صفية العمري لـ «الشرق الأوسط»: أعيش بروح زمن الفن الجميل

قالت الفنانة صفية العمري، إن تكريمها في لبنان يمثل أهمية خاصة لها، بعد أن حظيت بتكريمين هناك العام الجاري، مشيرة إلى أنه «يعكس تقديراً كبيراً من بلد تحبها وتهفو إليه نفسها، خاصة أن الشعب اللبناني محب للحياة ويمنح طاقة إيجابية كبيرة لزائريه». وقالت العمري في حوارها مع «الشرق الأوسط» إنها «بكت خلال عرض فيلمها (كان لك معايا) وسط الجمهور السعودي بمهرجان البحر الأحمر، الذي ترى أنه ولد كبيراً منذ دورته الأولى، منوهة إلى أنها تتطلع لتقديم نص مسرحي جديد ينتمي لنوعية المونودراما التي تستهويها.
وقضت الفنانة صفية العمري أربعة أيام في لبنان بدعوة من المنتدى الاجتماعي للثقافة العربية بمدينة طرابلس، حيث كشفت لها الزيارة عن مناطق ساحرة بدت وكأنها تزور لبنان لأول مرة، كما جرى منحها درع «أرزة لبنان» برعاية وزير السياحة وليد نصار، تقول: «رغم أنني زرت لبنان كثيراً وصورت به عدداً من أفلامي، من بينها (أبداً لن أعود) مع رشدي أباظة، لكن هذه أول مرة تتاح لي مشاهدة أجمل مناطق لبنان، وفي حضور شخصيات من كل المنطقة العربية في الاحتفال بمدينة طرابلس عاصمة للثقافة العربية خلال العام المقبل».
وفي سعي لتنشيط السياحة في لبنان جرى تنظيم رحلة إلى «زحلة» الملقبة بـ«عروس البقاع»، بواديها الذي يجري به نهر البردوني، وهو مكان ساحر كتب فيه الشاعر الكبير أحمد شوقي قصيدته «جارة الوادي» التي شدا بها محمد عبد الوهاب وفيروز، وكما تقول العمري: «شاهدنا في قاعة مليئة بالصور كل الشخصيات التي زارت المكان، من ملوك ورؤساء عرب وأجانب وشخصيات مهمة مثل أم كلثوم، وعبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، والرئيس الأميركي الأسبق كارتر، والمطربة شاكيرا، وتجولنا من شمال لبنان إلى جنوبها على مدى أربعة أيام رائعة».
وفي ليلة تكريمها ألقت صفية كلمة وجهت فيها الشكر للجهة المنظمة ولكل الشعب اللبناني مؤكدة أنها «كانت جملة من القلب تحية للبنان، وكما تقول: «رغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان فإن أي لبناني لا يشعرك بمعاناته، بل يأسرك بلهجة الترحيب التي تؤكد محبتهم، إذ ما زالوا محتفظين بابتسامتهم برغم الأحداث السيئة التي عاشوها، ولعل أكتر ما أحبه في اللبنانيين هو حبهم للحياة، وهذه الطاقة الإيجابية التي يمنحونها لي مع كل زيارة».
ويعد هذا ثاني تكريم لبناني تتلقاه العمري: «تم تكريمي الشهر الماضي في مهرجان (الزمن الجميل) وأطلقوا علي (أيقونة الفن)، وقد عشت فعلاً الزمن الجميل الذي أتاح لي تقديم أعمال لا تتكرر، إذ لا زلت أتلقى التكريم على مسلسل (ليالي الحلمية)، والبعض ينادونني حتى الآن بـ(نازك السلحدار)، أليس هذا حصاداً للزمن الجميل؟ إن في تاريخي 101 فيلم سينمائي، لكن مسلسل ليالي الحلمية يرفع رصيدي إلى 150 فيلماً، فكل حلقة من أجزائه الخمسة تمثل فيلماً بذاتها.
لقد أحببت هذه الليالي، ولطالما أنفقت على الأزياء والإكسسوارت التي تتطلبها الشخصية، وقد تبرعت ببعض فساتين (نازك) لصالح مزادات خيرية، لكنني لا أريد التفريط فيما تبقي منها، فهي جزء من ذكرياتي وأيامي الحلوة». بحسب وصفها.
الحديث عن ليالي الحلمية يفتح دونما تعمد باب المقارنة بين ما كان وما يعرض عليها حالياً ويدفعها لتتساءل: أين هذا العمل الذي يجعل من كل ممثل بطلاً في دوره دون لفظ يخدش الحياء، حتى في المشاهد التي ترتبط بمناطق شعبية، لقد كانت خناقات الحلمية بالعصا، وليس بالأسلحة البيضاء والألفاظ الخارجة.
وقدمت صفية العمري أخيراً فيلماً روائياً قصيراً بعنوان «كان لك معايا» أمام محمود قابيل الذي جسدت من خلاله شخصية امرأة كانت تعمل مصممة لملابس النجمة سعاد حسني، وقد عاشت قصة حب لم تكتمل فتبقى أسيرة لهذه القصة، وحين يعود إليها حبيبها بعد سنوات طويلة ويتفقان على الزواج، تحدث مفاجأة تحول دون إتمام زواجهما، وتؤكد صفية: «لا يفرق معي فيلما طويلا أو قصيرا بقدر اهتمامي بالشخصية والرسالة التي يحملها العمل، فقد قدمت قبل سنوات فيلما قصيرا بعنوان (خمسة جنيه) مع الفنان أحمد الفيشاوي، والفيلم يدّرس حاليا لطلبة كلية الطب بجامعة لندن».
وشاركت العمري بفيلم «كان لك معايا» في الدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الأحمر ولقي تجاوباً أسعدها: «شاهدت الفيلم وسط الجمهور السعودي وقد انفعلوا به، وبكيت وأنا أشاهده معهم، فقد كنت أتابع الفيلم وكأنني أشاهد ممثلة أخرى وأصدقها»، وعبرت صفية عن سعادتها بالمشاركة في المهرجان الذي تراه «نجح من أول دورة لأنه ولد كبيراً، بتنظيم أكثر من جيد وعرضه لعدد كبير من الأفلام المهمة، بجانب معمل البحر الأحمر الذي يقدم دعما للسينما العربية، وسوف يرسخ أقدامه بشكل أكبر مع كل دورة جديدة».
وبصفتها عضواً باللجنة العليا لمهرجان «أيام القاهرة للمونودراما» تشهد صفية افتتاح المهرجان الذي ينطلق بعد غدٍ الاثنين، حيث يستهويها هذا اللون المسرحي الذي يقتصر على ممثل واحد فقط، مبررة ذلك بقولها: «أحب هذا النوع من المسرح لأنه يتطلب تركيزاً كبيراً في الأداء، ومساحة تمثيل تتيح لي أن أصول وأجول مع الشخصية وأتنقل بين حالاتها المختلفة، وأتطلع لتقديم نص عالمي خلال الفترة المقبلة، بعدما قدمت من قبل مونودراما (لقطة من حياة ممثلة) لتشيكوف، كما قدمت عملاً آخر عرض في لندن قبل سنوات للمؤلف عاطف الغمري».
وتختتم العمري حديثها بالإشارة إلى العمل الدرامي الذي تتمنى تقديمه خلال الفترة المقبلة قائلة: «أرغب في تقديم نماذج إيجابية للمرأة العربية درامياً، هناك نماذج إيجابية جداً لكن لا يوجد تركيز عليها، غير أنني لا أتمنى أن يعرض في شهر رمضان بسبب كم الإعلانات التي تفسد المشاهدة، وأرى أن المنصات أنقذتنا وجعلتنا نشاهد العمل كاملاً خلال وقت قصير».