جهة والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى، وفي مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف، التي سيطر عليها الحوثيون الأسبوع الماضي، دمر قصف طيران التحالف مخزنا كبيرا للأسلحة، في سياق استهداف عدد من المواقع التي تحت سيطرة الميليشيات، وبينها مقر اللواء 115، وهو اللواء العسكري الرئيسي في المحافظة الحدودية مع المملكة العربية السعودية.
واستمرارا لعمليات المقاومة في إقليم آزال، فقد قتل وجرح عدد من عناصر الميليشيا الحوثية المسلحة في مديرية الحيمة الداخلية، في ثلاث هجمات لمسلحين من عناصر المقاومة الشعبية التي باتت تطلق على نفسها «مقاومة آزال»، وقال بيان للمقاومة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «أبطال مقاومة آزال نفذوا ثلاث عمليات ضد ميليشيات الحوثي وصالح في منطقة الحيمة الداخلية»، وأشار البيان إلى أن «العملية الأولى استهدفت طقما تابعا للميليشيات في منطقة بني السياغ، بينما استهدفت العملية الثانية نقطة حوثية بمنطقة السلف، بينما استهدفت العملية الثالثة مركزا للميليشيا بمنطقة مهمعة»، وإلى أن «العمليات الثلاث عن سقوط عدد من عناصر الميليشيات بين قتيل وجريح، وجرح أحد القيادات الميدانية للميليشيات»، وتبنت المقاومة في آزال، أيضا، هجوما استهدف مقرا هاما للحوثيين في مدينة ذمار، عاصمة محافظة ذمار والواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، وحسب بيان للمقاومة فقد نفذ الهجوم بعدد من القنابل، وإن المقر المستهدف يعد واحدا من أهم مواقع تجمعات الميلشيات الحوثية في ذمار، وإن قيادات حوثية كانت تتجمع بداخله، إضافة إلى أن أسلحة وذخائر خزنت، في وقت سابق، في ذلك المقر، وتأتي هذه العمليات في سياق سلسلة من العمليات التي تبنتها المقاومة في إقليم آزال الذي يضم العاصمة صنعاء ومحافظات: صنعاء وصعدة وذمار وعمران.
وحول ظهور مقاومة في صنعاء، قال شادي خصروف، رئيس منظمة «رفض» لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه العمليات في محافظة صنعاء إنما تأتي تعبيرا عن حالة الرفض الشعبي لسلطة الميليشيات وثقافة التطييف، وتأتي متسقة مع السياقات النضالية لأبناء محافظة صنعاء وأبناء إقليم آزال بشكل عام والذين كانوا في خط المواجهة الأول دفاعا عن الدولة والجمهورية، ولولا تخاذل السلطة وتآمر بعض قياداتها وتخاذل وصمت كثير من القوى السياسية لكانت بقيت السد المنيع الذي لطالما تحطمت على أسواره كل مشاريع الاجتياح التي حملتها قوى الثورة المضادة منذ 2011»، وأضاف الناشط اليمني البارز أن تلك المناطق التي تشهد هذه المقاومة الآن «شهدت واحدة من أشرس عمليات السحق والانتقام من هذه المناطق، حيث نكل بقياداتها وشخصياتها الاجتماعية وكل خصومهم مؤسسات وأفراد ومبان، ففجرت البيوت والمقرات والمؤسسات ونهب كل ممتلكاتهم وأسلحتهم وسياراتهم الشخصية وغيرها بهدف بث حالة من الرعب الشديد والقضاء على أي إمكانية مستقبلية لقيام حالة مقاومة جديدة، ولكن ها هو التاريخ يكتب اليوم أمام أعيننا، وها هي المقاومة تنبعث من بين الرماد كطائر الفينيق وتؤكد أنه لا مستقبل للدولة الطائفية في اليمن وأنه (الحوثي) مرفوض حتى في المناطق التي يدعي أنه يمثلها (المناطق الزيدية)».
وفي سياق الوضع الأمني والعسكري في اليمن، أيضا، قالت مصادر قبلية في محافظة مأرب، بشرق البلاد لـ«الشرق الأوسط» إن العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح لقوا مصرعهم خلال الساعات الماضية في مواجهات عنيفة في عدد من جبهات القتال في هذه المحافظة النفطية الهامة، وذكرت المصادر أن 17 مسلحا من الحوثيين وقوات صالح قتلوا وجرح آخرون في هجوم للمقاومة في مأرب، نفذ على مواقع تسيطر عليها هذه القوات في مديرية مجزر، شمال مدينة مأرب. وحسب تلك المصادر فقد جرى «تلقين ميليشيات الحوثي وصالح دروسا مؤلمة خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية على يد أبطال المقاومة من قبائل مأرب والقوات العسكرية الموالية للشرعية»، وتشير إلى المعلومات إلى أن المقاومة في مأرب في موقف دفاع قوي عن المواقع التي تحت سيطرتها، وتنفذ، بين وقت وآخر، هجمات قوية لاستعادة السيطرة على المواقع التي سيطر عليها المسلحون الحوثيون وقوات صالح المعززة بالحرس الجمهوري السابق.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.