سياسات الرهن العقاري الجديدة ساهمت في تباطؤ نمو العقار السكني البريطاني

البريطانيون يتصدرون قائمة المستثمرين العقاريين في بلدهم.. ولندن أكبر حصة تجارية أجنبية

سياسات الرهن العقاري الجديدة ساهمت في تباطؤ نمو العقار السكني البريطاني
TT

سياسات الرهن العقاري الجديدة ساهمت في تباطؤ نمو العقار السكني البريطاني

سياسات الرهن العقاري الجديدة ساهمت في تباطؤ نمو العقار السكني البريطاني

توحي أحدث عناوين الصحف البريطانية وتوجهات الإعلام العقاري البريطاني، بشكل عام، بارتفاع حاد في مستويات الطلب على العقار السكني عقب انتهاء فترة الشك التي رافقت الحملة الانتخابية ومخاوف تفوق حزب العمّال. لكن عددا من الخبراء في المجال يفضلون التحلي بنوع من التفاؤل الحذر، حيث يتبيّن من خلال دراسات تحليلية قادتها مؤسسة «سافيلز» للعقار، وهي إحدى الشركات العقارية الرائدة، أن مستويات الطلب وأسعار العقارات السكنية تتفاوت حسب نوعها وموقعها الجغرافي.
وأكدت صوفي تشيكس، وهي شريكة في مؤسسة «سفيلز» العقارية، خلال ندوة نظمتها جمعية المصرفيين العرب الخميس الماضي لدراسة تطورات السوق البريطانية للعقار السكني والتجاري، أن أسعار المنازل تشهد تباطؤا ملحوظا في مستويات النمو، بالمقارنة مع العام الماضي. وتضيف: «أعتقد أن التغطية الإعلامية للسوق العقارية في بريطانيا تتجاهل التعليق عن مستويات الصفقات العقارية السنوية التي لم تتعافَ بعد من صدمة أزمة الائتمان التي ضربت الأسواق عام 2007». وبلغ عدد الصفقات العقارية التي أبرمت بحلول سبتمبر (أيلول) 2007 نحو مليون و700 ألف صفقة سنويا، فيما لا يكاد هذا العدد يبلغ مليونا و200 ألف في مارس (آذار) 2015، ويستمر في تسجيل معدلات انخفاض طفيفة طيلة الأسابيع الماضية. ويتضح من خلال مقارنة فترات انخفاض أسعار العقار السكني ومستويات الصفقات المبرمة أن هناك تناسبا بين الاثنين. فما أسباب تباطؤ السوق العقارية في بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة؟
لا شك أن الانتخابات العامة لعبت دورا في اضطراب الأسعار، إلا أنها لا تكفي وحدها لتبرير استمرار انخفاض مختلف المؤشرات بعد صدور النتائج واختفاء عامل الشك السياسي. تقول تشيكس في هذا السياق إن «ما ينساه الكثيرون هو أن السلطات أقرت العام الماضي تغييرا جوهريا في قوانين تنظيم الرهن العقاري، مما أسفر عن عزوف عدد كبير من المستثمرين المحتملين عن السوق. وأعتقد أن عواقب هذه السياسات الجديدة قد تستمر في التأثير سلبا على مؤشرات النمو».
وبيد أن مستويات النمو في قطاع العقار البريطاني تسجل انكماشا عامّا، إلا أن مستويات النمو في لندن تشكل استثناء لهذه القاعدة؛ إذ إنها سجلت نسبة ارتفاع 20 في المائة في شهر مارس الماضي بالمقارنة مع مستويات النمو الوطني لعام 2008. وعلى الرغم من تراجع مستوى النمو في قطاع العقارات التي تفوق قيمتها 5 ملايين جنيه في لندن خلال فترة الانتخابات العامة، فإن القطاع يسجل تعافيا سريعا. وإن نظرنا إلى أهم المستثمرين في المناطق الفاخرة وسط لندن، فإن أكبر نسبة تعود إلى المستثمرين البريطانيين بـ46 في المائة، متبوعة بنسبة مستثمري أوروبا الغربية بـ19 في المائة، ثم مستثمري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ11 في المائة. وتتوقّع مؤسسة «سافيلز» أن تصل نسبة ارتفاع مستويات نمو قطاع العقار السكني الفاخر في لندن بأن 22.7 في المائة بحلول عام 2020.
أما في ما يتعلق بقطاع العقار التجاري في بريطانيا، يوضّح بين ريوود، محلل في مؤسسة «سفيلز»، أن حجم الاستثمار في العقار التجاري البريطاني مستمر في الارتفاع ولم يعرف انتكاسا يذكر خلال السنوات الخمس الماضية. ويرتبط الاستثمار في العقار التجاري مباشرة بمستويات نمو الاقتصاد الوطني، وبمستويات الديون الخارجية والتضخم التي تعتبر مؤشرات أساسية لضمان ثقة المستثمرين الأجانب وتحسين جاذبية القطاع على المستوى الدولي. ويقول ريوود إن المستثمرين الأجانب سيطروا على القطاع خلال السنوات الثلاث الماضية بنسبة 45 في المائة مقابل 25 في المائة للمؤسسات البريطانية، كما أوضح أن المستثمرين الأجانب يبدون اهتماما متزايدا بالاستثمار خارج لندن. وفي مقدمة المستثمرين الأجانب في العقار التجاري البريطاني، نجد أن الولايات المتحدة وكندا وهونغ كونغ حافظت على مكانتها كأكثر مصادر الاستثمار نشاطا خلال السنوات الخمس الأخيرة. وفي المقابل، حصلت لندن على لقب أهم وجهة للاستثمار العقاري على المستوى العالمي للسنة الخامسة على التوالي، متبوعة بمانهاتن وباريس.
ومن جهة أخرى، تطرقت الندوة التي نظمت برعاية بنك الكويت الوطني و«نورتون روز فولبرايت» وبنك أبوظبي الوطني ومصرف الريان وشركة «تطوير محطة باترسي للطاقة»، إلى التحديات التي تواجه التمويل الإسلامي للاستثمارات العقارية. ويوضح ميزم فازال، وهو رئيس قسم التمويل التجاري في مصرف الريان، بهذا الصدد أن «التمويل الإسلامي يتمتع بميزات خاصة تجعله أكثر استقرارا وتجنبا للمخاطر من التمويل التقليدي، إذ إنه يمنع مضاربات سوق المال ويعتمد على مبادئ (أخلاقية) قوية مستوحاة من الشريعة الإسلامية التي تجذب الكثير من المستثمرين غير المسلمين، بدليل إصدار الملايين من الصكوك الإسلامية في لندن وهونغ كونغ ولوكسمبورغ وجنوب أفريقيا».
لكن التمويل الإسلامي لا يزال يمثل 1 في المائة فقط من إجمالي الأصول المالية العالمية ويواجه تحديات جوهرية، وفي مقدمتها سعر التمويل الإسلامي المرتفع والقيود المفروضة على نوع المشاريع التي يجوز الاستثمار فيها، وصعوبة الامتثال لشروط الشريعة الإسلامية.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».