«شجرة الدر»... مطعم مصري يستعيد أصالة الأكلات التراثية

يسمح لرواده بمتابعة طريقة تحضير الأطباق

أسلوب جديد في طريقة تقديم أطباق تقليدية وتراثية
أسلوب جديد في طريقة تقديم أطباق تقليدية وتراثية
TT

«شجرة الدر»... مطعم مصري يستعيد أصالة الأكلات التراثية

أسلوب جديد في طريقة تقديم أطباق تقليدية وتراثية
أسلوب جديد في طريقة تقديم أطباق تقليدية وتراثية

ما بين طبق البامية باللحمة، الذي تنتشر رائحته في الأرجاء، وفتة العكاوي والأرز المعمر، يعزز مطعم «شجرة الدر» مكانته كأول فرع في مصر، بعد المكانة التي حققها فرعه الرئيسي بالمملكة العربية السعودية.
والمطعم الواقع في التجمع الخامس (شرق القاهرة) يشكل الديكور مدخلاً مهماً لفهم شخصيته، وهوية ما يقدمه من أصناف، فهناك ترى التصميم الداخلي يجسد التراث المعماري التاريخي للمدن المصرية، من رسومات الجدران التي تزينها الكتابات الهيروغليفية، بالإضافة إلى الزخارف الخشبية، وفنون تشكيل السيراميك والزجاج.


طريقة تقديم الطعام عصرية وفيها الكثير من النكهة

ويقول هشام أنس، مؤسس وصاحب مطعم «شجرة الدر»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المطبخ المصري هو مطبخ الحضارات، والطعام هو نتاج الحضارة؛ لذلك نقدم الأطباق والأصناف التراثية بعبقها التاريخي ووصفاتها القديمة من عصور مختلفة مع استخدام التطور الحديث في عالم تحضير الطعام، نحن ببساطة نسعى إلى استعادة براعة الأجداد».
ويلفت إلى أن المطعم يقدم «كل الأصناف المصرية الأصيلة بوصفات مستوحاة من تراث الأجداد»، متابعاً «الطهاة لا يعملون في المطعم من تلقاء أنفسهم، أو يقدمون بصمتهم الشخصية في تحضير الأصناف المختلفة، بل وضعنا محددات تتضمن مكونات وطرق تحضير كل صنف بما يضمن الحفاظ على أصالته».
وتزخر قائمة الطعام في «شجرة الدر» بكل أصناف وأطباق المطبخ المصري الأصيل، من طواجن شهيرة، مثل طواجن الملوخية باللحمة، والملوخية بالدجاج، والبامية باللحمة، والبطاطس باللحمة، والعكاوي، وورق عنب بالكوارع، وطاجن لسان عصفور مع قطع دجاج.
كما تتضمن القائمة مشاوي اللحوم والطيور، منها الكباب والكفتة والطرب والكفتة، والسمان المشوي والنيفة، بجانب أصناف مشويات تعكس المزج بين أصالة الأطباق وتوظيف طرق الطهي الحديثة، منها الكبد والكلاوي المشوية، وفتايل الضاني، والاستيك البقري.
في حين تفتح «الفتة» والشوربة» آفاقاً مختلفة للطعم التراثي بما تحتله من مكانة بارزة في المطبخ المصري، ويقدم المطعم أنواعاً مختلفة منها بنفس عبقها التاريخي, منها شوربة لسان العصفور، والكوارع، والشعرية بالخضراوات، وشوربة الحمام، وأيضاً «فتّات» الكوارع، واللحم، والموزة، والفتة السادة.


ديكور عصري ومريح

ومع الارتباط الطبيعي بين الأرز بمكانته المميزة وكل من «الفتّة» و«الشوربة»، تضم قائمة شجرة الدر أنواعاً مختلفة من الأرز، منها طاجن الأرز المعمر، وأرز بالكبد والكلاوي، أو بالشعرية، أو بالمكسرات.
ويركز المطعم أيضاً على إعادة الاعتبار للفطير المصري التقليدي من خلال التجديد في أصنافه ومكوناته مع الحفاظ على فكرة الأصالة، فمن بين أنواع «الحادق» فطيرة بالدجاج، وبالهوت دوج، وباللحم المفروم، وبالبسطرمة، وبالسجق، وفطائر بالتونة، أو بالخضراوات المشكلة.
وتمزج فطائر الحلو بين وسائل التحضير التقليدية واستخدام مكونات وأنواع الحلوى والمكسرات، من بينها فطيرة السكر والحليب، والبغاشة، والزبيب، وجوز الهند، وفطيرة العسل، أو المكسرات، أو الشوكولاتة.
ويسمح المطعم للزبائن بدخول المطبخ لمتابعة ومشاهدة طرق التحضير بشكل عام أو رؤية كيف يتم إعداد الأصناف التي طلبوها، ويفسر مؤسس المطعم هذا الاتجاه قائلاً «نسعى إلى تغيير ثقافة التعامل مع الأكل والمطاعم، فمن حق الزبون أن يرى كيف يتم تحضير الأصناف المختلفة ويتأكد من جودة ونظافة المطبخ».
وتبرز المشروبات التي يقدمها المطعم اهتماماً بكل ما هو تراثي؛ فبجانب المشروبات الساخنة، الشاي والقهوة، يقدم مجموعة من المشروبات البادرة الطبيعية ذات الشهرة التاريخية، منها العناب، السوبيا، التمر الهندي، الخروب، وعصير البرتقال والتفاح والجزر، بجانب «كوكتيلات» تتضمن أكثر من صنف.


«شجرة الدر» أسلوب عصري لتقديم أقدم الوصفات

ويعد فرع التجمع الخامس (شرق القاهرة) هو الفرع الأول في مصر، حيث افتتح فرعه الرئيسي بالمملكة العربية السعودية عام 2017، ويسعى مؤسس مطعم «شجرة الدر» إلى افتتاح أفرع أخرى في دول عربية مختلفة لتحقيق هدف الترويج للمطبخ المصري، ويقول أنس «نستعد قريباً لافتتاح فرع آخر بالسعودية، وفرعين في الإمارات العربية المتحدة، والبحرين».


أطباق تراثية في قالب من العصرية

وتابع «المطبخ المصري عامر بالأصناف الأصيلة ذات العراقة؛ وهو ما يؤهله للانتشار عالمياً، فالطعام ليس مجرد طبق، بل دليل حي وشاهد على تطور الشعوب وحضارتها وعاداتها وتقاليدها، وهو نوع من المعرفة الثقافية التي لا يمكن رؤيتها في كتب العلوم أو التاريخ».
ويحاول المطعم الاستفادة من رواج فكرة «الساندويتش» لدى قطاع واسع من شباب الألفية، فبجانب الحوواوشي المعروف، يقدم «ساندويتشات» الكباب، والطرب، والكفتة بأنواعها.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».