أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش نداءً للحدّ من الانبعاثات الحراريّة، داعياً الجمعية العامة إلى التركيز، خلال دورتها الجديدة، على التغلّب على الانقسامات في عالم تمزّقه الحرب وتضربه فوضى المناخ. وعوّل بشدّة على دور دول مجلس التعاون الخليجي، وبشكل خاص المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في معالجة الأزمات العالمية والإقليميّة الراهنة.
وعقد غوتيريش مؤتمراً صحافياً الأربعاء بالمقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة انطلاق أعمال الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وعبّر عن خشيته على مستقبل البشريّة من «الفوضى المناخية الدائمة والشاملة على نطاق لا يمكن تصوّره»، مشيراً إلى أنّ ما شاهده في زيارته الأخيرة إلى باكستان بعد الفيضانات الكبيرة التي أغرقت البلاد، هو «خسائر مدمّرة في الأرواح، ومعاناة بشريّة هائلة، وأضرار جسيمة للبنية التحتية وسبل العيش». وقال، إن هذا «ببساطة أمر مفجع». وأكد، أن «الدول الأكثر عرضة للتأثر في العالم، والتي لم تفعل شيئاً للتسبب في هذه الأزمة، تدفع ثمناً مروّعاً لعقود من العناد من الدول المسؤولة عن الانبعاثات الحراريّة الكبرى». وطالب دول مجموعة العشرين بتحمل أعباء الأزمة المناخيّة؛ لأنها مسؤولة عن 80 في المائة من الانبعاثات العالميّة، مشدداً على ضرورة الحد من ارتفاع درجة حرارة العالم إلى أكثر 1.5 درجة مئوية خلال العقود القليلة المقبلة.
الجوع والطاقة عالمياً
وإذ لفت غوتيريش إلى استمرار ارتفاع نسبة الجوع العالمي منذ ما قبل جائحة «كوفيد - 19» وحتّى الآن، قال إن «معالجة مسائل الطاقة أصعب بكثير من معالجة مسائل الأمن الغذائي، ففي مسائل الطاقة لدينا مزيج بين المصالح الكبرى، ومصالح الدول الأعضاء، بالإضافة إلى مصالح الشركات؛ ما يجعل إحراز التقدّم في هذه المسائل صعباً للغاية، لتناقض هذه المصالح إلى حدّ كبير».
ولدى سؤاله عن دور دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في معالجة الأزمات العالمية الحالية من انعدام الغذاء إلى الطاقة وتغيّر المناخ، إضافة إلى القضايا الإقليمية من سوريا إلى اليمن، ليبيا وفلسطين، قال غوتيريش «أولاً، آمل في أن تساهم دول مجلس التعاون الخليجي التي تملك قدرات إنتاجية ضخمة، بهدف التقليل من أزمة الطاقة التي يمرّ بها العالم، وأنا متأكّد من أنها ستكون ناشطة للغاية فيما يتعلّق بالترويج للحلول السلمية في الدول المجاورة في سوريا، ليبيا، اليمن، أو أي دولة أخرى قريبة منها. أعتقد أنّ الناس في سوريا وليبيا واليمن قد عانوا بالفعل من الكثير، وسيكون مفيداً أن يجتمع الناس معاً لحلّ هذه المشكلات».
وأضاف «يحدوني الأمل في أن يسفر الحوار الذي بدأ بين المملكة العربية السعودية وإيران، وأشكال الحوار الأخرى في المنطقة، عن تحقيق نتائج، ويسمح بخفض التوتّر في الخليج».
ليبيا
قال الأمين العام عند سؤاله عن مهمات المبعوث الشخصي للأمم المتحدة الجديد إلى ليبيا السنغالي عبد الله باتيلي، إنه «من الصعب معرفة التحدي الأكبر الذي يواجهه باتيلي»، مشدّداً على مهمّة «الحفاظ بأي ثمن على السلام بين شرق ليبيا وغربها». وأضاف، أن تجنّب المواجهات «أمر أساسيّ»، مثل المواجهات الأخيرة في العاصمة طرابلس بين الميليشيات الداعمة لعبد الحميد دبيبة (رئيس الحكومة الذي يرفض التنحي)، وفتحي باشاغا (رئيس الحكومة المقيم في الشرق). وحضّ الخصوم السياسيين في ليبيا على الاتفاق بسرعة على التغييرات القانونية حتى يمكن إجراء الانتخابات، التي كانت مقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي وأرجئت بسبب الخلافات بين الفصائل المتنافسة حول قوانين الانتخابات. ولفت إلى أن «التحدي الآخر هو التأكد من أنّ كل الأطراف الخارجية تدعم عملية المصالحة، وكذلك التطوّرات السياسية التي تؤدي إلى الانتخابات، وحكومة شرعية يقبلها الجميع».
وردّ الأمين العام على سؤال حول أهمية إحياء مؤتمر برلين، قائلاً، إنّه يشجّع بقوة القوى العالمية والدول التي لها اهتمامات في ليبيا، على الاجتماع مرة أخرى في برلين - بعد أن تمّ التوصّل في مؤتمرين سابقين في برلين (يناير/كانون الثاني 2020) و(يونيو/حزيران 2021) إلى اتفاقات بشأن وقف إطلاق النار وتنظيم الانتخابات ووقف التدخل الخارجي... مضيفاً أنّ المؤتمرات السابقة للاعبين الرئيسيين كانت «الأداة الدولية الأكثر فائدة التي لدينا لتجنّب الأسوأ»، ولفت إلى أنّ وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك «أشارت بالفعل إلى أنّ ألمانيا ستفكّر في هذا الاحتمال، وأنا أشجّع ذلك بشدّة».