«شوري عليك» خطوة تحتاج إلى تشريعات لوقف هدر الطاقة في السعودية

خطة لتخفيض الاستهلاك بنسبة 30 % بحلول عام 2030

«شوري عليك» خطوة تحتاج إلى تشريعات لوقف هدر الطاقة في السعودية
TT

«شوري عليك» خطوة تحتاج إلى تشريعات لوقف هدر الطاقة في السعودية

«شوري عليك» خطوة تحتاج إلى تشريعات لوقف هدر الطاقة في السعودية

بات أمر هدر الطاقة في السعودية أمرا يستدعي الجهات المعنية للوقوف عنده، بهدف إيجاد سبيل لترشيد الطاقة، خصوصا أن قطاع المباني يستهلك قرابة 80 في المائة، من إنتاج السعودية من الكهرباء، منها 70 في المائة تستهلك في التبريد فقط.
وتبرز أهمية إشاعة ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة والكهرباء، كإحدى أهم الاستراتيجيات التي يعمل عليها المركز السعودي لكفاءة الطاقة، من خلال إطلاقه عددا من الحملات المعنية بهذا التوجه، وآخرها حملة «شوري عليك» التي وجدت استجابة كبيرة، في ظل الدعوات لأهمية توظيف وسائط التواصل الاجتماعي لإيصال الرسالة المنشودة منها.
وينادي عدد من الاقتصاديين بأهمية ابتداع أساليب تدعم «حملة شوري عليك»، وتحقق الغاية التي أطلقت من أجلها، مشددين على ضرورة ربط إنشاء المباني بالعزل حراري، مع دعوات لأن يكون النقل العام أكثر وفرة من السيارات الخاصة في النقل والمواصلات.
وشدد الاقتصاديون على أهمية تغيير العادات الاستهلاكية، والالتزام بمواصفات كفاءة الأجهزة الكهربائية المنزلية ومواد العزل في المباني وأجهزة الإضاءة وترشيد استهلاك وقود السيارات والمصانع من خلال رفع تسعيرة الكهرباء والطاقة.
من جهته، قال لـ«الشرق الأوسط» المحلل الاقتصادي الدكتور صالح السلطان، إن «تحديات المرحلة واضحة وأفرزت معادلة صعبة تحتاج إلى شيء من الحصافة في سن السياسات التي تفضي إلى تعزيز ثقافة ترشيد الطاقة بين المجتمع، مع ضرورة مساهمة القطاع العام والخاص، لكي يتمكن المركز السعودي لكفاءة الطاقة من لعب دوره المنوط به في هذا الصدد».
ولفت السلطان إلى أنه مع أهمية الدور المحوري الكبير الذي يلعبه المركز السعودي لكفاءة الطاقة في ما يتعلق ببرامجه الموجهة نحو ترشيد الطاقة، إلا أنه في حاجة ماسة لإعانته في تحقيق شيء من التمتع بقدرة مرئياته وبرامجه، بسياسات وتشريعات تقررها الجهات العليا المعنية لدعمه في إنفاذ برامجه الرامية لترشيد الطاقة باقتدار وحرفية. وأكد السلطان أن المركز السعودي لكفاءة الطاقة قطع شوطا محمودا في سبيل تعزيز وإشاعة ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة لدى المستهلك، من خلال حملاته التي أطلقها أخيرا، لا سيما حملة «شوري عليك» التي بلغت نسختها الرابعة عددا من المواقع التي تحتاج بالفعل إلى تثقيف بأهمية ترشيد الطاقة وحسن الاستهلاك.
وقال السلطان: «إن التحدي في إشاعة ثقافة ترشيد الطاقة لدى المستهلك تصطدم - في غالب الأحيان - بالثقافة التقليدية التي اكتسبها عبر أعوام طويلة في أسلوبه التقليدي الذي يعد المسؤول الأول في هدر الطاقة في كل استخداماتها»، مؤكدا أن التعود على الهدر يعد من أكبر تحديات الترشيد وحفظ الطاقة.
ولفت إلى أن الكثير من المستهلكين رسخت في عقليتهم مسألة هدر الطاقة من خلال ترك المصابيح مضاءة في كل الأوقات دون الحاجة لها، فضلا عن استخدامات الطاقة بلا مبالاة في التكييف والذي يهدر أكثر من 70 في المائة من استهلاك المباني للطاقة.
واقترح السلطان أن ينهج المركز السعودي لكفاءة الطاقة توظيف شتى وسائط التواصل الاجتماعي، لإيصال الرسالة المنشودة من حملة «شوري عليك»، في سبيل تعزيز ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة، مشيرا إلى أن «تويتر» و«الفيسبوك» و«الواتساب» و«اليوتيوب» وغيرها من الوسائط العصرية الحديثة، من أكثر المؤثرات على ثقافة المستهلك وتوسيع مداركه بأهمية ترشيد الطاقة.
ونوّه السلطان إلى أن هناك أسبابا أسهمت في هدر الطاقة لدى المستهلك، من بينها انخفاض الطاقة والكهرباء، مقترحا زيادة أسعار الطاقة والبنزين والديزل، لجعل الإحجام عن هدر الطاقة وسيلة من وسائل الترشيد، مشيرا إلى أن المستفيد الأول من ذلك أصحاب السيارات الخاصة ذوو الدخل العالي.
ويعتقد أن من شأن ذلك التأثير بشكل مباشر لدى ذوي الدخل المنخفض، وبالتالي جعل وسيلة النقل العام هي الأنسب كبديل للسيارات الخاصة من جهة، وحفظ الطاقة من الهدر وخفض التكاليف لذوي الدخل المحدود من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية: «إن السياسات الاقتصادية السعودية الجديدة، تنهج أسلوب الحفاظ على الطاقة وترشيد الاستهلاك، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز الاستثمار في الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية، لمواجهة تحديات المرحلة».
ولفت باعشن إلى أن الحملات التي يطلقها المركز السعودي لكفاءة الطاقة كحملة «شوري عليك»، تتواءم مع السياسات الجديدة الداعية لترشيد الطاقة، مبينا أنه مع الاحتفاظ بحق البحث عن بديل الطاقة التقليدية، إلا أن مسألة تسعير الطاقة بشكل متوازن يساهم في تعزيز ثقافة الاستهلاك، مشيرا إلى أن المركز يستهدف تخفيض الاستهلاك بنسبة تصل إلى 30 في المائة بحلول 2030.
وزاد باعشن على ذلك، أن التوجه نحو تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار في سبيل التوسعات الضخمة في كل من مصادر الطاقة المتجددة والنووية، لا يغني عن أهمية ترشيد الطاقة في نفس الوقت، مشيرا إلى دور مهم آخر يتمثل في أهمية السيطرة على ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث البيئة.
وأكد أن مسألة ترشيد الطاقة أصبح أمرا حتميا، لأكثر من سبب اقتصادي، منها حفظ الطاقة بعدم هدرها، إلى جانب عدالة الإنفاق بين ذوي الدخل المحدود وذوي الدخل العالي، مشددا على ضرورة سنّ تشريعات صارمة وملزمة، للالتزام بمعايير الجودة لدى المستهلك والبائع عند شراء الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.
من ناحيته، اتفق الباحث الاقتصادي الدكتور الصادق إدريس مع رؤية الدكتور صالح السلطان، بضرورة إعادة النظر في تسعيرة الكهرباء والطاقة، وسنّ تشريعات تمكّن من التزام المستهلك والقطاع الخاص من التعامل مع معايير كفاءة الطاقة في الأجهزة الكهربائية والإلكترونية.
وشدد إدريس على ضرورة الالتزام بتطبيقات العزل الحراري في المنازل والمباني؛ كون الأخيرة تستهلك 80 في المائة من الطاقة، والعمل على رفع تسعيرة الطاقة لتحد من الهدر، مشيرا إلى أن ذوي الدخل الأعلى هم الأكثر استفادة من انخفاض أسعار الطاقة والكهرباء.
ونوه إدريس بأهمية التشديد على الالتزام بمعايير كفاءة الطاقة في المكيفات بشكل خاص، كون التكييف يهدر 70 في المائة من الطاقة المستخدمة في المباني، سواء في القطاع العام أو الخاص، مشيرا إلى أن هناك حاجة ماسة لتضافر جهود كل الجهات ذات الصلة لجعل المستهلك صديق المركز السعودي لكفاءة الطاقة، ليكون أول من يلتزم بترشيد الطاقة.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».