مجلس الأمن يمدد لـ«يونيفيل» ويندد ضمناً بـ«حزب الله»

مدَّد مجلس الأمن بالإجماع، أمس (الأربعاء)، للقوة الموقتة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل)، عاماً كاملاً، من دون أي تعديل في التفويض الممنوح لها، مندداً باحتفاظ «حزب الله»، من دون أن يسميه، بأسلحة ونشر مسلحين داخل منطقة عمليات هذه القوة الدولية.
وصوت الأعضاء الـ15 جميعاً لمصلحة القرار «2650»، الذي اقترحته فرنسا، الدولة الراعية لشؤون لبنان في مجلس الأمن، بغية التمديد حتى 31 أغسطس (آب) 2023، طبقاً للنصوص المعتمَدة في القرار «2591» لعام 2021. ورغم إجماع أعضاء المجلس على دعم «يونيفيل»، كانت المفاوضات التمديد لها «صعبة»، طبقاً لما قاله أحد الدبلوماسيين لـ«الشرق الأوسط». واضطرت البعثة الفرنسية، طوال أغسطس (آب)، إلى إدخال بعض التعديلات التي طلبتها الصين وروسيا ثم الهند وآيرلندا والمكسيك والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة، مما أدى إلى توافق على مسودة خامسة، الاثنين.
وتركز الخلاف قبل ذلك على تضمين النص لغة في شأن دعم «يونيفيل» للقوات المسلحة اللبنانية. وجرى التوافق على نص يشير إلى تقديم هذه المساعدة «على أساس موقت وفي حدود الموارد المتاحة». وخلال مفاوضات العام الماضي، عبرت الصين وروسيا عن خشيتهما من أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تعديل العلاقة بين «يونيفيل» وسلطات لبنان، وإيجاد «سابقة تكرس طلب البلدان المضيفة لبعثات السلام الأخرى تقديم دعم مادي ولوجيستي للجيوش الوطنية، الأمر الذي يولد مطالب غير مستدامة». وتركز الخلاف أيضاً على «لغة جديدة مقترحة تتناول، في أجزاء مختلفة من النص، القيود المفروضة على حرية حركة {يونيفيل} (…) أو وجود أسلحة خارج سيطرة الدولة في جنوب لبنان». وسعت الإمارات وبريطانيا إلى «التنديد بوجود أسلحة خارج سيطرة السلطات اللبنانية»، علماً بأن الجانب البريطاني أشار صراحة إلى «حزب الله». لكن روسيا اعترضت على ذكر «حزب الله» بالاسم ضمن القرار.
وبعد التصويت على القرار، أشاد نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ريتشارد ميلز، بالتجديد للقوة الدولية في لبنان، معتبراً أن جمعية «أخضر بلا حدود»، هي «مجرد غطاء تعمل لمصلحة (حزب الله)».
هواجس غوتيريش

وقبل التصويت على القرار، كتب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، رسالة لرئيس مجلس الأمن للشهر الحالي المندوب الصيني تشانغ جون، أشار فيها إلى طلب لبنان تمديد مهمة «يونيفيل» لمدة عام كامل، من دون أي تعديل في التفويض الممنوح لها. وإذ أشاد بتعاون كل من الجيشين اللبناني والإسرائيلي مع القوة الدولية، أشار إلى أنه «لم يتحقق أي تقدم ملموس نحو التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حل طويل الأجل للنزاع»، طبقاً لما يدعو إليه القرار «1701» لعام 2006. وأقر بأن القوة الموقتة «تواجه تحديات جديدة في الاضطلاع بعملياتها»، مشيراً إلى القيود المفروضة على حرية تنقلها. ورأى أن الطرفين «لم يفيا بعد بالتزاماتهما»، مضيفاً أنه «يجب على إسرائيل أن تسحب قواتها من شمال قرية الغجر ومنطقة متاخمة تقع شمال الخط الأزرق، وأن توقف انتهاكاتها للمجال الجوي اللبناني». وفي المقابل، يجب على الحكومة اللبنانية أن «تمارس سلطة فعلية على كل الأراضي اللبنانية (…) وتضمن عدم وجود أفراد مسلحين غير مأذون لهم أو أصول أو أسلحة غير مأذون بها في المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني باستثناء ما يعود إلى الدولة اللبنانية والقوة الموقتة».
وأشار غوتيريش إلى انتهاكات لوقف الأعمال العدائية، مثل إطلاق الصواريخ والعثور على أسلحة ورصد جوي لميادين رماية، مؤكداً أن وجود أسلحة غير مأذون بها في منطقة عمليات «يونيفيل» يشكل «مصدر قلق بالغاً، ويستدعي اتخاذ إجراءات متابعة من السلطات اللبنانية».
وأكد أنه «لم تُتَح للقوة الموقتة بعدُ إمكانية الوصول بشكل تام إلى عدة مواقع تهمها، ومن بينها مواقع لجمعية (أخضر بلا حدود)»، مضيفاً أنه «من الظواهر الجديدة التي لوحظت للمرة الأولى في 30 أبريل (نيسان) 2022، تركيب حاويات وبنية تحتية مسبقة الصنع في مواقع استراتيجية شمال الخط الأزرق». ونقل عن السلطات المحلية أن «بعض الحاويات موجودة على أراض خاصة، وبعضها يخص جمعية (أخضر بلا حدود)». وقال: «يساورني القلق إزاء هذا الاتجاه». وكشف أن الحد من حرية تنقل القوة الدولية يمتد أيضاً إلى القوة البحرية التابعة لها، موضحاً أن الإجراءات التي اتخذها الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بسفينة خاصة بالقوة البحرية في 6 و7 يونيو (حزيران) الماضي «تشكل عائقاً أمام حرية تنقل القوة الموقتة في لبنان، ومن ثم فهي تشكل انتهاكاً للقرار 1701».
ولاحظ غوتيريش تقلص وجود الجيش اللبناني في منطقة عمليات القوة الموقتة «بسبب المتطلبات الأمنية في أماكن أخرى من البلد». وشدد على «أهمية زيادة الدعم الدولي المقدم إلى الجيش اللبناني، المدعوّ إلى أداء عدد متزايد من المهمات المتصلة بالحفاظ على القانون والنظام»، بما في ذلك ضمان الأمن أثناء الانتخابات، والتعامل مع المظاهرات وعمليات نصب الحواجز على الطرق من الناس احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية الكاسحة.