شح الأيدي العاملة في قطاع الإنشاء السعودي يزيد معدلات الأجور بنسبة 35 %

تسبب في توقف كثير من المشروعات العقارية.. وآثار المهلة التصحيحية ما زالت باقية

أحد مشاريع البناء في السعودية («الشرق الأوسط»)
أحد مشاريع البناء في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

شح الأيدي العاملة في قطاع الإنشاء السعودي يزيد معدلات الأجور بنسبة 35 %

أحد مشاريع البناء في السعودية («الشرق الأوسط»)
أحد مشاريع البناء في السعودية («الشرق الأوسط»)

رغم الانخفاض الذي يعيشه القطاع العقاري السعودي من ناحية نقص إطلاق المشروعات الجديدة، إلا أن ذلك لم يكن عائقا في إضافة الأعباء على قطاع الإنشاءات، خصوصا في العمالة التي تشهد نقصا حادا فيها أثرت بشكل مباشر على ارتفاع أسعار العمالة الموجودة التي لامست مستويات كبيرة تجاوزت الثلث، الأمر الذي انعكس على ارتفاع التكلفة العامة للبناء، حيث تتصدر أزمة العمالة المتخصصة في مشروعات الإنشاء في السعودية أبرز التحديات التي يواجهها القطاع العقاري المحلي.
وأكد مستثمرون مهتمون أن عددا من المشروعات قد توقف أو على الأقل تضرر من شح أعداد العمالة النادرة، وزادت مدة تسليم العقارات قيد الإنشاء، الأمر الذي يعيق التنمية بشكل كامل، كما أن هناك صعوبة بالغة في توفير شركات المقاولات في الوقت الحالي، نتيجة انشغال معظمها بعقود المشروعات الضخمة التي أضرت بشكل مباشر بمشروعات الأفراد، بغض الطرف عن أسعارها المتزايدة نتيجة الطلب المتنامي الذي تعجز الشركات المحلية عن تلبيته.
وقال سلطان اللويحق رئيس مجلس إدارة شركة عقارية «إن القطاع العقاري ما زال يعاني من فترة تصحيح الأوضاع رغم مضي أكثر من سنة على انتهائها، حيث فرط السوق في خدمات كثير من العمالة المتخصصة التي أفنت عمرها في خدمة القطاع العقاري بعد أن أتت جاهلة ورحلت وهي تعلم وتتفنن في الإنشاءات التي افتقدت هذه العينات قسرا بسبب فترة تصحيح الأوضاع»، مضيفًا أن قطاع العقار له أولويات تميزه عن سائر القطاعات، حيث إن الأمر انعكس بشكل كبير على نقص العمالة إلى حد كبير أثر في توقف المشروعات وارتفاع أسعار خدمات المتبقين منهم.
وحول نسبة هذا الارتفاع، أكد اللويحق أن قيمة خدمات العمالة ارتفعت إلى حد كبير يلامس الـ35 في المائة من السعر المستحق، كما أن أكثر من نصف المشروعات كأقل تقدير أصبحت متوقفة وأنه يعاني شخصيا من ذلك، موضحا أن البلد يعيش فترة طفرة كبيرة، خصوصا في القطاع العمراني، وأن من الواجب زيادة أعداد العمالة وليس التضييق عليهم، مؤكدا أن واقع السعودية يحتم مضاعفة أعداد العمالة وليس تفريقهم، مبينا أن نقص العمالة وندرتهم ولّد تعطيلا في الوفاء بعقود البناء، حيث ألقى الأمر بظلاله على ارتفاع الأسعار وحمل بعض المشروعات شروطا جزائية بسبب نقص العمالة الذي أثر على الالتزام بالعقود.
وفي الاتجاه نفسه، أوضح معتق القحطاني، الذي يمتلك شركة للاستشارات العقارية، أن هناك سحبا كبيرا من قبل الشركات العقارية الكبرى في السعودية على العمالة المتخصصة في القطاع العقاري وإن لم تكن محترفة، التي تفضل العمل مع تلك الشركات لأسباب مختلفة، أهمها سرعة تسديد المرتبات وتوفير سكن مناسب، إضافة إلى استمرار الشركات في إغراق العروض المغرية على تلك العمالة، ناهيك باحتكاك تلك العمالة ببيئات عمل أرقى وأرفع مستوى، مما يلقي بظلاله على توسيع الخبرات الإنشائية لدى الفني العامل، وهو الأمر الذي يؤهله وبسرعة إلى تولي المشروعات الكبيرة وتمكنه خبرته من العمل مستقبلا برواتب ومميزات أفضل نظير خبرته العملية.
وأضاف: «أكثر ما نخشاه أن يستمر الوضع على ما هو عليه من ناحية خلو السوق من العمالة الماهرة، مما يعني مشكلة إضافية تنضم إلى مشكلات ارتفاع أسعار العقار وأسعار مواد البناء، والقادم هو ارتفاع كبير في قيمة خدمات العمالة الإنشائية، لافتا إلى أن السوق تعاني حلقة مفرغة من التنسيق بين توفير العمالة المحترفة التي يجري استقبالها على أنها تحمل مؤهلات هندسية، وبين الواقع المحلي الذي يشتهر باستقدام العمالة الجديدة لتدريبها وتعليمها على منشآتنا ومن ثم يهاجرون إلى الخارج، خصوصا إلى دول الخليج للاستفادة من ارتفاع قيمة عقود الإنشاء هناك».
وفي صلب الموضوع، أكد علي التميمي الذي يمتلك مؤسسة متخصصة في المقاولات، أن هناك أزمة حقيقية في توفير العمالة المتخصصة في قطاع الإنشاءات، وأن هذه المشكلة تمثل أبرز التحديات التي تواجهها السوق العقارية السعودية، إذ يلاحظ توقف كثير من المشروعات أو بناؤها بشكل بطيء بعد تسرب معظم عمالتها نحو العروض الأفضل، لافتًا إلى أن المهلة التصحيحية عصفت بقطاع المقاولات، خصوصا المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تعتمد عليها السوق بأكثر من 80 في المائة الذي تضرر كثيرا من ترحيل العمالة دون وجود بديل جاهز يحل محلهم، خصوصا أن السعودية دولة تنمو بشكل مهول وتحتاج بذلك إلى أعداد أكبر من العمالة، وليس القضاء على العمالة الموجودة التي تعاني أساسا من النقص.
وتطرق التميمي إلى ضعف أعداد العمالة الوافدة العاملة في المشروعات الإنشائية، ملقيا باللوم على الجهات المسؤولة بالاشتراك مع شركات الاستقدام، متسائلاً: «هل يجب على العمالة أن تجرب على منازلنا عدة مرات حتى تتقن العمل؟»، مبينًا أن ترك المجال للعمالة المبتدئة يتسبب في هدر أكبر من المبلغ المدفوع للعامل الماهر، حيث سيتسبب في هدر مواد البناء التي تعتبر غالية الثمن، وذلك عن طريق الغلط ومن ثم الهدم، أو عن طريق عدم تقدير الكميات المناسبة عند البناء.
وزاد: «يضاف إلى ذلك الجهد والوقت اللذان سيضيعان عند الاعتماد عليهم، ناهيك بالتصدعات والشقوق التي قد تحدث للمبنى، وأن هناك عدة حالات أشرفت عليها عمالة غير مدربة انتهى الأمر بها إلى حالات لا تحمد عقباها»، موضحًا أنه يجب وضع قوانين أشد صرامة للعمالة العاملة في مشروعات البناء.



بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
TT

بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)

أضافت الصين المزيد من الأجهزة المنزلية إلى قائمة المنتجات التي يمكن استخدامها في خطة «المقايضة الاستهلاكية»، وستقدم إعانات إضافية للسلع الرقمية هذا العام، في محاولة لإحياء الطلب في قطاع الأسر الراكد.

وستشمل خطة المقايضة للأجهزة المنزلية أفران الميكروويف وأجهزة تنقية المياه وغسالات الأطباق وأواني الطهي هذا العام، وفقاً لوثيقة صادرة عن أعلى هيئة تخطيط للدولة ووزارة المالية يوم الأربعاء. ويمكن أن تحصل الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية والساعات الذكية والأساور التي تقل قيمتها عن 6000 يوان على إعانات بنسبة 15 في المائة.

ولم يحدد البيان التكلفة الإجمالية للحوافز، لكن مسؤولاً بوزارة المالية قال في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء إن الحكومة خصصت حتى الآن 81 مليار يوان (11.05 مليار دولار) لتبادل السلع الاستهلاكية لدعم الاستهلاك في عام 2025.

وتشكل التدابير الجديدة جزءاً من خطة أوسع لتحفيز النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2025، حيث أدت أزمة العقارات الشديدة إلى تآكل ثروة المستهلكين والإضرار بإنفاق الأسر. وكان قطاع المستهلكين المتعثر في الصين نقطة ألم خاصة للاقتصاد مع مطالبة المحللين ومستشاري السياسات باتخاذ تدابير عاجلة لتحفيز الأسر على الإنفاق مرة أخرى.

وقال شو تيان تشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميك إنتليجينس»: «نتوقع أن يتضاعف إجمالي الدعم إلى 300 مليار يوان في عام 2025. وهذا يمثل إلى حد ما تحولاً سياسياً نحو المزيد من الاستهلاك». وأضاف أن الإعانات الأكثر محدودية للهواتف والأجهزة اللوحية، بأقل من 500 يوان لكل عنصر، تشير إلى أن بكين لا تنوي دعم الأغنياء للإنفاق الباهظ.

وفي العام الماضي، خصصت الصين نحو 150 مليار يوان من إصدار سندات الخزانة الخاصة بقيمة تريليون يوان لدعم استبدال الأجهزة القديمة والسيارات والدراجات وغيرها من السلع. وقال المسؤولون إن الحملة «حققت تأثيرات إيجابية».

وقال لي غانغ، المسؤول بوزارة التجارة، في نفس المؤتمر الصحافي، إن الحملة أسفرت عن مبيعات سيارات بقيمة 920 مليار يوان ومبيعات أجهزة منزلية بقيمة 240 مليار يوان في عام 2024.

ومع ذلك، لم يجد المستثمرون الكثير من الطموح في إعلانات يوم الأربعاء، حيث انخفض مؤشر أسهم الإلكترونيات الاستهلاكية في الصين بنسبة 3.2 في المائة بحلول استراحة منتصف النهار.

وقال مسؤول في هيئة تخطيط الدولة الأسبوع الماضي، إن الصين ستزيد بشكل حاد التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل في عام 2025 لتحفيز ترقيات المعدات ونظام مقايضة السلع الاستهلاكية. وفي العام الماضي، خصصت الصين ما مجموعه 300 مليار يوان لهذه المبادرات.

وقال تشاو تشين شين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح - الجهة المسؤولة عن التخطيط الحكومي - يوم الأربعاء، إن أرقام التمويل للخطط ستصدر خلال الاجتماع البرلماني السنوي في مارس (آذار) المقبل.

وتعهد كبار القادة الصينيين بتعزيز الاستهلاك «بقوة» وتوسيع الطلب المحلي «في جميع الاتجاهات» هذا العام. وذكرت «رويترز» الأسبوع الماضي أن ملايين العاملين الحكوميين في جميع أنحاء الصين حصلوا على زيادات في الأجور، كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز الاستهلاك.

وقال لين سونغ، كبير خبراء اقتصاد الصين في «آي إن جي»: «نتوقع أن تساعد السياسة الأكثر دعماً في انتعاش نمو مبيعات التجزئة في عام 2025 مقارنة بعام 2024. وسيعتمد تعافي استهلاك الأسر على استقرار أسعار الأصول، بالإضافة إلى تحسن الثقة في آفاق التوظيف».

ووفقاً لوثيقة السياسة، ستزيد الصين أيضاً الأموال من إصدار سندات الخزانة الخاصة طويلة الأجل لدعم ترقيات المعدات في المجالات الرئيسة. وستشمل الحملة الآن المعدات المستخدمة في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والزراعة، مع التركيز على المعدات المتطورة والذكية والخضراء.

وعلى أساس دعم بنسبة 1.5 نقطة مئوية على أسعار الفائدة على قروض ترقية المعدات التي يتم الحصول عليها من البنوك، قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إنها سترتب أيضاً أموالاً من سندات الخزانة لخفض تكاليف تمويل الشركات بشكل أكبر.

ورتب البنك المركزي مرفق إعادة الإقراض المنخفض التكلفة بقيمة 400 مليار يوان لدعم ترقيات المعدات. وقال سونغ إن الوثيقة تشير إلى أن القطاعات الصناعية عالية التقنية بالإضافة إلى تصنيع معدات النقل من المرجح أن تستفيد، مما يساعد هذه القطاعات على البناء على الزخم القوي في العام الماضي.