ناشطون في «الحراك» يرفضون مشاورات جنيف.. لتجاهلها قضية الجنوب

قالوا إن المحادثات يمكن أن تنهي الحرب ولكن لن تحل القضية.. ودعوا الجنوبيين لتكوين تحالف

يمنيون خلال مظاهرة سابقة في المكلا تطالب بالانفصال («الشرق الأوسط»)
يمنيون خلال مظاهرة سابقة في المكلا تطالب بالانفصال («الشرق الأوسط»)
TT

ناشطون في «الحراك» يرفضون مشاورات جنيف.. لتجاهلها قضية الجنوب

يمنيون خلال مظاهرة سابقة في المكلا تطالب بالانفصال («الشرق الأوسط»)
يمنيون خلال مظاهرة سابقة في المكلا تطالب بالانفصال («الشرق الأوسط»)

أعلن عدد كبير من الناشطين الجنوبيين في الحراك السلمي الجنوبي، من المطالبين بالانفصال، رفضهم لمشاورات جنيف التي انطلقت أولى جلساتها أمس «لأنها تتجاهل قضية الجنوب». واعتبر الناشطون، تردد الأمم المتحدة وتراجعها في تحديد القرار الأممي رقم 2216 كمرجعية رئيسية للمشاورات، مع الاحتفاظ بالمرجعيتين المبادرة الخليجية، والحوار الوطني الشامل، خضوعا واضحا للمتمردين وحلفائهم.
وقال الناشط في الحراك الجنوبي الدكتور سعيد الجريري لـ«الشرق الأوسط» إنه «حسب تصريح المبعوث الأممي لليمن فإن مشاورات جنيف ستكون بين الطرفين المتنازعين، وهما تحالف حكومة هادي وتحالف الحوثي - صالح، وهما تحالفان يتنازعان الشرعية لكنهما يشتركان في محاولة تغييب الجنوب ممثلا بحراكه السلمي الذي بدأ في 2007. والذي يحمل هدفا سياسيا وطنيا معلنا وهو استعادة استقلال الجنوب وسيادته على ترابه الوطني المعترف به كدولة حتى مايو (أيار) 1990 عندما أعلنت الوحدة اليمنية».
وأضاف أن «أي مؤتمر يستنسخ أي تمثيل للجنوب من خارج إطار حركتنا إنما يعمد إلى ترحيل الأزمات، لأن التحالفين المتنازعين الآن واللذين سيتشاوران في جنيف برعاية أممية موضوع خلافهما هو شرعية السلطة، التي تضمن للذي يحقق تقدما ميدانيا أو سياسيا بشكل أو بآخر على النفوذ والثروة في الجنوب قبل شكلية حكم الدولة في صنعاء نفسها».
وأضاف الدكتور الجريري الذي يعد أحد محركي الحراك الجنوبي السلمي أثناء الهبة الشعبية التي اندلعت في حضرموت في عام 2012 بعد مقتل أحد زعماء التحالفات القبلية الكبيرة على يد جنود الجيش اليمني: «هناك ثلاث قوى لمن أراد إدارة مخارج سياسية حقيقية قابلة للنجاح، تلك القوى هي تحالف حكومة هادي بما فيها الإخوان المسلمون (إصلاح الشمال) وتحالف الحوثي - صالح، والقوة الثالثة هي المقاومة الوطنية الجنوبية التي هي امتداد في هدفها لنضال الحراك السلمي، ولدى مقاربة المشهد السياسي في الجمهورية اليمنية يتبين المرء أن هناك قضيتين متوازيتين هما قضية يمنية تمثلها صنعاء بملحقاتها بما فيها تحالف حكومة هادي وتحالف الحوثي - صالح، وقضية أخرى جنوبية تمثلها عدن بملحقاتها بما فيها القوى السلفية والاجتماعية الجنوبية التي لم تعد صنعاء مرجعيتها سياسيا بفعل الثنائية الضدية التي أفرزتها ممارسات ما بعد حرب 1994 وعمقتها حرب 2015 التي لم تخف حقيقة الصراع بين قطبين كان لكل منهما دولته المستقلة، وهو ما ينبغي النظر إليه بموضوعية، فإذا كان استمرار وحدة النظام السياسي غير ممكن قبل اجتياح الجنوب الأخير، فإنه بعد تدمير عدن ومناطق كثيرة في الجنوب بات مستحيلا».
وقال الدكتور الجريري «إن من مصلحة من سيلتقون في جنيف للتشاور أن تنتهي الحرب المدمرة.. لكن تلك المشاورات لن تغير شيئا على الأرض، ولعل من الواقعية السياسية أن يفيق الجنوبيون ضمن تحالفي الفرقاء في صنعاء من غيبوبة الوحدة اليمنية ويدعوا الأشقاء اليمنيين يتحاورون بعيدا عن خلطهم للأوراق».
من جهته أكد القيادي الميداني في الحراك الجنوبي السلمي عن فئة الشباب صابر بامقنع لـ«الشرق الأوسط» وجود رفض من قبل الكثير من المكونات الشبابية المنطوية تحت الحراك الجنوبي لمشاورات جنيف، واصفًا المشاورات بعملية إعادة تصنيع قرارات شكلية، تتجاهل القضية الرئيسية في الملف اليمني وهي قضية الشعب في الجنوب، وحقه في تقرير مصيره، والاستجابة لنداء الآلاف في الجنوب الذي يخرجون مع كل مناسبة جنوبية للمطالبة باستعادة دولتهم التي تم تذويبها تحت اسم الجمهورية اليمنية في عام 1990.
صابر عزا هذا الرفض الجنوبي لعدة أمور أهمها أن هذه المشاورات لم تول القضية الجنوبية المساحة الكافية، والزخم الإعلامي الذي أولاه لحل قضية صنعاء والحكومة اليمنية التي تمرد عليها الحوثيون، واحتلوا مؤسساتها، ومنظومتها الأمنية.
الدكتور عمر باجرذانة الناشط السياسي الجنوبي، وعضو المجلس الأعلى للحراك الجنوبي قال لـ«الشرق الأوسط» إن المشاورات تعتبر مرحلة جديدة ومتطورة من مراحل حلحلة الصراع اليمني، وهي أول جهد أممي ودولي لجمع الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة. وحذر من أي تباطؤ في حسم القضية الجنوبية، يعتبر إطالة لعمر الأزمة اليمنية، ما يشكل خطرا على أمن واستقرار الخليج والمنطقة، ويرى باجرذانة أن إعطاء الشعب في الجنوب حقه في تقرير مصيره هو الحل الحاسم، في تقرير مصيره.
وطالب القائمين على الجهود الدولية لحل الأزمة اليمنية أن يوفوا القضية الجنوبية حقها في المباحثات السياسية الدولية، عبر ممثلين لمكونات فاعلة على الأرض، لا مكونات شكلية وصورية تشارك بما يناسب الحكومة اليمنية، لا تطلعات الشعب في الجنوب؛ كما حصل في صنعاء والرياض.



إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
TT

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، بحسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بما تعتبره «حصتها التاريخية» من مياه النهر الدولي.

وتبني إثيوبيا السد، منذ 2011 بداعي «توليد الكهرباء»، مسببة توترات مع دولتي المصب (مصر والسودان). في حين فشلت جميع الجولات التفاوضية، التي عُقدت بشكل متقطع على السنوات الماضية، في التوصل إلى اتفاق، آخرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وبحسب خبير الموارد المائية المصري، الدكتور عباس شراقي، فإن إثيوبيا بدأت الأربعاء عملية الملء الخامس، ويستمر التخزين حتى الأسبوع الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتوقع شراقي، في تدوينة له، أرفقها بصور للأقمار الاصطناعية، أن تخزّن أديس أبابا خلال الملء الحالي (23 مليار متر مكعب إضافي، ليرتفع منسوب المياه المخزنة خلف السد من 41 مليار متر مكعب (المنسوب الحالي) إلى 64 مليار متر مكعب».

وقال شراقي: «(الملء الخامس) يختلف كثيراً عن التخزينات السابقة، ففي الأعوام الماضية لم يكن يمكن لإثيوبيا أن تفتح بوابات التصريف خلال موسم التخزين بسبب عدم اكتمال بناء السد، وفي الوقت الحالي اكتمل البناء الخرساني، ويمكن لها (إثيوبيا) أن تفتح بوابات التصريف خلال (الملء) لتسمح بمرور جزء من المياه إلى السودان ومصر؛ لذلك القرار بيد أديس أبابا».

بدورها، حذّرت مصر من المساس بحصتها في مياه النيل، وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، إن مصر «ليست ضد أي مشروع تنموي تتم إقامته في أي دولة، وهذه ثوابت الدولة المصرية، لكن لا بد أن يتم ذلك بما لا يؤثر، ولا يضرّ بحصة مصر التاريخية من مياه نهر النيل، وهذا هو الشيء الأهم».

مصطفى مدبولي يحذّر من المساس بحصة مصر في مياه النيل (مجلس الوزراء)

وتعاني مصر عجزاً كبيراً في مواردها المائية، نسبة إلى احتياجاتها الفعلية من المياه، يتم تعويضها بمشروعات التحلية وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي.

وتبلغ حصة مصر من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب، في حين أن «استهلاكها الحالي يتجاوز 85 مليار متر مكعب، يتم تعويض الفارق من المياه الجوفية ومشروعات تحلية مياه البحر»، ووفق رئيس الوزراء المصري، الذي أكد أن «هناك تحدياً في توفير احتياجاتنا من المياه، وهذه الاحتياجات تزيد بشكل كبير كلما زاد عدد السكان».

ويرى نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر، الدكتور أيمن عبد الوهاب، أن الشروع في «الملء الخامس» قد لا ينهي فرص استئناف التفاوض، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر متمسكة بالنهج الدبلوماسي منذ بدء الأزمة (السد) سعياً لاتفاق قانوني ملزم، رغم التعنت الإثيوبي»، غير أنه توقع أيضاً أن «يدفع (الملء الخامس) القاهرة إلى إثارة الأزمة دولياً بشكل مكثف».

وبحسب عبد الوهاب، فإنه يمكن لمصر أن «تستعين بالتقارير الفنية المتعلقة باكتمال بناء السد والملء الحالي وتأثيره على حصتها، وتقديمها إلى المجتمع الدولي والدول الفاعلة، خاصة المؤسسات المعنية بقضايا المياه ونزاعاتها».