منظمة يمنية حقوقية توثق تعذيب الحوثيين لأكثر من 17 ألف معتقل

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأطفال يمنيين جندتهم الميليشيات الحوثية
صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأطفال يمنيين جندتهم الميليشيات الحوثية
TT

منظمة يمنية حقوقية توثق تعذيب الحوثيين لأكثر من 17 ألف معتقل

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأطفال يمنيين جندتهم الميليشيات الحوثية
صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأطفال يمنيين جندتهم الميليشيات الحوثية

أفادت منظمة يمنية حقوقية في تقرير أطلقته بالتزامن مع اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري بأنها وثقت قيام الميليشيات الحوثية بتعذيب أكثر من 17 ألف معتقل منذ انقلاب الميليشيات على الشرعية.
وذكرت المنظمة اليمنية للأسرى والمختطفين أنها وثقت قيام الميليشيات بتعذيب 178 معتقلاً ما أفضى إلى موتهم، بينهم 10 أطفال وثلاث نساء بالإضافة إلى توثيق 16 حالة موت بسبب الإهمال الطبي المتعمد، حيث جاءت محافظة الحديدة في المرتبة الأولى بواقع 40 حالة تليها العاصمة صنعاء بواقع 37 حالة ثم محافظة تعز بـ20 حالة، بينما توزعت بقية الحالات على المحافظات الأخرى.
ووفقاً للتقرير الذي أصدرته المنظمة، تم توثيق 17638 حالة تعذيب جسدي ونفسي في سجون ميليشيات الحوثي بينهم 587 طفلاً و150 امرأة خلال الفترة، الممتدة من سبتمبر (أيلول)2015 وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2021.
وتصدرت العاصمة صنعاء المرتبة الأولى من حيث عدد الحالات «حيث بلغ عدد ضحايا التعذيب فيها 2599 شخصاً، تليها محافظة صنعاء بواقع 2489 حالة تعذيب ثم محافظة البيضاء بـ1642 حالة ثم محافظة إب بعدد 1543 تليها محافظة ذمار بعدد 1541، فيما توزعت الحالات الأخرى على بقية المحافظات.
وقالت المنظمة إن أشكال وصنوف التعذيب تعددت بين جسدي ومعنوي، وإن أبرز ما اعتمدته الميليشيات الحوثية في التعذيب الجسدي كان الصعق بالكهرباء والضرب الشديد بأدوات غليظة وصلبة وأعقاب البنادق، والتعليق بالأيدي والأرجل بسلاسل حديدية لفترات تصل إلى أكثر من 24 ساعة.
كما وثقت المنظمة قيام الميليشيات بتعذيب الضحايا بالضرب بالسوط بعد التجريد من الملابس، وبالحرق بأعقاب السجائر وباستخدام مواد حارقة كيمائية خلال التعذيب، وهو ما أدى إلى عاهات مستديمة مترافقة مع آثار صحية مدمرة، إلى جانب أساليب تعذيب أخرى مثل نزع الأظافر والأضراس، وربط العضو الذكري بهدف منع الضحية من التبول لفترات طويلة تصل إلى 48 ساعة والمنع من الأكل والشرب لأيام والركل في الخصيتين. بحسب ما ورد في التقرير.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن الميليشيات الحوثية تدير 639 سجناً منها 230 سجناً رسمياً و298 سرياً، إضافة إلى استحداث 111 سجناً خاصاً موجودة داخل أقبية المؤسسات الحكومية كالمواقع العسكرية، وأخرى موجودة في مبانٍ مدنية كالوزارات والإدارات العامة، حيث تأتي العاصمة صنعاء في المرتبة الأولى بواقع 110 مواقع للتعذيب والاحتجاز، تليها محافظة إب بعدد 91 موقعاً ثم محافظة الحديدة بعدد 78 موقعا، في حين توزعت المواقع الأخرى على محافظات أخرى.
وأشار التقرير الحقوقي إلى أن العديد من السجون الحوثية توزعت في مراكز غير رسمية وغير مخصصة للاحتجاز، ومنها المباني السكنية والمدارس والجامعات، وكلها أماكن لا تتوفر فيها أدنى المعايير اللازم توفرها في أماكن الاحتجاز، فيما يتعلق بالنظافة والتهوية الجيدة، وتأمين الرعاية الصحية الضرورية، فضلاً عن نقص شديد في الماء والكهرباء والمستلزمات الأساسية.
وأوضحت المنظمة أن 27 سجيناً توفوا بعد الإفراج عنهم من سجون الميليشيات الحوثية، وقالت إنها وثقت 2002 حالة اختفاء قسري في سجون الحوثيين بينهم 125 طفلاً و1861 رجلاً و16 امرأة.
واتهمت المنظمة الميليشيات الحوثية بأنها أخفت في السجون آلاف المعارضين والناشطين المناهضين، ومارست بحقهم مختلف أنواع التعذيب والانتهاكات الخطيرة.
وقالت في تقريرها إن «الأوضاع الصحية السيئة التي تعاني منها سجون الحوثي، تعد خطراً كبيراً على المعتقلين خصوصاً أولئك الذين يعانون من أمراض مستعصية ومزمنة كالأمراض الصدرية وأمراض الدم، كما برزت أمراض أخرى خطيرة داخل السجون كالتهاب الكبد المناعي وأمراض الكلى والالتهابات في الجهاز التنفسي والكوليرا والحساسية والجرب وغيرها من الأمراض السارية والمعدية».
وطالب التقرير الحقوقي بإيفاد لجنة دولية إلى اليمن لتقصي الحقائق من قبل المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما طالب بـ«التحرك العاجل والسريع للضغط على ميليشيا الحوثي لإيقاف عمليات التعذيب التي تمارس في سجونها وما يترتب قبل ذلك من اعتقالات وإخفاء قسري، وإلزامها بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين المدنيين خصوصاً المعتقلين السياسيين».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

رجال أعمال يمنيون مغيّبون في سجون الحوثيين

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
TT

رجال أعمال يمنيون مغيّبون في سجون الحوثيين

تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)
تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)

بينما لا يزال رجل أعمال يمني في سجن عمّ زعيم الحوثيين منذ عام ونصف العام، لرفضه الخضوع للتحكيم في نزاع تجاري مع شريك له، فشلت محاولات والدَي رجل أعمال ثانٍ اختُطف منذ ثلاثة أشهر من قِبل مكتب قيادي حوثي آخر في تأمين إطلاق سراحه رغم ذهابهما إلى معقل الجماعة والاعتصام بجوار قبر مؤسسها.

وذكرت مصادر قانونية يمنية أن أحد التجار من أسرة الوالي في مديرية الشعر بمحافظة إب، وبسبب خلاف على حسابات مع شريكه، اختُطف من أمام المحكمة التجارية في عاصمة المحافظة الواقعة على بُعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، في أثناء خروجه من المحكمة التي تنظر في الخلاف بينه وبين شريكه.

وأوضحت المصادر أنه تمّ نقله مباشرة إلى أحد السجون التابعة لوزير الداخلية في حكومة الانقلاب عبد الكريم الحوثي، وهو عمّ زعيم الجماعة، وبعد أشهر من وضعه في السجن أُلزِم بالتوقيع على وثيقة تخوّل الحوثي المحاسبة والحكم بينه وبين شريكه.

وقالت المصادر إن الحوثي من جهته كلّف القاضي عبد الصمد المتوكل بالفصل في الخلاف، وألزم التاجر وهو في محبسه على تحكيم المتوكل، الذي بدوره عقد جلسات محاسبة للتاجر في محبسه حتى أصدر حكمه، وبعدها قام عمّ زعيم الجماعة بإلزام التاجر بالقبول بذلك الحكم، قبل أن يرسله إلى سجن المباحث الجنائية.

الحوثيون سيطروا على الغرفة التجارية بغرض تسهيل مهمة ابتزاز القطاع التجاري (إعلام حوثي)

وطبقاً للمصادر فإن المحكوم له سارع إلى تقديم طلب تنفيذ الحكم إلى محكمة الشعبة الاستئنافية التجارية في صنعاء، التي بدورها تسير في إجراءات التنفيذ، في حين لا يزال التاجر في سجون الجماعة منذ ما يقارب العام ونصف العام.

إخفاء قسري

هذه المعاناة تأتي في حين عاد رجل مسنّ وزوجته من محافظة صعدة بعد اعتصامهما لمدة أسبوع بجوار قبر مؤسس الجماعة الحوثية، بهدف لفت نظر زعيمها عبد الملك الحوثي إلى معاناة ابنهما المختطف منذ ثلاثة أشهر، بسبب رفضه تحكيم مكتب القائد العسكري الحوثي عبد الله الرزامي.

وتذكر المصادر أن الرجل الطاعن في السن عبد الله السدعي وزوجته ذهبا إلى منطقة مران حيث يوجد قبر مؤسس الحوثيين واعتصما هناك، للفت أنظار زعيم الجماعة إلى مظلومية ابنهما المختطف من قِبل مكتب الرزامي، إلا أنهما طُرِدا من صعدة وأُعيدا إلى صنعاء.

والد التاجر السدعي معتصماً في صعدة قبل طرده وزوجته (إعلام محلي)

ويذكر المحامي علي السنباني الذي يترافع عن التاجر ماهر السدعي، أن والده ووالدته عادا من مدينة صعدة ولا يعرفان مكان احتجاز ولدهما منذ ثلاثة أشهر، وقد توجه إلى الإدارة العامة للبحث الجنائي للقاء ابنه حسبما أخبروه في صعدة بذلك، إلا أن إدارة البحث الجنائي أبلغته أن ابنه ليس موجوداً لديهم، ولا يوجد ملف قضية له عندهم، واسمه غير مسجل بالنظام.

وأفاد المحامي بأن ضباط الشرطة الموجودين تفهموا الوضع وطمأنوا الوالدَيْن بأنه في حال إيصال ابنهما إليهم سيقومون فوراً بأخذ أقواله في محضر وإرساله إلى النيابة العامة للتصرف في أمره وفقاً للقانون.

بداية الانتهاك

تعود قصة السدعي إلى نهاية العام الماضي، حين تم اختطافه على يد أحد عناصر جهاز المخابرات الداخلية للحوثي، والمعروف بـ«الأمن الوقائي»، ويُدعى عبد الله خاطر، حيث يعمل الأخير لصالح مكتب عبد الله الرزامي، الذي يسيطر عسكرياً على الجزء الجنوبي من مدينة صنعاء، ويتحكّم في ملف بيع الأراضي والمباني والأعمال التجارية وشرائها.

ويؤكد المحامي أن إخفاء التاجر السدعي قسرياً والاستمرار فيه حتى اللحظة يهدف إلى تمكين خصومه في القضية المدنية المنظورة أمام محكمة جنوب غربي صنعاء بشأن محال السدعي للعطور، من تقديم دعوى مستعجلة أمام المحكمة التجارية لانتزاعها منه، كونه مختفياً، وهذا ما سيتضح من خلال وصول طلب الاستدعاء من المحكمة التجارية مع مسؤول الحي الذي توجد فيه المحال، لإبلاغه بحضور جلسة المحكمة التجارية في اليوم التالي دون تسليم الإعلان أو حتى صورة من الدعوى.

لم يشفع للسدعي مناشداته لزعيم الحوثيين إطلاق سراح نجله (إعلام محلي)

ورأى المحامي أن ما يتعرّض له السدعي جريمة منظّمة بترتيب مسبق فيما بين مرتكبيها، ويتبادلون الأدوار فيما بينهم، تحقيقاً لنتيجة جنائية واحدة قصدوها من جميع أفعالهم الجنائية والمجرَّمة.

وقال إن ذلك التوجه سيتضح بعد تسلّم صورة من الدعوى ومرفقاتها، إذا لم يكن القاضي قد تعرّض لضغوطات وامتنع عن تسليم نسخة الدعوى مع مرفقاتها، أو امتنع عن منح المحامي صورة منها، للاطلاع عليها وتقديم ما لديه وفقاً للقانون.

ومنذ دخول الرزامي إلى صنعاء مع الآلاف من مسلحيه لمساندة الحوثيين في مواجهة الانتفاضة التي قادها الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح نهاية عام 2017، تمركز في مناطق جنوب المدينة واتخذها مقراً لقيادة قواته، قبل أن يفتتح مكتباً للفصل في النزاعات بين المتخاصمين.

وحظر الرزامي ممارسة أي عمليات للبيع في تلك المنطقة أو الشراء إلا بموافقة مسبقة من مكتبه. كما أنه يمتلك سلطة سحب القضايا من المحاكم ومنع الجهات الأخرى من النظر فيها، مستنداً في ذلك إلى القوات التابعة له، وأنه كان زميل مؤسس الجماعة منذ بداية الفكرة في مطلع التسعينات.