مخطط حوثي لتدمير البنوك الحكومية وقطاع الاتصالات العامة

صورة أرشيفية لموظفين بالبنك المركزي في صنعاء (رويترز)
صورة أرشيفية لموظفين بالبنك المركزي في صنعاء (رويترز)
TT

مخطط حوثي لتدمير البنوك الحكومية وقطاع الاتصالات العامة

صورة أرشيفية لموظفين بالبنك المركزي في صنعاء (رويترز)
صورة أرشيفية لموظفين بالبنك المركزي في صنعاء (رويترز)

بعدما دمرت مؤسسات الدولة وصادرت رواتب الموظفين فيها، كشف اثنان من وزراء الجماعة الحوثية المعينين في حكومتها الانقلابية غير المعترف بها دوليا، عن مخطط جديد لتدمير قطاع الاتصالات العامة والبنوك الحكومية وشركة النفط، من خلال إلغاء الاستقلالية المالية لهذه الجهات تحت مبرر توحيد رواتب الموظفين، باعتبار هذه الجهات هي الوحيدة التي لا تزال تصرف رواتب الموظفين لديها باعتبارها مؤسسات إيرادية مستقلة.
المخطط الجديد فجر موجة من الذعر لدى الآلاف من الموظفين الذين كشفوا عن ضلوع وزير مالية الميليشيات في قضايا فساد من خلال توظيف أقاربه وحصوله على ملايين الريالات من الوزارة ومن مصلحة الجمارك ومصلحة الضرائب.
ووفق عاملين لدى مؤسسة الاتصالات اليمنية وشركة النفط الحكومية وآخرين في البنوك العامة فإن وزير مالية الحوثيين رشيد أبو لحوم ومعه وزير الجماعة للخدمة المدنية سليم مغلس وجها رسالة لمؤسسات الاتصالات وشركة النفط تطلب ربط رواتب العاملين في هذه المؤسسات بالنظام الموحد للرواتب المعمول به من قبل وزارتي الميليشيات.
وقال العاملون لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوة تستهدف خفض رواتبهم إلى نصف راتب شهريا أسوة ببقية الموظفين في المؤسسات الحكومية الذين يتسلمون نصف راتب كل خمسة أشهر تقريبا، لكن الأخطر من ذلك وفق ما قالته المصادر هو الاستيلاء على كل عائدات هذه الجهات وجعلها عاجزة عن تقديم أي خدمات لصالح شركات الاتصالات الجديدة التي يمتلكها رجال أعمال وقيادات في الميليشيات.
هذه الخطوة قوبلت بالرفض القاطع من الموظفين والعاملين في الاتصالات والنفط، الذين هددوا بالإضراب العام إذا ما تم تنفيذها، وأبدى هؤلاء استغرابهم من الخطوة في حين أن هذا القطاع يدر على خزينة الميليشيات مليارات الريالات وكان العاملون فيه ينتظرون مكافآتهم.
الموقف ذاته عبر عنه موظفون في شركة النفط والبنوك الحكومية، حيث قالوا إن هذا الإجراء غير قانوني لإن إنشاء هذه المؤسسات تم بموجب القوانين باعتبارها وحدات اقتصادية ذات موازنات مالية مستقلة، وحذروا من أنه وبمجرد إنهاء استقلالية هذه الجهات التي ما زالت تحمل طابعا سياديا وماليا موحدا فإن كل فروعها ستنفصل، وأن مصادرة عائداتها ورواتب ومكافآت العاملين فيها سيجعلها عاجزة عن تقديم أي خدمة وربما ينهار قطاع الاتصالات العامة لصالح الشركات التي يمتلكها أو يشارك فيها قادة الميليشيات.
ووفق ما يقوله أحد الموظفين في مؤسسة الاتصالات لـ«الشرق الأوسط» فإن الحوثيين يهدفون من هذه الخطوة إلى الاستيلاء على مكافآت العاملين في هذه المؤسسات وجزء من رواتبهم، بعدما استولوا على كل موارد الدولة المالية، وسخروها لمصلحتهم.
ويجزم الموظف أن وزير مالية الميليشيات لا يدرك أن المؤسسة تمتلك شبكة اتصالات مترامية الأطراف ولديها بنية تحتية وتجهيزات وسنترالات ومحطات ومواقع ومرافق في كل أنحاء اليمن وأن من مسؤوليتها تشغيل وصيانة هذه الشبكة بشكل مستمر، وفي ظل عدم وجود موازنة فإنها تعتمد على مداخيلها في تغطية كل تلك النفقات.
ويحذر سمير وهو موظف آخر من أن هذه الخطوة سوف تسبب شللا تاما لهذا القطاع، ويعتقد أن المخبرين داخل المؤسسة نقلوا صورة غير صحيحة لزعيم الميليشيات بأن هناك عبثا في النفقات وغيرها لتمري هذا القرا الذي يصفه بالكارثي. ويقول إنه لا يستبعد وقوف مدير مكتب مجلس الحكم المسمى «السياسي الأعلى» وراءه لأنه عمل منذ تسلم هذا الموقع على بسط سيطرته المالية على كافة القطاعات ابتداء بما يعرف بـ«الحارس القضائي» الذي بموجبه تمت السيطرة على كل شركات وممتلكات خصوم الحوثي، وأيضاً ممتلكات مؤسسات الدولة وتأجيرها لرجال أعمال الميليشيات ومن بعد ذلك حجز موازنة كل الجهات الحكومية بما فيها المحافظات والتحكم في صرفها ولم يتبق أمامه سوى قطاع الوحدات الاقتصادية المستقلة.
وكان موظفون في وزارة مالية الميليشيات الحوثية كشفوا عن فساد كبير يمارسه القيادي الحوثي رشيد أبو لحوم حيث يحصل على ملايين الريالات شهريا من الوحدات المستقلة التابعة للوزارة إلى جانب قيامه بتوظيف أقاربه في مواقع ذات عائدات مالية مرتفعة مستندا إلى القيادي أحمد حامد مدير مكتب مجلس الحكم الذي يسانده في هذه الخطوات نظير خدماته له في ترتيب سيطرته على كافة مصادر الأموال وعائدات المؤسسات.
ويقول الموظفون إن أبو لحوم هو صاحب قرار تحويل كل البنوك التجارية والحكومية في مناطق سيطرة الميليشيات إلى بنوك إسلامية بزعم مكافحة «الربا» في حين أن الهدف هو الاستيلاء على مدخرات المودعين.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
TT

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)
عنصر حوثي خلال تجمُّع في صنعاء يحمل مجسماً يحاكي طائرة من دون طيار (إ.ب.أ)

في الوقت الذي جدد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة المدعومة من إيران مستهدفة محافظتي الحديدة والبيضاء.

جاءت هذه التطورات في وقت أفادت فيه هيئة بريطانية مختصة بالأمن البحري بأن سفينة أبلغت عن تعرُّضها لهجمات لم تصبها أثناء وجودها في جنوب البحر الأحمر، حيث يشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن منذ نحو عام تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

في هذا السياق، أفاد مكتب غروندبرغ في بيان، الثلاثاء، بأنه التقى في مسقط بكبار المسؤولين العُمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام.

وبحسب البيان، ناقش المبعوث الأممي التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن، وتحسين الظروف المعيشية، والاستجابة للتطورات الإقليمية. كما استكشفت المناقشات سبل تعزيز الالتزامات نحو عملية سياسية يمنية شاملة.

وفي اجتماع غروندبرغ مع المتحدث باسم الحوثيين، ذكر البيان أنه طالب أيضاً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المعتقلين تعسفياً.

ويأمل المبعوث الأممي أن تقود جهوده إلى تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي ازدادت تعقيداً مع هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن وتصعيدهم إقليمياً، وهو ما أدى إلى تجمد التوصل إلى اتفاق للسلام.

غارات غربية

ضمن العمليات التي تقودها واشنطن في اليمن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت الجماعة المدعومة من إيران بتلقيها، الثلاثاء، غارات لليوم الرابع على التوالي، وصفتها بـ«الأميركية البريطانية».

ونقل إعلام الحوثيين أن 3 غارات استهدفت منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

وإذ لم تشر الجماعة إلى الأضرار الناجمة عن هذه الغارات، قالت إن غارة استهدفت سيارة في مديرية الصومعة في محافظة البيضاء، كما استهدفت غارتان نفذتهما طائرة أميركية من دون طيار أهدافاً في مديرية ذي ناعم والصومعة في المحافظة نفسها الواقعة إلى الجنوب الشرقي من صنعاء.

وكانت الجماعة اعترفت أنها تلقت، الاثنين، 7 غارات، وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وفي حين بلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي؛ لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجَّهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

هجوم دون أضرار

في سياق التصعيد الحوثي ضد السفن، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على مسافة 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت، الثلاثاء، عن انفجارات عدة في محيطها.

وبينما أضافت الهيئة أنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار بالسفينة، وأن الطاقم بخير، لم تتبنَّ الجماعة الحوثية من جهتها المسؤولية عن هذه الهجمات على الفور.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان قد وافقا، أواخر العام الماضي، على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعُمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن، وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.