تونس: المتهمون بملف «تسفير الشباب إلى بؤر التوتر» تجاوزوا المائة

بينهم سياسيون بارزون وقيادات أمنية وأئمة وموظفون

فاطمة المسدي (موقع حزب نداء تونس)
فاطمة المسدي (موقع حزب نداء تونس)
TT

تونس: المتهمون بملف «تسفير الشباب إلى بؤر التوتر» تجاوزوا المائة

فاطمة المسدي (موقع حزب نداء تونس)
فاطمة المسدي (موقع حزب نداء تونس)

يواصل السلك القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس النظر في ملف تسفير الشباب التونسي إلى سوريا خلال سنتي 2012 و2013، في ظل توقعات بالكشف عن مزيد من المعطيات في هذا الملف الشائك.
وتوقع أكثر من طرف سياسي وحقوقي أن يتجاوز عدد المتهمين في هذا الملف المعقد حدود المائة متهم؛ من بينهم سياسيون بارزون، وقيادات أمنية، وأئمة يشرفون على المنابر في المساجد، وموظفون.
وقد أوقفت السلطات التونسية محمد العفاس القيادي في حزب «ائتلاف الكرامة»، ورضا الجوادي النائب السابق في البرلمان المنحل، ومحمد فريخة رجل الأعمال الذي يمتلك شركة طيران، علاوة على إبقاء فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي قيد التوقيف، وكلاهما كان من القيادات الأمنية التونسية.
وفي هذا الشأن، قال حاتم العشي، وزير أملاك الدولة السابق في حكومة الحبيب الصيد (2015)، إن «قضية تسفير التونسيين إلى سوريا ستحدث زلزالاً كبيراً في تونس؛ لأنها ستشمل أكثر من مائة متهم» على حد تعبيره. ولاحظ أن عمليات التسفير تمت بمباركة من «مؤتمر أصدقاء سوريا» برعاية الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
ودعا العشي السلطات التونسية إلى توفير الحماية الأمنية اللازمة لفاطمة المسدي المبلغة عن هذه القضية، والقضاة المتعهدين بالملف، سواء على مستوى التحقيق والاتهام، وذلك بالنظر إلى خطورة الاتهامات؛ على حد قوله. وفي السياق ذاته، طالب النيابة العامة التونسية بـ«إطلاع التونسيين على كل تطورات الملف بصفته يهم الأمن القومي التونسي» .
وكانت فاطمة المسدي؛ النائبة السابقة في البرلمان التونسي عن حزب «نداء تونس» الذي أسسه الرئيس التونسي السابق الباجي قائد السبسي، قد قدمت شهادتها يوم 7 فبراير (شباط) الماضي. وأودعت «جميع المعطيات (التي لديها) إلى القضاء» على حد قولها. ووجهت اتهاماتها مباشرة إلى قيادات في «حركة النهضة»، مؤكدة أنها «من يقف وراء ملف التسفير». وكانت المسدي كذلك في عضوية «لجنة التحقيق البرلمانية حول التسفير»، التي توصلت إلى مجموعة من النتائج، قبل اتخاذ رئيس الجمهورية الراحل قائد السبسي قراراً بحلها نتيجة للخلافات السياسية الحادة التي خلفتها عملية مناقشة الملف تحت قبة البرلمان.
وكشفت المسدي عن معطيات مهمة أمام الجهات القضائية التونسية، وأكدت أنها تتمحور حول 4 نقاط أساسية، تشمل «قائمة الأشخاص المتورطين في التسفير؛ وأبرزهم الأئمة الذين كانوا يقومون بالدعوة للالتحاق ببؤر التوتر ودورهم في ذلك»، و«قائمة الجمعيات المشبوهة ودورها في التمويل»، و«قائمة السياسيين ودورهم كفاعلين أصليين في توفير الدعم السياسي والمالي»، علاوة على «قائمة الإطارات الأمنية ودورها في تسفير الشباب؛ خصوصاً المكلفين أمن المطارات».
وتمكن القضاء التونسي من سماع 8 متهمين في الملف، من بينهم محمد فريخة رجل الأعمال والنائب البرلماني السابق عن «حركة النهضة». ولا تزال التحقيقات متواصلة في شأن بقية العناصر الذين يتجاوز عددهم المائة.
يذكر أن تقارير أمنية محلية أشارت إلى أن عمليات التسفير شملت نحو 12 ألف شاب تونسي، أغلبهم تم إرسالهم إمّا عن طريق المعابر الحدودية خلسة، وإما عن طريق المطارات التونسية. وقد اتهم محمد فريخة رجل الأعمال التونسي بـ«تسخير طائراته لتسفير الشباب التونسي في رحلات متتالية من تونس نحو تركيا قبل التحاقهم بجبهات القتال في سوريا».
ووجه القضاء العسكري التونسي إلى هؤلاء «تهمة الضلوع في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر الصراع»، بعد أن تحولت تونس إلى إحدى الدول الأكثر «تصديراً للعناصر الإرهابية» إلى سوريا وليبيا والعراق واليمن ومالي.
وقد تحول هذا الملف إلى نزاع سياسي حاد بين طرفين: أحدهما مكون من الأحزاب اليسارية الرافضة وجود ممثلي الإسلام السياسي في المشهد، ويؤكد في تصريحات عدّة «ضلوع هؤلاء في التسفير والحصول على تمويلات خارجية لتصدير الإرهاب، وحض الشباب على الالتحاق بجبهات القتال». والطرف الثاني المقابل ينفي بشدة تلك الاتهامات ويؤكد أن «السياق التاريخي لثورات الربيع العربي هو الذي كان وراء شبكات التسفير العابرة للحدود».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.