عندما تروي «فواصل الكتب» فصولاً من الحياة والذكريات

بعض فواصل الكتب والأوراق في معرض «عثر عليه في كتاب من المكتبة العامة» في مكتبة أوكلاند العامة بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
بعض فواصل الكتب والأوراق في معرض «عثر عليه في كتاب من المكتبة العامة» في مكتبة أوكلاند العامة بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

عندما تروي «فواصل الكتب» فصولاً من الحياة والذكريات

بعض فواصل الكتب والأوراق في معرض «عثر عليه في كتاب من المكتبة العامة» في مكتبة أوكلاند العامة بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
بعض فواصل الكتب والأوراق في معرض «عثر عليه في كتاب من المكتبة العامة» في مكتبة أوكلاند العامة بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

دأبت موظفة في مكتبة عامة أميركية طوال سنوات على جمع فواصل نسيَها القراء داخل كتب استعاروها، ليتذكروا الصفحات التي وصلوا إليها، لكنها ليست فواصل عادية، بل تروي ذكريات عن فصول وصفحات من حياة أصحابها، إذ بينها مثلاً، حسب ما يُلاحَظ في المعرض المقام لها، صور عائلية وتذاكر لحفلات موسيقية وقصائد وقوائم تسوق وسواها.
وقالت شارون ماكيلار، التي تولت تنظيم المعرض في المكتبة العامة التي تعمل فيها بأوكلاند، بالقرب من سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا، إن هذه المجموعة من فواصل الكتب «تحكي بطريقة مختلفة وغير متوقعة ومرتبطة بالمكتبة قصة سكان هذه المدينة».
وحرصت ماكيلار منذ سنوات على الاحتفاظ بكل الأشياء التي كانت تجدها في الكتب المُعادة إلى المكتبة. وأوضحت أنها أرادت أن تتيح للآخرين الاطلاع على شيء يثير اهتمامها شخصياً، وتتوقع أن «يثير فضول الآخرين».
وبين الفواصل المعروضة، ما صنعه الأطفال يدوياً، وصور التقطت في عيد الميلاد، ورسائل مكتوبة غير مكتملة، وكلمات حب، وبطاقات شكر بريدية كُتِب مثلاً «لقد تلقيت الشيك منكم» على واحدة منها تمثل «أليس في بلاد العجائب».
وتبدو هذه الفواصل وكأنها قصاصات من صفحات حياة مجهولين استعاروا هذا الكتاب أو ذاك ذات يوم.

ولاحظت شارون ماكيلار المسؤولة عن مجموعات المراهقين في المكتبة لوكالة الصحافة الفرنسية، أن بعض الرسائل أو البطاقات، سواء أُرسِلَت أم لا، «تبدو شخصية حقاً».
وبدأت ماكيلار تكوين مجموعتها قبل نحو عشر سنوات، ثم أطلقت مدونة عن هذا الموضوع، قبل أن تتيح لها المكتبة العامة، بعدما أصبح لديها موقع إلكتروني جديد، فرصة عرض غلتها.
ثم قسمت شارون مجموعتها إلى فئات، منها مثلاً فواصل هي أصلاً أعمال فنية، أو صور، وغيرها رسائل قصيرة أو طويلة، أو بطاقات، أو فواصل كتب فعلاً، أو لوائح، أو أغراض مصنوعة يدوياً من الأطفال، وسوى ذلك.
ولكن مع ذلك لا فئة في هذا التصنيف يمكن أن تُدرج فيها مثلاً مقابلة أجراها حفيد مع جدته، يسألها كيف هاجرت من فيتنام قبل عقود؟
وفي أي خانة أيضاً توضع وصفة طبق اللحم البقري الذي تسبق قائمة مكوناته عبارة «اجعل سلوكك أفضل!»؟
وبين الموجودات أيضاً رسائل تتضمن أفكار من كتبوها عن أنفسهم، وأبياتاً شعرية مفعمة بالمشاعر والعواطف.
أما النسخة التي تفضلها شارون ماكيلار، فهي تلك التي كُتبت عليها العبارة الآتية: «لذلك أردت فقط أن أقول إني أعتقد أن هذا الأمر مذهل، مهما فعل نيوت، فهو إما رائع جداً أو وسيم جداً!!!».


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.