DVD

مشهد من «بوخارست بلا توقف»
مشهد من «بوخارست بلا توقف»
TT

DVD

مشهد من «بوخارست بلا توقف»
مشهد من «بوخارست بلا توقف»

فيلمان من بعيد
‪Taklub ‬
‫إخراج: برلنتي مندوزا‬
دراما اجتماعية / فليبين ـ 2015

الجانب الديني يهيمن مرة ثانية على جهد هذا المخرج النشط. في عام 2012 أخرج فيلمًا عن قيام عصبة متطرفة بخطف مجموعة من الأجانب (بينهم إيزابيل أوبير) والفلبينيين، وكيف عاملت العصبة رهائنها بالعنف والتسلط وأحيانا، بالقتل.
في فيلمه الجديد، «فخ» يعايش ضحايا الإعصار الذي ضرب الساحل الفلبيني قبل سنوات قليلة مخلّفًا وراءه دمارًا كبيرًا. شخصياته هنا من المسيحيين المتديّنين الذين سيقاومون الكارثة بإيمانهم. والفيلم يبدأ ببعضهم وقد احترق داخل خيمة من جراء انقلاب مصباح غاز، وبعد ذلك ها هو الإعصار يطيح بالبيئة الاجتماعية لولا تماسك أفرادها. خلال ذلك لا يفوته نقد إهمال المسؤولين في المكاتب الرسمية لحاجات المتضررين ولا تصوير الفقر كعامل رئيسي في تشتت هؤلاء وانكشافهم حيال الطبيعة.
على ثغراته وارتفاع الحس الميلودرامي في مواقع مختلفة من الفيلم، ينجز مندوزا فيلمًا أفضل من سابقه وكلاهما مبني على وقائع حقيقية. لكن الأول كان مدفوعًا بالكره للآخر وهنا بالحب المتيّم له.

بوخارست بلا توقف
Bucharest Non‪ - ‬Stop ‪ ‬
‫إخراج: دان شيسو‬
دراما اجتماعية / رومانيا ـ 2015
دان شيسو من بين مخرجي السينما الرومانية الجديدة التي انبثقت منذ مطلع هذا القرن الجديد، لكنه لا يماثل في قدراته باقي أترابه الآخرين أمثال كريستيان مونجيو وكريستي بيويو أو رادو مانتين. وهذا الفيلم يظهر لماذا هو أضعف في قدراته.
لديه فكرة رائعة من حيث المبدأ: دكان صغير يفتح ليل نهار وأحداث تقع في ليلة واحدة أبطالها شخصيات تلتقي عنده من دون أن تعرف بعضها بعضًا. هذا يخلق عددًا من القصص: المحتالان الفاشلان والعاشق الذي يريد دخول باب المبنى المجاور ليلتقي من يحب لكنه لا يعرف شفرة الباب، والفتاة التي تعمل عاهرة التي سيساعدها سائق تاكسي الهرب من القوّاد الذي يديرها، ثم هناك العجوز الذي تموت زوجته في تلك الليلة وليس لديه القدرة على العيش وحده. لكن نقاط تقاطع الحكايات ليست نتيجة مهارة، ولا التنفيذ خال من الركاكة في أكثر من موقع. الشخصية التي تدير الدكان وتتعرّف على كل هؤلاء تبقى رمادية لا تثير، كالفيلم، إلا القليل من الإعجاب.



شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز