حيدر العبد الله: أشعاري تحمل كمية هائلة من الطاقة

الشاعر حيدر العبد الله
الشاعر حيدر العبد الله
TT

حيدر العبد الله: أشعاري تحمل كمية هائلة من الطاقة

الشاعر حيدر العبد الله
الشاعر حيدر العبد الله

رغم حداثة سنه، يعبر الشاعر السعودي الشاب حيدر العبد الله، الذي توجه الأمير خالد الفيصل الأسبوع الماضي شاعر «شباب عكاظ»، لهذا العام، عن تجربة شعرية ناضجة وعن وعي عميق بالمفردة الشعرية، وانفتاح واسع على التجارب التي سبقته.
وقد حاز حيدر جواد العبد الله على جائزة «شاعر شباب عكاظ» في النسخة السابعة للمهرجان، وذلك عن قصيدته «رملة تغسل الماء». ويبلغ حيدر العبد الله 23 عاما، وهو متحدر من مدينة العمران في الأحساء، وهو لا يزال طالبا جامعيا يدرس «الهندسة الميكانيكية» بجامعة لندن. لكن تجربته الشعرية تعبر عن نبوغ مبكر، لفت انتباه العديد من النقاد والمراقبين، خاصة في مسقط رأسه الأحساء، التي تتميز بشعرائها، كما تتميز بالنخيل الذي ينبت في واحتها، والتربة الأحسائية خصبة بالشعراء. وبحسب الشاعر جاسم الصحيح، أبرز شعراء الأحساء، متحدثا لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الشعر في الأحساء هو الحاضن الأول للمشاعر الإنسانية لجيل الأدباء»، مضيفا أن «ذاكرة الأحساء تحتفظ بالشعر كأهم الأجناس الإبداعية وذلك لأن تاريخ الأحساء الأدبي منبت خصب وقديم للشعراء منذ العصر الجاهلي. لذلك، نلاحظ في كل فترة بروز موهبة شعرية متجاوزة منذ الشاعر طرفة بن العبد».
أما الشاعر الشاب حيدر العبد الله، فيتحدث لنا عن تأثير البيئة الأحسائية في شعره، قائلا: «الطابع الجغرافي والاجتماعي بالأحساء هو طابع غني بالحب والجمال المحرض بكل تأكيد على البوح». ويضيف: «الأرض نابضة بالحياة والتواصل، والقلوب خضراء سهلية. ربما بلغ أثر تلك البيئة علي أقصاه، حين افتقدتها أثناء إقامتي بالمملكة المتحدة. كنت أشتاق أكثر ما أشتاق لرائحة التراب والسعف المحترق أوائل الصباح. كانت تلك الصبابة تلهمني حينذاك أكثر من أي شوق ووجد آخر».
في لقاء «الشرق الأوسط» به، يتحدث حيدر العبد الله عن الشعر، معتبرا أن «الشعر من المفاهيم التي يصعب تعريفها بدقة، لكنه نسيج من المبالغات، يضيق ويتسع، ليجعل جسد الحقيقة أكثر إثارة». ويضيف: «يبقى الشعر بمعناه اللغوي مجرد أداة تعبير، أو نافذة تطل منها (شاعرية) الإنسان. فكل إنسان شاعري، وليس كل شاعر إنسانا شاعريا».
أما تباشير موهبته الشعرية فقد برزت مبكرا، منذ مرحلته الابتدائية. يقول: «كتبت (الخرابيش) الأولى حين كنت في الصف الرابع الابتدائي تقريبا. كنت أحب (الدندنة) كثيرا، ومرة إذ كنت أتوضأ أمام مرآة، كان الموقف غاية في الإمعان، فخرجت مع الإيقاع بضع كليمات، ظننتها للوهلة الأولى شعرا، فتلقفتني إحدى أخواتي، وقامت برعاية هذه الموهبة منذ ذلك اليوم. كانت تعطيني المكافآت مقابل حفظي لقصائد كانت تطبعها لي، وكانت تجلس معي في ورش لرصف بعض الأبيات المهشمة. سأظل ممتنا لهذه الأخت ما حييت».

* الشعر وقانون نيوتن!
* يدرس العبد الله الهندسة الميكانيكية، وهو تخصص بعيد عن الشعر والأدب، لكنه يجد ثمة رابطا بين الجانبين، يقول: «لو تأملنا لوجدنا أن قوانين الفيزياء فاعلة عاملة في كل نص شعري. فحين نناقش الحركة وحيوية الصورة، فإن مفهوم الحركة أصلا مفهوم (نيوتني). وفي رأيي، فكل مفردة تحمل في جوفها كمية هائلة من الطاقة الكامنة يستطيع الشاعر، إن اجتهد ووفق، أن يحولها إلى طاقة كهربائية يضيء بها الورق والحدائق وقلوب الآخرين. لكن في الواقع، الشعر ليس هندسة، هو أميل إلى الهدم والتخريب اللغوي، منه إلى التشييد والنسق».
ولا يحفل هذا الشاعر الشاب باتجاهات الشعر ومذاهبه وأشكاله، حيث يعتبر نفسه خارج التصنيف، ويقول: «بالنسبة للشعر؛ انس الشكل، ولتكن حفاوتك بمحتواه. لدي شخصيا جرأة لا بأس بها في تجريب كل الأشكال الشعرية، من عمود وتفعيلة، ونثر أحيانا، حتى أني أكتب الشعبي والإنجليزي أيضا. كل تلك القوالب تذهب، وتخلد روح وشاعرية النص».

* نصوص متحركة
* تتميز قصائد حيدر العبد الله بكثافة الصور التي تجعل من القصيدة نصا متحركا ونابضا، يقول حيدر العبد الله: «الحركة هي الفرق بين مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية مجمدة، وهي ذات الفرق بين صورة واحدة متقنة، ومجموعة متتابعة من الصور المتقنة». ويضيف: «رؤيتي دائما هي تحويل النص الشعري إلى فيلم لغوي، يخطف أنفاس المتلقي، يصعد به ويهبط في جغرافيا الفكرة. أعتقد أن لرؤيتي تلك علاقة بهواية أخرى أمارسها، ولا أجيدها كالشعر طبعا، وهي الإخراج السينمائي».
وقد لاحظ الشاعر جاسم صحيح، جمالية اللقطة وكثافة الصورة في شعر العبد الله، وقال: «إن العنصر الفريد الذي يطغى على قصائد العبد الله هو عنصر الإلهام ويتجلى ذلك في صناعة الصورة واستلهام الرؤية واصطياد المعنى. ففي بعض القصائد، ثمة كشوفات تصل إلى حد الإبهار فتشعر بأنه يحاول أن يكتشف قانونا عقليا جماليا أو فنيا من قوانين الطبيعة البشرية كما في قصيدته (خرافة)، التي يقول فيها:
الخرافة - كائن حي جبان واقف مثل الزرافة! - يقظ ليلا نهارا خائف من طلقة الصياد - من أن يستطيع الفلسفيون اكتشافه - الخرافات تماما كالزرافات - لكي يبقين أحياء - من الواجب أن نبقى على بعد مسافة». ويضيف الصحيح: «موهبة الشاعر حيدر تتجلى في قدرته العميقة على التأمل حيث يحفر في واقع الحدث الذي يريد أن يكتب عنه بمعول ذهني حاد ويذهب عميقا كي يستخرج له أبجدية خاصة به وهذه هي العبقرية الشعرية». ويقول: «ما يميز هذه الموهبة أيضا هو ذلك الحس الفطري بالصياغة الشعرية، الأمر الذي يوضح لنا أن الشعر بذرة إلهية مكونة في ذات هذا الشاعر، لذلك لا نلاحظ تكلفا في أسلوبه الكتابي، وإنما تنساب الفكرة في مجرى كلماته انسياب النهر برهافة وجمالية وألق».

* بناء الوعي
* يتحدث العبد الله عن تجربته الشعرية الفتية، فيقول: «ليس لحداثة التجربة معيار واضح ومتفق عليه. فعمر تجربتي الشعرية يتجاوز السنوات العشر، لكنها بالتأكيد ما زالت طفلة».
وعلى الرغم من محدودية تجربته الشعرية والأدبية، فإن قصائده تتصف بوعي عميق باللحظة الشعرية، وانفتاح كامل على الأفق الشعري، وتوظيف دقيق للمفردة، مع جمالية التصوير.
ويضيف العبد الله: «الوعي عمق مهم جدا، على أي شاعر يطمح للنجاح أن يبلغه. الوعي تراكم، لا يمكن تحصيله هكذا فجأة». ويتابع: «كلما جربت الحياة وجربتك زاد إدراكك لتفاصيلها واستشرافك لغدها واحتد حدسك وأرهفت حواسك، أما حصيلة المفردات والتراكيب الشعرية، فهي وليدة القراءة أولا، والابتكار ثانيا. الأهم هو التقاط الفكرة، ثم تأتي مرحلة مزج وضبط مقادير من المفردات في قالب تلك الفكرة، وليس العكس». هذا الوعي لاحظه الشاعر جاسم صحيح، معتبرا أن «ما يميز حيدر هو ذلك الوعي الشعري المبكر الذي أهله لأن يكون مستقلا بأسلوبه في الكتابة منذ قصائده الأولى فهو لم يتأثر بأحد حسب معرفتي به، وإنما هو أشبه بالبستان الذي رواه ماء السحب في سماء الشعر مباشرة من دون أن يختلط بمياه الشعراء الآخرين».
أما الشاعر علي النحوي، وهو شاعر آخر من الأحساء، فيرى أن قصائد حيدر العبد الله تتصف بوعي عميق، وهو يرى أن هذا الشاعر الشاب ينتمي لجيل أدبي ثقافي جديد في المملكة بشكل عام وفي الشرقية بشكل خاص، حيث يقول: «هذا الجيل يتمتع بنضج ووعي آتيين من مرحلة ثقافية تعيشها المملكة، حيث توفرت لهم عناية بالتدريس في الخارج مما جعل أفقهم أوسع، أضف إلى ذلك الجانب التكويني لهذا الجيل الذي يعتبر امتدادا لجيل قد جعل الثقافة والإبداع من أهم خياراته». أما بالنسبة لحيدر العبد الله، فيرى النحوي أنه «صوت شعري آت من منطقة الخصب والنماء، ويتميز نصه الشعري بالوعي والنضج ومحاولة تشكيل شخصية خاصة به تحاول أن تنزع عنها الانتماءات المؤسسة، وتقتل آباءها، ليكون ضمن مجموعة شباب مبدعين أتمنى أن تلتفت الجهات الثقافية لهم». ويضيف: «حيدر يكتب القصيدة مؤمنا بها، لتولد من عمقه المزدحم بالكائنات الفنية، يرفد كل ذلك طموح بأن يكتب قصيدة تستطيع التحرك في محيط ما عاد يقبل التقليدي والمكرر، لذا نجد نصه يسبق عمره، حيث يطل من شرفة قادرة على رؤية مدى شعري أوسع، وهذا ما يجعلنا فخورين بما أنجزه مبكرا، حيث انضم لقائمة الشباب الذين حققوا منجزا أدبيا رائعا».
أما الشاعر ناجي حرابة، وهو أيضا شاعر أحسائي شاب، سبق أن فاز بجائزة شاعر شباب عكاظ عام 2010، فيقول إن ما يميز تجربة العبد الله هو «ما يمتلكه من وعي شعري مبكر وهمة متواصلة في صقل موهبته الشعرية، والتصاقه بالشعراء البارزين وقراءاته المتنوعة، واطلاعه على الثقافة الغربية أيضا حينما كان يدرس في بريطانيا، وحسه الصافي، فبكل هذه المصادر التي استثمرها بمهارة أنتج لنا شعرا رائعا حاول فيه أن يزاوج بين المضامين المنبثقة من الواقع خاصة المهمش، وبين الجسد الشعري البسيط في تركيبه، لتخرج نصوصه ذات طواعية وعفوية في السبك، ورؤية مكتنزة في المعاني».



سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية
TT

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

حين نشر الناقد البريطاني ويليام إمبسون William Empson كتابه المرجعي في النقد الأدبي سبعة أنماط من الغموض Seven Types of Ambiguity عام 1930، كان في الرابعة والعشرين من عمره؛ لكنّه مع ذلك وضع واحداً من أكثر الكتب تأثيراً في النقد الأدبي الحديث. لم يكن إمبسون يتعامل مع الغموض بوصفه عيباً في التعبير بل بعدّه قلب الشعر النابض. رأى أنّ اللغة حين تبلغ أقصى درجاتها الفنية لا توضّح بقدر ما تلمّح، ولا تفسّر بقدر ما تُثير، وأنّ الجمال يكمن في المسافة بين ما يُقال وما يمكن أن يُقال. من هنا جاءت فكرته الجريئة: يمكن تصنيفُ الغموض ذاته في سبعة أنماط، تتدرّج من البسيط إلى المركّب، ومن الغموض اللغوي إلى الغموض الوجودي. جعل إمبسون من الغموض (أو التعقيد بلغة الأدب التقنية) متعة جمالية في ذاته؛ فالقصيدة عنده ليست معادلة لغوية تقود إلى استجابة موحّدة لدى القرّاء بل كائن متعدد الطبقات، وكلُّ قراءة تكشف عن جانب من نسيج ذلك الكائن.

منذ أن قرأتُ كتاب إمبسون لم أُبْطِل التفكير بالكيفية التي نستلهم بها أفكاره وننقلها من الشعر إلى الرواية: اذا كان للغموض الشعري أنماطُهُ السبعة؛ فلماذا لا تكون للمتعة الروائية أيضاً أنماطُها؟ لماذا نظنُّ أنّ مُتعة القراءة حالةٌ واحدة موحّدة في وقتٍ تدلُّنا فيه خبرتُنا على أنّ هذه المتعة طيفٌ واسعٌ من تجارب التلقّي والانفعالات الشخصية؟

لا بأس من مثال تطبيقي حقيقي. أفكّرُ كثيراً في روايات عديدة من أمثال رواية قوس قزح الجاذبية Gravity’s Rainbow التي كتبها الروائي الأميركي توماس بينتشون Thomas Pynchon. هذه الرواية تدور وقائعها في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتستكشف موضوعات معقدة مثل جنون العظمة والفساد والتقنية، وتركّز على تصميم صواريخ V-2 الألمانية وتأثيرها. الرواية مشبعة بالغموض؛ لكنّه غموض إبداعي من درجة رفيعة يبدأ من عنوان الرواية ذاتها حيث إنّ مسار الصاروخ يشبه قوس قزح. هذه الرواية غير مترجمة إلى العربية، وكثيراً ما تساءلت: لماذا الإحجامُ عن ترجمتها؟ هل يستشعر المترجمون أنّها تفتقرُ إلى المتعة المفترضة في القراءة الروائية؟ سيكون تعسّفاً خطيراً أن نفترض متعة جمعية في هذه الرواية كما يحصل مثلاً مع روايات دوستويفسكي؛ لكن مع هذا سيجد قليلون ربما متعة عظيمة فيها. سيقودنا الحدسُ إلى أنّ تلك القلّة المخصوصة هي لقرّاء لهم شيء من معرفة بالرياضيات والفيزياء وتواريخ الحروب وتداخلات السلطة وضغوطها. لا يمكن في النهاية التصريحُ بمتعة شاملة مطلقة للعمل الروائي. هذا مدخل يوضّحُ التمايز الحتمي بين أنماط المتعة الروائية بين القرّاء.

*****

منطلقةً من كتاب إمبسون أعلاه، سأحاولُ الإشارة إلى سبعة أنماط من المتعة الروائية، لا بوصفها تصنيفاً نهائياً بل بوصفها خريطة أولى في جغرافيا اللذة السردية.

أولى المتع السردية هي متعة الانغماس. إنّها المتعة الأولى التي يتذوقها القارئ منذ طفولته، حين يفتح كتاباً ويجد نفسه فجأة في مكان آخر.

إنها متعة الغياب الطوعي عن الواقع: أن نذوب في العالم الروائي حتى ننسى أننا نقرأ. في هذه اللحظات لا نكون خارج النص بل داخله، نعيش مع شخصياته ونتنفس هواءه. نقرأ موبي ديك فنشعر برائحة البحر، أو آنا كارينينا فنرتجف أمام قطارها القادم. الانغماس هو نوع من الحلم الواعي، تجربة بين الخيال والوجود، فيها يتحوّل القارئ من متلقٍ إلى مشارك. إنها متعة لا تبحث عن المعنى بقدر ما تبحث عن الإقامة المؤقتة في عالم آخر، موازٍ، بحثاً عن ذلك النسيان الجميل الذي يُعيد إلينا براءة الخيال.

المتعة الثانية هي متعة التركيب. في هذا النمط، القارئ لا يستسلم للنص بل يتحدّاه. إنه القارئ الذي يتعامل مع الرواية كما يتعامل عالم الآثار مع نقش قديم: يحلّلُهُ، يربط بين أجزائه، يبحث عن رموزه ومفاتيحه. هنا تتحوّل اللذة إلى فعل فكري، إلى شغف ببنية السرد لا بوقائعه فقط. روايات مثل اسم الوردة لأومبرتو إيكو، أو قوس قزح الجاذبية لتوماس بينتشون تُجسّد هذا النمط: أعمال تُبنى كإنشاءات فكرية رفيعة يشارك القارئ في رسم خريطتها. المتعة هنا لا تأتي من الحكاية بل من الذكاء البنائي، ومِنْ شعور القارئ أنه شريك في صناعة المعنى، لا مستهلك له فحسب.

النمط الثالث من المتعة الروائية هو متعة الاعتراف. ليست كل الروايات مرآة للعالم؛ فبعضها مرآة للذات. حين نقرأ عملاً مثل الغريب لألبير كامو أو البحث عن الزمن المفقود لبروست، فإننا لا نبحث عن حكاية بقدر ما نبحث عن أنفسنا. الرواية هنا مساحة اعتراف مؤجلة، نرى فيها ما لا نجرؤ على قوله في الحياة اليومية. القارئ في هذا النمط يجد لذّته في التعرّف إلى ذاته عبر الآخر. كل سطر يذكّره بجراحه الصغيرة، وكلُّ شخصية تعيد إليه ظلّه المفقود. إنها المتعة التي تولد من الحميمية، ومن الإحساس بأن النصّ يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا.

النمط الرابع هو متعة اللغة. في هذا النمط تتراجع الحكاية إلى الخلف وتتقدّم اللغة إلى المقدمة. هنا لا تتجسّدُ المتعة في (ماذا يحدث؟) بل في (كيف يُقال؟). الكاتب لا يسرد فقط بل يعزف بالكلمات. يحوّل الجمل إلى موسيقى. المتعة هنا جمالية خالصة، متعة الإصغاء إلى اللغة وهي تُعيدُ اكتشاف نفسها، وحيث تصبح القراءة نوعاً من الإصغاء اللذيذ لصوت داخلي يحدّثك من غير وسيط.

النمط الخامس هو متعة القلق. ليست كل المتع الروائية مقترنة بطمأنينة راسخة. أحياناً يهبنا الأدب لذة مقلقة كمن ينظر في مرآة تكشف له عما لا يريد أن يراه. روايات مثل 1984 لجورج أورويل أو الطاعون لكامو تمنحنا هذا النمط: متعة القلق المفضي إلى المواجهة، لا الهروب. القلق هنا ليس سلبياً بل لحظة وعي. إنه الارتجاف الجميل أمام الحقيقة، والمتعة التي تنبع من الخطر المعرفي حينما يفتح النص باباً نحو المجهول الأخلاقي أو السياسي أو الوجودي. إنها المتعة التي تُشبه المأساة الإغريقية: الألم الذي يطهّر؛ لأنّ القارئ يخرج منها أكثر معرفة وإن كان أقل راحة.

النمط السادس هو متعة الدهشة. كل قارئ يحمل في داخله توقاً إلى الدهشة، إلى تلك اللحظة التي تتجاوز فيها الرواية كل توقّع. الدهشة ليست مجرد مفاجأة في الحبكة بل توافقٌ خفيٌّ بين ما لم نتوقّعه وما يبدو، رغم ذلك، منطقياً إلى حد الجمال. حين نقرأ رواية المسخ لكافكا ونجد إنساناً يستيقظ ليجد نفسه حشرة، أو ندلف أجواء رواية مائة عام من العزلة لماركيز فنرى الواقع يمتزج بالسحر، ندرك أننا أمام متعة من نوع نادر: متعة أن يُعاد ترتيب العالم في وعينا. الدهشة هي لحظة تولد فيها لغةٌ جديدةٌ للحياة، تجعل القارئ يشعر أنه يرى العالم الذي طال عهده به بعيون جديدة.

النمط السابع هو متعة الغياب. هذه هي المتعة الوحيدة التي لا تحدث في أثناء القراءة بل بعدها. تتحقق هذه المتعة حين نغلق الكتاب، ونكتشف أن شيئاً منه ما زال يعمل فينا بصمت. إنها المتعة التي تنبع من النقص، من الإحساس بأنّ الرواية لم تُغلق العالم بل فتحته على احتمالاته. روايات كثيرة تعيش فينا بهذه الطريقة، وعندما نغادرها في المحطّة الأخيرة، فكلها تترك فينا شيئاً ناقصاً، فراغاً صغيراً يواصل التمدّد فينا ويترك بصمة شاخصة في ذاكرتنا. الغياب هو ذروة المتعة الناضجة: حين نكتشف أنّ القراءة ليست لحظة بل أثر طويل الأمد، وأنّ النص العظيم لا يُقرأ مرة واحدة بل يسكن الذاكرة كوشم لا فكاك من مفاعيله المستقبلية.

*****

ما أودُّ التأكيد عليه أن ليست المتعة الروائية واحدة؛ بل هي مُتعٌ عديدة تتخالف شكلاً وآلية مع تبدّل القارئ والزمن والمزاج. في العادة المتواترة يجد القارئ الشاب لذّته في الانغماس، والمفكّر يجدها في التركيب، والمكلومُ في الاعتراف، والعاشق للجمال في اللغة، والمتوتّر في القلق، والمغامرُ في الدهشة، والحكيم في الغياب. إنها ليست طبقات متنافسة بل مستويات متداخلة. قد نبدأ بالانغماس وننتهي بالغياب، أو نمرّ من بوّابة الدهشة إلى القلق ثم نعود إلى الاعتراف. الرواية الحقيقية لا تُشبِعُنا من الخارج؛ بل تُوقظ فينا القارئ من الداخل. وحين ندرك ذلك نفهم أنّ إمبسون كان محقاً: الجمال يكمن في التعدّد، في الغموض، في أن تكون التجربة الأدبية قابلة لأن تُقرأ بسبعة أنماط على الأقل.

إذا كان الغموض في الشعر هو تعدّد المعنى؛ فإنّ المتعة في الرواية هي تعدّد سبل التلقي. كلاهما دعوة غير مقيّدة للحرية؛ حرية الكاتب في أن يكتب، وحرية القارئ في أن يجد لذّته الخاصة، لا تلك التي أعدّها له المؤلف.

أعظمُ خواص الرواية الحقيقية هي أنها تمنحنا هذا الحق الجميل: أنْ يحبّها كلٌّ منّا بطريقته ووسائله ومقاربته الفكرية الخاصة.


الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»
TT

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

يتناول كتاب «إدراك العالم... الصور النمطية المتبادلة بين الأنا والآخر» للدكتور زهير توفيق، التصورات المتبادلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الحديثة والوسطى، لا سيما الشرق الفارسي والغرب الكنسي. وقد صدر الكتاب عن «الآن ناشرون وموزعون» بالأردن في 420 صفحة.

يقول المؤلف في المقدمة معرِّفاً بالكتاب: «يُمثِّل هذا الكتاب دراسة استقصائية تاريخية وتحليلية لجدل الأنا والآخر، من خلال رصد التصورات المُتبادَلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الوسطى والحديثة، كون العرب المسلمين مثَّلوا ذاتاً لتعيين الآخر، وتخيُّله على المستوى الديني والإثني والسياسي؛ خاصةً الفرس والأسود واليهودي والمسيحي، بفرعيه اللاتيني والبيزنطي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كونهم موضوعاً للآخرين؛ أي صورتهم في المخيال الفارسي الشرقي (الشعوبية) والغربي الأوروبي؛ الرومي البيزنطي واللاتيني في القرون الوسطى، وتحولات تلك الصورة في أوروبا العصور الحديثة».

ويرى المؤلف في المقدمة أن نظرة كلا الطرفين للآخر هي ثابتة، فلم «يخرج لا الشرق العربي الإسلامي، ولا الآخر في الشرق والغرب قديماً وحديثاً، عن مُسلَّماته وطرائق تفكيره في فَهْمِ الآخر، فقد بقيت ثوابتُه الحضارية والدينية والإثنية سُلطةً مرجعيةً في فهم الذات والآخر، وتمييز الأنا عن الآخرين من فُرسٍ ويهود وبيزنطيين ولاتين، ومهما تغيَّرت الصورة وتحوَّلت لأسباب داخلية وخارجية، فإن الثابت البنيوي فيها هو الآخرية وعُمق الغيرية؛ أي تصعيد الخلاف والاختلاف، فالذات هي المركز الذي تدور حوله الأطراف، والأفضل والمعيار الأمثل، والآخر أو الآخرون مجرد أطراف، هوامش وبرابرة وكفاراً ومنحرفين، ولا يستحقون أكثر مما تمنحه لهم الذات المتعالية».

ويأتي المدخل التمهيدي للكتاب مستشهداً بالعلاقة بين الأنا والآخر (الشرق والغرب)، على اعتبار أن الشرق حين يُذكر يتبادر إلى الذهن الشرق المسلم على وجه الخصوص، والغرب يُراد به الغرب الأوروبي بالأساس قديماً وحديثاً.

يقول: «تفترض قراءتنا للموضوع استمرار الصور النمطية للعرب والمسلمين، وهي الصور التي تشكَّلت في العصور الوسطى، ودخلت معجم الغرب بشكل نهائي كما هو في الاستشراق السياسي والأنثروبولوجي الحديث (الواعي لذاته) الذي نشأ في نهاية القرن الثامن عشر مع حملة نابليون بونابرت على المشرق العربي سنة 1798م».

وعن وضوح رغائب الغرب من الشرق (المسلم)، يقول: «لم ولن يتلطّف الغرب مع الشرق إلا إذا تواطَأ معه على ذاته، وتماهى في خطاب الغرب ومسيرته ورطانته من خلال نُخبةٍ فكرية وسياسية وكيلة، نجح الغرب في خَلْقِها ورفعها إلى سدَّة السُّلطة، واستمدت مشروعيتها ومرجعية وجودها مِن دعمه المطلق على جميع المستويات، ومقابِل ذاك الدعم سوَّقت خطابه في ثقافتها العالمة والشعبية على حدٍّ سواء، وهذا دليل نجاح الغرب في اختراق الشرق الذي وصل إلى طاعة الوكلاء، وامتثالية التابعين».

ويفصِّل المؤلف القول حول أعلام الغرب البارزين الذين تبنوا أفكاراً تنويرية، ومنهم جيبون: «يبدو جيبون منسجماً مع التنوير، ويقدم رؤية مستقلة نقدية خاصة لأحكام الغرب المتحاملة والسلبية عن الإسلام حتى ذلك الوقت، ففي عرضه لأخلاق العرب ودياناتهم قبل الإسلام يقول: (غير أنه في الدولة العربية، وهي أكثر بساطة [من الرومان واليونان] فإن الأمة حرة لأن كل فرد من أبنائها يستنكف أن يُطأطئ الرأس في خضوع وذلة لإرادة سيد ما، ولقد حصَّن العربي نفسه بفضائل صارمة من الشجاعة والصبر والاعتدال، ودفعه حبه للاستقلال إلى ممارسة عادة ضبط النفس، وحفظته خشية العار من أن يذل بالخوف من الألم والخطر والموت، وإن رجاحة عقل العربي وضبط نفسه واضحان في مظهره الخارجي)».


رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية
TT

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحل في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة الناشر المصري محمد هاشم، مؤسس ومدير دار «ميريت للنشر»، عن عمر يناهز 68 عاماً، بعد رحلة كبيرة مع صناعة الكتاب، فقد كان نموذجاً للناشر المثقف، صاحب الموقف الطليعي ثقافياً وسياسياً، وجعل من «ميريت» أحد أهم المنافذ الثقافية في القاهرة، وأحدث طفرة في صناعة النشر، وفتح من خلالها نافذة كبيرة للعديد من الأجيال ليروا إبداعاتهم منشورة بين دفتي كتاب، بعد أن كان النشر عقبةً كبيرةً تواجه كل مبدع مصري، ويضطر للوقوف سنواتٍ على أبواب دور النشر الحكومية.

أسس الراحل «دار ميريت» في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، لتشكل هي و«دار شرقيات»، التي تأسست في الفترة نفسها تقريباً، رئة ثقافية أسهمت في احتضان جيل التسعينات في الرواية والشعر والنقد، وتقديمهم للحياة الثقافية والأدبية، ودشنت كثيراً من التجارب الطليعية التي لم تكن حصلت على الاعتراف الأدبي بعد، فكانت فضاءً للاحتفاء بكل إبداع جديد ومختلف، وظلت تمارس الدور نفسه في العقدين الأولين من الألفية الجديدة، فكثير من الأجيال الراهنة الذين أصبحوا نجوماً في الشعر والرواية والقصة، بدأوا مشوارهم الإبداعي من «ميريت» أو من «شرقيات».

لم تكن «ميريت» مجرد دار نشر، فقد تحول مقرها الأول الشهير في شارع قصر النيل بوسط العاصمة المصرية إلى منتدى ثقافي دائم، وكان له رواد من مشاهير الثقافة المصرية والعربية، فعندما كنت تدخل تجد الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم جالساً بأريحية وكأنه في بيته، وكان من ضمن رواد الدار أيضاً الروائيان الراحلان خيري شلبي و إبراهيم أصلان، والناقد محمد بدوي، والروائي الراحل حمدي أبو جليل، والشاعر الراحل أسامة الديناصوري، وغيرهم كثيرون من رموز الحركة الثقافية المصرية، وكان كل شاب يريد أن يبدأ مشواره الإبداعي لا بد له أن يمر يوماً على «ميريت»، ليتعرف على «مطبخ» الثقافة المصرية، ويتقرب من رموزها، يسمعهم، ويتعلم منهم، ويحصل على فرصة أن يسمعوه ويتعرفوا إلى إبداعه، فيُمنح صك الاعتراف.

فازت «ميريت» بجائزة نادي القلم الدولي «هيرمان كيستن» (kesten PEN الفرع الألماني)، وتمنحها وزارة «هسه» للعلوم والفنون، وقدرها 10.000 يورو، وتمنح لكتاب المقالات والروائيين فى جميع أنحاء العالم لمن يتصدون للاضطهاد والقمع ويدافعون عن الحق والحرية، كما تمنح للناشرين لتقديمهم الدعم والرعاية للكتاب المضطهدين في نشر فكرهم ويؤمنون بالحق فى الحرية والتعبير عن الرأي.

لم يتوقف دور محمد هاشم عند حدود العمل الثقافي وصناعة الكتاب، فقد كان ناشطاً سياسياً، حتى أصبح مقر الدار ربما أكثر صخباً وحيويةً من مقرات بعض الأحزاب السياسية. وأثناء ثورة 25 يناير، وبسبب قرب الدار من ميدان التحرير، مركز الحراك الثوري آنذاك، كانت ملاذاً لكثير من أبناء الثورة، خصوصاً من المثقفين، سواء لالتقاط الأنفاس، أو متابعة الأخبار، أو حتى المبيت في الدار التي فتحت أبوابها على مصاريعها. كما كان هاشم ناشطاً في ثورة 30 يونيو ضد جماعة الإخوان، وشارك في الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات التي أقيمت ضدهم، بل إن لافتات كثير من الوقفات ضدهم كانت تخرج من مقر الدار.

عن الراحل يقول الروائي والقاص محمد محمد مستجاب: «رغم أنني لم أكن من (شلة دار ميريت) التي اشتهرت في بداية الألفية، حيث كان يحضرها والدي رحمه الله (الروائي الراحل محمد مستجاب)، فإن علاقتي بعمنا محمد هاشم كانت بعد رحيل والدي في 2005، خصوصاً في إرسال أعمالي لإبداء الرأي فيها، ثم طلبه عملًا لي ليصدر عن (ميريت) لكن هذا لم يتحقق. لكن (ميريت) التي تنقلت من شارع قصر النيل ثم شارع صبري أبو علم ثم باب اللوق ظلت ظهراً حامياً للثقافة المصرية، وليس لي على المستوى الشخصي، وقد خرجت منها عدة مظاهرات تحمي مكتسبات ثورة يناير».

يضيف مستجاب: «محمد هاشم كان يرعى كثيراً من المواهب، ويحزن عندما يجدها انحرفت عن مسارها، واتجهت لشيء آخر بعيداً عن الكتابة. وسيظل اسمه غالياً على جميع الكتاب المصريين والعرب، ومنبراً طالما أحببناه وتعاركنا واختلفنا معه، لكنه كان دائماً مثل آبائنا؛ يعلم أننا سنعود كي نجد في حضرته الابتسامة، وفي جيبه النقود التي تدفئ أيامنا، والكتب التي تشعل خيالنا بالإبداع. برحيل (أبو ميريت)، خسرنا صرحاً ثقافياً حقيقياً في زمن العبث الثقافي».

ويقول الروائي سامح الجباس: «قدم محمد هاشم للثقافة المصرية والعربية أهم الأسماء التي تملأ الساحة الأدبية المصرية الآن، كلهم كانوا مجرد كتاب شبان هواة خرجوا من عباءة (ميريت)، وانطلقوا بعدها نجوماً في ساحة الأدب، وأنا منهم. ففي عام 2005 حملت في يدي أول مخطوط لكتاب أرغب في نشره، وذهبت مباشرة إلى (ميريت)، أهم وأشهر دار نشر خاصة وقتها، واستقبلني صاحب الدار محمد هاشم بحفاوة كأنني كاتب معروف. وحتى نهاية 2010 كنت زائراً شهرياً للدار، ومنها قرأت لكل هذا الجيل من الكتاب، فقد كانت ملتقى الكتاب، فيها كنت تقابل أحمد فؤاد نجم وخيري شلبي وحمدي أبو جليل وعلاء الأسواني والسيد ياسين وغيرهم من الصحافيين والفنانين. وكانت أبوابها مفتوحة دائماً للشباب روائيين، وشعراء، ومطربين، وموسيقيين. وفيها ندوات يومية تقريباً».

ويكمل الجباس: «مرت السنوات، وتعرضت (ميريت) لهزات زلزالية حتى أوشكت الدار على التوقف. وانتقلت الدار من مكان إلى آخر في نطاق وسط البلد. وكنت حتى بداية هذا العام حريصاً على أن أزورها كلما انتقلت من مكان إلى آخر ولو مرة واحدة في العام، تقديراً لموقف هاشم معي في بداياتي، فقد نشرت في الدار عام 2006، ثم انتقلت للنشر بعدها في أكثر من دار نشر، لكني كنت أدين بالفضل والامتنان لهذا الرجل. فتح محمد هاشم الباب لعشرات الكتاب ونسي نفسه، نسي أنه نشر رواية وحيدة بعنوان (ملاعب مفتوحة)، وقلت له في آخر زيارة منذ شهور إنه يجب أن يعيد طباعتها. سيظل اسم محمد هاشم، وتجربة (دار ميريت)، وستظل أفضاله تحيط بالكثيرين، مهما تنكروا له، وقد حان دور اتحاد الناشرين لتكريم اسم هذا الرجل. الكلام والذكريات عن محمد هاشم ودار ميريت يحتاج إلى صفحات وصفحات من الحب والامتنان، والكثير من الحزن والأسف».

ويروي الشاعر سمير درويش، رئيس تحرير مجلة «ميريت» التي كانت تصدر عن الدار، تجربته مع الناشر الراحل، قائلاً: «كان رجلاً جريئاً كريماً، طيِّباً بشوشاً محبّاً للحياة والناس. ذهبت له بمشروعي لإصدار مجلة ثقافية تنويرية، فوافق دون قيد أو شرط، وطوال خمس سنوات لم يتدخل ولا مرة، رغم أنه كان يصدُّ عنَّا ويحمينا».

محمد هاشم في «ميريت»، مع حسني سليمان في «شرقيات»، صنعا طفرة كبيرة في عالم النشر الثقافي منذ منتصف التسعينيات، سارا الخطوة الأولى التي فتحت طريق التحديث حتى اليوم.