آرتيميس «الأخت التوأم» لأبولو... مهمة تاريخية لإعادة البشر إلى القمر

صاروخ «إس إل إس» في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا اليوم (إ.ب.أ)
صاروخ «إس إل إس» في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا اليوم (إ.ب.أ)
TT

آرتيميس «الأخت التوأم» لأبولو... مهمة تاريخية لإعادة البشر إلى القمر

صاروخ «إس إل إس» في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا اليوم (إ.ب.أ)
صاروخ «إس إل إس» في مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا اليوم (إ.ب.أ)

بعد نصف قرن على رحلة «أبولو» الأخيرة، تستعد وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لإطلاق الصاروخ الفضائي الأقوى «إس إل إس»، البالغ ارتفاعه 98 متراً، الذي سيحمل الأخت التوأم لـ«أبولو»، «آرتيميس»، إلى القمر.
ومن شأن مهمة «آرتيميس» أن تؤذن بإطلاق البرنامج الأميركي للعودة إلى القمر، والذي يُفترض أنه سيتيح للبشرية لاحقاً الوصول إلى المريخ على متن المركبة عينها. ولكن ماذا نعرف عن آرتيميس؟
آرتيميس، ابنة زيوس وليتو، هي إلهة الصيد والقمر والعذرية في الحضارة اليونانية القديمة، ومع مرور الوقت باتت أيضاً مرتبطة بالولادة والطبيعة. لم يكن عمرها أكثر من بضعة أيام عندما ساعدت أمها ليتو في ولادة أخيها التوأم «أبولو»، بحسب موقع «greekmythology» المختص بالأساطير اليونانية.
في تماثيلها، تظهر آرتيميس كصيادة جميلة وصغيرة تحمل سهاماً وقوساً. لكن عند تقديمها كإلهة القمر، فإنها تظهر أحياناً مرتدية رداءً طويلاً وتاجاً على شكل هلال.
وبحسب الميثولوجيا الإغريقية القديمة، تسكن آرتيميس في جبل أوليمبوس، أعلى جبال اليونان، بارتفاع يبلغ 2917 متراً. لكن «ناسا» سترسلها هذه المرة في رحلة أبعد بكثير... إلى القمر المفترض أنها «إلهة» له، بحسب الأساطير اليونانية، والتي سبقها إليه شقيقها التوأم، أبولو.
وسيتم إطلاق الكبسولة «أوريون» غير المأهولة في مدار حول القمر، للتحقق من أن المركبة آمنة لنقل رواد فضاء في المستقبل، بينهم أول امرأة وأول شخص من أصحاب البشرة الملونة يمشيان على سطح القمر.

وقال رئيس «ناسا» بيل نيلسون نهاية الأسبوع الفائت: «هذه المهمة تحمل أحلاماً وآمالاً للكثير من الناس»، مضيفاً: «نحن الآن جيل آرتيميس».
وفي مؤشر إلى التغييرات الحاصلة، ستعطي أول مديرة لعمليات الإطلاق في وكالة «ناسا»، تشارلي بلاكويل تومسون، إشارة «الانطلاق» النهائية. وتمثل النساء 30 في المائة من القوة العاملة في غرف الإطلاق، بعدما كان عددهن يقتصر على امرأة واحدة في مهمة «أبولو 11».
وبعد دقيقتين من الإقلاع، ستعود أجهزة الدفع إلى المحيط الأطلسي. وبعد ثماني دقائق، ستنفصل الطبقة الرئيسية بدورها. من ثم بعد نحو ساعة ونصف ساعة، سيؤدي دفع أخير للطبقة العليا إلى وضع الكبسولة في طريقها إلى القمر، فيما يستغرق الوصول إلى هناك أياماً عدة. وترمي المهمة بصورة رئيسية إلى اختبار الدرع الحرارية للكبسولة، والتي ستعود إلى الغلاف الجوي للأرض بسرعة 40 ألف كيلومتر في الساعة، ودرجة حرارة توازي نصف حرارة سطح الشمس.

بعد هذه المهمة الأولى، ستنقل «آرتيميس 2» رواد فضاء إلى القمر في عام 2024 من دون أن تهبط على سطحه. وأول هبوط لمهمة مأهولة سيحصل لطاقم «آرتيميس 3» في عام 2025 على أقرب تقدير. وتسعى «ناسا» إلى إطلاق مهمة واحدة سنوياً بعدها. والهدف من ذلك ترسيخ وجود بشري دائم على القمر، مع إنشاء محطة فضائية في مدار حوله (غايتواي)، وقاعدة على سطحه. وهناك، ستتعلم البشرية العيش في الفضاء السحيق وتطوير جميع التقنيات اللازمة لإجراء رحلات ذهاباً وإياباً إلى المريخ. وتستغرق مثل هذه الرحلة سنوات عدة، وقد تحصل «في نهاية ثلاثينات القرن الحالي»، وفقاً لنيلسون.
لكن قبل ذلك، يُعد الذهاب إلى القمر أمراً استراتيجياً أيضاً، إذ يواجه طموحات الدول المتنافسة، ولا سيما الصين.
وأوضح نيلسون: «نريد أن نذهب إلى القطب الجنوبي للقمر، حيث توجد الموارد»، لا سيما الماء على شكل جليد.


مقالات ذات صلة

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق بين يدَي تاكاو دوي نموذج هندسي لـ«ليغنوسات» (رويترز)

أول قمر اصطناعي خشبي في العالم تُطلقه اليابان إلى الفضاء

انطلق أول قمر اصطناعي خشبي في العالم صنعه باحثون يابانيون إلى الفضاء، الثلاثاء، في اختبار مُبكر لاستخدام الأخشاب باستكشاف القمر والمريخ.

«الشرق الأوسط» (كيوتو اليابان)
لمسات الموضة استغرق العمل على هذه البدلة سنوات طويلة تفرغ لها 10 عاملين في دار «برادا» (أ.ف.ب)

الموضة تصل إلى القمر

ما أكدته رحلة «أرتميس 3» التابعة لـ«ناسا» المرتقبة في النصف الثاني من عام 2026 أن التكنولوجيا وحدها لم تعد كافية وأن الموضة وسيلة إغراء قوية.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق بدلة فضاء صُممت بالتعاون مع «برادا» ستستخدمها «ناسا» بدءاً من عام 2026 (أ.ب)

في رحلتهم عام 2026... روّاد الفضاء العائدون إلى القمر يرتدون بزّات من «برادا»

يرتدي رواد فضاء رحلة «أرتيميس3» من «وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)» إلى القمر، التي حُدِّدَ سبتمبر (أيلول) 2026 موعداً لها، بزّات فضائية من دار «برادا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق «شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)

مدرسة أميركية تزرع «شجرة القمر» ببذور حلّقت في الفضاء

زُرِعت «شجرة القمر»، كما أُطلق عليها، ببذور طارت حول القمر، ثم وُضعت على عربة شحن برفقة تلاميذ يحملون مجارف للمساعدة في حفر موطنها الجديد.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

«القاهرة السينمائي» يراهن على الانتشار خارج أسوار الأوبرا

إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)
إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)
TT

«القاهرة السينمائي» يراهن على الانتشار خارج أسوار الأوبرا

إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)
إدارة المهرجان تراهن على عرض أفلامه خارج نطاق وسط القاهرة (القاهرة السينمائي)

يراهن مهرجان القاهرة السينمائي على تقديم عروض دورته الـ45 التي تقام في الفترة من 13 إلى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في مناطق راقية بشرق وغرب العاصمة المصرية للمرة الأولى في تاريخ المهرجان، وذلك بعد عقود من انحسار عروض الأفلام المشاركة في مسابقاته على صالات الأوبرا ومراكز وسط القاهرة.

وقال الناقد عصام زكريا، مدير مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في بيان وزعه المهرجان السبت، إن «القاهرة كبيرة جداً ومترامية الأطراف ولا تقتصر على وسط البلد، لكن لدينا الآن قاعات عرض في التجمع الخامس (شرق القاهرة) والشيخ زايد (غرب القاهرة) بالتعاون مع سينما فوكس».

وأكد أنه «تمت مراعاة أن تكون الأفلام المعروضة بهاتين المنطقتين جذابة جماهيرياً، أما أفلام المسرح الكبير في دار الأوبرا فتكون أقرب للحالة الاحتفائية والسجادة الحمراء، في حين أن أفلام المسرح الصغير وسينما الهناجر أفلام تميل إلى الفنية». مشيراً إلى أن إدارة المهرجان لديها خطط للتوسع في القاهرة ومدن أخرى خلال الدورات المقبلة.

الناقد عصام زكريا مدير مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (القاهرة السينمائي)

وعن التحديات المالية التي واجهت المهرجان قال زكريا: «عملنا على ترشيد النفقات من خلال إعادة النظر في كيفية توزيعها بطريقة غير تقليدية تحقق أقصى استفادة من الموارد دون التنازل عن مكانة المهرجان الدولي، مع عقد شراكات مهمة مع كبريات الصحف والمواقع والمنصات الدولية والإقليمية المتخصصة مثل (فارايتي)، و(فيلم فيرديكت) و(سكرين ديلي) و(فيستفال سكوب) بجانب زيادة الاعتماد على الخبرات المصرية».

ووفق مدير المهرجان فإنه تم اتباع سياسة مدروسة جداً في شراء حقوق عرض الأفلام تعتمد على تقليل النفقات من دون التنازل عن جودة الأفلام المختارة بعناية فائقة من خلال تعضيد فريق البرمجة من خلال الجمع بين نظام المبرمجين المتخصصين جغرافياً ونظام لجان المشاهدة.

ويرى زكريا أن العالم مليء بالأفلام الجيدة التي لا تحصل على فرص، لأن الجميع يتسابقون للحصول على عدد محدود من الأفلام فقط. مشدداً على أن برنامج أفلام مهرجان القاهرة هذا العام قوي جداً يجمع بين الجودة الفنية والقصص الإنسانية المؤثرة والمشوقة وهو مفتوح على ثقافات مختلفة وقصص قريبة من واقعنا.

لقطة من أحد الأفلام المشاركة في المهرجان (القاهرة السينمائي)

ولا يعتقد مدير مهرجان القاهرة أن المنافسة مع المهرجانات العربية الأخرى أثرت بالسلب على اختياراتهم: «بالعكس الأفلام العربية الجيدة كثيرة جداً».

وأحدث المهرجان هذا العام تغييرات مهمة فيما يتعلق بالجوائز المقدمة للسينما العربية، وفق زكريا الذي يقول: «هذه التغييرات حققت توازناً مستحقاً، ففي الدورات السابقة كانت هناك جائزة أفضل فيلم عربي تتنافس عليها كل الأفلام العربية المشاركة في المهرجان، بالإضافة إلى مسابقة آفاق السينما العربية، وهو أمر كان مربكاً وغير مفهوم. لكن هذا العام قررنا استحداث (جوائز السينما العربية) وهي جوائز مالية لأول مرة وتتنافس عليها كل الأفلام العربية الطويلة المشاركة في المهرجان سواء في المسابقة الدولية أو في (آفاق السينما العربية) الذي تحول إلى برنامج وليس مسابقة».

مهرجان القاهرة يعرض نحو مائتي فيلم في دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

ويعد اختيار فيلم مصري طويل معضلة سنوية لإدارة مهرجان القاهرة، حيث كان يتم تبرير الأمر بأن صناعة السينما المصرية تهتم بالأفلام التجارية على حساب الأعمال الفنية ما يجعل مشاركاتها ضعيفة في المهرجانات الدولية، لكن مدير مهرجان القاهرة لديه رأي آخر: «لا أرى أن كون المهرجان يحدث في مصر فإن عليه أن يولي عناية خاصة بعرض الفيلم المصري، فهو مهرجان دولي بالأساس. ويهمنا دعم الفيلم المصري لكن من خلال عرضه في مهرجانات أخرى خارج مصر».

ويولي مهرجان القاهرة هذا العام أهمية خاصة بالأفلام القصيرة من خلال برنامج جديد هو «بانوراما الفيلم القصير» الذي يضم عدداً كبيراً من الأفلام القصيرة لصناع أفلام مصريين لكن خارج المسابقة، فالمسابقة الدولية للأفلام القصيرة تقبل بطبيعة الحال عدداً محدوداً من الأفلام القصيرة المصرية.

وخصص المهرجان في دورته الجديدة مساحة لالتقاء المنتجين والموزعين والشركات وصناع الأفلام تحت اسم «سوق مهرجان القاهرة»، التي قد لا تكون سوقاً سينمائية بالمعنى المتعارف عليه في المهرجانات العالمية، لكنها توفر فرصة جيدة جداً للالتقاء والتفاعل والنقاش والاتفاق والبحث في مشروعات مشتركة مستقبلية.

المهرجان يحتفي بالأعمال القصيرة (القاهرة السينمائي)

ويحتفي مهرجان القاهرة السينمائي خلال دورته الـ45 بالسينما الفلسطينية بشكل لافت، حيث وقع اختيار إدارته على الفيلم الفلسطيني «أحلام عابرة» للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي ليكون فيلم افتتاح المهرجان، وهو واحد من بين 17 فيلماً تتنافس على جوائز المسابقة الدولية للمهرجان الذي يرأسه الفنان المصري حسين فهمي.

واستحدث المهرجان الذي يعرض في دورته المقبلة نحو مائتي فيلم عدداً من الجوائز؛ منها «جائزة الفيلم الفلسطيني» التي تضم لجنة تحكيمها كلاً من الإعلامي المصري عمرو الليثي والمنتجة الفلسطينية ليالي بدر، بالإضافة إلى الممثل المصري مصطفى شعبان، بجانب لجنة لتحكيم «أفلام غزة» التي تضم في عضويتها المنتج المصري جابي خوري، والممثلة السورية كندة علوش، بالإضافة إلى الناقد المصري أحمد شوقي.

ويمثل الفيلم المصري «دخل الربيع يضحك» للمخرجة نهى عادل السينما المصرية في المسابقة الدولية، وهو الفيلم الذي يعتمد على مجموعة من الوجوه الجديدة، وتدور أحداثه خلال فصل الربيع من خلال أربع حكايات مختلفة، وسبق أن حصل على دعم من عدة مهرجانات سينمائية.

وتشهد المسابقة عروضاً عالمية أولى لعدد من الأفلام، منها الفيلم اللبناني «موندوف» للمخرج كريم قاسم، الذي تدور أحداثه في إحدى القرى اللبنانية، والفيلم التونسي «نوار عشية» للمخرجة خديجة لمكشر، والياباني «زهرة الثلج» للمخرج كوتا يوشيدا.

ويكرم المهرجان رئيس لجنة تحكيم المسابقة الدولية المخرج وكاتب السيناريو البوسني دانيس تانوفيتش، فيما يمنح جائزة «فاتن حمامة للتميز» للممثل المصري أحمد عز، مع تكريم المخرج المصري يسري نصر الله بجائزة «الهرم الذهبي لإنجاز العمر».