جنازة الملكة إليزابيث... يوم التقت فيه العراقة بالأناقة

تقاليد بريطانية أرستها الملكة فيكتوريا... بالأسود

أميرة ويلز، والأميرة شارلوت، والأمير جورج، وكاميلا زوجة الملك، وميغان، والأميرة بياتريس يتبعون نعش الملكة (أ.ب)
أميرة ويلز، والأميرة شارلوت، والأمير جورج، وكاميلا زوجة الملك، وميغان، والأميرة بياتريس يتبعون نعش الملكة (أ.ب)
TT

جنازة الملكة إليزابيث... يوم التقت فيه العراقة بالأناقة

أميرة ويلز، والأميرة شارلوت، والأمير جورج، وكاميلا زوجة الملك، وميغان، والأميرة بياتريس يتبعون نعش الملكة (أ.ب)
أميرة ويلز، والأميرة شارلوت، والأمير جورج، وكاميلا زوجة الملك، وميغان، والأميرة بياتريس يتبعون نعش الملكة (أ.ب)

وصلت أمس المراسم الملكية لدفن الملكة إليزابيث الثانية المحطة الأخيرة وسط استنفار أمني غير مسبوق وحالة حزن لوَنها أسود قاتم. قبعات واسعة تُخفي الوجوه والمشاعر ومعاطف وفساتين تحمل إرثاً بدأ في عهد الرومان واستقوى في عهد الملكة فيكتوريا متخفياً وراء تصاميم عصرية. المتابع لهذه المراسم يرى مدى الدقة التي تمت بها. كانت بمثابة عملية عسكرية تستمد حركاتها ورسمياتها من عصور اعتقد عديدون أن الحداثة عصفت بها ووارتها إلى كتب التاريخ، إلا أن حبكة لوجيستياتها حولتها إلى سيمفونية تخترق بنغماتها المهيبة الحواس فتنتزع الدموع والإعجاب على حد سواء.


أميرة ويلز كيت ميدلتون (رويترز)

رغم اللون الأسود الذي صبغ يوماً خاصاً بوداع ملكة عشقت الألوان الزاهية وجعلتها ماركتها المسجلة، كانت اللوحة مهيبة في جمعها عراقة التقاليد بأناقة تنافست الأميرات والدوقات على إبرازها رغم أن هذا اللون بالنسبة للمصممين يحتاج منهم إلى جُهد أكبر لإبراز ما يتضمنه من تفاصيل دقيقة. ربما لهذا السبب كان الأسود واحداً من لونين لا تميل إليهما الملكة الراحلة وقلما ظهرت بهما. اللون الثاني هو «البيج»، الذي أسرَت للمؤرخ الملكي، روبرت هاردمان في إحدى المقابلات أنه يجعلها تذوب بين الآخرين «فلا أحد سيعرف من أكون» حسب قولها له. ويشير هاردمان إلى أنها كانت تلبس هذا اللون فقط في حياتها الخاصة وعندما تكون متوارية عن الأنظار بين جدران قصورها.

زارا تيندل ابنة الأميرة آن (أ.ب)

كان الأصفر الصارخ والأخضر والأحمر والبرتقالي والأزرق والأرجواني رفاق دربها تتحدى بها موجات الموضة وصرعاتها وتُرسل من خلالها رسائلها الدبلوماسية. ملامحها الهادئة والرزينة كانت كفيلة بالتخفيف من صراخ هذه الألوان. لكن في يوم وداعها، كان لا بد للأسود أن يسود، وهي تعرف ذلك تماماً كونها أكثر من صان هذه التقاليد المتوارثة منذ قرون، واحترمت بروتوكول يتعدى اللون إلى طول الفساتين التي يجب أن تغطي الركبة والجوارب السوداء والقبعات. كان الخيار بالنسبة للرجال واضحاً. بذلات صباحية لا بأس أن تكون بذيل أو بزات عسكرية. الملك تشارلز ارتدى زياً احتفالياً مزيناً بميداليات حاملاً سيفاً بالأحمر والذهبي قدمته له الملكة في عام 2012، بينما ارتدى الأمير إدوارد والأميرة آن والأمير ويليام الزي العسكري مزيناً أيضاً بالميداليات. أما الأميران آندرو وهاري، اللذان لم يعودا من الأفراد العاملين في العائلة الملكية، فقد ارتديا سترتي حداد ولم يقوما بالتحية رغم خدمتهما من قبل في مناطق صراع مثل جزر فوكلاند وأفغانستان.

دوقة ويسيكس ودوقة ساسيكس (أ.ب)

الأمر اختلف بالنسبة لنساء العائلة المالكة. فمنذ إعلان القصر عن موت الملكة، وهن يُحضرن أنفسهن لهذا اليوم وكأن ما سبق طوال الأسبوع مجرد بروفات. فصورهن ستتداولها الصحف وتُوثقها كتب التاريخ. وبالفعل لم تُخيب أي منهن الآمال رغم صعوبة هذا اللون في مثل هذه المناسبة. فهو يحتاج من المصممين أن يصبوا فيه الكثير من الإبداع والدقة في التفصيل حتى يكتسب التفرد المطلوب. بيد أن الأمر هنا لم يقتصر على مصممي الأزياء بل أيضاً على مصممي القبعات، الذين كانت العملية بالنسبة لهم سباقاً مع الوقت لتوفيرها بالشكل المطلوب. مصمم القبعات ستيفن جونز مثلاً لم يتوقف عن العمل طوال الأسبوع، حسبما صرح، مشيراً إلى أن مهمته تعدت التصميم إلى تقديم اقتراحات، إن لم نقل نصائح، لبعض الشخصيات من دول أخرى لا تدخل القبعات ضمن ثقافتهم لكن يحرصون على احترام التقاليد الملكية والبروتوكول البريطاني. تنوعت تصاميمها وأضفت على اللوحة في كاتدرائية ويستمنستر بهاء ومهابة، وإن كان لا بد من التنويه بأن أميرة وايلز الحالية، كايت ميدلتون، كانت الأكثر تألقاً بقبعتها الواسعة وخمارها الشفاف الذي غطى كامل وجهها من دون أن تُخفي تخريماته ملامحها الحزينة.

أميرة ويلز لدى وصولها مع ابنيها إلى كاتدرائية ويستمنستر (أ.ف.ب)

وإذا كانت القبعات لعبت دوراً مهماً في الصورة أمس، فإن الفساتين كانت الحلقة الأقوى. من جهة لأنها بلونها القاتم، كما قال ماثيو ستوري، أمين المتحف التاريخي للقصور الملكية، جزءاً من ثقافة الحداد الملكية الأوروبية لعدة قرون، كما تعكس تمسك القصر البريطاني بتقاليد تاريخية لم تتأثر بهجمة الجديد على القديم، ومن جهة ثانية لتصاميمها الأنيقة. دوقة ساسيكس، ميغان ماركل، اختارت فستاناً على شكل «كايب» تفوح كل تفاصيله بالعصرية. حملت قفازات طويلة لدى وصولها ثم ارتدتها بعد دخولها الكاتدرائية. في المقابل اختارت أميرة وايلز، كايت، فستاناً كلاسيكياً مستلهماً من تصميم التوكسيدو أو بدلة الصباح عند الصدر وتنورة ببليسيهات عريضة، علماً بأن اختياراتها في الآونة الأخيرة تنم عن رغبة في فرض قوتها إما من خلال التفصيل الصارم أو الأكتاف المحددة. لكن الاثنتان اختارتا مجوهرات من اللؤلؤ أهدتها لهما الملكة في مناسبات مهمة من حياتهما، لإضفاء بعض البريق على مظهر قاتم، وأيضاً تحية لملكة أتقنت استعمال مجوهراتها لإرسال رسائل خاصة أو سياسية لا يمكنها الإفصاح عنها بلسانها.


ملك إسبانيا وزوجته ليتيزيا (رويترز)

اختيار ميغان ماركل كالعادة، بما في ذلك عدم ارتدائها للقفازات لدى حضورها، يكشف عن رغبة دفينة في الاختلاف لكي تعكس صورة عصرية، لكن البروتوكول الذي أرسته الملكة فكتوريا كان لها بالمرصاد. فقد فشلت هذه المرة في سرقة الأضواء من المناسبة كما فشلت الملكة الأم قبلها في إلحاق أي تغيير بهذا البروتوكول الصارم. ففي عام 1938 حاولت هذه الأخيرة استبدال الأسود بالأبيض، حين ارتدت فستاناً أبيض من تصميم نورمان هارتنل بعد وفاة والدتها وجدة الملكة إليزابيث الثانية، كونتيسة ستراثمور. باءت محاولتها بالفشل وظلت التقاليد كما أرستها فكتوريا صامدة وعريقة.


مقالات ذات صلة

بعيد كيت الـ43... ويليام يشيد بـ«الزوجة والأم الأكثر روعة»

يوميات الشرق كيت ميدلتون زوجة الأمير البريطاني ويليام (أ.ف.ب)

بعيد كيت الـ43... ويليام يشيد بـ«الزوجة والأم الأكثر روعة»

نشر الأمير البريطاني ويليام، رسالةً مخصصةً لزوجته كيت ميدلتون، على وسائل التواصل الاجتماعي، أمس (الخميس)؛ للاحتفال بعيد ميلادها الثالث والأربعين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الأمير وليام وزوجته كايت (أرشيفية - رويترز)

بمناسبة عيد ميلادها الـ43... الأمير وليام يشيد بزوجته

أشاد الأمير وليام بالقوة «الرائعة» التي أظهرتها زوجته كايت، التي تحتفل بعيد ميلادها الثالث والأربعين، الخميس، بعد عام حاربت خلاله مرض السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ابتسامةٌ للحياة (أ.ف.ب)

ميغان ماركل «الطباخة»... في مسلسل

أعلنت ميغان ماركل عن بدء عرض مسلسلها المُتمحور حول شغفها بالطهو، وذلك في 15 يناير (كانون الثاني) الحالي عبر منصة «نتفليكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لقطة من فيديو تُظهر الأمير هاري يمارس رياضة ركوب الأمواج (إنستغرام)

الأمير هاري يصطحب نجله آرتشي في رحلة ركوب أمواج بكاليفورنيا

نُشرت لقطات للدوق البالغ من العمر 40 عاماً وهو يرتدي بدلة سباحة سوداء برفقة الطفل البالغ من العمر 5 سنوات في مدرسة ركوب الأمواج في كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا (الولايات المتحدة))
أوروبا ملك بريطانيا تشارلز الثالث والملكة كاميلا خلال وصولهما قداس عيد الميلاد في كنيسة مريم المجدلية في نورفولك بإنجلترا (أ.ب)

في رسالة عيد الميلاد... الملك تشارلز يشكر الفريق الطبي على رعايتهم له ولكيت (فيديو)

وجّه الملك تشارلز الشكر إلى الأطباء الذين تولوا رعايته ورعاية زوجة ابنه كيت أثناء تلقيهما العلاج من السرطان هذا العام، وذلك في رسالة بمناسبة عيد الميلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)
عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

مقتل وإصابة 8 أشخاص بقصف إسرائيلي في جنوب لبنان

عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)
عناصر الدفاع المدني يقومون بعملية البحث عن مفقودين تحت الأنقاض في بلدة الخيام (الوكالة الوطنية للإعلام)

قُتل 6 أشخاص، وأصيب اثنان في جنوب لبنان بقصف إسرائيلي استهدف حافلة وسيارة في أكبر حصيلة منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في وقت دخلت فيه قوة من الجيش اللبناني إلى بلدة عيترون في قضاء بنت جبيل، برفقة جرافة لفتح الطريق عند مدخل البلدة، وإزالة الساتر الترابي الذي كان قد أقامه الجيش الإسرائيلي.

واستهدفت مسيّرة إسرائيلية، بعد ظهر الجمعة، حافلة في بلدة طيردبا قضاء صور، في جنوب لبنان، وأعلنت وزارة الصحة أنها أدت «في حصيلة أولية إلى استشهاد شخصين، وإصابة شخصين آخرين بجروح»، لتعود بعدها وتفيد «الوكالة الوطنية للإعلام» بسقوط 6 شهداء، وإصابة شخصين في الغارة التي استهدفت عصراً سيارة وحافلة، شرق بلدة طيردبا، ونُقلوا بسيارات الإسعاف إلى مستشفيات صور، بينما ضرب الجيش اللبناني طوقاً أمنياً في الإمكان المستهدف، ومنع المواطنين الاقتراب من المكان».

وطالبت بلدية طيردبا بـ«عدم التردد إلى مكان الغارة»، وقالت في بيان: «بعد التنسيق مع مخابرات الجيش اللبناني، يمنع التردد إلى مكان الغارة حرصاً على سلامة الجميع بسبب وجود ذخائر غير منفجرة ما زالت في المكان، وستعمل فرق الهندسة في الجيش اللبناني على إزالتها يوم غد».

«الصليب الأحمر» ينقل القتلى والمصابين نتيجة القصف الإسرائيلي الذي استهدف بلدة طيردبا في جنوب لبنان (الوكالة الوطنية للإعلام)

ومع عملية إعادة الانتشار التي ينفذها الجيش اللبناني تباعاً في القرى التي كانت قد احتلتها إسرائيل، أعلنت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في بيان لها، دعمها لإعادة انتشار الجيش اللبناني في جنوب غربي لبنان بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، بما في ذلك إزالة الذخائر غير المنفجرة والركام. وأكد البيان التزام «اليونيفيل» بدعم وقف الأعمال العدائية والقرار 1701 بهدف استعادة الاستقرار في المنطقة.

وتعرضت عيتا الشعب في الجنوب، لقصف مدفعي في الصباح الباكر قبل أن تنفذ القوات الإسرائيلية تفجيرات وتمشيطاً مكثفاً داخلها. وتمّ رصد تحرّكات لآليات قوات إسرائيلية بين تلة الحمامص ومستعمرة المطلة المحاذية لها عند مثلث الخيام - الوزاني. كما توغلت دبابات وقوات مشاة إسرائيلية في بلدة الطيبة مرة جديدة، وتقوم بإطلاق النار والاعتداء على المنازل.

وأفيد عن حصول بتفجيرات إسرائيلية بين الطيبة والعديسة بالتزامن مع تمشيط مكثّف. في حين تمركزت قوات أخرى، ليل أمس، في محيط مركز الجيش اللبناني عند مثلث القوزح - دبل - عيتا الشعب، حيث ينتظر الجيش منذ أيام إبلاغه من لجنة الإشراف لاستعادة مراكز تابعة له في المنطقة من بينها هذا المركز.

وبعد الظهر أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن قوات العدو نفذت عمليتي نسف لمنازل في بلدة كفركلا. وفي الخيام التي دخلها الجيش اللبناني قبل نحو شهر، أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني في بيان «انتشال جثامين 6 شهداء»، وقالت: «في اليوم الخامس من الأسبوع الرابع لمواصلة عمليات البحث والمسح الميداني الشامل في موقع العدوان الإسرائيلي الذي استهدف بلدة الخيام سابقاً، تمكنت فرق البحث والإنقاذ التابعة لنا، وبالتعاون والتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني، من انتشال جثامين 5 شهداء، 4 منهم من الحي الشرقي، وشهيد واحد من حي البلدية في بلدة الخيام».