مصر تتوسع في تدريب أئمة أفريقيا لمجابهة «التطرف»

بهدف «تعزيز قيم التسامح»

جانب من تدريب أئمة مصر والسودان في ديسمبر 2020 (موقع «الأوقاف» الإلكتروني)
جانب من تدريب أئمة مصر والسودان في ديسمبر 2020 (موقع «الأوقاف» الإلكتروني)
TT

مصر تتوسع في تدريب أئمة أفريقيا لمجابهة «التطرف»

جانب من تدريب أئمة مصر والسودان في ديسمبر 2020 (موقع «الأوقاف» الإلكتروني)
جانب من تدريب أئمة مصر والسودان في ديسمبر 2020 (موقع «الأوقاف» الإلكتروني)

تتوسع مصر في تدريب أئمة من أفريقيا وعدد من الدول لمجابهة «التطرف». وأفادت وزارة الأوقاف المصرية بأن ذلك يهدف إلى «تعزيز قيم التسامح». في حين قال وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، إن «هناك دعماً كبيراً من الرئيس عبد الفتاح السيسي للفكر الوسطى، والاجتهاد العصري، والحرص على بناء (الوعي الرشيد المستنير) دينياً ووطنياً، وتبنيه لسياسة التسامح الديني، وحرصه الشديد على نشر ثقافة السلام في العالم».
إلى ذلك تنظم «الأوقاف المصرية» المؤتمر الدولي الثالث والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية خلال الفترة من 24 إلى 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، بعنوان «الاجتهاد ضرورة العصر»، بحضور أكثر من مائة عالم من أكثر من ستين دولة.
وذكر وزير الأوقاف (السبت) أن «المؤتمر يشارك فيه علماء من الدول العربية والإسلامية، ويتناول العديد من المحاور منها، الاجتهاد ضرورة ملحة في عصرنا الحاضر، وصور الاجتهاد وضوابطه وكيفية إعداده، ونماذج عصرية ملحة في المجالات الاقتصادية والطبية والبيطرية والبيئية وغيرها مثل، مخاطر التعامل بالعملات الافتراضية»، موضحاً أنه من المحاور المهمة أيضاً «خطورة الإضرار بالبيئة وموقعها من الأحكام الشرعية بمشاركة فعالة من وزارة البيئة المصرية».
ووفق وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر (السبت) فقد أشار وزير الأوقاف إلى «جهود الوزارة في تدريب الأئمة والدعاة من أفريقيا، ومن عدد من دول العالم الإسلامي، في ضوء نشر الفكر الوسطي (المستنير)»، موضحاً أنه تم «عقد دورتين لأئمة وواعظات مصر والسودان، وذلك لدعم التعاون بين الأوقاف المصرية والسودانية لمواجهة (الجمود والتطرف)، و(تعزيز قيم التسامح والحريات الدينية)»، لافتاً إلى أنه «تم عقد دورة أئمة وواعظات بوركينا فاسو، فضلاً عن دورة تدريبية بين أئمة مصر وفلسطين، ودورة تدريبية أخرى لعلماء في الهند»، موضحاً أنه «تم تنفيذ العديد من الدورات عن بُعد لعدد من الأئمة في (تنزانيا، والبرازيل، وأميركا، وكازاخستان، وموزمبيق، والكاميرون، وكينيا، والسنغال، والسويد، وسويسرا، وألمانيا، والأرجنتين، وأستراليا، وفنزويلا، وكولومبيا، وأوكرانيا، وإيطاليا، ومالطة)».
وقال الوزير جمعة: «يجري التنسيق حالياً لتدريب عدد من الأئمة والواعظات من دول تنزانيا وغينيا وأوزباكستان، بالإضافة إلى الإعداد للدورة الثانية للإذاعيين باتحاد الإذاعات الإسلامية خلال سبتمبر (أيلول) الحالي».
حول جهود الوزارة في التصدي للأفكار «المتطرفة» ومنع غير المؤهلين علمياً من اعتلاء منابر المساجد. قال وزير الأوقاف: «قطعنا في هذا المجال شوطاً كبيراً، وأكدنا أن مواجهة أي فكر (متشدد أو متطرف) والعمل على استئصاله، خط ثابت للأوقاف لن نحيد عنه، ولن نسمح لأصحاب هذا الفكر بإعادة إنتاج أنفسهم».
وبحسب وكالة «أنباء الشرق الأوسط» (السبت) فقد قال وزير الأوقاف: «سنضرب (بيد من حديد) على يد أي مسؤول بالأوقاف على أي مستوى، يقصر في الحفاظ على نقاء المساجد من (التطرف والتشدد)». وأضاف أنه «مع ثقتنا في قيادات الأوقاف، فإننا نكثف المتابعة المستمرة، إلى جانب مواجهة الفكر (المتطرف) بالفكر الوسطي المستنير الذي تصدره وزارة الأوقاف عبر إصداراتها ومؤلفاتها المنشورة والمترجمة إلى اللغات الأجنبية المتنوعة، حيث تم إصدار 372 مؤلفاً ومترجماً في الفكر الوسطي المستنير، منها 103 كتب في قضايا (تجديد الفكر الديني)».
ووفق مراقبين: «فقد خاضت السلطات المصرية معارك سابقة لإحكام سيطرتها على منابر المساجد، ووضعت قانوناً للخطابة الذي قصر الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين فقط، فضلاً عن وضع عقوبات بالحبس والغرامة لكل من يخالف ذلك، كما تم توحيد خطبة الجمعة في جميع المساجد لضبط المنابر، وتفعيل قرار منع أي جهة غير وزارة الأوقاف من جمع أموال التبرعات، أو وضع صناديق لهذا الغرض داخل المساجد، أو في محيطها».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».