ترمب يصعّد هجومه على تحقيق الـ«إف بي آي» رغم مخاوف الجمهوريين

جانب من مشاركة ترمب في فعالية انتخابية بكارولاينا الشمالية في 5 يونيو (حزيران) 2021 (رويترز)
جانب من مشاركة ترمب في فعالية انتخابية بكارولاينا الشمالية في 5 يونيو (حزيران) 2021 (رويترز)
TT

ترمب يصعّد هجومه على تحقيق الـ«إف بي آي» رغم مخاوف الجمهوريين

جانب من مشاركة ترمب في فعالية انتخابية بكارولاينا الشمالية في 5 يونيو (حزيران) 2021 (رويترز)
جانب من مشاركة ترمب في فعالية انتخابية بكارولاينا الشمالية في 5 يونيو (حزيران) 2021 (رويترز)

مع اقتراب انتخابات التجديد النصفية في الولايات المتحدة، بدا أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يراجعان العديد من «أوراق اللعب» السياسية التي في حوزتهما. وانعكس ذلك عبر تصاعد التحذير من احتمال فشل الرهان على «موجة جمهورية حمراء»، ومن رهان الديمقراطيين الخاطئ على حصان المتشددين من أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب، لحث الناخبين على التصويت ضدهم.
وقرعت التحقيقات التي يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في المستندات «السرية» التي عثر عليها في مارالاغو، جرس إنذار لدى الجمهوريين من احتمال أن تكشف عن مخالفات قانونية جدية ستلقي بظلالها على حملتهم السياسية، خصوصاً أن عدداً كبيراً من مرشحي الحزب هم من أنصار ترمب. يضاف إلى تلك المخاوف، اندلاع مواجهات علنية وصامتة بين الرئيس السابق والمؤسسة التقليدية في الحزب الجمهوري، عُبر عنها بالحديث عن احتمال فشل الجمهوريين في استعادة سيطرتهم على مجلس الشيوخ، جراء توسع الشرخ السياسي بين الطرفين.
- اللعب بالنار
في المقابل، حذر خبراء من أن حسابات الديمقراطيين في دعم «متشددين» في الحزب الجمهوري، تشبه اللعب بالنار. جاء ذلك بعد تزايد ميل الديمقراطيين الذين غالباً ما يواجهون انتقادات لعدم استخدام أساليب التصويت التكتيكي، في لعبة لا تخلو من المخاطر. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين ديمقراطيين قولهم إن الفكرة بسيطة، وهي تقوم على التأثير على عملية الانتخابات التمهيدية للمعسكر الجمهوري عبر إعطاء دفع للمرشحين الأكثر راديكالية، لكي يجد المرشح الديمقراطي نفسه بعد ذلك في موقع قوة في مواجهة منافس يصعب انتخابه أو لا يعطي انطباعاً جيداً. ويراهن الديمقراطيون على ابتعاد الناخبين عن مرشح جمهوري يميل لترمب بشدة، أو شعبوي كثيراً، أو حديث العهد بالسياسة، لصالح مرشح ديمقراطي يظهر جدية أكبر ويوحي بالاستقرار. ونقلت الوكالة عن بيتر لوغ، الخبير في جامعة جورج واشنطن، قوله إن «التدخل في الانتخابات التمهيدية للحزب المنافس من خلال إثارة قضايا سياسية يمكن أن يبدو حاذقاً على الصعيد الاستراتيجي». وتابع: «لكن تضخيم الأكاذيب حول الانتخابات والترويج لنظريات تآمرية لا أساس لها وفتح المجال للتهجم على المؤسسات الديمقراطية هو خطأ». وأنفق الديمقراطيون أموالاً طائلة على مرشحين ينكرون نتيجة الانتخابات الرئاسية في بنسلفانيا وماريلاند وأريزونا. وهو تكتيك شجبه العديد من المشرعين الديمقراطيين، وكذلك المستشار السياسي وكبير مهندسي حملتي باراك أوباما الرئاسيتين ديفيد أكسلرود.
- ترمب يراجع خططه
من جانبه، بدا أن ترمب يراجع العديد من خطط نشاطاته السياسية، التي يأمل أن تؤدي في نهاية المطاف إلى إعلان ترشحه مجدداً في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2024، ومع تعقد ملف تحقيقات الـ«إف بي آي»، تزايدت المخاوف لدى الجمهوريين من احتمال فشلهم في تحقيق فوز كبير في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ورغم أن جدول نشاطاته سيبقى خاضعاً لتغييرات كبيرة من الآن وحتى الانتخابات النصفية، غير أن المخاوف القانونية جعلت الرئيس السابق يتمهل قبل الغوص في الانتخابات التمهيدية لعام 2024، وفقاً لتسعة من مساعدي وحلفاء ترمب السابقين والحاليين الذين تحدثوا إلى محطة «سي إن إن»، شرط عدم الكشف عن هويتهم.
ورغم ذلك، قال ترمب، الخميس، في رده على سؤال عما إذا كان سيعلن ترشحه مرة أخرى: «حسناً، لقد اقترب الوقت، وأعتقد أنك ستكون سعيداً حقاً»، مضيفاً: «أنت تعلم أن لديك قوانين تمويل الحملات الانتخابية... إنه جنون، الأمر ليس ذكياً». وأضاف: «سأفعل شيئاً وأعتقد أنك ستكون سعيداً». كما صعد ترمب من لهجته السياسية في مواجهة التحقيقات التي تجريها اللجنة النيابية بهجوم 6 يناير (كانون الثاني) على مبنى الكابيتول، قائلاً إنه سينظر «بجدية بالغة للغاية» في منح العفو الكامل عن المشاركين في الهجوم في حال ترشحه وفوزه في انتخابات 2024، ومضى الرئيس السابق في التأكيد على أنه «يدعم مالياً» بعض المشاركين في الهجوم الذين وصفهم بـ«الرائعين». وأثارت تصريحاته تعليقات غاضبة من النائبة الديمقراطية زوي لوفغرين، عضوة لجنة التحقيق النيابية، قائلة إن تصريحاته «صادمة»، خصوصاً بعد الحكم على رجل أمن سابق من مثيري الشغب، الخميس، بالسجن 10 سنوات بتهمة الاعتداء على ضابط شرطة. وقالت إن «حديث الرئيس السابق عن العفو عن الأشخاص الذين تورطوا في هذا السلوك أمر مروع حقاً».
ورغم أنه كان قد قطع وعداً مماثلاً خلال أيامه الأخيرة في منصبه، عندما كان بعض مثيري الشغب في 6 يناير في السجن بالفعل، لكن ترمب لم يعف عن أي منهم قبل أن يترك منصبه. ويرى منتقدو الرئيس السابق أن تصريحاته بالعفو عن المتهمين قد تكون محاولة منه لشراء صمت المستشارين المقربين الذين لم يشاركوا مباشرة في التمرد.
- أزمة الوثائق
كثف ترمب وحلفاؤه حملتهم السياسية لتحويل التحقيقات المفتوحة ضده سلاحاً يستخدمه لتعزيز إعادة انتخابه. وكشف صهره ومستشاره السابق جاريد كوشنر، الجمعة، أن ترمب يفكر في الترشح. وقال كوشنر في حوار مع شبكة «سكاي نيوز»، «من الواضح أنه يفكر في الأمر، تزعجه رؤية ما يحدث في البلاد». ولدى سؤاله عن الموعد الذي قد يتخذ فيه قراره، أجاب كوشنر قائلاً «لا يمكن لأحد التحدث باسمه». وتابع: «مع ترمب، يصعب استبعاد أي شيء، فهو يتسم بمرونة كبيرة»، مضيفاً: «كما تعلم، كان الاقتصاد يعمل بشكل جيد. لقد ملأ الثغرة الاقتصادية التي سببها فيروس (كورونا)... ومرة أخرى، كان لدينا سلام في أوروبا، سلام في العالم. كانت تصرفات الصين تحت السيطرة. الآن، لديك حرب في أوكرانيا مع روسيا - لم تكن لتحدث أبداً»، على حد قوله.
ووصف كوشنر، الوثائق السرية التي حصل عليها عملاء «إف بي آي»، بأنها «قضية أوراق». وقال كوشنر، «يبدو أن هذه مسألة تتعلق بالأعمال الورقية التي كان يجب أن يتم حلها بين وزارة العدل وترمب... لا أعرف ما الذي أخذه أو ما لم يأخذه، ولكن أعتقد أننا نعتمد الآن على تسريبات وسائل الإعلام». وعندما تم الضغط عليه بشأن ما إذا كان قد رأى صورة الوثائق التي تم وضع علامة «سرية للغاية» عليها، أجاب كوشنر: «لقد رأيت الكثير من المزاعم التي أوردتها وسائل الإعلام على مدى السنوات الأربع التي قضيتها، والتي تبين أنها غير صحيحة».


مقالات ذات صلة

المسيرات المجهولة بسماء أميركا تظهر ثغرات في أمنها الجوي

الولايات المتحدة​ أجسام طائرة تظهر في سماء نيوجيرسي (أ.ب)

المسيرات المجهولة بسماء أميركا تظهر ثغرات في أمنها الجوي

قال مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية المنتخبة بقيادة دونالد ترمب إن رصد طائرات مسيرة في ولاية نيوجيرسي سلط الضوء على ثغرات في أمن المجال الجوي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو: إسرائيل ليس لديها مصلحة بالدخول في صراع مع سوريا

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إنه تحدث مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بشأن التطورات في سوريا وأحدث مساعي إطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دونالد ترمب يلتقي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في مارس 2019 (رويترز)

تقرير: نتنياهو وترمب يبحثان الوضع في سوريا و«حرب غزة» واتفاق الرهائن

بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الليلة الماضية، الوضع في سوريا، و«حرب غزة»، واتفاق الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من فيديو متداول تظهر مسيرات في سماء نيو جيرسي (أ.ب)

لغز المسيّرات الغامضة في سماء أميركا مستمر... وترمب يدعو إلى إسقاطها

لا تزال مُسيّرات مجهولة تظهر في السماء فوق شمال شرقي الولايات المتحدة في نهاية هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».