دي ميستورا يغادر دمشق منتقدًا العنف والوضع الإنساني المتردي في سوريا

زيارة استغرقت 3 أيام التقى فيها ممثّلي 30 حزبًا سياسيًا وشخصيات دينية

دي ميستورا قبل مغادرته دمشق أمس مصحوبا  بنائب وزير الخارجية فيصل المقداد (أ.ف.ب)
دي ميستورا قبل مغادرته دمشق أمس مصحوبا بنائب وزير الخارجية فيصل المقداد (أ.ف.ب)
TT

دي ميستورا يغادر دمشق منتقدًا العنف والوضع الإنساني المتردي في سوريا

دي ميستورا قبل مغادرته دمشق أمس مصحوبا  بنائب وزير الخارجية فيصل المقداد (أ.ف.ب)
دي ميستورا قبل مغادرته دمشق أمس مصحوبا بنائب وزير الخارجية فيصل المقداد (أ.ف.ب)

أنهى مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا زيارة استغرقت ثلاثة أيام إلى دمشق، في إطار مشاورات جنيف التي تهدف إلى تفعيل بيان جنيف الذي صدر في 30 يونيو (حزيران) 2012. والتقى دي ميستورا خلال زيارته مع الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، بهدف الاستماع إلى وجهات نظرهم في سياق مشاورات جنيف.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم المبعوث الدولي جيسي شاهين، إن دي ميستورا أكد خلال لقاءاته على ضرورة حماية المدنيين. وأكد مرة أخرى أن استخدام القنابل البرميليّة أمر غير مقبول، وأنه يتوجّب على أي حكومة، بحسب القانون الدولي الإنساني، في جميع الظروف، أن توفّر الحماية لكلّ مواطنيها.
وأكد المبعوث الخاص أن التفجيرات الثقيلة التي شهدتها مدينة دوما بريف دمشق، الليلة الماضية من قبل القوات الحكومية، والتي تسببت بإصابات كبيرة في صفوف المدنيين، تدعو لإدانة قوية، بحيث إنه ما من سياق يبرر الاستهداف العشوائي للمناطق المدنية أو استخدام العقاب الجماعي من قبل الحكومة.
كما جدّد دي ميستورا أثناء وجوده في دمشق، إدانته الشديدة للهجمات على المدنيين من قبل قوات المعارضة المسلحة التي تزامنت مع وجوده في البلاد، مثل هجمات يوم الاثنين في مدينة حلب التي تسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا بين صفوف المدنيّين والقصف بقذائف الهاون يوم أمس الذي استهدف وسط دمشق.
علاوة على ذلك، تطرّق المبعوث الخاص في سياق لقاءاته، إلى الحالة الإنسانية المتردية في سوريا، وأصرّ على زيادة إمكانية نفاذ المساعدات إلى المناطق المحاصرة والمجتمعات المحلية المتضررة من الصراع، ولا سيما في ضوء شهر رمضان.
ونقل المبعوث الخاص لمحاوريه السوريّين مرة أخرى في مناقشاته، قناعته العميقة بأنّه ما من حلّ للصراع السوري يمكن فرضه بالقوة، وأن هناك حاجة ماسة إلى تسوية سياسية شاملة وبقيادة سوريا.
من جهة أخرى، التقى دي ميستورا أيضا مع ممثّلين من أكثر من 30 حزبًا سياسيًا، وشخصيات دينية ومنظمات المجتمع المدني الموجودة في الداخل السوري، للاستماع إلى وجهات نظرهم في سياق مشاورات جنيف.
يذكر أن مشاورات جنيف بدأت في أوائل مايو (أيار) 2015 وستستمر حتى يوليو (تموز)، حيث ينوي عندها دي ميستورا متابعة المزيد من المناقشات في دمشق والمنطقة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.