فرح وحزن في حفل تخرج قد يكون الأخير في «سويت بريار»

الطالبات أبدين احتجاجًا صامتًا بعد ترجيح إغلاق «كلية الفتيات» نتيجة مصاعب مالية

طالبات كلية سويت بريار في ولاية فيرجينيا في صورة تذكارية خلال حفل تخرج قد يكون الأخير للكلية (نيويورك تايمز)
طالبات كلية سويت بريار في ولاية فيرجينيا في صورة تذكارية خلال حفل تخرج قد يكون الأخير للكلية (نيويورك تايمز)
TT

فرح وحزن في حفل تخرج قد يكون الأخير في «سويت بريار»

طالبات كلية سويت بريار في ولاية فيرجينيا في صورة تذكارية خلال حفل تخرج قد يكون الأخير للكلية (نيويورك تايمز)
طالبات كلية سويت بريار في ولاية فيرجينيا في صورة تذكارية خلال حفل تخرج قد يكون الأخير للكلية (نيويورك تايمز)

طافت خريجات كلية سويت بريار في ولاية فيرجينيا الأميركية خلال الساحة المغطاة بالأشجار، يوم السبت الماضي، وأشرطة قبعاتهن ذات اللونين الوردي والأخضر تتمايل مع حركاتهن. ومن تحت عباءاتهن السوداء الموحدة، تطل أمواج من الأحذية ذات الكعب العالي الملونة، والصنادل وأحذية الاستيلوتو، تقدم لمحة عن شخصية كل واحدة من السيدات الشابات.
عزفت فرقة من عازفي آلات النفخ والطبول إيقاع مسيرة حفل التخرج، في حين كان الآباء والخريجون يهللون ويلوحون للطالبات في أثناء مرورهن. ولكن أجواء الاحتفال والإنجاز خالطها حزن، وإحباط، وترقب، لأن الكلية التي لا يدرس بها سوى النساء، يُنتظر أن تغلق أبوابها في أغسطس (آب)، وهو ما يمكن أن يجعل دفعة 2015 هي الأخيرة التي تتخرج في هذه الكلية.
استغلت رئيسة الدفعة الأعلى، ساديه فاونتين (22 عاما)، افتتاحية كلمتها لمناسبة حفل التخرج لتقدم نفسها كصانعة سلام في حرم جامعي ساخط على قرار الإغلاق.
قالت الآنسة فاونتين: «رجاء، دعوا عنكم حديثكم المشبع بالكراهية وعدم الاحترام.. اليوم ليس هو يوم القتال».
ورغم هذا، فقد أبدى بعض عضوات الكلية احتجاجا صامتا، وهن يرتدين الأشرطة الوردية والخضراء – وهي ألوان المدرسة – المتهدلة إلى أكمامهن. قال روبرت ألكسندر، وهو أستاذ متفرغ يدرس العلوم البيئية والاقتصاد، إن الأشرطة كانت طريقة للتعبير عن الإحباط، وفي نفس الوقت احترام رغبة الطالبات في احتفالية سعيدة.
وقال الدكتور ألكسندر، الذي يقوم بالتدريس منذ 12 عاما في سويت بريار: «شعر الكثير من (أعضاء) الكلية بأنه عندما يكون هناك شيء مهم ينبغي قوله، فإن عليك التعبير عنه».
كان حفل التخرج يوم السبت لحظة حلوة ومرة في آنٍ معا - ولكنها ليست الأخيرة بأي شكل من الأشكال – في المعركة المحتدمة على مستقبل سويت بريار، التي أعلن مجلس إدارتها على نحو مفاجئ في مارس (آذار) أن كلية النساء التي يصل عمرها لـ114 عاما، سوف تغلق بنهاية أغسطس.. «نتيجة لصعوبات مالية مستعصية». ولقد أثار القرار نقاشا في الدوائر التعليمية حول مستقبل التعليم غير المختلط وجدواه.
ولكنه في سويت بريار، نجمت عن ذلك الخلاف معركة.
فسرعان ما شكلت طالبات الكلية اللائي شعرن بالصدمة، مجموعة أطلقن عليها «إنقاذ سويت بريار» التي تقول إن لديها تعهدات بقيمة 12.4 مليون دولار لإنقاذ الكلية وهي تساند دعوى قانونية رفعها مدعي المقاطعة في أميرست للحيلولة دون عملية الإغلاق.
كما رفع عدد من الطالبات دعاوى قضائية، شأن أعضاء الكلية، الذين يزعمون وجود مخالفة تعاقدية ويطلبون تعويضا بقيمة 44 مليون دولار عن الأضرار الناجمة. وفي ترتيب غير معتاد مع الكلية، يمتلك عدد من الأساتذة بيوتا داخل الحرم الجامعي، رغم أنهم لا يملكون الأرض المقامة عليها؛ ومن ثم ففي حال أغلقت الكلية، سيكون مالكو البيوت مرغمين على بيعها.
وتتمثل القوة الدافعة في حجة جماعة «إنقاذ سويت بريار» في أن مجلس الإدارة خالف وصية مؤسسة المدرسة، إنديانا فليتشر ويليامز، التي تنازلت عن ممتلكاتها، والمتمثلة في ما كانت مزرعة في السابق، لتتم إدارتها كمعهد تعليمي في ذكرى ابنتها المتوفاة، دايزي.
وقد تحركت الدعوى القانونية سريعا، إذ تقرر يوم الرابع من يونيو (حزيران) لعقد مرافعات شفاهية في محكمة فيرجينيا العليا. كما بدأ المدعي العام لولاية فيرجينيا محادثات وساطة بين الأطراف، حيث من المقرر عقد جولة جديدة يوم الاثنين. وقال متحدث باسم سويت بريار، إن المسؤولين سوف يشاركون «بنيات حسنة»، ولكن المدرسة بحاجة إلى «جرعة تمويل هائلة» كي يمكنها البقاء.
وفي مقابلة صبيحة يوم السبت، قالت سارة كليمنت، رئيسة جماعة «إنقاذ سويت بريار»، إن «الكلية تحت الحصار». وقالت إن «قرارهم الذي قالوا إنه لا يمكن أن يخترقه الرصاص، وخالٍ من الكلور، وتمت صياغته بدقة تامة – ليس محصنا، وليست هناك قضية منتهية، كما قال جيمي جونز».
وكانت كليمنت تشير إلى الشخصية التي كانت هدفا لكثير من السخط والانتقاد في سويت بريار، وهو رئيسها المؤقت، جيمس إف. جونز الابن. إن زوجة السيد جونز من المتخرجات في سويت بريار، وكانت حفيدتها من بين الخريجين يوم السبت. ولكن السيد جونز، الذي تشدد في إصراره على حتمية إغلاق المدرسة، قرر ألا يحضر الاحتفالية.
وكتب السيد جونز يوم الجمعة في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى طلاب المدرسة وأعضاء هيئة التدريس وآباء الخريجات يقول إنه «في الساعات الأربع والعشرين الماضية، كان مما استرعى انتباهي، أن هناك من أعضاء الكلية والخريجات من هددوا، وعلى الملأ في بعض الأحيان، بأن يعطلوا احتفالية الغد مرارا في حال ترأست الاحتفالية». ومن ثم، قال إنه «اتخذ على مضض قراره بعدم المشاركة».
وحتى رئيسة حفل التخرج، تريزا توملينسون، عمدة مدينة كولومبس بولاية فيرجينيا، المتخرجة من الكلية عام 1978، يخالجها شعور بالغضب بشأن الإغلاق. قالت السيدة توملينسون في مقابلة مساء الجمعة، إنه وقبل أسبوعين على إعلان مجلس الإدارة، كانت هي وزوجها قد تعهدا بتخصيص مليون دولار من أموالهما لصالح كلية سويت بريار. وهي الآن منهمكة في جمع الأموال من أجل جماعة «إنقاذ سويت بريار».
وقالت العمدة إن «كلية النساء لم تكن بمثل أهميتها كما هي الآن، ومن الواضح أن ليس كل الناس يدركون ذلك»، مضيفة أن «هذه الكلية بحاجة لأن تستمر».
وقد اشتملت كلمة السيدة توملينسون لمناسبة حفل التخرج، على دروس حادة في القيادة، مع ما يمكن وصفه بانتقادات مبطنة، إلى الرئيس ومجلس الإدارة.
وفي ما بدا كإشارة إلى غياب الشفافية التي يشعر كثير من المنتقدين أنها كانت جزءا من قرار إغلاق سويت بريار، قالت السيدة توملينسون: «إذا كانت أفكاركم بهذه الروعة، وإذا كانت قائمتكم القصيرة إعجازية هكذا، إذن لتضعوهما أمام العين الناقدة لأصحاب المصلحة».
واستحثت الطلبة من دفعة 2015 على أن يتحلوا بالشجاعة في قيادتهم، وأن يبحثوا عن أفكار وتصورات غير مطروقة، وعلى أن يتحرروا من الخوف بحيث يرفعون أصواتهم، حتى ولو كانوا منطلقين من وضعية تعوزها الخبرة.
وقالت السيدة توملينسون: «لو أنكن تقاعستن عن التحرك، لما كنا نحن هنا اليوم»، وكانت تشير إلى الأزمة داخل الكلية.
أما بالنسبة إلى ليا هامينوك (23 عاما) وهي طالبة تتخصص في دراسة الكيمياء والفن، فإن التخرج ليس هو نهاية تفاعلها مع الكلية، وقالت إنها ستظل مشاركة في القضية. وقالت هامينوك، وهي ابنة نقيب بحرية متقاعد، إنها نشأت بعقلية لا تعترف بالتراجع كخيار – وهي روح استدعتها عندما شاركت في الاحتجاجات من أجل بقاء الكلية مفتوحة الأبواب.
قالت: «أنا نتاج ما صنعت بي المدرسة، وهو أن أرفع صوتي من أجل حقوقي وأن أتحدث من أجل فرصي».
إن سويت بريار هي مدرسة صغيرة، تمتد على حرم بديع مساحته 3.250 فدان، في أحضان جبال بلو ريدج. ويقدر أن 532 طالبة عشن على حرم الكلية خلال نصف السنة المنصرم هذا، وأن ما يقرب من 170 طالبة درسن بالخارج.
وخلال حفل التخرج، منحت المدرسة درجات علمية لـ117 من الخريجات وست من طالبات الدراسات العليا. وترك هذا 400 طالبة عليهن الانتقال إلى مؤسسات تعليمية في حال أغلقت سويت بريار.
كاثرين مارتين هي واحدة من أولئك الطالبات، وهي في أول سنوات دراستها للتصوير، حيث انتقلت إلى كلية لينشبرغ. وقد شاهدت احتفالية سويت بريار من خلال عدسات كاميرتها.
أما السيدة مارتين، فهي طالبة من الجيل الثاني في سويت بريار. اعتادت والدتها، المتخرجة عام 1991، أن تحكي لها حكايات التنافس في ركوب الخيل في فريق الفروسية، والصلات التي نشأت بين الطالبات وأعضاء الكلية.
قالت السيدة مارتن: «حتى قبل أن يتم قبولي، كنت أعتبر نفسي سيدة من سويت بريار.. أردت أن تكون لي نفس تلك الحكايات، وأعرف الأمر لن يكون كذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.