دراسة تؤكّد: تلوّث الهواء يزيد معدّلات الوفاة بفيروس «كورونا»

صورة لجانب من باريس تُظهر في 9 ديسمبر 2016 التلوّث الأسوأ الّذي شهدته المدينة خلال عقد من الزّمن (رويترز)
صورة لجانب من باريس تُظهر في 9 ديسمبر 2016 التلوّث الأسوأ الّذي شهدته المدينة خلال عقد من الزّمن (رويترز)
TT

دراسة تؤكّد: تلوّث الهواء يزيد معدّلات الوفاة بفيروس «كورونا»

صورة لجانب من باريس تُظهر في 9 ديسمبر 2016 التلوّث الأسوأ الّذي شهدته المدينة خلال عقد من الزّمن (رويترز)
صورة لجانب من باريس تُظهر في 9 ديسمبر 2016 التلوّث الأسوأ الّذي شهدته المدينة خلال عقد من الزّمن (رويترز)

أظهر باحثون من المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS)، ومن المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي (Inserm) الفرنسيين، أنّ المدن الأكثر تلوثاً تكبّدت الخسائر الأكبر بالأرواح خلال وباء «كوفيد - 19» في دراسة نشرتها مجلّة «علم البيئة الشّاملة Science of the Total Environment» في بداية أغسطس (آب) الحالي، وفقاً لصحيفة «لوموند» الفرنسيّة.
يُبدي جان باتيست رونار مدير الأبحاث في مختبر الفيزياء وكيمياء البيئة والفضاء في المركز الوطني للبحث العلمي، اقتناعه بأنه إذا تأثّرت باريس عاصمة فرنسا أو مقاطعة لومبارديا في شمال إيطاليا بشدّة في ذروة وباء كوفيد - 19 (كورونا)، فذلك لأنّهما تشتركان في عامل يفاقم المشكلة، هو نوعيّة الهواء الرديئة التي يتنفّسها سكان المكانَين، ويقول: «إنّها المدن الأكثر تلوّثاً الّتي شهدت أعلى معدّلات الوفيات»، على عكس مدن مثل بوردو أو بريست الفرنسيّتين الأقل تلوثاً بسبب التأثير المحيطي، والّتي كانت فيها معدّلات الوفيّات أقلّ، وفق رونار.
سلّطت الدّراسة الضّوء على العلاقة بين مستوى تعرّض الأفراد للجسيمات الدقيقة PM2.5 التي يبلغ قطرها أقل من 2.5 ميكرومتر، وعلاقته بزيادة عدد الوفيات من فيروس «كوفيد - 19».
والجسيمات الدقيقة (PM2.5) هي ملوّث للهواء يشكّل مصدر قلق لصحّة الناس عندما تكون مستوياته في الهواء مرتفعة، وهي عبارة عن جزيئات صغيرة في الهواء تقلّل الرؤية وتتسبّب في ظهور الهواء ضبابياً عند ارتفاع مستوياتها، حسب تعريف موقع الصّحّة الحكومي الخاص بولاية نيويورك الأميركيّة.
وقد أشار الموقع إلى أنّ مصادر الجسيمات الدقيقة تأتي بشكل أساسي من عوادم السيارات والشاحنات والحافلات والمركبات التي تسير على الطرق الوعرة، ومن وعمليات حرق الوقود أو زيت التدفئة أو الفحم والمصادر الطبيعية مثل حرائق الغابات والأعشاب، كما تتكوّن الجسيمات الدقيقة من تفاعل الغازات في الغلاف الجوي من مصادر مثل محطات الطاقة.
وأوضحت الدّراسة أنّه بالاستناد إلى حالة باريس (الأفضل توثيقاً) ومع توسيع دائرة البحث إلى 31 مدينة ومنطقة أخرى من ست دول أوروبيّة غربيّة (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وبريطانيا) خلال الفترة ما بين العامين 2020 و2022، فإنّ أعلى مستويات الوفيات التي حصلت في هذه المناطق، تمّت ملاحظتها في أثناء ذروة التلوّث في هذه المناطق بالجسيمات الدّقيقة، واختلفت نسبة الوفيّات حسب شدّة هذا التّلوّث، وبنسب كبيرة.
وتمكّن الباحثون، بناءً على تحليل جميع البيانات، من ملاحظة زيادة بمقدار 10% إضافيّة في عدد المتوفّين من «كوفيد - 19» لكلّ تلوّث إضافي بحجم ميكروجرام واحد لكلّ متر مكعب من الجسيمات الدقيقة الإضافية، وحتّى بعد إجراء حملات التّلقيح المكثّفة ضد «كوفيد - 19» بقيت الزّيادة في عدد الوفيّات بنسبة 5% إضافيّة عند كلّ تلوّث إضافي بمقدار ميكروغرام واحد لكلّ متر مكعّب من الجسيمات الدّقيقة.
وبيّنت الدّراسة أنّه في مدينة باريس عام 2020 خلال الموجة الأولى من فيروس «كوفيد - 19» في ذروة «تلوّث الربيع» (بفعل حركة المركبات وانتشار الزراعة)، زاد عدد الوفيات اليوميّة لكلّ مليون نسمة عشرة أضعاف.
يعلّق رونار: «في كلّ مرّة يكون لدينا ذروة تلوّث أعلى من 15 إلى 20 ميكروغراماً لكلّ متر مكعب من الجسيمات الدقيقة لمدّة أسبوع، نلاحظ ارتفاعاً مفاجئاً في معدّل الوفيات (من مرضى كوفيد - 19)».
وتوصّلت الدّراسة إلى الإثبات الفعلي أنّ تلوّث الهواء يعزّز الالتهاب، ويخفض استجابة الجسم المناعية لعدوى «كوفيد - 19».
ويشرح عالم الأوبئة أنطوان فلاهولت، قائلاً إنّ إحدى الفرضيات لزيادة وفيّات كوفيد مع ازدياد تلوّث الهواء هي أنّ الجسيمات الدقيقة من شأنها أن تغيّر الخلايا التنفسية وأنسجة الرئة، وتسهّل انتقال فيروسات الجهاز التّنفسي مثل فيروس «كوفيد - 19» أو الإنفلونزا للأفراد، وتسهّل المضاعفات الشديدة للمرض، وتؤدّي بالتالي إلى دخول المستشفى وإلى الوفيات.
ويلفت ناشرو الدّراسة إلى أنّه على الرّغم من التلقيح، ولتجنّب هذه الزيادة الكبيرة بعدد الوفيّات من «كوفيد - 19» نتيجة زيادة معدّلات التّلوّث، يجب على السلطات الاهتمام أكثر ببُعد التلوّث في أثناء إدارة جائحة «كوفيد - 19».
وتعلّق إيزابيلا أنيسي مايسانو، مديرة الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي، أنّه «بشكل عام، بالنسبة لجميع أمراض القلب والرئة، تذكّرنا نتائج هذه الدراسة بأهمّية تنفيذ السياسات العامة القادرة على الحد بشكل كبير من مستويات التلوّث في المدن الكبيرة»ْ.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)
TT

ولد عام غرق «تيتانيك» وعاش الحربين العالميتين... وفاة أكبر معمر في العالم

جون تينيسوود (رويترز)
جون تينيسوود (رويترز)

توفي أكبر رجل معمر في العالم عن عمر ناهز 112 عاماً.

وُلد جون تينيسوود في ليفربول في 26 أغسطس (آب) 1912، وأصبح أكبر رجل معمر في العالم في أبريل (نيسان)، وفق ما أعلنت عائلته وموسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، الثلاثاء.

قالت عائلته في بيان نقلته صحيفة «الإندبندنت»، إن جون تُوفي يوم الاثنين في دار رعايته في ساوثبورت، ميرسيسايد، «محاطاً بالموسيقى والحب».

وقالت العائلة: «كان جون يحب دائماً أن يقول شكراً. لذا، نيابة عنه، شكراً لجميع أولئك الذين اعتنوا به على مر السنين، بمن في ذلك مقدمو الرعاية له في دار رعاية هوليز، وأطباء الأسرة، وممرضات المنطقة، والمعالج المهني، وغيرهم من موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية».

وعاش تينيسوود، الذي ترك وراءه ابنته سوزان وأربعة أحفاد وثلاثة من أبناء الأحفاد، ليكون رابع أكبر رجل بريطاني في التاريخ المسجل.

وقالت عائلته: «كان لدى جون العديد من الصفات الجميلة. كان ذكياً وحاسماً وشجاعاً وهادئاً في أي أزمة، وموهوباً في الرياضيات ومحادثاً رائعاً».

وأضافوا: «انتقل جون إلى دار رعاية هوليز قبل عيد ميلاده المائة بقليل، وكان لطفه وحماسه للحياة مصدر إلهام لموظفي دار الرعاية وزملائه المقيمين».

في وقت سابق من هذا العام، أخبر موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية أنه لا يشعر «باختلاف» لبلوغه 112 عاماً.

وقال: «لا أشعر بهذا العمر، ولا أشعر بالإثارة تجاهه. ربما لهذا السبب وصلت إلى هذا العمر. أنا فقط أتعامل مع الأمر بصدر رحب مثل أي شيء آخر، لا أعرف على الإطلاق لماذا عشت كل هذه المدة».

وأضاف: «لا أستطيع التفكير في أي أسرار خاصة لدي. كنت نشيطاً للغاية عندما كنت صغيراً، كنت أمشي كثيراً. لا أعرف ما إذا كان ذلك له علاقة بذلك. لكن بالنسبة لي، أنا لا أختلف عن أي شخص. لا أختلف على الإطلاق».

بخلاف تناول السمك والبطاطا المقلية كل يوم جمعة، لم يكن جون يتبع أي نظام غذائي معين، وقال: «أنا آكل ما يقدمونه لي وكذلك يفعل الجميع».

جون تينيسوود، الذي ولد في العام الذي غرقت فيه السفينة «تيتانيك»، عاش الحربين العالميتين، وكان أكبر رجل في العالم من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية. عمل في منصب إداري في هيئة رواتب الجيش.

بالإضافة إلى الحسابات والتدقيق، كان عمله يتضمن مهام لوجيستية مثل تحديد مكان الجنود العالقين وتنظيم الإمدادات الغذائية، ثم عمل محاسباً في «شل وبي بي» قبل تقاعده في عام 1972.

وكان تينيسوود من مشجعي نادي ليفربول لكرة القدم طيلة حياته، وقد وُلد بعد 20 عاماً فقط من تأسيس النادي في عام 1892 وشهد جميع انتصارات ناديه الثمانية في كأس الاتحاد الإنجليزي و17 من أصل 19 فوزاً بالدوري.

التقى تينيسوود بزوجته بلودوين في حفل رقص في ليفربول، واستمتع الزوجان معاً لمدة 44 عاماً قبل وفاة بلودوين في عام 1986.

وأصبح أكبر رجل على قيد الحياة في أبريل (نيسان) عن عمر 111 عاماً، بعد وفاة خوان فيسينتي بيريز عن عمر 114 عاماً من فنزويلا.