دماء وثروات مهدرة وفوضى... تكلفة الحرب الروسية في أوكرانيا

دخلت شهرها السابع من دون أمل بوقفها قريباً

جنود أوكرانيون يساعدون مواطنين على عبور جسر فوق نهر إرفين قرب كييف دمره الروس في مارس الماضي (أ.ب)
جنود أوكرانيون يساعدون مواطنين على عبور جسر فوق نهر إرفين قرب كييف دمره الروس في مارس الماضي (أ.ب)
TT

دماء وثروات مهدرة وفوضى... تكلفة الحرب الروسية في أوكرانيا

جنود أوكرانيون يساعدون مواطنين على عبور جسر فوق نهر إرفين قرب كييف دمره الروس في مارس الماضي (أ.ب)
جنود أوكرانيون يساعدون مواطنين على عبور جسر فوق نهر إرفين قرب كييف دمره الروس في مارس الماضي (أ.ب)

خلف الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، عشرات الآلاف من القتلى والملايين من النازحين، وأثار أزمات اقتصادية في أنحاء العالم، على ما أوردت وكالة «رويترز» في تقرير لها اليوم (الأربعاء).
ومع دخول الحرب شهرها السابع من دون أن يلوح في الأفق أي بصيص أمل بقرب انتهائها، ذكرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن 5587 مدنياً قُتلوا وأصيب 7890 منذ بدء الغزو، لكن الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
وأوضحت، أن معظم القتلى أو المصابين من ضحايا الأسلحة المتفجرة مثل المدفعية والصواريخ والضربات الجوية.
وفي سياق منفصل، قال قائد القوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني، إن قرابة تسعة آلاف من الجنود الأوكرانيين قُتلوا في الحرب، في أول حصيلة وفيات يعلنها قائد الجيش من دون ذكر مزيد من التفاصيل. وفي حين لم تعلن روسيا عدد القتلى بين صفوف جنودها، فإن تقديرات الاستخبارات الأميركية تشير إلى مقتل نحو 15 ألف جندي روسي حتى الآن في أوكرانيا وإصابة ثلاثة أضعاف هذا العدد، أي ما يعادل حصيلة وفيات الاتحاد السوفياتي السابق أثناء احتلال موسكو لأفغانستان بين 1979 و1989.
وبدأ النزاع في شرق أوكرانيا في 2014 بعد الإطاحة بالرئيس المؤيد لروسيا وقتئذ فيكتور يانوكوفيتش، وضم موسكو شبه جزيرة القرم، حيث تقاتل قوات مدعومة من موسكو القوات المسلحة الأوكرانية.
ووفق للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، قُتل نحو 14 ألف شخص هناك بين 2014 ونهاية عام 2021، منهم 3106 مدنيون.
* بؤس
ومنذ 24 فبراير، اضطر ثلث سكان أوكرانيا، إلى ترك منازلهم في أكبر أزمة نزوح بشري في العالم، وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ووفقاً لبيانات المفوضية يوجد في الوقت الراهن أكثر من 6.6 مليون لاجئ من أوكرانيا في أنحاء أوروبا أكثرهم في بولندا وروسيا وألمانيا. إضافة إلى الخسائر البشرية، فقدت أوكرانيا سيطرتها على نحو 22 في المائة من أراضها منذ ضم روسيا للقرم في 2014 وفقاً لإحصاءات «رويترز».
كما فقدت مساحات شاسعة من ساحلها، وتقوض اقتصادها، وتحولت بعض المدن إلى أراضٍ قاحلة بسبب القصف الروسي.
وكشفت تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، عن أن الاقتصاد الأوكراني سينكمش 45 في المائة في 2022، والتكلفة الفعلية بالدولار في أوكرانيا غير واضحة.
وكان رئيس الوزراء دنيس شميهال قال في يوليو (تموز)، إن إعادة الإعمار الكلية بعد الحرب ستكلف قرابة 750 مليار دولار وقد تكون أعلى بكثير.
وكانت الحرب باهظة التكاليف لروسيا أيضاً، على الرغم من أنها لا تفصح عنها لأنها من أسرار الدولة. لكن، إلى جانب التكاليف العسكرية، حاول الغرب معاقبة موسكو بفرض عقوبات قاسية سببت أكبر صدمة للاقتصاد الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991.
ويتوقع البنك المركزي الآن انكماش الاقتصاد البالغ حجمه 1.8 تريليون دولار بما بين أربعة وستة في المائة في 2022، وهو ما يقل عن توقعات في أبريل (نيسان) الماضي، بانكماشه بين ثمانية وعشرة في المائة. ومع ذلك، لا تزال التداعيات قاسية على الاقتصاد الروسي ولم تتضح على نحو كامل بعد.
واستبعدت موسكو من أسواق المال الغربية وتعرّض معظم أفراد نخبتها لعقوبات، وتواجه مشكلات في استيراد بعض المواد مثل الرقائق الدقيقة. وفي الشهر الماضي تخلفت عن سداد سنداتها الأجنبية للمرة الأولى، منذ الشهور الكارثية التي أعقبت الثورة البلشفية في 1917.
* الأسعار
أدى الغزو والعقوبات الغربية على موسكو، إلى زيادات حادة في أسعار الأسمدة والمعادن والطاقة، ونتج من ذلك أزمة غذاء مستعرة وموجة تضخمية تضرب الاقتصاد العالمي. وروسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بعد السعودية، وأكبر مصدر عالمي للغاز الطبيعي والقمح وأسمدة النيتروجين والبلاديوم.
وبعد فترة وجيزة من بدء الغزو قفزت أسعار النفط العالمية إلى أعلى مستوياتها، منذ المستويات القياسية التي سجلتها في 2008. وتسببت محاولات خفض الاعتماد على منتجات النفط والغاز الروسية أو حتى تحديد سقف لها، في تفاقم أسوأ أزمة طاقة يشهدها العالم منذ حظر النفط العربي في السبعينيات.
وقفزت أسعار بيع الجملة للغاز في أوروبا بعد خفض موسكو تدفقاته عبر خط أنابيب «نورد ستريم1»، أما في حال توقف إمدادات الغاز كلية، فذلك سيدخل منطقة اليورو في ركود، مع انكماشات حادة في ألمانيا وإيطاليا وفقاً لـ«غولدمان ساكس».
*النمو
يتوقع صندوق النقد الدولي الآن نمو الاقتصاد العالمي 3.2 في المائة هذا العام انخفاضاً من 6.1 في المائة في العام الماضي، وأقل من توقعات في أبريل بنموه 3.6 في المائة، وتوقعات في يناير (كانون الثاني) بنمو نسبته 4.4 في المائة وتوقعات في أكتوبر (تشرين الأول) بنمو نسبته 4.9 في المائة. ووفقاً لتصور بديل «مقبول»، يشمل انقطاعاً تاماً لإمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا بحلول نهاية العام، وانخفاض صادرات النفط 30 في المائة أخرى، فإن صندوق النقد الدولي يقول إن النمو العالمي سيتباطأ إلى 2.6 في المائة في 2022 واثنين في المائة في 2023 مع معدل نمو صفر فعلياً في أوروبا والولايات المتحدة في العام المقبل.
*أسلحة غربية
مدت الولايات المتحدة أوكرانيا بمساعدات أمنية بقيمة نحو 9.1 مليار دولار منذ 24 فبراير، تشمل أنظمة «ستينغر» للدفاع الجوي، وصواريخ «جافلين» المضادة للدبابات، ومدافع «هاوتزر» عيار 155 مليمتراً، ومعدات وقاية من المواد الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية. وثاني أكبر مانح لأوكرانيا هي بريطانيا التي قدمت دعماً عسكرياً بلغ 2.3 مليار جنيه إسترليني (2.72 مليار دولار). ووافق الاتحاد الأوروبي على مساعدات أمنية بقيمة 2.5 مليار يورو (2.51 مليار دولار).


مقالات ذات صلة

مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

يوميات الشرق مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

مساعٍ عالمية لإيجاد «توازن» بين سلبيات ومزايا الذكاء الصناعي

في ظل النمو المتسارع لتطبيقات الذكاء الصناعي، تسعى حكومات دول عدة حول العالم لإيجاد وسيلة لتحقيق التوازن بين مزايا وسلبيات هذه التطبيقات، لا سيما مع انتشار مخاوف أمنية بشأن خصوصية بيانات المستخدمين. وفي هذا السياق، تعقد نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، اليوم (الخميس)، لقاءً مع الرؤساء التنفيذيين لأربع شركات كبرى تعمل على تطوير الذكاء الصناعي، بحسب وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية. في حين تدرس السلطات البريطانية تأثير «تشات جي بي تي» على الاقتصاد، والمستهلكين.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
لماذا تُعد العادات الصحية مفتاحاً أساسياً لإدارة أموالك؟

لماذا تُعد العادات الصحية مفتاحاً أساسياً لإدارة أموالك؟

يُعد النشاط البدني المنتظم والنظام الغذائي المتوازن والنوم الكافي من أكثر الممارسات الموصى بها للحفاظ على صحتك العامة. هذه العادات لها أيضاً تأثير إيجابي على أموالك الشخصية ومدخراتك بشكل عام. للوهلة الأولى، قد يكون من الصعب التعرف على الصلة بين العادات الصحية والأمور المالية الشخصية. ومع ذلك، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين هذه المفاهيم. عندما تعتني بصحتك الجسدية والعقلية، فإنك تعزز أيضاً تطورك الشخصي والمهني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم بريطانيا: روسيا تتبنى استراتيجية جديدة للضربات الصاروخية

بريطانيا: روسيا تتبنى استراتيجية جديدة للضربات الصاروخية

أفادت وكالات الاستخبارات البريطانية بأن أحدث هجمات صاروخية روسية تردد أنها قتلت 25 مدنيا في أوكرانيا، تشير إلى استراتيجية هجومية جديدة وغير تمييزية بشكل أكبر، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع في لندن في تغريدة اليوم (السبت): «اشتملت الموجة على صواريخ أقل من تلك التي استخدمت في الشتاء، ومن غير المرجح أنها كانت تستهدف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا». وأضافت الوزارة في أحدث تحديث استخباراتي أنه كان هناك احتمالية حقيقية أن روسيا حاولت أمس (الجمعة) الهجوم على وحدات الاحتياط الأوكرانية، وأرسلت مؤخرا إمدادات عسكرية. كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أمس، أنه تم شن سلسلة من الهجم

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ميغان ماركل توقّع عقداً مع وكالة مواهب كبرى في هوليوود

ميغان ماركل توقّع عقداً مع وكالة مواهب كبرى في هوليوود

وقّعت ميغان ماركل، زوجة الأمير البريطاني هاري، عقداً مع وكالة مواهب كبرى تُمثّل بعض أكبر نجوم هوليوود، وفقًا للتقارير. سيتم تمثيل ميغان من خلال «WME»، التي لديها عملاء من المشاهير بمَن في ذلك ريهانا ودوين جونسون (ذا روك) ومات دامون. وأفاد موقع «فارايتي» الأميركي بأنه سيتم تمثيلها من قبل آري إيمانويل، الذي عمل مع مارك والبيرغ، ومارتن سكورسيزي، وتشارليز ثيرون، وغيرهم. يقال إن التطور يأتي بعد معركة طويلة لتمثيل الدوقة بين عديد من وكالات هوليوود. وتركيز ميغان سينصب على الإنتاج السينمائي والتلفزيوني، وشراكات العلامات التجارية، بدلاً من التمثيل. وشركة «آرتشيويل» الإعلامية التابعة لميغان وهاري، التي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».