«اليونيسيف» لدى اليمن: وفيات الأطفال تتضاعف 4 مرات بسبب التجنيد من قبل الجماعات المسلحة

حمى الضنك تتمدد في اليمن جنوبًا.. وتسجل 127 حالة إضافية

«اليونيسيف» لدى اليمن: وفيات الأطفال تتضاعف 4 مرات بسبب التجنيد من قبل الجماعات المسلحة
TT

«اليونيسيف» لدى اليمن: وفيات الأطفال تتضاعف 4 مرات بسبب التجنيد من قبل الجماعات المسلحة

«اليونيسيف» لدى اليمن: وفيات الأطفال تتضاعف 4 مرات بسبب التجنيد من قبل الجماعات المسلحة

قرعت جوليان هارنيس ممثلة اليونيسيف لدى اليمن، جرس الإنذار من مخاطر تعريض الأطفال للموت من قبل الميليشيات المسلحة التي عمدت إلى استخدام الأطفال لحراسة نقاط التفتيش، أو حمل السلاح. وأفادت في هذا الخصوص أن عدد الأطفال الذين قُتلوا في اليمن خلال الأسابيع العشرة الماضية هو أربعة أضعاف المجموع الكلي للقتلى الأطفال، العام الماضي، مؤكدة ارتفاع معدلات تجنيد واستخدام الأطفال بشكل حاد في العام الحالي.
وقالت إن «مجموعات مسلحة في اليمن تجند الأطفال وتستخدمهم لحراسة نقاط التفتيش أو حمل السلاح، ففي عام 2014 تأكد تجنيد واستخدام 156 طفلا من قبل مجموعات مسلحة، بينما تضاعف هذا العدد خلال العام الحالي ليصل إلى 318 طفلا».
وشددت هارنيس على أن «مكان الأطفال هو في مأمن مدارسهم حيث يتعلمون، وليس على الخطوط الأمامية يحاولون تفادي الرصاص»، واصفة الأطفال بأنهم «مستقبل اليمن، ويجب أن يحصلوا على الحماية في جميع الأوقات وإبعادهم عن الخطر».
في غضون ذلك، أكدت مصادر صحية متطابقة في اليمن أن وباء حمى الضنك تمدد من مناطق الصراع إلى محافظة حضرموت، ليسجل 127 حالة مؤكدة، تضاف إلى آلاف الحالات المسجلة في مناطق الصراع التي شهدت أيضا تسجيل وفاة 25 آخرين في اليومين الماضيين، وسط نداءات تشدد على أهمية التوعية والتركيز على الجوانب الوقائية في ظل انعدام الأدوية في الوقت الراهن.
وأكد مكتب الصحة والسكان في ساحل حضرموت لـ«الشرق الأوسط»، تسجيل 127 حالة مؤكدة مصابة بحمى الضنك، دون تسجيل أي حالة وفاة حتى الآن في المركز، فيما قالت مصادر طبية أخرى من خارج حضرموت إن الحمى قتلت في اليومين الماضيين 25 شخصا في مناطق أخرى من اليمن.
وشدد الدكتور رياض الجريري المدير العام لمكتب الصحة العامة والسكان في حضرموت على أهمية برنامج الإنذار المبكر للأمراض الوبائية، واصفا التدخلات التي تمت في المناطق الموبوءة من قبل دور الكوادر الصحية في رصد الحالات ومساعدة إدارة الصحة بأنها «ساهمت في التخفيف من تزايد الحالات».
لكن الجريري أقر في الوقت نفسه بأنه على الرغم من ذلك يظل «الوضع بحاجة لاستنفار أكبر خلال الفترة المقبلة، وفي ظل استمرار وصول النازحين من مناطق الصراع التي تنتشر فيها مثل هذه الأوبئة». وذهب إلى أن أهم الأولويات في الفترة الحالية يتمثل في «التركيز على الجوانب الوقائية، والوقوف إلى جانب كل الجهود التي تصب في سبيل منع انتشار أي وباء»، في ظل عدم القدرة على توفير الأدوية اللازمة، واللقاحات المضادة.
من جهتها، تحدثت الدكتورة ليناء خنبري ممثلة منظمة الصحة العالمية في ورقة عمل أثناء دورة نظمها مكتب الصحة العامة والسكان في حضرموت عن استخدام النظام الإلكتروني في الترصد الوبائي، والعوامل التي دعت لإنشائه في اليمن منذ مارس (آذار) 2013، كما تحدثت عن آلية عمل البرنامج واستمارات البلاغ التي تحتوي على 16 مرضًا من قائمة الأمراض التي يمكن أن تحدث وتحتاج سرعة استجابة، وكيفية التصرف في حال وجود إنذار لمرض معين، بالإضافة إلى مخرجات الإنذار المبكر 2014 في اليمن، كما أعطت شرحا عن التعريف القياسي للأوبئة والتدخلات المناسبة لكل وباء.
بدوره، أعطى مدير عام المختبرات المركزية الدكتور حاج الشعيب لمحة عن الفحوصات المخبرية وأهميتها في تشخيص وتحديد مستوى الوباء، وكذلك أهميتها في متابعة أي حالة أثناء وبعد العلاج.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.