من ديانا إلى ميغان... لم ينقطع حبل التمرُّد

دوقة ساسيكس تستوحي الكثير من ثورة أميرة ويلز

ميغان ماركل والأميرة ديانا (إنستغرام)
ميغان ماركل والأميرة ديانا (إنستغرام)
TT

من ديانا إلى ميغان... لم ينقطع حبل التمرُّد

ميغان ماركل والأميرة ديانا (إنستغرام)
ميغان ماركل والأميرة ديانا (إنستغرام)

مرّ ربع قرن على الرحيل التراجيدي لأميرة القلوب ديانا، وما زالت صورتها تعود إلى الأذهان كلّما دار حديثٌ عن الأناقة، أو التسامح، أو الإنسانية، أو الجرأة.
دخلت أميراتٌ كثيراتٌ بعدها إلى قصرَي باكنغهام وويندسور، ونالت سيّدات العائلة المالكة لقب «لايدي»، لكنّ «اللايدي دي» حافظت على الصدارة في الذاكرة الجماعيّة. تعدّدت محاولات تقليدها أو التشبّه بها شكلاً ومضموناً، إلا أنّ ديانا بقيت عصيّةً على الاستنساخ.
وحدَها ميغان ماركل، زوجة الأمير هاري، استطاعت أن تتقدّم على سواها أشواطاً في لعبة المقارنة مع أميرة ويلز الراحلة. لا هي شقراء مثلها، ولا يجري دمٌ بريطاني في عروقها، لكن بين ميغان وديانا صفاتٌ مشتركة جوهريّة لعلّ التمرّدَ أبرزها.
في بدايات ديانا، كان تمرّدها موارباً؛ فساتين لا تشبه ما في خزائن القصر من ملابس نسائية، ثم مصافحة من دون قفازات لمريض مصاب بالإيدز أمام عدسات الصحافة، أو ملامسة لجراح المصابين بداء الجُذام، أو سكب الطعام لأطفالٍ جَوعى في الزيمبابوي. أي من تصرّفاتها الإنسانية تلك لم يكن مفتَعلاً، هي أحبّت بالفطرة ووزّعت ذاك الحب مجاناً على محتاجيه. ففي بيتها الزوجيّ لم يكن مرغوباً بقلبها...

الأميرة ديانا في زيمبابوي (Getty)

لاحقاً، تحررت ديانا من المواربة وما عادت تختبئ خلف ستائر البروتوكول السميكة. «كنا ثلاثة في ذلك الزواج»، كشفت في مقابلة مع بي بي سي عام 1995 ملمّحةً إلى علاقة الأمير تشارلز بكاميلا باركر. وفي المقابلة ذاتها قالت: «أقوم بالأشياء بطريقة مختلفة لأنني لا ألتزم بالقوانين المكتوبة، أدع قلبي يتحكّم بي وليس عقلي. هذا الأمر تسبب لي بالمتاعب في عملي، لكن يجب على أحدهم أن يخرج إلى الناس ويحبّهم ويُظهر لهم ذلك».

ميغان على خطى ديانا؟
يوم دخلت ميغان إلى قصر باكنغهام عروساً عام 2018، لم تكن والدة زوجها هناك في استقبالها. غير أنّ دوقة ساسيكس لم تفوّت فرصةً لاستحضارها، بدءاً بتزيين يديها وأذنيها وعنقها بمجوهرات ديانا، وباقتباس أناقتها، مروراً بحماستها للأنشطة الإنسانية وتميّزها فيها، وصولاً إلى ما هو أقل بريقاً من المجوهرات وأكثر إرهاقاً من الخدمات الاجتماعية.
سرعان ما اكتشفت ميغان أنّ الحياة بين جدران القصر ليست ورديّة كما أزهار جنائنه. رغم أنها انضمّت إلى العائلة المالكة وهي امرأة ناضجة ومستقلّة مادياً ومعروفة عالمياً كممثلة ناجحة، لم تقوَ على صرامة ذلك النظام الجديد. فابنةُ كاليفورنيا المتمرّدة من على مقاعد المدرسة، والمنخرطة في الأنشطة السياسية والاجتماعية، والمطلّقة من زواجٍ أول لم يناسبها، خنقتها القيود والتعليقات العنصرية التي بدأت تسمعها من حولها، كمثل «ماذا سيكون لون بشرة طفلهما الأول يا ترى؟»، «إلى أي حدٍ ستكون داكنة؟»...

زفاف الأمير هاري وميغان ماركل عام 2018 (رويترز)

أكثر من سنة أمضتها ماركل مُحبطة ومصابة بالكآبة، ومثل ديانا هي فكّرت بإنهاء حياتها، حسبما اعترفت في مقابلتها الشهيرة مع الإعلامية الأميركية أوبرا ونفري. تعرّضت لضغوطات من داخل العائلة ومن خارجها، وهي شكّلت مادة دسمة لبعض الصحافة البريطانية التي لم ترحمها، كما كانت الحال مع ديانا.
في أحدث لقاءاتها الإعلامية، تُرجع ميغان هذا الرفض إلى كونها أميركية، وليس بالضرورة لكونها من أصحاب البشرة السمراء. وترجّح أنها أزعجتهم بسبب ميلِها إلى طرح أسئلة كثيرة، ورفضِها المشاركة في ما لا يمكنها السيطرة عليه.
الطاعة هي القاعدة رقم واحد في باكينغهام. قاعدةٌ كان من الطبيعيّ أن تحطّمها ميغان التي رأت في الأميرة ديانا مثالاً يُحتذى منذ سنوات المراهقة. كيف لا، وهي حتى قبل أن تجمعها الحياة بهاري، كانت أميرة ويلز تمهّد لها طريق التحرّر وتفتح لها قنوات المجاهرة؟
مطلع عام 2020، أعلن هاري وماركل عن رغبتهما بالابتعاد عن العائلة المالكة، آخذَين على عاتقهما كل ما قد يستتبعه هذا القرار. انقطعت حبال الودّ بين هاري وعائلته ومعها توقّف التمويل، فاتّجه الثنائيّ إلى الولايات المتحدة باحثَين عن حياةٍ جديدة مع ولدَيهما آرتشي وليليبيث. حاول الأمير تشارلز المساعدة خلال المرحلة الأولى، لكنه توقف لاحقاً عن الرد على مكالمات ابنه. لكنّ هاري لم يبدُ متأثراً، ولم تُظهر ميغان أياً من علامات الندم.
لولا جرأتها وحريتها، لَما استطاعت ميغان أن تخطو بعد أقل من سنتَين، خارج ما كان سيتحوّل إلى سجنها الأبديّ. وهي ربما تدرك جيّداً أنها تدين بالكثير لديانا في خطوتها تلك. فيوم صنعت أميرة ويلز ثورتها، ما كان الزمن يمجّد النساء اللواتي يبدّين صحتهن النفسية، وكرامتهن على الانصياع الزوجيّ. ولم تكن تعرف المملكة المتحدة حينها أميرةً تقفل باب القصر وراءها وتمشي.
في حقبةٍ لم تكن فيها المجاهرة، وحقوق المرأة ومناهضة التنمّر والعنصرية، مفاهيم رائجة، خلعت ديانا تاجها، ومعه خلعت صمتاً دام 15 سنة.

هاري، سرُّ أمّه
لا تدين ميغان بالكثير للأميرة الراحلة فحسب، بل لهاري كذلك. ففيما كانت ديانا تصارع بمفردها ولا تحظى بأي دعمٍ من تشارلز، شكّل هاري السند الأول لشريكته. لو لم يكن مقتنعاً بقرارها، لما التزم به. ولو لم يكن غاضباً من تعامل المحيط معهما، لما خاطر بالألقاب والثروات والروابط العائلية. لكن، قبل كل ذلك، هاري ابنُ أمه وهو ورث عنها الكثير من الصفات الشخصية والاهتمامات الإنسانية والاجتماعية، كما تأثّر إلى حد المرض النفسي بما حصل لها. وفي المقابلة مع أوبرا، ذكر هاري أنه كان خائفاً من أن يعيد التاريخ نفسه، فتقع ميغان ضحية مصيرٍ مشابه لمصير ديانا.

الأميرة ديانا وابنها الأمير هاري عام 1988 (رويترز)

لم يَرِد اسم الأمير الشاب يوماً على قائمة المتسابقين نحو العرش البريطاني، فجعل من السباق إلى قلب ميغان قضيته. وهي، من بين كل الفتيات التي تعرّف إليهنّ، كانت الوحيدة التي احترفت التعامل مع جرحه الواسع والذي يُدعى «ديانا». اعترضت في كل مرةٍ خنق الدموع داخل عينَيه كما علّمه والده.
أقرّ هاري في عمل وثائقي بُث عام 2017 بأنه ربما بكى مرةً واحدة بعد جنازة والدته. ثم ألقى اللوم على تشارلز لأنه لم يفعل شيئًا لمداواة المعاناة، بل طلب من نجلَيه أن يشدّا على الشفة العليا مهما ارتجفت الشفة السفلى حزناً ورغبةً بالبكاء...
ليس عادياً أن يبوح الملوك والأمراء بآلامهم الروحيّة أمام الناس، لكنّ هذا ما فعله هاري وميغان. مشيا على خطى ديانا التي «كانت لتكون فخورة بي وصديقة ميغان المفضّلة»، على ما يرجّح هاري. فالشاب الذي لم يتسنّ له أن ينقذ ديانا، وجد في ميغان ليس زوجةً فحسب، بل وجد امرأةً يحميها من كل ما تعرّضت له أمّه ويعوّض بذلك ربما عن ذنبٍ لم يقترفه.


مقالات ذات صلة

قصر باكنغهام يخضع لعملية تجديد بتكلفة 369 مليون جنيه إسترليني

يوميات الشرق سيغلق قصر باكنغهام أبوابه أمام الزيارات الرسمية (موقع باكنغهام)

قصر باكنغهام يخضع لعملية تجديد بتكلفة 369 مليون جنيه إسترليني

سيغلق قصر باكنغهام أبوابه أمام الزيارات الرسمية لمدة ثلاث سنوات، يخضع خلالها القصر التاريخي لعملية تجديد ضخمة بتكلفة 369 مليون جنيه إسترليني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأمير ويليام خلال تسجيل أول فيديو عبر منصة «تيك توك» (اندبندنت)

حاور طالبة تأخرت عن محاضرتها... الأمير ويليام يقتحم عالم «تيك توك» (فيديو)

ظهر الأمير ويليام لأول مرة على تطبيق «تيك توك» خلال زيارة إلى مركز حرم مدينة بلفاست.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الملك البريطاني تشارلز يلوّح بقبعته (أ.ف.ب)

بعيده الـ76... الملك تشارلز يحتفل عبر افتتاح مركزين لتوزيع الطعام

يحتفل الملك تشارلز ملك بريطانيا، اليوم (الخميس)، بعيد ميلاده السادس والسبعين بافتتاح مركزين لتوزيع الإمدادات الغذائية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تقف كيت أميرة ويلز البريطانية على شرفة أثناء الخدمة الوطنية لإحياء الذكرى في النصب التذكاري بلندن (أ.ب)

الأميرة كيت تستضيف أول فعالية ضخمة بعد التشخيص بالسرطان

تعود كيت أميرة ويلز البريطانية بأبرز ظهور لها في الفعاليات الملكية، الشهر المقبل، في حين تتحسن حالة ملكة بريطانيا بعد عدوى في الصدر.

«الشرق الأوسط» (لندن )

كوري جنوبي تعمَّد اكتساب الوزن للتهرُّب من الخدمة العسكرية

فرار لم يُوفَّق (أ.ب)
فرار لم يُوفَّق (أ.ب)
TT

كوري جنوبي تعمَّد اكتساب الوزن للتهرُّب من الخدمة العسكرية

فرار لم يُوفَّق (أ.ب)
فرار لم يُوفَّق (أ.ب)

حكمت محكمة في العاصمة الكورية الجنوبية، سيول، بالسجن مع وقف التنفيذ بحق مواطن لإدانته بتعمُّد اكتساب أكثر من 20 كيلوغراماً للتهرُّب من نظام التجنيد العسكري في البلاد.

ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن «أسوشييتد برس»، أنه في كوريا الجنوبية، يتعيَّن أن يؤدّي جميع الرجال القادرين جسدياً الخدمة العسكرية من 18 إلى 21 شهراً، لكنّ الأفراد الذين يعانون مشكلات صحّية يمكنهم، بدلاً من ذلك، القيام بمَهمّات في منشآت غير عسكرية، مثل مراكز الرعاية والخدمة المجتمعية. وفي حال كانوا يعانون مشكلات خطيرة، يجري إعفاؤهم من المَهمّات العسكرية.

وقالت محكمة سيول الشرقية الجزئية إنها قضت بحبس الرجل عاماً، مع وقف التنفيذ لعامين، لانتهاك قانون الخدمة العسكرية في البلاد.

وأضافت أنّ شخصاً من معارف الرجل المتّهم حُكم عليه بالسجن عاماً مع وقف التنفيذ، لمساعدته.

بدوره، ذكر مكتب الشؤون العامة في المحكمة أنّ اختباراً خلال عام 2017 خلُص إلى أنّ الرجل مؤهَّل لأداء الخدمة العسكرية، إذ يبلغ طوله 169 سنتيمتراً ووزنه 83 كيلوغراماً. ولكن بناء على نصيحة معاونه بأنه يمكن إعفاؤه منها إذا كان يعاني زيادة الوزن، ضاعف استهلاكه اليومي من الطعام، مُركّزاً على تناول المأكولات عالية السعرات الحرارية، كما ترك وظيفته عاملَ توصيل بدوام جزئي.

وخلال 3 اختبارات بدنية من 2022 إلى 2023، تراوح وزنه ما بين 102 و105 كيلوغرامات، ممّا أهلَّله لأداء الخدمة المجتمعية. كما خلُصت المحكمة إلى أنه قبل الاختبارات، كان يشرب كميات كبيرة من المياه.

ولم يتّضح كيف كُشفت الواقعة، وما إذا كان الرجل قد بدأ خدمته العسكرية قبل محاكمته. فالمحكمة أشارت فقط إلى أنه تعهَّد بأداء هذه الخدمة بإخلاص.