التكنولوجيا النووية والاستثمار الزراعي قاطرة العلاقات الاقتصادية السعودية الروسية

الاتفاقيات المحفز الأكبر لنمو الاستثمارات بين أكبر بلدين في سوق الطاقة

التكنولوجيا النووية والاستثمار الزراعي قاطرة العلاقات الاقتصادية السعودية الروسية
TT

التكنولوجيا النووية والاستثمار الزراعي قاطرة العلاقات الاقتصادية السعودية الروسية

التكنولوجيا النووية والاستثمار الزراعي قاطرة العلاقات الاقتصادية السعودية الروسية

كشف تقرير أعدته الهيئة العامة للاستثمار عن حجم الاستثمارات الروسية في السوق السعودية التي بلغ عددها 22 مشروعًا فقط بقيمة قدرت بنحو 18 مليون دولار (67.5 مليون ريال)، بينما يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1.3 مليار دولار (4.9 مليار ريال) وهو الأمر الذي لا يعكس حجم اقتصاد البلدين ومكانتهما الاقتصادية، إلا أن التشابه الحاصل بين البلدين خصوصًا في مجال الطاقة واختلاف التكنولوجيا قد يكون أحد العوائق التي حدت في الفترة الماضية من نمو حجم الاستثمارات.
وتمثل التكنولوجيا النووية والاستثمار الزراعي القاطرة التي ستقود العلاقات بين البلدين إلى آفاق توازي مكانتهما الاقتصادية عالميًا، وهنا يقول مازن السديري «باحث ومحلل اقتصادي» أن التقارب الاقتصادي الروسي السعودي ظل محدودًا لسنوات طويلة والسبب هو تقارب الاقتصاديين في الاعتماد على المواد الخام في الصادرات التي تشكل 70 في المائة من مجموع الصادرات الروسية.
هذه الموارد بحسب السديري شكلت في الاقتصاد السعودي في عام 2013 نحو 89 في المائة من حجم الصادرات السعودية، في حين اعتبر السديري التغير السعودي الأخير في تطوير الطاقة المتجددة وتطوير وسائل الاتصال والأقمار الصناعية التي تمتلك روسيا التقنية المتقدمة هذا المجال، وأضاف أن روسيا اليوم ترحب بأي شراكة دولية، خصوصًا مع الحصار الغربي عليها لذلك دفع التقارب الاقتصادي الأخير إلى آفاق تعاون ومستوى علاقات قد يكون الأعلى في تاريخ علاقات البلدين.
من جانب آخر، قال عبد الرحمن الراشد، وهو «رجل أعمال سعودي»، أن «تشابه الموارد الاقتصادية حد من نمو الاستثمارات في الماضي، وكذلك الاختلاف في التكنولوجيا التي يعتمد عليها في البنية الاقتصادية»، لكن الراشد أشار إلى «أهمية الاستفادة من التكنولوجيا النووية التي تمتلكها روسيا في المجال النووي لإنتاج الطاقة النووية السلمية التي تحتاجها السعودية في إنتاج الكهرباء والتحلية».
وتابع الراشد يمكن الاستفادة من الاتفاقيات في المجال الزراعي حيث يمكن أن يستثمر السعوديون في روسيا في مجال القمح وغيره من المجالات التي تدخل في الأمن الغذائي ضمن مبادرة الاستثمار السعودي في الخارج.
وبحسب التقرير الذي أعدته الهيئة العامة للاستثمار قبل انعقاد منتدى الأعمال السعودي الروسي الذي استضافته مدينة سان بطرسبرغ يوم الأربعاء الماضي، فقد كانت هناك جوانب مختلفة من فرص وآفاق التعاون لزيادة عدد المشروعات الروسية في المملكة التي ما زالت أقل من الإمكانات الاقتصادية والاستثمارية لكل من المملكة العربية السعودية وروسيا؛ إذ لم تتجاوز تراخيص الاستثمار الروسية سوى (22) مشروعًا استثماريًا فقط موزعة على قطاعات التشييد والبناء والتعدين صناعة الحديد والزجاج، وأنشطة الخدمات الإدارية والدعم والمساندة، وأبرز المجالات المتاحة أمام قطاع الأعمال الروسي للاستفادة من هذه الفرص.
واستعرض التقرير أهم المزايا التي يتمتع بها اقتصاد المملكة العربية السعودية ووجوده ضمن قائمة أكبر (20) اقتصادًا في العالم ومن أسرع دول العالم نموًا، واحتلال المملكة المركز الرابع عالميًا من حيث استقرار الاقتصاد الكلى، إلى جانب سياسات اقتصادية تتسم بالانفتاح والمرونة، وتمكين القطاع الخاص، وأنظمة مالية واستقرار سياسي وأمني جعل الاقتصاد السعودي بمأمن من أي تقلبات اقتصادية وسياسية تشهدها دول العالم المختلفة.
وأشار التقرير إلى أهمية الإنفاق الحكومي في تنشيط استثمارات القطاع الخاص واعتبر أن استمرار استحواذ قطاعات مثل: التعليم، وتنمية الموارد البشرية، والصحة، والشؤون الاجتماعية، والبنى التحتية، النصيب الأكبر في موازنة الدولة، يأتي وفق رؤية تنموية طموحة للمملكة بما يضمن حراكًا اقتصاديًا واستثماريًا يتميز بالاستمرار والنمو والتنوع.
وركز تقرير الهيئة العامة للاستثمار على أهمية نفقات الدولة الاستثمارية والتشغيلية في القطاعات الواعدة التي تعد محفزًا كبيرًا للقطاع الخاص بشقيه؛ المحلي والأجنبي، لتنمية استثماراته وتفعيل نشاطاته الاقتصادية في مجالات عدة: كالصحة، والتعليم، والسياحة، والنقل، والاقتصاد المعرفي، علاوة على إيجاد شركات وطنية رائدة تتحول لاحقًا إلى شركات مساهمة تسهم في تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد وتفعيل دور القطاع الخاص بصورة أكبر بما يتماشى مع خططها وتوجهاتها في توسيع استثمارات القطاع الخاص في المجالات الواعدة والنهوض بها على أسس اقتصادية واستثمارية صحيحة وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني.
وأشارت الهيئة العامة للاستثمار أن إجمالي رصيد الاستثمارات في السعودية بلغ 208 مليارات ريال في قطاعات مختلفة (صناعة خدمات مالية وتأمين وغيرها) تمثلت من خلال 11 ألف ترخيص استثماري ممنوح للشركات الأجنبية، مبينة أن عدد التراخيص الاستثمارية الروسية مقارنة بإجمالي الاستثمارات في السعودية تبلغ 18 مليون دولار 15 منها في قطاع الصناعات التحويلية و2.5 مليون في قطاع الخدمات، وذلك عبر (22) مشروعًا فقط.
وقدر التقرير حجم التبادل التجاري بين السعودية وروسيا بنحو 1.3 مليار دولار وكانت أغلب صادرات روسيا للمملكة تمثلت في الشعير والحديد والقمح والزيوت، بينما تمثلت صادرات المملكة إلى روسيا في بلورات الإثيلين والألياف الصناعية وألواح البلاستيك.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.