واشنطن تنتقد الأوضاع في ليبيا... و«الرئاسي» ينأى بنفسه عن الصراع

حفتر لرعاية «مصالحة وطنية» في الجنوب

صورة وزعها «اللواء 128» المعزز بالجيش الوطني لدورياته في الجنوب
صورة وزعها «اللواء 128» المعزز بالجيش الوطني لدورياته في الجنوب
TT

واشنطن تنتقد الأوضاع في ليبيا... و«الرئاسي» ينأى بنفسه عن الصراع

صورة وزعها «اللواء 128» المعزز بالجيش الوطني لدورياته في الجنوب
صورة وزعها «اللواء 128» المعزز بالجيش الوطني لدورياته في الجنوب

واصل المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي، التمسك بسياسة النأي عن الصراع الدائر على السلطة في العاصمة طرابلس، بين حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وغريمه فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، بينما اعتبر أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي، أن اندلاع أعمال العنف مؤخراً في طرابلس أبرزَ ما وصفه بـ«عدم استدامة الوضع في ليبيا».
وقال بلينكن إن اشتباكات طرابلس الأخيرة «أوضحت حاجة جميع الأطراف للعمل بحسن نية، وبإحساس بالحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق بشأن إطار دستوري وجدول زمني محدد للانتخابات».
وتعهد في بيان له أمس، بتقديم أميركا الدعم الكامل لعبد الله باتيلي، الرئيس الجديد للبعثة الأممية في ليبيا، وهو يتوسط في العملية السياسية التي تقودها ليبيا، ودعا المجتمع الدولي إلى العمل بشكل وثيق معه، لافتاً إلى أن الشعب الليبي طالب بفرصة لاختيار قادته من خلال انتخابات حرة ونزيهة، وهي ضرورية لإضفاء الشرعية وضمان المساءلة للحكومة الجديدة.
وقال إن الولايات المتحدة تشجع باتيلي على إعطاء الأولوية للجهود المبذولة لضمان الشفافية والمساءلة في مؤسسات الدولة الليبية، وكذلك عمل بعثة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار؛ لأنها تساعد اللجنة الليبية العسكرية المشتركة (5+5) في الإشراف على الانسحاب الفوري لجميع القوات الأجنبية، والمقاتلين والمرتزقة.
وكان ريتشارد نورلاند، السفير والمبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، قد انضم إلى قائمة المهنئين للوزير السنغالي السابق باتيلي، بمناسبة تعيينه في منصب الممثل الخاص الجديد للأمين العام الأمم المتحدة لدى ليبيا، ورئيس البعثة الأممية هناك، وقال إن بلاده تدعم بالكامل جهود باتيلي للتوسط في العملية السياسية التي تقودها ليبيا.
بدوره، قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، إنه ناقش في اتصال هاتفي مع نورلاند أهمية استمرار دعم المجتمع الدولي لليبيا، من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي؛ لافتاً إلى أنهما شددا على أهمية دعم بعثة الأمم المتحدة، ووضع خريطة طريق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت.
وتعهد جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بمواصلة الاتحاد دعمه الكامل لجهود الأمم المتحدة، لإيجاد حل سياسي بقيادة ليبيا للأزمة الممتدة لصالح جميع الليبيين.
بدورها، كشفت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة «الوحدة»، عن اجتماع دولي سينعقد في ألمانيا خلال الشهر الجاري، لمتابعة تطورات الأزمة الليبية. وأكدت خلال اجتماعها مع السفير الإيطالي جوزيبي بوتشيني، في طرابلس أول من أمس، ضرورة تسريع العملية السياسية، وصولاً إلى انتخابات وطنية برلمانية ورئاسية، وفق إطار دستوري متفق عليه، مشددة على رفض أي إجراءات أو أفعال من شأنها تقوض عمل الحكومة؛ تمهيداً لإجراء الانتخابات.
ونقلت عن بوتشيني رغبة بلاده في الوصول إلى اتفاق مع جميع الأطراف السياسية في ليبيا، والحفاظ على الأمن والاستقرار، وصولاً لتحقيق الانتخابات الوطنية، وفق قاعدة دستورية صحيحة، واعتبر أن استقرار ليبيا أمراً أساسياً ومهماً لاستقرار منطقة البحر المتوسط.
إضافة إلى ذلك، قالت نجوى وهيبة، الناطقة الرسمية باسم المجلس الرئاسي، إنه ليس جزءاً من الأزمة السياسية والتنفيذية التي تشهدها ليبيا، وبالتالي ليس مشاركاً في المشاورات التي أجراها الدبيبة وباشاغا في تركيا مؤخراً، ونفت مشاركة شخصيات تابعة للمجلس في هذه المشاورات.
وأضافت في تصريحات تلفزيونية أول من أمس: «حدثت بعض الخروقات الأمنية في طرابلس، ومن تثبت مسؤوليته عنها ستتم محاسبته»، مشيرة إلى أن المجلس الرئاسي كقائد أعلى شكل مجلساً للأمن والدفاع كإجراء احترازي للدفاع عن كل مدن ليبيا، برئاسة محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة.
بموازاة ذلك، قالت المفوضية العليا للانتخابات، إن استئناف العملية الانتخابية التي كان من المقرر عقدها في نهاية العام الماضي، أفرز بيئة سياسية وأمنية لم تساعد على التعامل مع عناصر القوة القاهرة ومحاولة معالجتها، واعتبرت في بيان لها أمس أن «فجوة التوافق بين الأطراف السياسية المنخرطة في إقرار تلك الانتخابات زادت اتساعاً، علاوة على الانقسام الذي طال السلطة التنفيذية، وما ترتب عليه من توترات أمنية أثرت سلباً على الوضع الأمني في معظم الدوائر الانتخابية».
وبعدما لفتت إلى أن قرار استئناف العملية الانتخابية لن يكون إلا قراراً سيادياً يُعبر عن إرادة الليبيين وتطلعهم إلى انتخابات حرة ونزيهة، تُفضي إلى مخرجات ذات مصداقية، تُسهم في خروج البلاد من أزمتها الراهنة، تعهدت المفوضية بالعمل مع مجلس النواب على إزالة ذلك الجزء من مكونات القوة القاهرة.
وأوضحت أنها سترفع ملاحظاتها النهائية حال التنسيق مع السلطة القضائية، فيما يتعلق بآلية النظر في الطعون والنزاعات الانتخابية، علاوة على ضرورة إيجاد صيغة قانونية للتعامل مع الأحكام القضائية النافذة والقاضية بإيقاف تنفيذ العملية الانتخابية، مشيرة إلى أنها اتخذت خطوات متقدمة فيما يتعلق بتطوير الجوانب والنظم الفنية للعملية الانتخابية، والتي ستسهم بشكل فعّال في تفادي عديد من المعوقات الفنية والزمنية التي ظهرت أثناء تنفيذها للقوانين الانتخابية ذات العلاقة، كما أنها ما زالت تحتفظ بكامل جاهزيتها لاستئناف العملية الانتخابية حال توفر البيئة السياسية (التوافقية)، واستتباب الأوضاع الأمنية للانخراط مباشرة مع الشركاء في استكمال رفع بقية مكونات القوة القاهرة، واستئناف عملية التنفيذ.
وتزامن البيان مع إعلان الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في العاصمة طرابلس، تأجيل النظر في الطعن بشأن التعديل الدستوري العاشر والحادي عشر والقانون رقم 6 لسنة 2018 الخاص بالاستفتاء على مشروع الدستور، وقال محمد الحافي، رئيس المحكمة، إنها قررت حجز الطعن للحكم حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وجاءت هذه التطورات قبل ساعات من جلسة سيعقدها مجلس النواب بمدينة بنغازي، لبحث تسمية رئيس المحكمة العليا، والرد على رسالة خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، بالخصوص.
من جهة أخرى، أعلنت إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، تسيير عدد من دورياتها الأمنية داخل العاصمة طرابلس رفقة الأجهزة الأمنية الأخرى، للمجاهرة بالأمن وضبط الشارع العام، والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، كما بثت لقطات مصورة لدورياتها داخل بلدية عين زارة.
وطبقاً لقائمة مسربة نشرتها وسائل إعلام محلية، فقد ارتفع عدد القتلى نتيجة الاشتباكات المسلحة التي وقعت مؤخراً في العاصمة طرابلس إلى 44 شخصاً، أغلبهم من المدنيين، علماً بأن إحصائية رسمية قدمتها وزارة الصحة بحكومة الدبيبة قالت إن ضحايا الاشتباكات 32 قتيلاً و159 جريحاً.
من جهة أخرى، أصدر المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني تعليماته بتشكيل لجنة خاصة، تتولى تلبية طلب حكماء وأعيان وأهالي مدينة الكفرة بجنوب البلاد التي زارها مؤخراً، بتوليه رعاية المصالحة الوطنية وجبر الضرر، بما يحقق السلم الاجتماعي، ويفتح الأفق نحو الاتجاه للتنمية والتطوير والإعمار.
ونقل اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش الوطني عن الفريق خيري التميمي مدير مكتب حفتر، تأكيده امتنانه وتقديره لما لقيه من حفاوة وترحاب من أهالي هذه المدينة أثناء زيارته لها لحضور احتفالاتها بالعيد الثامن لـ«ثورة الكرامة» التي أطلقها حفتر عام 2014، ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة في البلاد.
وأعلن العميد حسن الزادمة، آمر «اللواء 128» المعزز بالجيش، تسيير دورية عسكرية من منطقة الجفرة العسكرية، دخولاً إلى مدينة سبها، لزيارة جميع الوحدات العاملة في الجنوب، والممتدة حتى عمق الصحراء الليبية، للاطلاع على عمل الدوريات العسكرية ونقاط التفتيش الأمنية في الأماكن والمواقع الحيوية على طول الشريط الحدودي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.