لينا شماميان لـ«الشرق الأوسط»: مصر منحتني الدفء والأمان

الفنانة السورية التي صقلتها الغربة

الفنانة السورية لينا شماميان
الفنانة السورية لينا شماميان
TT

لينا شماميان لـ«الشرق الأوسط»: مصر منحتني الدفء والأمان

الفنانة السورية لينا شماميان
الفنانة السورية لينا شماميان

وجدت الفنانة السورية لينا شماميان، في القاهرة شمساً بعد ضباب، ودفئاً بعد غربة، وتاريخاً يذكرها بأرض الجذور. عندما وقفت بين أسوار قلعة صلاح الدين الأثرية منذ أسابيع لتؤدي «هالأسمر اللون» و«على موج البحر» وغيرها من الأغاني، استرجعت وقفاتها في قلعتي دمشق وحلب قبل عصف الحرب في سوريا.
في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تقول شماميان، إن حجارة مصر البُنية المشبعة تاريخاً، تُشعرها بالأمان وتُعمق ارتباطها بالمكان. مجرد الاستماع إلى واحدة من أغنياتها والإصغاء إلى رنة صوتها الضاربة عميقاً في التراث، يُدرك المتلقي أن العلاقة بين شماميان والجذور علاقة عضوية، لم تفلح في اقتلاعها سنوات الاغتراب والترحال فوق الخريطتين العربية والأوروبية.
تستقي لينا دائماً من نبع الماضي لتعود إلى حيث الأجداد والأسلاف والغرسة الأولى، إلى أرمينيا وحلب والشام.
«ثَمة إحساس بغربة أقل في مصر، ولست وحدي من أشعر بذلك، بل غالبية السوريين الذين يأتون إلى هنا. إلى جانب الدفء الذي وجدتُه فيها، أحب هامش الارتجال هنا لأنه يشبه جذوري وشخصيتي، فأنا لست منظمة كما الأوروبيين»، توضح شماميان. هي لم تستقر في القاهرة بشكل نهائي، لكنها في تنقل دائم بينها وبين باريس.
تستعد بعد صمت سنتين لإصدار مجموعة من الأغاني الجديدة في فصل الخريف، من بينها أعمال مشتركة مع فنانين آخرين وبلهجات متعددة. «مصر في حراك فني دائم وهذا يزيد من إنتاجيتي. أما الشعب المصري فهو حتماً صعب الإرضاء فنياً، لكن يكفي أن تغني بإحساس لتلمسي قلوب الناس»، هكذا تتحدث شماميان عن علاقتها بالمصريين الذين تصفهم بالعاطفيين جداً، وتضيف: «أحد الأبواب إلى قلوبهم هو الغناء بلهجتهم».
وهذا ما فعلته الفنانة السورية عام 2020 حين قدمت شارة مسلسل «إلا أنا» الذي أدخلَها إلى غالبية البيوت المصرية، وعن تلك التجربة تقول: «شكلت أغنية (هنعيش ونشوف) نقطة تحول وهي كانت أول أعمالي باللهجة المصرية. قربتني من المصريين وكنت محظوظة بأن المسلسل امتد على جزأين».

حفل المغنية لينا شماميان في قلعة صلاح الدين في القاهرة

ما إن تخرجت من كلية التجارة في جامعة دمشق عام 2002، حتى هرعت لينا شماميان إلى المعهد العالي للموسيقى. سحرتها النوتات فهي لم تكن مقدرة للأرقام ولا للعمليات الحسابية. وبالتزامن مع تخرجها مغنية كلاسيكية، أصدرت ألبومها الأول «هالأسمر اللون» عام 2006 على إيقاعات التراث في «بالي معاك» و«على موج البحر» وغيرها، تعرف الجمهور العربي إلى فنانة لا تشبه جيلها. نهلت من الثروات الموسيقية التي تركها السابقون، وغلفت ذلك بخامة نضرة ومهذبة.
شجع التفاعل مع الألبوم الأول لينا على إصدار «شامات» عام 2007، حيث تلاقى التراث السوري بذاك الأرمني، فاشتهرت من الألبوم أغنيات مثل «يا مسافرة» و«يما لا لا». تزامن ذلك مع حلول صوت شماميان ضيفاً على بعض شارات المسلسلات مثل «وشاءَ الهوى»، ما أسهم في انتشارٍ أوسع.

حتى اللحظة، وبعد 4 ألبومات ومجموعة كبيرة من الحفلات والأغاني المنفردة، تصر شماميان على المشاركة في صناعة الأغنية، تقول: «لست من المغنيات اللواتي يكتفين بالتنفيذ. درست الموسيقى واحترفتُ الإنتاج. من الضروري أن أكون موجودة في الاستوديو خلال لحظات صناعة الأغنية لأشرف على الصوت والإيقاع وكل التفاصيل. أثق بالفريق الذي يعمل معي، لكني أحب أن أشارك في ولادة العمل وأن أعطي رأيي».
أما الأعمال التي تولد حالياً فلشماميان رأي فيها. تتفاوت انطباعاتها حيال الإصدارات الموسيقية الجديدة، فترى من بينها ما هو جيد أحياناً، لكنها في المقابل قلقة على مصير الكلمة: «يؤسفني انحدار الكلام في الأغنية العربية التي تتحول إلى هوية جديدة. هذا ليس تغييراً إيجابياً، فالأغاني المنتشرة ما عادت ترتكز إلى كلام مُصاغ وصور شعرية ثرية. اللحن أيضاً في حالة اختفاء تدريجي».
هي التي تأثرت بقصائد طلال حيدر وميشال طراد، تستغرب الكلام المغنى حالياً. تحرص لينا شماميان على كل كلمة تغنيها وكل نغم يخرج من حنجرتها. تختار النصوص بعناية، وأخيراً باتت تكتب معظمها، كما في ألبومي «غزل البنات» و«لونان». في هذَين الألبومَين شاركت كذلك تلحيناً، ووضعت الكثير من روحها في أغانٍ استلهمت حكايات الغربة والحنين.

«تعلمت ألا أقاوم الحنين إلى المكان الأول. محظوظون من يولدون في وطنهم ويمكثون فيه حتى النهاية»، تبوح شماميان بقناعة علمتها إياها سنوات الاغتراب الطويلة. وتضيف: «لم أروض الغربة، هي التي روضتني بل صقلتني. كشفت لي أموراً كثيرة لم أكن أعرفها عن نفسي. حررتني وأزالت غباراً من داخلي. أنا اليوم امرأة أقوى مما كنت منذ 10 سنوات».
تعترف شمامايان بأنها مدينة للغربة رغم الوجع الذي فرضته عليها. فهي أدركت أن الوطن الحقيقي هو المكان الذي تنتظرها فيه فُرص جديدة لعلاقات وحياة جميلة. بوحي من أغنيتها «شوي وبيهدا العمر»، اختارت الفنانة الهدوء ووضعت الصحة النفسية والجسدية قبل العمل. تقول في هذا السياق: «أحمي نفسي بالناس الذين أحب، هم الذين يحفزونني على النهوض إلى يوم عمل جديد. الحفلات والتسجيلات تغذي روحي أيضاً، لكن الأصدقاء والأهل هم الأهم. في المقابل، تعلمتُ ألا أحاول إرضاء الجميع وما عدت أخاف من خسارة الناس، ولا من المجهول الآتي، لأني تقبلت فكرة الفقدان».

لينا شماميان خلال حفلها في مدينة العُلا السعودية

تتهيأ لينا شماميان للعودة إلى الإصدارات الموسيقية، لكن بنمط عمل جديد هذه المرة حسبما تؤكد. وإلى جانب تحضيراتها للحفلات والأغاني وتترات المسلسلات الجديدة، ستخوض العام الحالي أيضاً تجربتها التمثيلية الأولى.



حصيلة الحرب الإسرائيلية في غزة تناهز 45 ألف قتيل

مصلون أثناء تشييع جثمان فلسطينيين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
مصلون أثناء تشييع جثمان فلسطينيين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
TT

حصيلة الحرب الإسرائيلية في غزة تناهز 45 ألف قتيل

مصلون أثناء تشييع جثمان فلسطينيين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
مصلون أثناء تشييع جثمان فلسطينيين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الأحد، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 44 ألفاً و976 قتيلاً، إلى جانب 106 آلاف و759 إصابة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقالت الوزارة، في بيان صحافي اليوم: «ارتكب الاحتلال الإسرائيلي خمس مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، ووصل منها للمستشفيات 46 شهيداً و135 مصاباً خلال الـ24 ساعة الماضية».

وأضافت أنه في «اليوم الـ436 للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم».

فلسطينيون يتفقدون الدمار في موقع غارة إسرائيلية بحي الشيخ رضوان بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق اليوم أعلن الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل أن 18 فلسطينياً قتلوا في غارات عدة شنها سلاح الجو الإسرائيلي ليل السبت الأحد في مناطق متفرقة في القطاع. وقال بصل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الدفاع المدني «نقل 18 قتيلاً على الأقل وعشرات المصابين جراء استمرار العدوان والقصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي في مناطق متفرقة في قطاع غزة الليلة الماضية وحتى صباح اليوم الأحد». وأوضح بصل: «قتل 4 مواطنين وأصيب عدد من المواطنين في غارة إسرائيلية جوية استهدفت منزلاً في شارع النفق وسط مدينة غزة، و3 شهداء غيرهم وهم أشقاء من عائلة طوطح، في قصف الاحتلال بصاروخ من الطيران الحربي منزلاً لعائلة طوطح في حي الزيتون بمدينة غزة، كما استشهد 3 مواطنين وأصيب عدد آخر في استهداف شقة لعائلة العطل، ومنزل لعائلة عروق في حي الشيخ رضوان في غزة».

فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت بمخيم للنازحين في دير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وأضاف أنه «نقل 4 قتلى و8 جرحى إثر قصف إسرائيلي بصاروخ، استهدف خيمة تؤوي عشرات النازحين في دير البلح» في وسط قطاع غزة. وأضاف أنه «قُتل المواطن أبو علاء خلف وزوجته واثنتان من بناته، وأصيب آخرون من عائلة الزعانين جراء قصف مدفعي فجراً في شارع السلطان عبد الحميد في بلدة بيت حانون في شمال القطاع». من جهته قال مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الاحتلال يواصل القصف الجوي والمدفعي باتجاه مستشفى كمال عدوان والمناطق المحيطة في شمال القطاع»، موضحاً أنه «منع الوفد الطبي من الوصول للمشفى، حيث نعاني من نقص بالكوادر الطبية نتيجة الاستهداف الإسرائيلي، واستشهاد عدد كبير من الأطباء والممرضين».

فلسطيني مصاب يتلقى العلاج في مستشفى الأهلي العربي المعروف أيضاً باسم المستشفى المعمداني بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وقال أبو صفية: «لا نستطيع تقديم العلاجات اللازمة للمصابين والمرضى، نظراً لاستمرار منع إدخال الأدوية والوقود والمستلزمات الطبية للمشفى». وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي «سمح بتحويل وإجلاء 5 مرضى من داخل مستشفى كمال عدوان»، مبيّناً أن «أكثر من مائة مريض ومصاب لا يزالون في المستشفى الذي تحاصره دبابات إسرائيلية».