قمة مصرية - قطرية في الدوحة تتصدرها الملفات الاقتصادية

السيسي والشيخ تميم يشهدان توقيع اتفاقيات استثمارية

الشيخ تميم يستقبل السيسي في الديوان الأميري بالدوحة (الديوان الأميري القطري)
الشيخ تميم يستقبل السيسي في الديوان الأميري بالدوحة (الديوان الأميري القطري)
TT

قمة مصرية - قطرية في الدوحة تتصدرها الملفات الاقتصادية

الشيخ تميم يستقبل السيسي في الديوان الأميري بالدوحة (الديوان الأميري القطري)
الشيخ تميم يستقبل السيسي في الديوان الأميري بالدوحة (الديوان الأميري القطري)

شهدت العاصمة القطرية الدوحة، الأربعاء، لقاء قمة جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وتصدرت مباحثاتها ملفات التعاون الثنائي، وعلى وجه الخصوص زيادة الاستثمارات والتعاون في المجال الاقتصادي.
وبعد مراسم استقبال رسمي للسيسي، في الديوان الأميري بالدوحة، الأربعاء، تضمنت استعراض حرس الشرف، وعزف السلامين الوطنيين للبلدين، عقد الرئيس المصري، وأمير قطر جلستي مباحثات، الأولى ثنائية منفردة، والثانية موسعة ضمت وفدي البلدين.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن «الشيخ تميم أكد حرص بلاده على تعزيز أطر التعاون الثنائي بين الجانبين في مختلف المجالات خلال الفترة المقبلة، من خلال زيادة الاستثمارات القطرية في مصر واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة بها». لافتاً إلى أن أمير قطر اعتبر زيارة السيسي الأولى للدوحة بمثابة «تتويج لمسار التميز الأخير في العلاقات بين الجانبين».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1569990590527414273
من جانبه، أكد السيسي «انفتاح بلاده نحو تعميق العلاقات الثنائية على الأصعدة كافة، ودفعها إلى آفاق أرحب في شتى المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية». لافتاً إلى «ما عكسته زيارة الشيخ تميم لمصر في يونيو (حزيران) الماضي من دلالات بشأن تعزيز التعاون الثنائي». بحسب البيان.
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن لقاء السيسي والشيخ تميم، «ناقش تعزيز أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، وتعظيم العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية المشتركة، الأمر الذي من شأنه دفع العلاقات الثنائية بين الجانبين بشكل إيجابي في مختلف المسارات».
ولتفعيل التعاون الاقتصادي بين البلدين. شهد السيسي والشيخ تميم، التوقيع على 3 مذكرات تفاهم، الأولى بين «صندوق مصر السيادي للاستثمارات والتنمية»، و«جهاز قطر للاستثمار»، والثانية في مجال الشؤون الاجتماعية بين وزارة التضامن الاجتماعي في مصر، ووزارة التنمية الاجتماعية القطرية، أما الثالثة فكانت بشأن التعاون في مجال الموانئ بين القاهرة والدوحة، بحسب بيان رئاسة الجمهورية المصرية.

وعلى الصعيد السياسي، «تبادل الزعيمان الرؤى بشأن تطورات القضايا العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث تم التوافق بشأن أهمية تعزيز التنسيق بين البلدين لتسوية سياسية مستدامة لأزمات المنطقة، كجزء أساسي من الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، وبما يحقق آمال الشعوب العربية في العيش في سلام واستقرار»، بحسب المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية.
وأعرب أمير قطر عن «تقديره للجهود المصرية الداعمة للشأن العربي والخليجي على الأصعدة كافة». مثمناً «دور القاهرة البارز في تعزيز آليات العمل العربي المُشترك في مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة بالمنطقة، الذي يعد نموذجاً يحتذى به في الحفاظ على الاستقرار والنهوض بالأوضاع التنموية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن العربي» بحسب بيان الرئاسة المصرية.
وقبيل لقاء القمة المصرية - القطرية، عقد السيسي، اجتماعاً، الأربعاء، في مقر إقامته بالدوحة، مع ممثلي رابطة رجال الأعمال القطريين، أكد خلاله «حرص بلاده على تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مجتمع رجال الأعمال والشركات القطرية وتنمية الاستثمارات المشتركة للمساهمة في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية في البلدين». بحسب بيان الرئاسة.
وتأتي زيارة السيسي لقطر، التي استغرقت يومين، لاستكمال مسار تطور العلاقات الذي بدأ في أعقاب توقيع «اتفاق العُلا» في المملكة العربية السعودية في يناير (كانون الثاني) 2021، لإنهاء الخلاف بين القاهرة والرياض والمنامة وأبوظبي من جهة، والدوحة من جهة أخرى، بعد نحو 4 سنوات من قطع العلاقات، وهي الأولى من نوعها للسيسي منذ توليه مهام منصبه كرئيس للجمهورية عام 2014.

وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، في تصريحات تلفزيونية مساء الثلاثاء، إن «هناك مباحثات كثيرة بين مصر وقطر منذ اتفاق العُلا، وكانت هناك زيارات على أعلى مستوى، حيث تمت تسوية أمور كثيرة بين البلدين»، مؤكداً أن «مصر دائماً مع التضامن والتقارب العربي، والتعاون، والبناء، ويدها ممدودة للجميع لحل أي أزمات بشكل إيجابي ومنفتح، ويفتح آفاقاً للتعاون لصالح البلدين». وأضاف أن «مصر دائماً تنظر إلى المستقبل وحريصة على إزالة أي خلافات» لافتاً إلى أن «زيارة السيسي إلى الدوحة تأتي قبل محطات هامة على المستوى الدولي، من بينها القمة العربية في الجزائر، وقمة المناخ في مصر»، وأردف أن «الوطن العربي يمر بظرف دقيق للغاية؛ على خلفية أزمات مزمنة في المنطقة وقضايا لم تحل بعد»، مؤكداً «موقف القاهرة الثابت من عودة مفهوم الدولة الوطنية والتعامل مع الحكومات المركزية والجيوش الوطنية ومؤسسات الدول والبعد عن أي ميليشيات مسلحة».



اعترافات حوثية بممارسة الفساد... واتهامات متبادلة بنهب الموارد

حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
TT

اعترافات حوثية بممارسة الفساد... واتهامات متبادلة بنهب الموارد

حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)
حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

بعد أسابيع قليلة من إعلان الجماعة الحوثية تشكيل حكومتها الجديدة غير المعترف بها، ضمن ما تُطلق عليه «التغييرات الجذرية»، تبادل قادة وناشطون في الجماعة الاتهامات حول ممارسات فساد كبيرة، واتهامات للقضاء بالتورط فيها، بالتزامن مع إعلان «نادي المعلمين» نهب الدعم المزعوم لصالح معلمي المدارس.

في هذا السياق، هاجم القيادي في الجماعة أحمد حامد، المعيّن في منصب مدير مكتب رئيس مجلس الحكم الانقلابي (المجلس السياسي الأعلى) عدداً من القادة المعينين في مناصب إدارية مختلفة، متهماً إياهم بسرقة المال العام ونهبه، في حين جرى تراشق بين ناشط في الجماعة ووزير ماليتها حول الإفراج عن شحنة دجاج فاسدة.

القيادي الحوثي أحمد حامد (إعلام حوثي)

واتهم حامد المسؤولين في مصلحتي «الضرائب» و«الجمارك» الخاضعتين للجماعة بالفساد من خلال تقاسم الإيرادات مع التجار وملاك الشركات التجارية، عبر تفاهمات سرية لتخفيض الإيرادات مقابل حصولهم على نسبة منها، ليحصل هؤلاء المسؤولون على النسبة الأكبر من المبالغ المتفق على تسليمها، ويجري توريد الباقي، ما يحرم خزينة الجماعة من إيرادات كبيرة، حسب قوله.

وأشاد حامد، في خطاب له أمام عدد من أنصار الجماعة، بتمكّن «هيئة الزكاة» -وهي كيان حوثي موازٍ تفيد المعلومات بأنه وراء تأسيسه- من رفع إيراداتها إلى الضعف، مقارنة بمصلحتي «الضرائب» و«الجمارك» اللتين أكد وجود مئات الإثباتات والشكاوى لديه حول الفساد فيهما.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن هذه الاتهامات تسبّبت بغضب واسع في صفوف القيادات الحوثية المسيطرة على المؤسسات الإيرادية، واتهمت بدورها القيادي حامد بالسعي لإلهاء الرأي العام عن الفساد الذي يُتهم به والجناح الذي يقوده، خصوصاً أن كثيراً من وقائع الفساد تمت بتوجيهات منه.

وتجنّب حامد، في تصريحاته، الإشارة إلى أي إجراءات ستتبعها جماعته لمحاسبة الفاسدين الذين تحدث عنهم، أو للحد من الفساد، في حين عدّت الأوساط الشعبية هذه التصريحات إقراراً من أعلى المستويات القيادية في الجماعة بنهب المال العام وتجويع السكان.

القيادي الحوثي عبد الجبار الجرموزي المعيّن وزيراً لـ«المالية» في حكومة الجماعة (إكس)

وجاءت اتهامات حامد لقياديي الجماعة المسيطرين على الجمارك والضرائب، بعد إعلان الحكومة الانقلابية الجديدة زيادات كبيرة في الرسوم الضريبية والجمركية على مختلف السلع المستوردة، التي تُقدّر بـ30 ضعفاً عما كانت عليه في السابق، بمبرر دعم الصناعات المحلية.

وبينما قابل السكان هذه التبريرات بالتهكم، رأى التجار أنها تدفعهم إلى الإفلاس أو إيقاف أنشطتهم التجارية، ليحل تجار حوثيون محلهم، إلى جانب أنها تهدف إلى إثراء الجماعة بأسهل الطرق.

إجراءات ليلية

الاتهامات الحوثية المتبادلة ترافقت مع مطالب بإقالة القيادي في الجماعة ياسر الواحدي، المعيّن في منصبي نائب وزير النفط والمعادن في حكومة الانقلاب، والمدير العام التنفيذي لشركة الغاز، بتهمة استيراد الغاز المغشوش وإغلاق المحطات المركزية التي توفّر الغاز بأسعار مناسبة، والتسبب برفع أسعاره للمستهلكين، وتنفيذ مشروعات فاشلة بمبالغ ضخمة، منها مشروع «رأس عيسى» الذي انهار سريعاً.

وتقدّم عدد من تجار الغاز وملاك محطات بيعه إلى المستهلك بشكوى تتهم الواحدي باتخاذ إجراءات تعسفية ضدهم، وصلت حد التوجيه باختطافهم وإطلاق النار على محالهم ومنشآتهم، داعين الجماعة إلى التحقيق معه، وتقديمه إلى المساءلة القانونية، وإعادة فتح المحطات المغلقة بأوامره.

وفي غضون ذلك أفرج القيادي في الجماعة عبد الجبار الجرموزي عن شحنة كبيرة من الدجاج المجمد كانت محتجزة في ميناء الحديدة منذ أكثر من 8 أشهر، بأوامر قضائية من محكمة تابعة للجماعة، بحجة صدور أوامر قضائية من محكمة أخرى بالإفراج عنها.

وواجه الجرموزي اتهامات ناشطين حوثيين له بالتواطؤ مع أحد كبار التجار، كونه من محافظة صعدة، معقل الجماعة، وموالياً لكبار رعاة الفساد فيها، بالسخرية منهم، واصفاً أحد الناشطين بالباحث عن زيادات في أعداد المتابعين له على مواقع التواصل الاجتماعي.

غير أن ناشطين آخرين اتهموا الجرموزي والتاجر بالتحايل على صاحب التوكيل الأصلي لاستيراد الشحنة، خصوصاً أنه جرى تنفيذ أوامره بإخراج البضاعة من الميناء في وقت متأخر من الليل، وخارج أوقات الدوام المعتادة.

وأشار منتقدو الجرموزي إلى أن سيرته الذاتية وتدرجه السريع في المناصب يعزّزان الشكوك بممارسته الفساد وانتمائه إلى أحد مراكز النفوذ التي تشكّلت خلال السنوات الأخيرة.

وكانت الجماعة الحوثية عيّنت الجرموزي وكيلاً لمحافظة الحديدة، ثم رئيساً لـ«مصلحة الضرائب»، قبل تعيينه أخيراً وزيراً للمالية في حكومتها المعلنة منذ قرابة شهر.

تناقضات القضاء

انتقلت الاتهامات بممارسة الفساد والتحايل على القانون إلى قضاة موالين للجماعة؛ إذ دافع أحد الناشطين الحوثيين الموالين للجماعة عن الجرموزي، بادعاء أن الأوامر القضائية بالإفراج عن الشحنة صدرت في إجازة قضائية، وخارج أوقات الدوام المعتادة، ومن منزل أحد القضاة.

ووفقاً لناشط حوثي آخر، فإن القيادي الحوثي محمد مرغم المعيّن نائباً لرئيس «المحكمة العليا»، استغل سفر رئيسه عصام السماوي خلال إجازة قضائية، وفي إحدى الليالي أصدر توجيهاً بوقف تنفيذ حكم احتجاز الشحنة، قبل أن يعلم السماوي بالأمر، ويوجه بدوره بإيقاف أوامر مرغم الذي تحداه وأصر على تنفيذ أوامره.

قرار صادر عن محكمة حوثية ببطلان قرار محكمة أخرى حول الإفراج عن شحنة دجاج مجمد مستوردة (إكس)

ووفقاً لمصادر قضائية في صنعاء؛ فإن هذه القضية كشفت عن وصول صراع الأجنحة ومراكز النفوذ إلى رأس هرم القضاء الحوثي، وانقسام القضاة الموالين للجماعة بين الأجنحة الحوثية، وتبرير ممارسات الفساد والتستر عليها.

وفي سياق آخر طالب «نادي المعلمين» في صنعاء السكان بالتوقف عن سداد المبالغ المفروضة عليهم تحت اسم «دعم صندوق المعلم»، مؤكداً أن هذه المبالغ تذهب إلى غير المعلمين، في إشارة إلى نهب الجماعة الحوثية إيرادات الصندوق وتوجيهها إلى صالحها.

وقال النادي إن «تلك المبالغ لا تملأ سوى جيوب لصوص سلطة صنعاء»، ويقصد بذلك قيادات الجماعة الحوثية، لافتاً إلى أن إعلانه هذا براءة للذمة «كي لا يُسرق المواطن» باسم المعلمين الذين لا يصلهم «من كل ذلك شيء».

يُشار إلى أن النادي يقود منذ أكثر من عام إضراباً للمعلمين اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مطالباً بصرف رواتب المعلمين المتوقفة منذ ثماني سنوات.