الخارجية المصرية ترد على انتقادات دولية تدين حكم إعدام مرسي

السيسي يصدر قرارًا بالعفو عن 16 سجينًا في قضايا خرق قانون التظاهر

الخارجية المصرية ترد على انتقادات دولية تدين حكم إعدام مرسي
TT

الخارجية المصرية ترد على انتقادات دولية تدين حكم إعدام مرسي

الخارجية المصرية ترد على انتقادات دولية تدين حكم إعدام مرسي

في محاولة لامتصاص غضب القوى السياسية والثورية في مصر، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس قرارا جمهوريا بالعفو عن 165 من المحكوم عليهم في عدد من قضايا خرق قانون التظاهر، وجاء ذلك بتزامن مع رد وزارة الخارجية المصرية على الانتقادات الدولية لحكم الإعدام الصادر، أول من أمس، ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي وآخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، بإصدار مذكرة تشرح التهم الموجهة إليهم وطبيعة النظام القضائي، رافضة في ذات الوقت التدخل في أحكامه.
وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على آلاف من الشبان المتظاهرين، في أعقاب عزل مرسي مطلع يوليو (تموز) 2013، في محاولة منها للسيطرة على الاحتجاجات التي تنظمها جماعة الإخوان، وقد شملت عمليات الضبط والمحاكمات نشطاء مدنيين من قوى سياسية أخرى، بعد صدور قانون لتحجيم المظاهرات، اشترط الموافقة الأمنية عليها.
وجاء في القرار الجمهوري أمس أن الرئيس السيسي أصدر عفوا عن 165 من المحكوم عليهم في عدد من قضايا خرق قانون التظاهر والجُنح بمختلف المحافظات المصرية، وذلك إعفاءً من العقوبة الأصلية، أو ما تبقى منها، ومن العقوبة التبعية المحكوم بها، وتشمل قائمة المفرج عنهم عددًا كبيرًا من الشباب والأحداث.
وتضم قائمة القضايا، التي أدين فيها الشبان الذين جرى العفو عنهم، أحداث الاتحادية، ومظاهرات الإخوان في روض الفرج، واقتحام جامعة الأزهر، وغيرها من الأحداث التي وقعت عقب عزل مرسي. ولم تضم القائمة أسماء نشطاء بارزين أمثال علاء عبد الفتاح أو سناء سيف.
وقال الناشط الحقوقي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن «الإفراج عن 165 خبر جيد، لكن الخبر السيئ هو أنه ليس بينهم سجين رأي واحد»، بينما استنكر الناشط محمد الجارحي عدم تضمن قائمة أسماء الـ165 اسم «أي فتاة من الفتيات المحبوسات»، لكنه نوه بأنه «سيتم الانتهاء من إجراءات خروج الشباب المفرج عنهم اليوم (الخميس) كحد أقصى».
من جهة أخرى، أصدرت وزارة الخارجية المصرية أمس بيانا تفصيليا تشرح فيه ظروف وملابسات الأحكام الأخيرة بشأن عدد من قيادات جماعة الإخوان، رافضة تدخل أي جهة في الشؤون الداخلية لمصر، وأكدت أن كل الإجراءات التي تمت في هذا الصدد تخضع للقانون.
وتوالت الانتقادات الدولية لحكم الإعدام الصادر ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي وآخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، خلال محاكمتهم في قضيتي التخابر والهروب من السجون، إذ وصف الاتحاد الأوروبي الأحكام بأنها تشكل «تطورا مثيرا للقلق»، بينما قال بيان صادر عن الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي ونائب الرئيس فيديريكا موغريني، إن الاتحاد يعارض عقوبة الإعدام في جميع الظروف، كما أعربت موغريني عن أملها في أن تتم إعادة النظر في هذه الأحكام خلال الاستئناف.
أما منظمة «هيومان رايتس ووتش» فقد قالت إن الأحكام «مسيسة» وتشوبها انتهاكات في إجراءات التقاضي، مضيفة أن إدانة مرسي وقيادات الإخوان في القضيتين «جاءت بالاستناد بصورة شبه كاملة على شهادة مسؤولين أمنيين».
كما أعربت قطر عن قلقها البالغ بشأن حكم الإعدام مطالبة بإلغائه، حسبما أفادت وكالة الأنباء القطرية، وقالت إن «قطر تضم صوتها إلى الدول التي تطالب بإلغاء هذا الحكم وإطلاق سراح الدكتور محمد مرسي».
لكن وزارة الخارجية المصرية ردت بمذكرة شارحة للقضيتين محل الأحكام وللنظام القضائي المصري تم ترجمتها إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية وتوزيعها، لـ«توضيح الأمر للأطراف التي تتحلى بالموضوعية والرغبة في الاطلاع على الحقائق».
وقالت الخارجية في بيان أمس إن «تعمد استمرار جهات أجنبية إغفال التفرقة بين الأحكام الحضورية والغيابية، واعتبار الأحكام جماعية تضم المئات، وذلك رغم ما تم توضيحه بشكل متكرر، أو وصف المحاكمات الخاصة بالرئيس المعزول وأعوانه بأنها سياسية، رغم أنها مرتبطة بأفعال مجرمة في قانون العقوبات، إنما يعد تعمدا للتضليل والإساءة إلى القضاء المصري».
وأدان البيان تغافل هذه الدول والمنظمات عن عمد حقيقة أن المتهمين قد تمت إدانتهم في محاكمات عادلة ونزيهة بارتكاب جرائم جنائية، وليست سياسية، تشمل اقتحام السجون وإضرام النيران في مبان حكومية وشرطية، وتخريبها، والاستيلاء على ما تحتويه مخازنها من أسلحة وذخائر، وارتكاب أعمال عدائية وعسكرية، وقتل ما يزيد على 50 من أفراد الشرطة وسجناء، فضلا عن ارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية، وإفشاء أسرار الأمن القومي.
وأكدت الخارجية المصرية أنه تجري كفالة جميع إجراءات التقاضي للمتهمين لضمان توفير محاكمات عادلة لهم وفقًا للمعايير الدولية، وما ينص عليه الدستور المصري وقانون الإجراءات الجنائية، أخذًا في الاعتبار أن الأحكام الصادرة ليست باتة، حيث يحق للمتهمين الطعن مرتين على الأحكام أمام محكمة النقض، وفقًا للمواعيد المقررة قانونًا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.