لم يمل نجم خط وسط ريال سوسيداد مارتن زوبيميندي من تشبيهه المستمر بالنجم الإسباني السابق تشابي ألونسو، لكنه يعتقد أن ألونسو ربما يكون هو مَن ملّ من ذلك. وقال زوبيميندي مبتسماً، عن اللاعب الذي يعشقه: «إنه مثلي الأعلى، ونموذج يحتذى به، لذلك فأنا سعيد للغاية لأنه يقول أشياء جيدة عني. إنني أُسأل عن أحواله كثيراً لدرجة أنه ربما شعر بالملل من سماعي أتحدث عنه كثيراً. وسوف يمل من سماعي وأنا أتحدث دائماً عن مدى روعته». وقال ألونسو ذات مرة: «مارتن يحمل سمات زوبيتا». يذكر أن «زوبيتا» هي أكاديمية الناشئين بنادي ريال سوسيداد التي انضم إليها زوبيميندي وهو في الثانية عشرة من عمره، كما فعل ألونسو قبل ذلك بـ12 عاماً. وقبل ذلك، لعب زوبيميندي في نادي أنتيجوكو المحلي، الذي بدأ به ألونسو مسيرته أيضاً. وكان زوبيميندي يشاهد وهو صغير مثله الأعلى ألونسو وهو يتألق في عالم كرة القدم – كان زوبيميندي في الخامسة من عمره عندما انتقل ألونسو إلى ليفربول، وفي العاشرة من عمره عندما انضم ألونسو إلى ريال مدريد - ويلعب في نفس المركز وبنفس أسلوب ألونسو أيضاً.
ويتحدث زوبيميندي عن «القيم» و«الشخصية» التي يمتلكها لاعب ليفربول السابق، و«الصفات القيادية التي كان يتمتع بها ولم يكن يظهرها على الملأ للتفاخر بها». وعندما تستمع إلى زوبيميندي وهو يتحدث، تكتشف أن هناك أشياء أخرى مشتركة بينه وبين ألونسو، مثل الوضوح والتحليل الهادئ، والغريب أيضاً أن وكيل أعمالهما واحد. بل ويواجهان مانشستر يونايتد في خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين ونصف الأسبوع؛ حيث قاد زوبيميندي ريال سوسيداد للفوز على مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» يوم الخميس الماضي في إطار دور المجموعات بالدوري الأوروبي بهدف دون رد؛ بينما يلعب ألونسو في الرابع والعشرين من سبتمبر (أيلول) الجاري ضد فريق يضم أساطير مانشستر يونايتد السابقين.
وعلاوة على ذلك، كان ألونسو هو المدير الفني لزوبيميندي في فريق الرديف بريال سوسيداد، وهو الذي قاده للوصول إلى الفريق الأول، الذي لعب أول مباراة له في عام 2020. في الحقيقة، يمكن القول إن ألونسو أكثر بكثير من مجرد مدير فني لزوبيميندي، وبالتالي فإن اللاعب الشاب ربما يكون مخطئاً عندما يقول إن ألونسو قد يشعر بالملل من كثرة الحديث عنه، لأن ألونسو يعشق هذا اللاعب أيضاً. وإذا كان هناك شخص واحد في هذا العالم يعتقد أن اللاعب الشاب البالغ من العمر 22 عاماً لاعب استثنائي ويمتلك قدرات غير عادية فهذا الشخص هو بالطبع ألونسو. لقد رأى ألونسو شيئاً ما في زوبيميندي، الذي يعد محط أنظار العديد من الأندية الكبرى على رأسها برشلونة وريال مدريد، وأكد أن هذا اللاعب الشاب يمتلك الموهبة «بداخله»، وبالتالي أخذ على عاتقه مهمة مساعدته في إخراج هذه الموهبة داخل المستطيل الأخضر.
كان زوبيميندي في الخامسة من عمره عندما انتقل ألونسو إلى ليفربول (د.ب.أ)
وحتى بعد وصول زوبيميندي إلى الفريق الأول، تحت قيادة المدير الفني الإسباني إيمانويل ألوغواسيل، وهو لاعب سابق لعب لأكاديمية زوبيتا للناشئين أيضاً، استمر التواصل بين زوبيميندي وألونسو. يقول زوبيميندي: «كنا نرى بعضنا كثيراً في ملعب التدريب أو في غرفة الطعام أو في الممرات، وكان يوقفني دائماً ويتحدث معي». وشاهد ألونسو زوبيميندي وهو يشارك في المباراة التي فاز فيها ريال سوسيداد على مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد». يقول ألونسو عن ذلك: «مارتن لاعب يريده كل المديرين الفنيين. إنه لاعب كريم ومعطاء، ويفكر دائماً في زملائه أكثر من تفكيره في نفسه. إنه يمتلك القدرة على بناء اللعب ومساعدة زملائه من حوله على أن يكونوا أفضل، وتقديم الحلول دائماً. إنه يعرف ما هي الخطوة التالية التي يجب أن يقوم بها حتى قبل أن تصل إليه الكرة. ولديه تلك القدرة على التنظيم وبناء اللعب، وأنا أحب العمل معه».
يقول زوبيميندي: «لم أكن معه لمدة موسم كامل بسبب الوباء، لكنها كانت شهوراً جميلة. وعندما جاء بدأت أشارك في المباريات بشكل أكبر؛ مع تشابي لعبت سلسلة من المباريات المتتالية. كان بإمكاني الشعور بالعاطفة التي يكنها لي، والتي ربما تأتي من حقيقة أنني ألعب في نفس المركز الذي كان يلعب به. لقد كان يحاول دائماً أن يعلمني كيف أقوم بالكثير من الأشياء». ويضيف: «لقد علمني كيف أتعرف على أنواع الضغط المختلفة وكيف أفرق بينها وكيف أتغلب عليها. قبل ذلك، كنت ألعب بشكل طبيعي من دون التفكير في ذلك. لكن معه بدأت أفهم حقاً المفاهيم التي تتعلق بإخراج الكرة وبناء اللعب. كان يصر كثيراً على تحليل كل شيء».
يقول زوبيميندي إنه يرتكب الكثير من الأخطاء ولا يحصل على عدد كبير من البطاقات والإنذارات، مشيراً إلى أنه يتحدث كثيراً مع مدافعي فريقه عندما يتقدم للأمام للقيام بأدواره الهجومية. يضحك زوبيميندي عندما سئل عن متى يبدأ في إرسال الكرات الطويلة بنفس الشكل الذي كان يقوم به ألونسو، ويقول: «لقد كان بارعاً في إرسال تلك الكرات الطويلة بدقة شديدة». لقد كان يعرف جيداً متى يرسل الكرات الطويلة ومتى يلعب تمريرات قصيرة. كان يجيد إرسال التمريرات القصيرة، لكنه كان ينظر بعيداً نحو المهاجمين لمعرفة ما إذا كان يتعين عليه إرسال تمريرات طويلة لهم. ما زلت ألعب في عمق الملعب، ويجب أن أتعلم كيف أرسل تلك الكرات الطويلة بنفس الطريقة».
لقد تطور زوبيميندي بشكل سريع للغاية، وأصبح يقدم مستويات رائعة، كما أصبح لاعباً أساسياً ولا غنى عنه على الإطلاق في التشكيلة الأساسية لريال سوسيداد، وبات يمثل الركيزة الأساسية في خط وسط الفريق، كما لعب مباراة دولية واحدة مع منتخب إسبانيا. وإذا كان ذلك قد حدث في ظروف خاصة - فقد كان في موقع تخييم في فرنسا عندما تم استدعاؤه بسبب تفشي فيروس كورونا، ولعب أول مباراة دولية عندما تحول منتخب تحت 21 عاماً إلى المنتخب الأول لليلة واحدة في ليغانيس - فإن الاستدعاء «العادي» لقائمة المنتخب الإسباني الأول ليس بعيد المنال، ومن المحتمل أن ينضم اللاعب إلى قائمة الماتادور الإسباني في نهائيات كأس العالم المقبلة بقطر. وعلى المدى الطويل، أشار المدير الفني لمنتخب إسبانيا إلى أنه سيكون خليفة سيرجيو بوسكيتس.
وأكد زوبيميندي أن بوسكيتس هو لاعب خط الوسط الآخر الذي تعلم منه الكثير، وكان مصدر إلهام كبير بالنسبة له. يقول اللاعب الشاب: «بوسكيتس لاعب فريد من نوعه، فهو بارع في المراوغات وفي استخلاص الكرات في نفس الوقت، كما أنه يلعب بشراسة كبيرة، وذكي جداً في الضغط على المنافس، على الرغم من أن الأمر يكون أكثر صعوبة عندما يضطر إلى الرجوع للخلف، اللاعبون الذين يلعبون في مركز محور الارتكاز ربما يكون حظهم سيئاً، لأن الجمهور لا يدرك الدور الذي يقومون به، لكن من يفهم كرة القدم حقاً يدرك تماماً قيمة الدور الذي يلعبه بوسكيتس. لقد اعتدنا على رؤيته وهو يلعب بشكل جيد، لذلك فإننا لا نقدره كما ينبغي. لقد وضع معياراً عالياً للاعبين في هذا المركز، وهو الأمر الذي جعل محور الارتكاز مطلوباً منه القيام بأشياء لم يكن يفعلها من قبل. لكن هذا جيد، ويتعين علينا أن نعمل على الوصول إلى هذا المستوى».
وأمام مانشستر يونايتد، لعب زوبيميندي مرة أخرى أمام كاسيميرو، الذي يعد واحداً من أفضل لاعبي خط الوسط في العالم. وخلال الصيف الجاري، أضاف زوبيميندي الدوري الإنجليزي الممتاز إلى باقته التلفزيونية، ويقول عن ذلك: «ما يتميز به الدوري الإنجليزي الممتاز هو القوة والشراسة واللعب المباشر والتسديد من خارج منطقة الجزاء. أما في إسبانيا فنحن نركز بشكل أكبر على الاحتفاظ بالكرة».
وفي مواجهة مانشستر يونايتد، كان فريق ريال سوسيداد يفتقد لاعباً من العيار الثقيل وهو ألكسندر إيزاك، الذي جاء انتقاله إلى نيوكاسل يونايتد بمثابة مفاجأة لزملائه في الفريق. يتذكر زوبيميندي ما حدث قائلا: «انتهى التدريب وكنت في غرفة العلاج أقوم بالتدليك وجاء أحد الأطباء بهاتفه ليطلعنا على الأخبار. غرفة العلاج الطبيعي محاطة بحوائط زجاجية، لذا يمكنك رؤية الصالة الرياضية من هناك، وكان إيزاك لا يزال هناك. قلنا لأنفسنا لكنه لا يزال هناك، ولم يقل لنا أي شيء. وعندما ذهبنا إليه وسألناه عما إذا كان هذا صحيحاً، قال نعم».
ويضيف: «إنه يستحق ذلك، وأنا متأكد من أنه سيقدم المستويات التي تتناسب مع المبلغ المالي الكبير الذي دُفع من أجل التعاقد معه. كنت أشعر بأنه سيرحل عاجلاً أم آجلاً، لأنه يمتلك القدرات والإمكانات التي تؤهله للتألق في الدوري الإنجليزي الممتاز، فهو سريع للغاية ولديه إمكانات هائلة. من المؤسف أنه رحل عنا، لكن كرة القدم تسير دائماً على هذا النحو، ويتعين علينا أن نجد بديلاً له. التعاقدات التي أبرمها النادي جيدة للغاية وتتأقلم مع الفريق بشكل جيد، وهناك إثارة حقيقية هذا الموسم، سواء الدوري الإسباني الممتاز أو في أوروبا».
وبدأ ريال سوسيداد مشواره الأوروبي هذا الموسم بالفوز على مانشستر يونايتد في عقر داره بهدف دون رد. وفي المرة الأولى التي ذهب فيها ريال سوسيداد إلى هناك، في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، كان زوبيميندي في الرابعة عشرة من عمره واشترى له والده وشاحاً. وفي آخر مرة التقى فيها الفريقان شارك زوبيميندي في المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي، لكن المباراة أقيمت من دون جمهور بسبب تفشي فيروس كورونا.
لكن الأمر كان مختلفاً تماماً هذه المرة، كما يقول زوبيميندي، لأن هذه المواجهة كانت أمام «نادٍ تاريخي، وعلى ملعب أولد ترافورد الممتلئ بالجماهير عن آخره، وبالتالي كانت مواجهة استثنائية».